مفاوضات سوريا - مجرد اجتماع لتلميع صورة روسيا؟
٦ أبريل ٢٠١٥من المستبعد تحقيق أي نتائج ملموسة، ولكن بالرغم من ذلك تريد مختلف الأطراف أن تتحدث مع بعضها البعض. ولربما، وفق الآمال المعلقة، ينجح المتفاوضون في تحقيق تقدم في ما يتعلق بالوضع الإنساني للمدنيين في سوريا. وهذا قد يكون أقصى إنجاز يمكن تحقيقه في وقت أخذت فيه الأزمة السورية منعرجا قد يكون مصيريا. وهذا الأمر يعود إلى تكتيك نظام الأسد، حيث قام ممثلوه في بداية العام الخامس للأزمة السورية بإطلاق سراح عناصر من تنظيمات جهادية كانوا يقبعون في سجون النظام. ووفقا لما يتوقعه النظام السوري، فمن شأن هؤلاء أن ينشروا العنف ويبثوا الرعب في القلوب في سوريا ودول الجوار إلى أن يقرر المجتمع الدولي إعلان الحرب ضد هؤلاء – وذلك بمساعدة الأسد. وهذا من شأنه أن يضمن للأسد البقاء على الصعيد السياسي.
تراجع أهمية المعارضة العلمانية
وفي الواقع، يبدو أن نظام الأسد قد نجح في تحقيق ما كان ولايزال يصبو إليه، فتحت ضغط الأعمال الوحشية التي ارتكبها خاصة تنظيم "الدولة الإسلامية" أصبحت الدول الغربية على وجه الخصوص تراهن أكثر فأكثر على نظام الأسد بعد سنوات من عزلة فرضتها عليه. ذلك أن الأسد يبدو في عيونهم أقل خطرا وتهديدا لهم من الجهاديين. ففي سياق متصل، صرح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن أجندة العنف على الصعيد العالمي والتي يتبعها تنظيم "الدولة الإسلامية" تضطر المرء إلى إجراء محادثات مع الأسد. "في نهاية المطاف يتعين علينا التفاوض"، على حد تعبير كيري في حديث متلفز منتصف مارس/آذار الماضي.
ونظرا لأعمال العنف الوحشية التي تشهدها سوريا على أيادي الجهاديين من جهة، ومن جهة أخرى على يد نظام الأسد، فإن القوى العلمانية تبدو بالمقارنة غير مهمة. وتكاد الجماعات المعارضة الناشطة في داخل سوريا وخارجها تلعب دورا يذكر. وفي الداخل تتعرض المعارضة لقمع شديد من قبل نظام الأسد، فمثلا تم اعتقال لؤي حسين، رئيس تيار "بناء الدولة السورية"، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي قبل الإفراج عنه في فبراير/شباط. وفي الواقع، كان حسين قد أعلن عن رغبته في المشاركة في محادثات موسكو، إلا أن النظام يرفض منحه رخصة مغادرة البلاد. أما حسن عبد العظيم، رئيس "هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي"، فسيسافر إلى موسكو. المفارقة في الأمر أن التحالف الذي يمثله هذا الأخير يؤيد ومنذ سنوات التفاوض مع نظام الأسد.
الائتلاف الوطني يفقد ثقة عدد متزايد من السوريين
فيما يبقى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بعيدا عن محادثات موسكو. يأتي ذلك بعد رفض ممثليه السفر إلى موسكو، مبررين رفضهم بأن الحكومة الروسية تقف في الحرب إلى جانب نظام الأسد وبالتالي فهي وسيط غير موثوق به. بيد أن الائتلاف بدوره فقد خلال الأشهر الماضية من أهميته. ففي مطلع العام تحدث رئيسه خالد خوجه في حوار مع صحيفة "النهار" اللبنانية عن عدة تحديات تواجه الائتلاف.
ومن بين هذه التحديات الاختلافات الداخلية، لافتا إلى أن الائتلاف يضم قوى يسارية وأخرى إسلامية معتدلة. هذا الأمر يزيد من صعوبة صياغة مواقف مشتركة. وأضاف أن تأثير الائتلاف على الأحداث في سوريا بسيط، الأمر الذي يحول دون إطلاق مبادرات سياسية. كما أن الائتلاف يعاني من أزمة مالية، بالإضافة إلى أنه منشغل بمشاكله الخاصة، وفق تقرير للمؤسسة الألمانية للعلوم والسياسة. وتكتب قائلة: "الصراعات الداخلية حول كيفية استخدام الأموال وتوزيع المناصب لم تؤثر سلبا فقط على نجاعة الحكومة الانتقالية بل أصبحت أيضا بالنسبة للكثير من السوررين رمزا لكل التطورات السلبية للمعارضة." هذه الصراعات ألقت أيضا بظلالها على الأجندة السياسية للائتلاف. "وعليه، فإن المواقف الداعية إلى حل سياسي للأزمة السورية والهيكلة الجذرية للنظام السياسي التي من شأنها أن تؤدي إلى إسقاط نظام الأسد، أصبحت تبدو اليوم وأكثر من أي وقت مضى وكأنها لا تعدو أن تكون مجرد تصريحات شفوية لا أكثر."
روسيا تسعى إلى تلميع صورتها
ومن غير المستبعد أن يكون هدف روسيا من وراء الاجتماع المخصص لسوريا تلميع صورتها على الصعيد الدولي، فإلى جانب أوكرانيا، فإن الروس يضطلعون أيضا بمهام عسكرية في سوريا.على أية حال، فإن المفاوضات في موسكو تذكر الدول الغربية بأنه لا يمكن اتباع أي سياسية ضد روسيا وكذلك ليس في العام الخامس للحرب في سوريا التي حصدت حتى الآن أرواح 250 ألف شخص.