مفاوضات مكثفة لتصدير الحبوب من أوكرانيا وتجنب "إعصار مجاعة"
٣ يونيو ٢٠٢٢
تخوض الأمم المتحدة مفاوضات مكثفة للسماح بتصدير الحبوب من أوكرانيا ومنع حدوث أزمة غذاء عالمية. وتغلق روسيا الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود منذ بدء غزوها جارتها وبالتالي تمنع تصدير حبوبها التي يعتمد عليها الملايين.
إعلان
أكد أمين عوض، منسّق الأمم المتحدة في أوكرانيا، أن المنظمة تجري مفاوضات مكثّفة بعيدة عن الأضواء للسماح بتصدير عشرات ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية ومنع حدوث أزمة غذاء عالمية، معربًا عن تفاؤل شديد الحذر.
وقال عوض للصحافيين في جنيف خلال مؤتمر صحافي دوري عبر الإنترنت: "هناك كثير من الرحلات المكوكية بين موسكو ودول أخرى التي تشعر بالقلق، لكنني لا أعتقد أن هناك حلًا يلوح في الأفق بوضوح شديد في الوقت الحالي".
وتخشى الأمم المتحدة "إعصار مجاعة" خصوصا في البلدان الإفريقية التي تستورد أكثر من نصف قمحها من أوكرانيا أو روسيا، وتعطلت إمدادات الحبوب من البلدين للقارة الأفريقية بشدة منذ غزو روسيا لجارتها قبل 100 يوم.
ويقود المفاوضات خصوصا نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث والأمينة العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ريبيكا غرينسبان، حسب ما كشف أمين عوض. ولا تزال الأمم المتحدة حتى الآن شديدة التكتّم بشأن هذه الجهود.
ووفق الأمم المتحدة، يمكن أن يتأثر 1,4 مليار شخص في أنحاء العالم جراء نقص القمح والحبوب الأخرى. في هذا الصدد، قال منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي ماثيو هولينغورث للصحافيين في أوكرانيا "إن موانئ البحر الأسود هي الحلّ السحريّ إن صحّ التعبير لتفادي المجاعات العالمية والجوع في العالم". لكنه أضاف أنه بدون هذا الحل، سيتعيّن على الأمم المتحدة إيجاد بدائل للحفاظ على الصادرات الأوكرانية.
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.
صورة من: PIUS UTOMI EKPEI/AFP via Getty Images
12 صورة1 | 12
وأردف منسق الأمم المتحدة في أوكرانيا أمين عوض أن "حلّ هذا المأزق يتطلب دعماً عاجلاً وتوافر إرادة سياسية. ويجب أن تظل الأولوية فتح طرق التجارة في البحر الأسود، وعدم فتح هذه الموانئ سيؤدي إلى مجاعة وزعزعة استقرار وهجرات جماعية في العالم برمته". وأوضح المسؤول الأممي أن تطوير حلول بديلة عبر السكك الحديد أو الطرق البرية يمكن أن يكون مفيدًا، ولكنه لن يكون قادرًا على مضاهاة حجم النقل البحري.
وأشار أمين عوض، منسّق الأمم المتحدة في أوكرانيا إلى أن "لروسيا تحالفات في الجنوب"، مذكّرا بأن بعض الدول التي يمكن أن تعاني أكثر من غيرها من الوضع هي حليفة لموسكو. لذلك أعرب عن "تفاؤل" بأن الدعوات من تلك الدول النامية قد تدفع موسكو إلى التنازل، ويمكن أن يتحقق "انفراج في مرحلة ما". لكنه شدّد على أن "المفاوضات معقّدة للغاية وتجري على عدة جبهات".
كما زار الرئيس السنغالي ماكي سال روسيا لحضّ فلاديمير بوتين على "إدراك" أن الدول الإفريقية "ضحايا" النزاع، وكان برفقة الرئيس السنغالي، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأفريقي حاليا، رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي التشادي موسى.
قال رئيس الاتحاد الأفريقي إن الرئيس الروسي أبدى استعداده لتسهيل صادرات الحبوب الأوكرانية لتخفيف أزمة الغذاء العالمية التي تؤثر على أفريقيا بشكل خاص.
وأعلنت تشاد حالة طوارئ غذائية بسبب نقص إمدادات الحبوب بسبب الحرب في أوكرانيا، وذكرت الحكومة العسكرية مساء أمس الخميس أن الوضع الغذائي تدهور بشكل كبير منذ بدء الحرب، وهناك حاجة عاجلة لمعونات إنسانية دولية. وذكرت الأمم المتحدة أن 5ر5 مليون شخص في تشاد- ثلث السكان- سيحتاجون إلى مساعدات غذائية هذا العام.
من جهته وردا على الاتهامات الغربية لبلاده رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة أن تكون موسكو تمنع الموانيء الأوكرانية من تصدير الحبوب، وقال إن الحل الأفضل هو بنقلها عبر روسيا البيضاء في حالة رفع العقوبات عن هذه الدولة. وقال بوتين للتلفزيون الوطني إن الدول الغربية تحاول التستر على أخطاء سياستها من خلال إلقاء اللوم على روسيا فيما يتعلق بمشاكل سوق الغذاء العالمية، ووصف التقارير عن حظر الصادرات الروسية بأنها "خدعة".