مفوض شؤون شرق ألمانيا لـ DW: الوحدة اكتملت لكنها غير مثالية
٣ أكتوبر ٢٠٢٣
أشاد مفوض الحكومة الألمانية لشؤون شرق ألمانيا، كارستن شنايدر، في مقابلة مع DW بما تحقق من تقدم وانتعاش اقتصادي في شرق ألمانيا بعد الوحدة. ورغم ذلك، كشف تقرير عن أن الانقسامات مازالت قائمة بعد 33 عاما من الوحدة.
إعلان
باتت ألمانيا كيانا سياسيا موحدا بعد أكثر من ثلاثة عقود على سقوط جدار برلين فيليلة التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1989، بيد أنه ورغم هذا الإنجاز السياسي، إلا أن خطوط الصدع مازالت قائمة، وفقا لما ذكره مفوض الحكومة الألمانية لشؤون شرق ألمانيا، كارستن شنايدر، في مقابلة مع DW.
وقال شنايدر إن "إعادة توحيد شطري ألمانيا قد اكتملت، لكنها ليست مثالية"، مضيفا أنه من الضروري أن يترسخ مفهوم الوحدة بالكامل في أذهان سكان البلاد.
تزامن حديث شنايدر مع صدور تقرير سنوي يسلط الضوء على الوحدة الألمانية قبل احتفاء البلاد بمرور 33 عاما على الوحدة الألمانية في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول.
فجوة في الثروة بين شطري ألمانيا؟
وشدد شنايدر على أنه جرى إدخال تعديلات على منظومة المعاشات التقاعدية لتكون على قدم المساواة في جميع أنحاء ألمانيا بحلول نهاية العام الجاري، مضيفا أن الأمر يعد أحد أبرز النجاحات.
وأقر شنايدر بأنه في الوقت الذي صبت فيه زيادة الحد الأدنى الفيدرالي للأجور في صالح موظفي الولايات الألمانية التي كانت تشكل ألمانيا الشرقية، إلا أن "الفجوة بين الرواتب والثروات ما زالت قائمة". يشار إلى أنه في عام 2022، كان متوسط الراتب السنوي في ولايات غربي البلاد أعلى بأكثر من 12 ألف يورو (12670 دولارًا) مقارنة بالرواتب السنوية في الولايات في شرقي ألمانيا، وتظهر معدلات الادخار هذا التفاوت بشكل جلي.
وخلال عام 2021، تفوق المتوسط الادخاري في غرب ألمانيا بأكثر من ثلاثة أضعاف (127.900 يورو) مثيله في شرقي البلاد، وفقا لبيانات البنك الفيدرالي الألماني، أي البنك المركزي.
التحول الاقتصادي
وقال شنايدر إنه يتوقع نموا اقتصاديا كبيرا في أنحاء شرق ألمانيا التي يعتبرها مركزا للاستثمارات في مجال أشباه الموصلات، حيث أن شركة الرقائق الأمريكية العملاقة "انتل" تخطط لإنشاء مصنع للرقائق بقيمة 30 مليار يورو في مدينة ماغديبورغ، عاصمة ولاية ساكسونيا أنهالت، في واحدة من أكبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تاريخ ألمانيا.
وأضاف "سوف تتخذ ولايات شرق ألمانيا خطوات متسارعة لكي تلحق بركب الصناعة والوظائف خلال العقود المقبلة، لا يمكن أن ينجح التحول في الطاقة في ألمانيا إلا من خلال شرق البلاد بفضل موقعها الإنتاجي الرئيسي للطاقة المتجددة".
ومع ذلك، قال مكتب الإحصاء الفيدرالي إنه من المتوقع أن يتراجع عدد الأشخاص في سن العمل في شرقي ألمانيا بشكل واضح في العقود المقبلة.
وقالت المكتب إنه في نهاية عام 2022، كان هناك حوالي 51,4 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاما في جميع أنحاء ألمانيا، منهم 7,2 مليون يعيشون في ولايات شرق ألمانيا باستثناء برلين. وسيشهد العقدان القادمان انخفاضا في عدد هذه الفئة العمرية في شرقي البلاد بما يتراوح ما بين 560 ألف و1,2 مليون في حين سيبلغ هذا الرقم 2,1 مليون بحلول عام 2070.
وفيما يتعلق بغرب ألمانيا، كان من المتوقع أن تشهد الولايات في غربي البلاد انخفاضا مماثلا، إلا أن ارتفاع معدلات الهجرة، قلل من تداعيات ذلك بشكل لافت وجعل القضية أقل أهمية مقارنة بالولايات الشرقية.
التعددية وتزايد دعم اليمين الشعبوي!
وفي إجابته على سؤال عن أسباب الدعم المتزايد لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي بين سكان شرق ألمانيا، أكد شنايدر على أن هناك تفوقا دائما للأحزاب الديمقراطية في جميع الانتخابات في شرقي البلاد. ورغم اعترافه بخطر تزايد شعبية الأحزاب اليمينية، إلا أنه قال: من المهم عدم اختزال سكان شرق ألمانيا في دعم فئة منهم لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي.
الجدير بالذكر أن دراسة حديثة أجرتها جامعة لايبزيغ كشفت عن أن حوالي ثلث سكان شرق ألمانيا يعتقدون أن هناك حاجة إلى "زعيم قوي" لحكم البلاد فيما يعتقد 60 بالمائة منهم أن عدد الأجانب في البلاد مرتفع للغاية.
من جانبه، أشار شنايدر إلى زيادة معدلات الشمولية والتنوع في شرق ألمانيا، قائلا إن نسبة الألمان المولودين خارج ألمانيا ويعيشون في مدينة إرفورت، مسقط رأسه، قد ارتفعت من 2 بالمائة قبل 10 سنوات إلى 18بالمائة في الوقت الراهن. وقال إن "التعرف على أشخاص من ثقافات مختلفة سوف يساعد على زيادة الوعي ما يمهد الطريق أمام اختفاء الأحكام المسبقة بسرعة كبيرة".
مدى نجاح الوحدة؟
وكشف التقرير السنوي الذي يسلط الضوء الوحدة الألمانية عن أنه في الولايات التي كانت تشكل "جمهورية ألمانيا الشرقية السابقة"، يتمتع "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي بحضور في المناطق الريفية، التي تعاني في كثير من الأحيان من تقلص في عدد السكان وانخفاض مستويات الخدمات العامة.
من جانبه، قال شنايدر إن الاختلافات بين المناطق الحضرية والريفية في جميع أنحاء ألمانيا أكثر وضوحا في شرقي البلاد، معترفا بأن وجود تباين في الأراء بين سكان شرقي البلاد وغربها حيال نتائج الوحدة خاصة وأن استطلاعا حديثا كشف عن أن 57 بالمائة من الألمان يعتقدون أن شطري البلاد لم "ينموا معا".
وفي ذلك، شدد شنايدر على أن الإجراءات السياسية ليست كفيلة لوحدها لتجاوز كافة الفوارق، مضيفا أنه "يجب أن ينبع ذلك من المجتمع نفسه وان يُظهر الاهتمام به. أعتقد أن العديد من سكان شرقي البلاد يشعرون في كثير من الأحيان بالخداع إلى حد ما ومعاملتهم باستعلاء، رغم غياب أي سبب لهذا الاعتقاد. لذا أرغب في تعزيز التبادل والمعرفة بين سكان شرقي البلاد وغربها".
فيرينك جال / م. ع
في صور..ألمانيا تحتفل بـ33 عاماً على الوحدة
قوة الشارع وزلة لسان ولدت المستحيل. الوحدة الألمانية ولدت في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989، ولم تكتمل إلا بعد 328 يوماً، كانت مليئة بالأحداث التي مهدت للحدث التاريخي الكبير. ملف الصور التالي يسلط الضوء على حقبة حاسمة.
صورة من: Gregor Fischer/Pool AP/dpa/picture alliance
حضور شعبي كبير لاحتفالات الوحدة
احتضنت ولاية هامبورغ احتفالات النسخة 33 من الوحدة الألمانية. ووصل عدد الأشخاص الذين حضروا المهرجان الشعبي الذي استغرق يومين بمناسبة الاحتفال المركزي بيوم الوحدة الألمانية في هامبورج، إلى نحو 700 ألف شخص. وذلك رغم الرياح وهطول الأمطار.
صورة من: Jonas Walzberg/dpa/picture alliance
33 عاماً على الوحدة
تحتفل ألمانيا سنويا في ثالث أكتوبر تشرين أول بالوحدة الألمانية وهذا العام تنظم ولاية هامبورغ النسخة 33 للاحتفال. ويقبل السياح الأجانب والمواطنون الألمان بمئات الآلاف للمشاركة في الاحتفالات الرسمية والشعبية التي تقام كل عام بولاية من ولايات ألمانيا الستة عشر.
صورة من: Norbert Michalke/imageBROKER/picture alliance
الاحتفال بـ"الثورة السلمية"
بعد أن عيّن مستشاراً، احتفل في عام 2020 أولاف شولتس بيوم الوحدة الألمانية في مسقط رأسه هامبورغ. وفي كلمته قال: "بثورتهم السلمية، تغلب مواطنو ألمانيا الشرقية على الحدود حرفيًا - وأعطوا بلادنا وحدتها في سلام وحرية".
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Charisius
"الفوارق لا تزال كبيرة"
تظهر استطلاعات الرأي المتعاقبة، أن غالبية الألمان لا يزالون على اقتناع أن الفوارق بين المناطق التي كانت تشكل ألمانيا الشرقية وبين ألمانيا الغربية لا تزال كبيرة. وذلك رغم الانجازات التي تحققت على درب إدماج شرق ألمانيا منذ توحيد شطري البلاد. (الصورة لبقايا جدار برلين في العاصمة).
صورة من: Winfried Rothermel/picture alliance
زلة لسان !
في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989، أعلن عضو مكتب الحزب الحاكم بجمهورية ألمانيا الشرقية سابقا غونتر شابوفسكي عن اعتماد قانون يسمح لمواطني ألمانيا الشرقية بالتنقل عبر النقاط الحدودية، ما أدى إلى اندفاع آلاف الألمان من برلين الشرقية إلى المعابر الحدودية، وتم استقبالهم في الجزء الغربي بحماس كبير. ذلك التصريح المثير للجدل أعتبر "زلة لسان".
نهاية جمهورية ألمانيا الشرقية
بعد أربعة أيام من سقوط الجدار، وفي محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، اختار "مجلس الشعب" في ألمانيا الشرقية هانز مودروف رئيسا لمجلس الوزراء، بيد أنه فشل في المهمة.
صورة من: ullstein bild/ADN-Bildarchiv
خارطة طريق الوحدة الألمانية
28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989 أعلن المستشار الألماني الراحل هيلموت كول أمام البوندستاغ عن خطة من عشر نقاط كانت بمثابة خارطة طريق للوحدة الألمانية، وهو دفع ما وزير الخارجية الفرنسي رولان دوما إلى اطلاق تصريح مثير قال فيه إن الألمان يظهرون "غطرسة متزايدة".
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Brakemeier
محاولة إنقاذ فاشلة
في 3 كانون الأول/ ديسمبر 1989 و تحت ضغط التصويت تم تسليم المكتب السياسي واللجنة المركزية في ألمانيا الشرقية. كما استقال أيغون كرينز أمين عام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي الحاكم، الذي حاول إنقاذ دولة ألمانيا الشرقية بتقديم تنازلات مدنية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Peter Kroh
كول يخاطب مواطنيه في ألمانيا الشرقية
19 كانون الأول / ديسمبر 1989 المستشار الألماني هيلموت كول يخطب أمام عشرات الآلاف من الألمان الشرقيين، أمام أنقاض كنيسة "السيدة العذراء" في مدينة دريسدن، ويتحدث عن خطط وحدة الأمة سلميا. خطاب المستشار الألماني الراحل ألهب مشاعر الجماهير، وأثار إعجاب العالم.
صورة من: imago/Sven Simon
سقوط "شتازي" الرهيب
في 15 كانون الثاني/ يناير 1990 أسقطت الانتفاضة الشعبية معظم مقار جهاز أمن الدولة " شتازي"، العديد من الوثائق أتلفت أو اختفت دون معرفة مصيرها قبل اقتحام المتظاهرين للمقار.
صورة من: picture alliance/AP Images/J. Finck
فوز خيار الوحدة
18 آذار/ مارس 1990 أجريت انتخابات مجلس الشعب في ألمانيا الشرقية، وأستطاع هيلموت كول حشد الجماهير، حيث أدى ظهوره في مناطق التجمعات، إلى جذب حوالي مليون شخص في أحد اللقاءات الجماهيرية، ما أدى إلى فوز تحالف كول على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي كان يعتبر الحزب المفضل.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Kroh
المارك كعملة لألمانيا الموحدة
في بون تم التوقيع في 18 أيار/ مايو 1990 على وثيقة تضمنت استبدال عملة ألمانيا الشرقية. وفي الأول من تموز/ يوليو من نفس السنة تم اعتماد عملة المارك الألماني كعملة لألمانيا الموحدة.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مخاوف سوفيتية من ألأمانيا الموحدة
15 و16 تموز/ يوليو 1990. مخاوف القيادة السوفيتية من ألمانيا موحدة في الناتو كانت تشكل إحدى أهم العقبات أمام توحد ألمانيا. لكن إقرار الناتو بتشكيل حلف دفاعي فقط ساهم في تهدئة موسكو، واستطاع هيلموت كول أن يحصل على موافقة الرئيس السوفيتي آنذاك مخائيل غورباتشوف على عضوية ألمانيا الموحدة في الناتو.
صورة من: picture-alliance/dpa
قرار الإنضمام
23 آب/ أغسطس 1990: أعضاء برلمان ألمانيا الشرقية (مجلس الشعب) يقررون انضمام جمهورية ألمانيا الشرقية إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية.
صورة من: ullstein bild/ADN-Bildarchiv
اتفاق " 2 زائد أربعة"
12 أيلول/ سبتمبر 1990: في النهاية بقيت الأمور المالية، حيث عرضت ألمانيا على موسكو مبلغ 12 مليار مارك ألماني، تعويضا عن تكاليف سحب الجيش الأحمر من ألمانيا الشرقية، إلا أن غورباتشوف اعترض على المبلغ. كول بقي متصلبا، لكنه عرض إضافة ثلاثة مليارات مارك إلى المبلغ كقرض، ما ساهم في توقيع ما عرف باتفاق " 2 زائد أربعة" بين الألمانيتين وكلا من الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا.
صورة من: Imago/S. Simon
لحظة رفع العلم الألماني قبالة مبنى "الرايشتاغ" ببرلين
3 تشرين الأول/ أكتوبر 1990: وزراء خارجية القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية يتنازلون في نيويورك عن امتيازات تقسيم المناطق الألمانية، ومجلس الشعب في ألمانيا الشرقية ينعقد لآخر مرة ويعلن انسحاب ألمانيا الشرقية من معاهدة وارسو. الساعة 12 منتصف الليل أرتفع العلم الألماني قبالة مبنى "الرايشتاغ" ببرلين، حيث تجمع هناك قرابة 2 مليون ألماني، ليحتفلوا بالوحدة الألمانية.