1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مغادرة ألمانيا.. هاجس سوريين بعد سنوات من اللجوء

٣١ أغسطس ٢٠٢٥

رغم امتنان كثير من اللاجئين السوريين لألمانيا وما وفرته لهم من أمان وفرص، تتزايد بين بعضهم مشاعر العزلة والاغتراب. هذا الواقع يدفع لاجئين ومهاجرين للتفكير بالرحيل، سواء نحو سوريا أو بلدان أخرى بحثا عن حياة أفضل.

ألمانيا – برلين 2015 | وصول طالبي اللجوء إلى مكتب شؤون الصحة والشؤون الاجتماعية (LaGeSo) – 11.03.2015
ما هي الأسباب التي تجعل بعض اللاجئين يريدون ترك ألمانيا بعدما كان حلمهم هو الوصول للعيش فيهاصورة من: Sean Gallup/Getty Images

يُسجَّل أحيانًا انطباع بأن اللاجئين السوريين في ألمانيا جاحدون للجميل، ومع ذلك نحن ممتنون لألمانيا، لا سيما من عانوا ويلات الحرب، وجزء كبير منا ظل منتجًا وبذل جهودًا حقيقية من أجل الاندماج رغم الظروف الصعبة.

هكذا بدأ أنس (اسم مستعار) حديثه عن الأسباب التي ربما  تدفع كثير من اللاجئين أو المهاجرين اليوم للتفكير في الخروج من ألمانيا. وأنس هو واحد من نحو مليون سوري يعيشون اليوم هنا بشكل قانوني، بحسب بيانات المكتب الاتحادي للإحصاء.

 فمنذ عام 2015، كان الوصول لألمانيا بمثابة هدف لآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء الذين اضطروا لترك بلدانهم بسبب ما تمر به من ظروف صعبة. ولكن تشير إحصائيات حديثة إلى  تغييرات مثيرة للاهتمام، إذ كشفت دراسة حديثة لمعهد أبحاث التوظيف التابع لوكالة التوظيف الاتحادية أن "نحو 2.6 مليون شخص فكروا بالفعل في مغادرة ألمانيا وأن 300 ألف شخص لديهم خطط ملموسة للهجرة".

كيف يمكن "أن يكون الوجع أقل"؟

وفي حوار أجرته معه DW عربية، يربط أنس ما بين "شعور بالوحدة والعزلة القاتلة  في ألمانيا"، على حد تعبيره، و"الضغوط النفسية التي يحملها السوريون معهم من الحرب في سوريا".

ويقول أنس: "معظم السوريين هنا لديهم شعور بعدم التواصل مع أي شخص آخر. هناك دائمًا شعور بأننا نعيش بمفردنا بلا حياة اجتماعية، واعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لانتقاد البعض للحياة في ألمانيا. فبدون هذا الشعور بالعزلة الاجتماعية، أتوقع أن يكون الوجع أقل".

يرغب نحو نصف المهاجرين الذين لا يرغبون في البقاء بألمانيا في العودة إلى بلدهم الأصلي، بينما يرغب النصف الآخر في الانتقال إلى بلد آخر، وفقًا لمعهد أبحاث التوظيف التابع لوكالة التوظيف الاتحادية.صورة من: Johannes Simon/Getty Images

وعلى الرغم من افتقاد أنس لدفئ الحياة الاجتماعية هنا، تخطر فكرة الرحيل على بال الشاب الثلاثيني بعد حصوله على الجنسية الألمانية لأسباب تتعلق بالأساس بمدى توفر فرص عمل مناسبة تتيح له حياة أفضل. ويقول أنس: "بالنسبة لي الدافع مهني بشكل بحت. يمكنني محاولة التغلب على المصاعب الاجتماعية بشكل ما. أنا اعتدت على الحياة هنا وليس بيدي تغيير الكثير فيها. بالتالي إن أُتيحت لي فرصة عمل جيدة تناسبني، يمكنني حينها التغلب على الجانب الاجتماعي ومحاولة الوصول لحلول ما بشأنه".

أعيش في ألمانيا "مثل الروبوت"!

وبالنسبة لأحمد (اسم مستعار)، فالدافع الرئيسي لرغبته في الرحيل من ألمانيا هو عدم تمكنه من التغلب على التحدي الاجتماعي.

كانت رحلة أحمد نحو ألمانيا طويلة حيث بدأت منذ حوالي عشر سنوات من سوريا إلى الجزائر، ومنها للمغرب، ثم إسبانيا، حتى وصل أخيرًا إلى ألمانيا.

فور وصوله، تقدم الشاب السوري بطلب لجوء واحتاج لثلاث سنوات لتعلم اللغة. ومنذ ذلك الحين بدأت حياة أحمد في الاستقرار تدريجيًا، إذ عثر على فرصة عمل في فرع لأحد الأسواق التجاريةبمدينة بون، كما تمكن من إيجار مسكن مناسب له.

وعندما ظن أن الفرصة ربما تكون سانحة للبحث عن شريكة حياته، لم يحالف أحمد التوفيق أو الحظ. وفي حوار أجرته DW عربية، يقول: "لم أتمكن من الزواج في ألمانيا، كان من الصعب أن أجد فتاة مناسبة لي نظرًا لانخفاض أعداد الفتيات السوريات التي انتقلن للعيش بها. وحتى إن رغبت في الزواج من ألمانية، لن أتمكن من التفاهم معها".     

وحصل أحمد، البالغ من العمر اليوم 37 عامًا، على الجنسية الألمانية بالفعل لكنه يفكر جديا بالانتقال للعيش بشكل نهائي في  سوريا  حيث يقول: "لا أرغب في العيش في ألمانيا. ليست بلدي ولم اعتد على الحياة بها ولم أندمج فيها. لا يوجد حياة اجتماعية هنا بالمرة. أعيش في هذه المدينة لأكثر من ست سنوات، وحياتي ليست سوى الحركة من المنزل للعمل ومن العمل للمنزل فقط لا غير مثل الروبوت".

كشفت دراسة أجراها المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية في برلين أن الشعور بالترحيب بين اللاجئين المقيمين في ألمانيا يتراجع بشكل مطرد.صورة من: Ervin Shulku/ZUMA/IMAGO

ويضيف أحمد: "تجربتي في ألمانيا كانت صعبة، لا أحب العيش بها لكني كنت مضطرا لذلك. أما الآن، تغير الوضع في سوريا وانتهت الحرب ويمكنني العودة والمساعدة في إعادة بناء البلد، كما أنني أرغب في الزواج من فتاة مناسبة ربما أتمكن من العثور عليها في سوريا".

ويرغب حوالي نصف الذين لا يرغبون في البقاء في  العودة إلى بلدهم الأصلي، بينما يرغب النصف الآخر في الانتقال إلى بلد آخر، وفقًا لمعهد أبحاث التوظيف التابع لوكالة التوظيف الاتحادية.

الجنسية الألمانية "صمام الأمان"؟

وعلى عكس أحمد، يصف بهاء (اسم مستعار) تجربته في ألمانيا، منذ وصوله لها كطالب لجوء سوري في عام 2015 وحصوله على الجنسية الألمانية في عام 2022، بأنها إيجابية بشكل عام.

وفي حوار مع DW عربية، يقول بهاء: "حياتي لم تختلف كثيرا قبل وبعد الحصول على الجنسية الألمانية، وكان يمكنني إكمال حياتي هنا بدونها. لكن مع الخوف من حدوث أي تغير سياسي ووقوع أي مشاكل، أصبحت الجنسية بالنسبة لي هي صمام الأمان".

عشر سنوات بعد موجة اللاجئين في ألمانيا

26:03

This browser does not support the video element.

وكانت دراسة أجراها المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية في برلين قد كشفت حديثًا أن الشعور بالترحيب بين اللاجئين المقيمين في ألمانيا يتراجع بشكل مطرد. فبينما شعر حوالي 84 بالمئة من المشاركين بأنهم موضع ترحيب من جانب الألمان في عام 2017، انخفضت النسبة إلى 78 بالمئة في عام 2020، لتصل إلى إلى 65 بالمئة في عام 2023.

ويرى بهاء، البالغ من العمر 32 عامًا، أن من الطبيعي المرور بمواقف سلبية أو لقاء أشخاص سيئين دون أن ينفي ذلك كون ألمانيا "بلد ممتاز"، على حد قوله. إلا أنه لا يخفي الحيرة التي تصيبه أحيانًا بشأن الحياة هنا حيث يقول: "نشعر بالحنين لبلادنا، فنحن خرجنا منها مجبورين وليس مخيرين. الأهل والأصدقاء والإخوة موجودون هناك، وتراودني كثيرًا فكرة العودة… لكني استنتجت أن ألمانيا تمثل لي حاليًا على الأقل الاستقرار وفرصه العمل والحياة التي اعتدتها والروتين اليومي والقواعد والقوانين التي صرت ألتزم بها".

وهكذا، تخطر فكرة المغادرة على بال كريم من وقت لآخر، ويبحث عن فرص عمل في دول أخرى ويجري الكثير من المقارانات، لكنه حتى الآن لم يتخذ قرار نهائي بالرحيل.

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW