بذل مرشحو الأحزاب الثلاثة الكبرى في ألمانيا مساء أمس الأحد (19 أيلول/سبتمبر 2021) جهوداً أخيرة لتلميع صورتهم، في آخر مناظرة تلفزيونيّة بينهم، فيما تبقى كلّ الاحتمالات مفتوحة في السباق على منصب المستشاريّة.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز "فورسا" للإحصاءات، تقدّم وزير المالية شولتس في المناظرة، بحصوله على نسبة تأييد بلغت 42%، متقدّماً بذلك على زعيم المحافظين أرمين لاشيت ومرشّحة حزب الخضر أنالينا بيربوك. وقدمت نتائج الاستطلاع محطة "سات1." التي عرضت المناظرة على الهواء مباشرة. وبحسب المحطة، استطلع معهد فورسا لاستطلاعات الرأي، آراء 2291 مشاهدا ممن لهم حق التصويت.
أمّا لاشيت الذي لا يبدو أنّه يملك ما يكفي من الحظوظ كي يعكس اتّجاه الأمور، فلم يتمكّن من إقناع سوى 27 بالمئة من المستطلَعين. وفشل لاشيت (60 عاماً) في زعزعة مكانة خصمه الرئيسي، وبدا في بعض الأحيان أنّه يُواجه صعوبة في إعطاء إجابات خلال المناظرة، فيما يتعلّق بالقضايا الاجتماعيّة، إذ قال عبارة "أنا لم أفهم" بعد مداخلةٍ لمنافسته بيربوك التي لم تحصل من جهتها سوى على تأييد 25 بالمئة من المستطلعين.
وكان شولتس، المرشّح الأوفر حظّاً حاليّاً، قد تصدّر أيضاً استطلاعات الرأي بعد المناظرتين السابقتين، مظهراً للقاعدة الناخبة الألمانيّة صورة الحاكم الخبير والهادئ. وأظهر لاشيت الذي يُعتبر الوارث الطبيعي لميركل، روحاً "قتاليّة" في المرحلة الأخيرة من حملته الانتخابيّة التي طبعتها بداية لامبالية تخلّلها كثير من الأخطاء المحرجة. لكنّ لاشيت الذي يفتقر الى الشعبية لم ينجح حتّى الآن في تعويض تأخره. وقال لاشيت في مقابلة مع النسخة الإقليمية لصحيفة داي فيلت المحافظة "نشعر بأنّ شيئاً ما يتحرّك (...) أنا واثق بأننا سنتصدّر" النتائج.
أما بيربوك التي أثارت اهتماما في الربيع قبل أن ترتكب أخطاء عدة بسبب انعدام خبرتها، فتبدو خارج السباق على المنصب الأعلى. وقالت بيربوك خلال مؤتمر لحزبها الأحد "يجب أن تقرر الانتخابات من سيكون له تأثير في موضوع أزمة المناخ". على الاقل، سيضطلع المدافعون عن البيئة بدور محوري في تشكيل ائتلاف حكومي إثر الانتخابات، سيتألف على الأرجح من ثلاثة أحزاب.
تحذيرات من شبح اليسار
لكن المفاجآت تبقى غير مستبعدة، خصوصا أن أربعين في المئة من الناخبين الألمان لم يحددوا حتى الآن هوية الشخصية التي سيصوتون لها وفق دراسة أخيرة لمعهد أنسباخ. تضاف الى ذلك هوامش الخطأ في الاستطلاعات وأهمية التصويت عبر البريد هذا العام بسبب الوباء.
وشكلت المناظرة فرصة أخيرة لأرمين لاشيت لمقارعة شولتس (63 عاما) والحؤول دون انتقال حزبه المحافظ الى صفوف المعارضة. في السياق، يواصل حاكم مقاطعة شمال الراين-فيستفاليا الأكثر تعدادا للسكان في ألمانيا التحذير من شبح اليسار الذي سيخيم على البلاد في حال قيام تحالف بين الاشتراكيين الديموقراطيين والخضر وحزب "دي لينكه" اليساري، وفق ما تنبئ الاستطلاعات.
وإذا كان شولتس وبيربوك يعتبران معارضة "دي لينكه" لحلف شمال الأطلسي خطا أحمر، فإن أيا منهما لم يستبعد رسميا إمكان تشكيل ائتلاف مع هذا الحزب الذي حصد راهنا نحو ستة في المئة من نوايا التصويت بحسب الاستطلاعات. كذلك، هاجم لاشيت شولتس في شكل مباشر على خلفية تحقيق قضائي محرج يطاول دائرة لتبييض الاموال تظللها وزارته، علما أن شولتس سيمثل اليوم الاثنين أمام لجنة المال في البرلمان لتوضيح هذا الامر.
أما ميركل التي تغادر الساحة السياسية بعد 16 عاما من الحكم رغم حفاظها على شعبية كبيرة، فنأت بنفسها عن الحملة في بدايتها قبل أن تسارع الى الوقوف بجانب لاشيت وتحرص على الظهور معه في مناسبات عدة. وعلق رئيس البرلمان الالماني والشخصية المحورية لدى المحافظين فولفغانغ شويبله أخيراً "أن الأمر يبدو أشبه بسيارة عالقة في الرمال"، مضيفاً في مقابلة مع أسبوعية دي تسايت "عند كل محاولة خروج، تغرق السيارة أكثر".
وقال المحلل السياسي كارل رودولف كورتي في جامعة دويسبورغ "ينبغي أن يصب ذلك في صالحه، على غرار جميع من اختاروا أن يكونوا قريبين من ميركل في الأعوام الأخيرة". ولكن أيّاً تكُن نتيجة الاقتراع، فإن المحافظين يستعدون لنتيجة متدنية تاريخيا ستشكل وصمة في مسيرة ميركل الناصعة. وقد بدأت منذ الان تصفية الحسابات الداخلية، إذ حمل فولفغانغ شويبله المستشارة مسؤولية جزئية عن تراجع الحزب المحافظ، لافتا في مقابلة الأحد مع صحيفة "تاغسبيغل" الى أنها أخفقت في تهيئة الارضية المناسبة لخلافتها.
ز.أ.ب/ص.ش (أ ف ب، د ب أ)
مناظرات المرشحين للمستشارية.. تقليد يحسم الفوز أم عروض إعلامية؟
في أول مناظرة بينهم، يطرح المحافظ لاشيت نفسه كـ"وريث شرعي" لخلافة المستشارة ميركل، فيما يقدم الاشتراكي شولتس نفسه كـ"شبيه ميركل" واستمرارية لعملها، أما مرشحة الخضر الشابة بيربوك فتحاول إثبات وجودها في "سباق الكبار".
صورة من: Michael Kappeler/dpa Pool/dpa/picture alliance
مناظرة ثلاثية
تواجه المرشّحون الثلاثة لخلافة أنغيلا ميركل مساء الأحد (29 أغسطس/أب 2021) في أوّل مناظرة تلفزيونيّة بينهم ضمن ثلاث مناظرات تنظم قبل الانتخابات التشريعية. وجمعت المناظرة لأول مرة ثلاثة مرشحين بدلا من إثنين، وضمت كلاً من مرشّح حزب ميركل الاتحاد المسيحي المحافظ أرمين لاشيت، ومرشّح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس ومرشّحة حزب الخضر أنالينا بيربوك.
صورة من: SvenSimon/dpa/picture alliance
نقاش مفتوح على مدار ساعتين
احتدم النقاش المفتوح بين المرشحين، مع التركيز على الموضوعات المالية مثل الضرائب والمعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى موضوع حماية البيئة والتحالفات المستقبلية المتوقعة بعد الانتخابات والسياسة الخارجية الألمانية بما فيها الوضع في أفغانستان.
صورة من: RTL/dpa/picture alliance
أرمين لاشيت .. الوريث الشرعي لميركل؟
سعى المرشح المحافظ أرمين لاشيت لإحياء حملته الانتخابية خلال مناظرة ساخنة مع منافسيه الرئيسيين بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تخلف حزبه عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي. لاشيت يطرح نفسه وريثا شرعيا للمستشارة ميركل، فعمد إلى تبديل مواقفه وارتكب هفوات بعثت شكوكا في مؤهلاته لإدارة الأزمات، سواء في ظل تفشي وباء كوفيد-19 أو خلال الفيضانات.
صورة من: RTL/dpa/picture alliance
ضحكة كلفته كثيرا!
باتت صدقية لاشيت (60 عاماً) في أدنى مستوياتها بعدما صُوّرَ ضاحكاً خلال مراسم أقيمت تكريما للمنكوبين جراء الفيضانات، وضبِط مرتكبا سرقة أدبية في كتاب أصدره. وشنّ لاشيت هجوماً خلال المناظرة، في محاولة منه لقلب نتيجة استطلاعات الرأي التي تتوقّع خسارته في الانتخابات التي تُجرى في 26 أيلول/ سبتمبر.
صورة من: Marius Becker/dpa/picture alliance
أنالينا بيربوك.. المرشحة الشابة
تبادل أرمين لاشيت الهجمات مع مرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك (40 عاما)، التي اتهمت الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي بعدم القيام بأي شيء يذكر للتصدي لتغير المناخ خاصة في ظل الفيضانات المدمرة التي شهدتها ألمانيا هذا الصيف.
صورة من: RTL/dpa/picture alliance
تراجع شعبية الخضر!
يمر دعاة حماية البيئة بحالة ركود منذ بداية الصيف بعيدا عن الحماسة وزيادة شعبيتهم عقب إعلان ترشيح أنالينا بيربوك في نيسان/أبريل. فالعديد من الأخطاء مثل تأييدهم زيادة سعر البنزين التي لا تحظى بشعبية في بلد تشغل فيه السيارة مكانة بارزة، أو فرض قيود على الرحلات الجوية الرخيصة، بالإضافة إلى اتهام بيربوك بـ"السرقة الأدبية"، أدى كل ذلك إلى تراجع شعبيتهم وفق استطلاعات الرأي الأخيرة.
صورة من: Bernd von Jutrczenka/dpa/picture alliance
أولاف شولتس .. شبيه ميركل؟
عزز أولاف شولتس (63 عاما) حظوظه في المناظرة مراهناً على كفاءته وخبرته، وهو وزير المالية ونائب المستشارة في الحكومة الائتلافية الحالية. في حين أن منافسيه لم يشغلا حتى الآن أي منصب في الحكومة الاتحادية. وما يدعم شولتس أنه لم يرتكب أخطاء خلال حملته الانتخابية حتى الآن، في حين أن خصميه ارتكبا الكثير من الأخطاء. ورأت مجلة دير شبيغل أن "أولاف شولتس بات يشبه ميركل".
صورة من: RTL/dpa/picture alliance
الاشتراكيون يتقدمون في استطلاعات الرأي
كشف استطلاع جديد للرأي نشرته صحيفة "بيلد" يوم الأحد قبيل المناظرة، أن الحزب الاشتراكي الديموقراطي تمكن من تعزيز تقدمه حاصدا 24 بالمائة من نوايا التصويت، مقابل 21 بالمائة فقط للمحافظين، بعدما كانوا يحظون بنسبة 34 بالمائة قبل ستة أشهر. وتخطى الاشتراكيون الديموقراطيون المحافظين لأول مرة منذ 15 عاما. أما الخضر، فلا تتخطى نسبة التأييد لهم 17 بالمائة.
صورة من: Carsten Koall/dpa/picture alliance
شولتس يفوز في المناظرة
أظهر استطلاع أجراه مركز معهد فورزا لاستطلاعات الرأي مباشرة بعد المناظرة، أن أولاف شولتس خرج منها فائزا على منافسيه لاشيت وبيربوك. وأظهر الاستطلاع المبكر أن 36 في المائة من الناخبين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن شولتس فاز متقدما على مرشحة حزب الخضر أنالينا بربوك التي حصلت على 30 في المائة وعلى أرمين لاشيت الذي حصل على 25 في المائة.
صورة من: Bernd von Jutrczenka/dpa/picture alliance
ميركل تدعم رئيس حزبها وتبتعد عن السياسة
أبدت المستشارة ميركل دعماً قوياً لرئيس حزبها لاشيت وأعربت عن "قناعة تامة" في ترشحه لخلافتها على رأس المستشارية. وأثنت ميركل على الصفات الإنسانية للاشيت، ودافعت عن قرارها النأي بنفسها عن الحملة الانتخابية، وقالت إنّ المسؤولين السياسيين "الذين يضعون حداً لعملهم السياسي، ينبغي عليهم تجنب" التدخل في الحملات.
صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance
نهاية حقبة ميركل
تشهد ألمانيا انتخابات في 26 سبتمبر/أيلول ولينتهي عهد المستشارة ميركل بعد 16 عاما في المنصب وأربعة انتصارات متتالية في الانتخابات العامة. وأدى رحيل ميركل الوشيك إلى إضعاف الدعم لتحالفها المحافظ. ولو ترشيحت ميركل (67 عاما) لولاية خامسة، يعتقد المراقبون أنها كانت ستنجح حيث ما زالت شعبيتها كبيرة جدا وتحظى بتقدير وتأييد قوي لدى الناخبين.
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
مناظرات كبرى بين المرشحين الأوفر حظاً
المناظرات التلفزيونية بين المرشحين لمنصب المستشار حديثة العهد في ألمانيا. وبدأت عام 2002 مع مشرح الاشتراكيين المستشار السابق غيرهارد شرودر ومنافسه مرشح المحافظين ورئيس وزراء ولاية بافاريا آنذاك إدموند شتويبر ضمن برنامج "ريبرو أ ر د" التلفزيوني.
صورة من: ARD/ZDF/dpa/picture-alliance
الخلاف السياسي لا يفسد في الود قضية
لكن يبدو أن هذه المناظرة التي حسمت الانتخابات لصالح شرودر لم تفسد في الود قضية، فبعد أن أنهيا المشوار السياسي بات الاثنان يلتقيان عائليا خلال المناسبات، ومنها حفل افتتاح مهرجان ريتشارد فاغنر الموسيقي عام 2019.
صورة من: Lueders/AAPimages/picture alliance
تقليد مستمر في مختلف الانتخابات
وأصبحت المناظرات بين المرشحين تقليدا في الانتخابات العامة وفي الانتخابات المحلية في ألمانيا، ويتابعه الملايين من الناخبين. في الصورة المناظرة الكبرى بين المستشار شرودر ومنافسته أنغيلا ميركل عام 2005، والتي فازت لاحقا بمنصب المستشار.
صورة من: picture-alliance/dpa
التركيز على المواضيع السياسية
على عكس الولايات المتحدة، لا يتم النظر إلى المناظرات الكبرى في ألمانيا كـ"عرض كبير" للمرشحين، حيث يتم التركيز على المواضيع السياسية الداخلية وليس على شخصية المرشح أو أموره العائلية. في الصورة المناظرة الكبرى التي جمعت المستشارة ميركل ومنافسها مرشح الاشتراكيين فرانك فالتر شتاينماير عام 2009.