مفاوضات تشكيل الحكومة: ميركل مستعدة لتقديم "تنازلات مؤلمة"
٦ فبراير ٢٠١٨
هل يصعد الدخان الأبيض أخيرا من برلين ويعلن الاشتراكيون والمحافظون التوصل لتشكيل حكومة جديدة، أو نسخة جديدة من الائتلاف الكبير؟ المستشارة ميركل أعلنت استعدادها لتقديم "تنازلات مؤلمة" وطالبت الاشتراكيين القيام بذلك أيضا.
إعلان
أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الثلاثاء (السادس من شباط/ فبراير 2018) أنها على استعداد لتقديم "تنازلات مؤلمة" خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي لولايتها الرابعة وإنهاء أزمة سياسية تشهدها القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا.
وقالت ميركل "نعيش في أوقات مضطربة" مشيرة إلى الخسائر في أسواق البورصة العالمية في الأيام الأخيرة. وأضافت "نحتاج إلى حكومة يمكن الاعتماد عليها بما يضمن مصالح الشعب". وقالت إن على جميع الأطراف "القيام بتنازلات مؤلمة" للتوصل إلى اتفاق. وأكدت "أنا جاهزة لذلك إذا استطعنا ضمان أن تكون الفوائد أكثر من المساوئ في نهاية الأمر".
ووسط الأزمة التي طال أمدها، كان يفترض أن تنتهي المفاوضات في يوم الأحد، لكن تم تأجيلها مجددا. وقال زعيم الحزب الاشتراكي مارتن شولتس إن "هناك سببا جيدا يحمل على الاعتقاد أننا سنصل النهاية اليوم". وقالت مصادر حزبية إن النقاط الشائكة الرئيسية تتعلق بخلافات حول الرعاية الصحية وسياسة التوظيف والإنفاق الحكومي.
الفشل ممكن!
ولم يستبعد فولكر بوفييه رئيس حكومة ولاية هيسن والقيادي البارز في حزب ميركل فشل المهمة ما سيؤدي إلى إغراق البلاد في أزمة سياسية خطيرة . وأضاف "ليس من المؤكد أن نتوصل "إلى اتفاق مضيفا "لا أستبعد أي أمر"، في إشارة إلى إمكانية الفشل.
وفي مواجهة احتمال الدعوة لانتخابات مبكرة يمكن أن تعزز "حزب البديل من أجل ألمانيا" أو احتمال التوجه نحو حكومة أقلية غير مستقرة، اختارت ميركل التقرب من الاشتراكي الديموقراطي مجددا، شريكها الحكومي الأصغر في اثنتين من ولاياتها الثلاثة منذ 2005.
وحتى اذا انتهى الطرفان إلى توقيع اتفاق ائتلاف يحدد سياسات الحكومة المقبلة، إلا أن ذلك لا يضمن حكومة تقودها ميركل. إذ وعد شولتس بطرح أي اتفاق حول ائتلاف حكومي في استفتاء بين أعضاء حزبه البالغ عددهم 440 ألفا. ويتوقع المراقبون أن تكون نتيجة التصويت متقاربة وسط معارضة شرسة من جناحي اليسار والشباب للحزب.
وتتولى ميركل منصب المستشارة منذ أكثر من 12 عاما، وتعلق آمالها على تكرار ائتلاف حكومي مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي بعد انتخابات غير حاسمة في ايلول/ سبتمبر الماضي لم تحصل فيها على الغالبية.
ع.أ.ج / أ.ح (أ ف ب)
في صور.. محطات وضعت مصير ميركل السياسي في مهب الريح
خلال 12 عاماً من حكمها حققت المستشارة ميركل نجاحات مذهلة، وخصوصاً على صعيدي الاقتصاد والاتحاد الأوروبي. والآن تتجه الأمور كي تبقى ميركل مستشارة لولاية رابعة، ولكنها تعرضت قبل ذلك لهزات عنيفة وظروف صعبة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
"الباب المفتوح" بداية النهاية؟
بعد نجاح منقطع النظير خصوصاً في المجال الاقتصادي، منذ انتخابها مستشارة لألمانيا للمرة الأولى عام 2005، حلمت أنغيلا ميركل بالبقاء مستشارة لألمانيا لولاية رابعة. لكن "أقوى امرأة في العالم" دخلت الانتخابات الجديدة في 24 سبتمبر/ أيلول 2017، وهي في موقف صعب بسبب سياسة "الباب المفتوح"، التي طبقتها في مواجهة موجة اللجوء الكبرى في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bernd von Jutrczenka
حزب "شعبوي" يحقق مفاجأة مدوية
كان حلفاؤها في "الحزب المسيحي الاجتماعي"( البافاري) يطالبون بوضع "حد أعلى" لعدد اللاجئين الذين يمكن أن تستقبلهم ألمانيا سنوياً، لكن ميركل لم تتراجع عن توجهها. ولذلك برز سخط لدى شرائح عريضة من المواطنين، خصوصاً في شرق البلاد. والنتيجة هي صعود "حزب البديل" اليميني الشعبوي للبرلمان الألماني كثالث قوة، في سابقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Bockwoldt
الاشتراكيون الديمقراطيون يتركون ميركل وشأنها
ورغم أن الاتحاد المسيحي بحزبيه الديمقراطي بقيادة ميركل والبافاري بقيادة زيهوفر، فاز في الانتخابات بالحصول على 32 في المائة من أصوات الناخبين، إلا أنه كانت تعد أسوأ نتيجة لتحالف المسيحي، منذ عام 1949. لكن حليفهما في الحكم، الحزب الاشتراكي، سجل أكبر خسارة في تاريخه بالحصول على 20.5 في المائة. وقرر الحزب الجلوس في مقاعد المعارضة بدلاً من مواصلة التحالف مع ميركل.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
"جامايكا".. حلم أُجْهِضَ قبل الولادة
ولهذا اتجهت ميركل للتفاوض مع "حزب الخضر" والحزب الديمقراطي الحر" (الليبرالي) لتشكيل ما يعرف بـ"ائتلاف جامايكا". ورغم الاختلاف "الأيديولوجي" بين الأحزاب الأربعة إلا أنه كانت هناك آمال معلقة على التقارب وتقديم تنازلات بعد أربعة أسابيع من المفاوضات الشاقة. غير أن الحزب الليبرالي انسحب مع الساعة الأولى من صباح الإثنين (20 نوفمبر/ تشرين الثاني).
صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall
مستشارة للمرة الرابعة؟
تراجع الاشتراكيون عن موقفهم وقبلوا بالدخول في مفاوضات. وبعد محادثات صعبة جدا وتنازلات مؤلمة، نجحت ميركل في الوصول بمفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي إلى بر الأمان. وبهذا ستبقى ميركل على الأرجح مستشارة لألمانيا، لتكون الولاية الرابعة لها، ما لم تحدث مفاجأة. حيث يجب أن يصوت أعضاء الحزب الاشتراكي على اتفاقية الائتلاف الحكومي. وينتظر أن ينتهي التصويت مطلع آذار/مارس القادم. (صلاح شرارة)