1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مغربيات يهربن من "جحيم" الزواج إلى "نعيم" العنوسة

١٣ فبراير ٢٠١٢

في ظل ارتفاع ظاهرة العزوف عن الزواج في المغرب، تجد بعض النساء في الفيسبوك و مواقع أخرى وسيلة لاختيار شريك الحياة، بينما اختارت أخريات حياة العنوسة عن طواعية، هربا من مشاكل الحياة الزوجية، وتحديا للقيم الاجتماعية السائدة.

تباين في وجهات نظر الأجيال لموضوع العنوسة في المجتمع المغربيصورة من: siham ouchtou


"المجتمع ينظر لمن لم تتزوج في العشرينيات على أنها فاشلة" بهذا تلخص كريمة وضعية "العانس" في المغرب. وهي شابة مغربية تبلغ من العمر 32 سنة موظفة بإحدى الإدارات الحكومية، شابة جميلة ومتعلمة لم تتزوج بعد. حتى الآن يبدو كل شيء عاديا بيد أن "تأخرها عن الزواج" يثير فضول الآخرين وأحيانا تعليقاتهم و مضايقاتهم، لدرجة صارت تتفادى فيها الشابة المغربية عن الكشف عن سنها الحقيقي.

وتقول لدويتشه فيله إن معظم الرجال الذين تعرفوا عليها أو تقدموا لها يكون أهم سؤال لديهم هو السبب في "تأخرها عن الزواج حتى الآن"، وباستياء تعبر كريمة عن رفضها أولا لهذا التدخل في حياتها ثم لحصر بعض فئات المجتمع دور المرأة في الزواج و الإنجاب.

سن المرأة حاسم

جيل الشباب له نظرة مختلفة لموضوع العنوسةصورة من: siham ouchtou

وتعتقد كريمة أن السبب في نظرة المجتمع للمرأة العانس على هذا النحو تعود لذكورية المجتمع أولا ثم للعادات و التقاليد المتوارثة، حيث دأب الرجل المغربي على اعتماد عنصر السن في اختياره لشريكة حياته، الأخيرة حسب كريمة يجب أن تكون جميلة وشابة وكلما كانت صغيرة السن كلما ازدادت قيمتها و تم "تدليلها أكثر".

ويشكل موضوع الفرق في السن بين الرجل و المرأة عنصرا مهما بالنسبة للكثير من الرجال في المجتمع المغربي ويتخذ الأمر أحيانا بعدا ساخرا حين تلوك ألسن الرجال نكتا تصف قيمة المرأة و مدى تهافت الرجال عليها مع توالي سنوات عمرها.

لكن عمر شاب مغربي في العشرينيات من عمره يعتقد أن مسألة سن المرأة أصبحت أمرا متجاوزا خصوصا بالنسبة للجيل الحالي حيث أصبح الشباب يركزون على الجانب العاطفي و مدى التفاهم بين الطرفين المقبلين على الزواج ويضيف الشاب المغربي خلال حوار مع دويتشه فيله أن قيمة المرأة لا يحددها سنها بل شخصيتها و قلبها و مدى استعدادها لتأسيس أسرة. لكن منير يعتبر السن معيارا أساسيا في اختيار شريكة الحياة. فالزواج من امرأة تكبره يبدو مستبعدا لأن أسرته قد ترفض هذا الفارق كما أن الزواج من امرأة أكبر سنا حسب منير أمر "غريب شيئا ما عن مجتمعاتنا". ويضيف لدويتشه فيله أن ذلك قد تكون له نتائج سلبية أخرى"حيث أن المرأة و بحكم الإنجاب تبدو مع الوقت أكبر من الرجل" وهذا سيؤثر لا محالة على نفسية الطرفين في نهاية المطاف.

تنامي ظاهرة العنوسة

الحياة الزوجية تواجهها صعوبات اجتماعية كبيرةصورة من: siham ouchtou

ورغم غياب إحصائيات رسمية عن عدد النساء اللائي "تجاوزن سن الزواج"، إلا أن دراسة عربية أشارت إلى أن نحو مليون ونصف مغربية لم يتزوجن بعد رغم تجازوهن سن الخامسة و الثلاثين وهو متوسط سن الزواج الذي حددته الدراسة.وأشارت إلى أن أغلبهن يتواجدن في المدن الكبيرة بينما تنخفض الظاهرة نسبيا في القرى.

ويعزو خبراء الأسباب الكامنة وراء انتشار ظاهرة العنوسة و العزوف عن الزواج إلى الأعباء الاقتصادية و انتشار البطالة، بالإضافة إلى تغير نظرة الشباب و الفتيات إلى مؤسسة الزواج.

وتقول في هذا الصدد صباح الشرايبي أستاذة علم الإجتماع في جامعة الدار البيضاء أن هناك إكراهات تفرض ظاهرة العزوف عن الزواج خاصة في صفوف النساء. حيث تشير الناشطة الجمعوية خلال حديتها لدويتشه فيله إلى أن نسبة العزوف عند النساء بلغت 47 في المائة مرتفعة بمعدل 20 بالمائة في ظرف عشر سنوات.

وعن الأسباب تقول الشرايبي إن الحياة الزوجية لم تعد "مريحة" بالنسبة للمرأة المغربية التي بدأت تخرج هي أيضا للعمل إلى جانب الرجل، و بالتالي فإن تحملها ضغط العمل إلى جانب أعباء البيت و الأبناء يجعلها تبتعد عن فكرة الزواج. بالإضافة إلى ظاهرة العنف، حيث تشير الخبيرة الإجتماعية إلى أن 80 في المائة من حالات العنف في المغرب تحدث في بيت الزوجية "لذا فالزواج بالنسبة للمغربية لم يعد بالضرورة ذلك الطريق المشترك المفروش بالحب و الحنان".

و يعتقد نجيب، شاب في عقده الثالث أن الزواج لم يعد ضروريا لتأطير علاقة حب بين رجل و امرأة معتبرا خلال حديثه لدويتشه فيله أن الزواج مسألة فرضتها العادات و التقاليد فقط، وليست ناجحة دائما بدليل ارتفاع حالات الطلاق بين المغاربة. بالإضافة إلى أن "ليس كل المتزوجين سعداء، بل منهم من يصر على عدم الطلاق فقط من أجل الأبناء أو لتفادي نظرة المجتمع خصوصا للمرأة المطلقة".

مواقع إلكترونية لتشجيع الزواج

المرأة العانس مازالت تواجهها نظرة سلبية في المجتمعصورة من: Courtesy Co-Production-Office

وإذا كانت المواقع الإلكترونية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي قد اخترقت في السنوات الأخيرة المجتمع المغربي كأي مجتمع آخر وخصوصا فئة الشباب، فإن موضوع الزواج ورغم نسبة العزوف عنه، لم يكن غائبا عن هذه المواقع حيث تنتشر إعلانات ودعوات للانضمام لمجموعات تساهم في خلق أجواء للتعارف بين شبان شابات.

وتقول منال البالغة من العمر 24 سنة والتي تزوجت برجل تعرفت عليه عبر الفيسبوك بعد علاقة "افتراضية" دامت 4 أشهر، إن مثل هذه المواقع تتيح أريحية و سهولة أكبر في التعرف على الجنس الآخر، خاصة بالنسبة لها كمحجبة تنتمي لعائلة محافظة ولا يمكنها أن تلتقي في الواقع برجل "غريب عنها"، وبالتالي فالعالم الافتراضي وحده يتيح هذه الإمكانية.

وبالإضافة إلى التواصل المباشر من خلال هذه المواقع فإن بعضها يخصص صفحات خاصة بموضوع تشجيع الزواج و التعارف بين الجنسين. لكن سارة التي تبلغ من العمر 30 سنة "لا تثق بمثل هذه المبادرات لأنها لا تضمن الجدية و النية الصادقة في الزواج"، وتضيف سارة لدويتشه فيله أن الزواج الإقتراضي لا يمكن أن يدوم طويلا لأنه يكون "نتيجة استلطاف مؤقت من خلف الشاشة و سرعان ما تتضح الأمور بعد الشهور الأولى من الزواج".

لكن الخبيرة الاجتماعية الشرايبي تعتقد أن وسائل التواصل الإجتماعي عززت الزواج في المغرب لكونها تتيح سهولة أكبر في التواصل و اكتشاف الآخر ولو عن بعد، ذلك أن هذه الوسائل عوضت طرقا قديمة كان يتزوج عن طريقها المغاربة مثل "الخاطبات" و نساء الحي و الزواج التقليدي، وبعدما اختفت هذه الوسائل تدريجيا جاءت هذه المواقع لتتيح فرص أكبر للتعارف دون وساطة أشخاص آخرين.

سهام أشطو- الرباط

مراجعة: منصف السليمي



تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW