1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مع عودة مهرجان جرش .. تختلط الثقافة بالسياسة

٢٦ يوليو ٢٠١١

فجرت عودة مهرجان جرش للثقافة والفنون إلى مدينة جرش الأثرية بعد أربع سنوات من الانقطاع جدلا ساخنا، فبينما لقي ترحيبا من قبل المثقفين والفنانين والجمهور الأردني، تعالت دعوات أخرى من الحركة الإسلامية تطالب بإلغائه.

بدأت فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون في مدينة جرش الأردنية في الـ 20 من يوليو الجاري بعد 4 سنوات من الانقطاعصورة من: Ashraf Khamis/ Ministry of Culture


اختلطت الثقافة بالسياسة مع عودة أحد أشهر المهرجانات العربية وأقدمها، مهرجان جرش للثقافة والفنون، التي أثارت جدلا ساخنا في الأردن حيث يرى المثقفون والفنانون والمبدعون في عودته انتصارا "للإرادة الشعبية"، فيما تعتبر فعاليات حزبية منها حزب جبهة العمل الإسلامي في جرش عودته غير مبررة بسبب "الظروف المتمثلة في سيلان الدم العربي المسلم في البلاد العربية".

وفي هذا السياق يرى نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب، في حوار مع دويتشه فيله، أن عودة المهرجان الذي توقف عام 2007 انتصار للفعل الفني الثقافي علاوة على أهمية البعد التاريخي لمدينة جرش الأثرية. وحول تزامن المهرجان مع الاضطرابات التي تشهدها بعض الدول العربية يقول الخطيب "إنه يتمنى الإصلاح والصلاح الحقيقي للدول العربية الشقيقة، وأن يسود الأمن والأمان والرخاء"، لكنه استدرك متسائلا "ما المانع من أن نهتم بأمرنا الداخلي ومن خلال البعد الثقافي والفني وسواه؟".

ويشدد الخطيب على أن اللهو لم يعد له مكان في رسالة المبدع أو المثقف وأن الإصلاح لا يختصر على جانب ويلغي جانباً أخر، كما أن الثقافة هي جزء من الأساسيات التي تأسست عليها الدولة الأردنية منذ تاريخها إلى جانب السياسة والاقتصاد وغيرهما، لاسيما أن الإعلام والثقافة والفنون هما عناوين تحتضن كل ما من شأنه أن يترجم واقع الحرية.

إسلاميو الأردن يلوحون بتعطيل مهرجان جرش

ووسط هذا الجدل الساخن رفض أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، حمزة منصور، الحوار مع دويتشه فيله بشأن الفتوى التي صدرت عن فرع الحزب في جرش والتي "حرمت إقامة مهرجان جرش" خاصة في ظل ما تواجهه المنطقة العربية من ثورات وتحديات.

آهالي مدينة جرش يجدون في هذا المهرجان فضاء مهما لمدينتهمصورة من: Ashraf Khamis/ Ministry of Culture

وتهدد الحركة الإسلامية بتحويل مداخل المهرجان وساحاته إلى ساحات للاعتصام في حين يحذر تجمع أبناء جرش للإصلاح من استمرار فعاليات المهرجان، حتى ولو خارج محافظة جرش، أثناء شهر رمضان. ويصف التجمع مهرجان جرش بالفاشل وأنه انسلخ من الثقافة ليتحول إلى ما أسموه "بالخلاعة والمجون". كما يعتبر التجمع أن المهرجان لم يقدم شيء للمكتسب الثقافي والأدبي الحقيقي في الأردن "وبات يمثل تحديا صارخا لأعراف الشعب الأردني وقيمه العربية والإسلامية". وفي نفس السياق يرى تجمع أبناء جرش للإصلاح أن المهرجان اثبت منذ سنوات "فشله الذريع في تحقيق أية مكاسب اقتصادية وثقافية أو شعبية بعد العزوف الكبير من قبل المواطنين عن ارتياده".

"الوقوف ضد المهرجان مخالفةً للدعوة إلى وجهة النظر بالحسنى"

ويقول عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، إبراهيم السواعير، أن عودة مهرجان جرش انتصاف للفعل الثقافي والإرث الحضاري والوطن بكل فنانيه وكتابه ومثقفيه ومفكريه ويشير في حوار مع دويتشه فيله، إلى أن "عودته ليست ترفاً أو من أجل قضاء العطلة الصيفية أو التنعم بالهواء الطلق فالسياحة في الأردن ثقافية وتغلفها النظرة إلى هوية البلد وكينونته عربياً وعالمياً".

وتعليقا على موقف الحركة الإسلامية من المهرجان، يرى السواعير أن وقوف الإسلاميين ضد المهرجان انطلاقاً من النظرة الحرام أو فرض الرؤية الإسلامية يعتبر إجحافاً ومخالفةً للدعوة إلى وجهة النظر بالحسنى ويضيف أن منظمة اليونسكو تدعو إلى احترام حرية التعبير والمعتقد والاتجاه.

المهرجان لقي اهتمام مختلف الفئات والطبقات في المجتمع الأردني وانتقده الإسلامييونصورة من: Ashraf Khamis/ Ministry of Culture

وبهذا الصدد يضيف السواعير أن الثقافة التشاركية التي تدعو إليها الدولة الأردنية من منظور التنوع الثقافي الذي تعيشه يفرض على كل الأطياف احترام هذه الفرحة الإنسانية التشاركية، ويشير إلى أن المجتمع الأردني فيه كل الأطياف على مستوى العرق والاتجاهات الثقافية والحزبية. ويستطرد بالقول "أن الأردن لن يقف عند وجهات النظر المتعصبة". ويتعجب السواعير من وجود من يحرم فنوناً حضارية كالسينما والمسرح والتشكيل والموسيقى، في القرن الواحد والعشرين ويشير إلى أنها كالأدب والفكر ترقى بالإنسان وتهذب من نظرته المغالية المتعصبة وتدفعه إلى التأمل والمشاركة الإنسانية والنظر إلى الكون والحياة والمجتمع بمحبة.

"عودة مهرجان جرش انتصار للإرادة الشعبية"

في المقابل يرى الكاتب الأردني حازم الخالدي ، في حوار مع دويتشه فيله، أن الحركة الإسلامية في الأردن واعية ومستنيرة ولم تتدخل عبر سنوات طويلة في فعالياته ويشير في هذا الصدد إلى أن برنامج الفعاليات يتضمن الكثير مما يتوافق مع النهج الإسلامي مثل الفرقة الصوفية التركية وكذلك إقامة أيام من وحي رمضان على هامش مهرجان جرش.

يرى مثقفون أردنيون في عودة مهرجان جرش الذي توقف عام 2007 انتصارا للفعل الفني الثقافيصورة من: Ashraf Khamis/Ministry of Culture

ويعتبر الخالدي أن عودة المهرجان "انتصار للإرادة الشعبية" التي وجدت فيه متنفسا حقيقيا للمثقفين والفنانين والمبدعين وللجمهور الذي ظل منذ تأسيس المهرجان في العام 1981 وفيا له ولأهدافه الخلاقة في دعم الفنانين والمثقفين وإثراء تجاربهم بالحوار مع المبدعين العرب والعالميين. وحول إقامة المهرجان بالتزامن مع الأوضاع المضطربة في بعض الدول العربية، يقول حازم الخالدي "إن هذا مهرجان يقتل الحزن وينشر الفرح بين الناس وتواصل ولم ينقطع إلا مرة واحدة رفضا لغزو لبنان عام 1982". ولا يرى الخالدي إن المهرجان نشاطا حكوميا بدليل أن اللجنة العليا للمهرجان تضم نقابة الفنانين الأردنيين ورابطة الكتاب وهيئات شعبية ممثلة بأهالي مدينة جرش الذي يجدون في هذا المهرجان فضاء مهم لمدينتهم.

دعوات المقاطعة لم تؤثر على مهرجان جرش

ولم تؤثر دعوات المقاطعة والإلغاء على مهرجان جرش وفي هذا الصدد يؤكد المدير الإداري والمالي لمهرجان جرش محمد أبو سماقة، في حوار مع دويتشه فيله، أن الحضور الجماهيري لافت هذا العام في جرش حيث تكتظ مدرجات المهرجان بآلاف الأشخاص. ويؤكد في هذا السياق أن إقامة المهرجان في هذا الوقت الذي تشهد فيه بعض الدول العربية اضطرابات دليل على أن الأردن مستقر أمنيا وسياسيا ورائد في مجال الثقافة.

وتشمل فعاليات المهرجان المتواصل في جرش حتى نهاية تموز /يوليو قبل أن ينتقل بعد ذلك إلى العاصمة عمان مع بداية شهر رمضان، مختلف حقول الثقافة والإبداع كالشعر والموسيقى والغناء العربي الأصيل، وكذلك الموسيقى الكلاسيكية التي تمثلت في الفلامنغو الاسبانية إضافة إلى معارض الكتاب واللوحات الفنية والفنون الشعبية الممثلة لجميع مناطق الأردن.

محمد العناسوة – عمان

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW