1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مقاهي الشيشة في ألمانيا وقانون منع التدخين

شمس العياري١٤ مايو ٢٠٠٨

أصبح تدخين الشيشة في ألمانيا موضة شائعة تلقى إقبالا متزايدا ليس من قبل المهاجرين ذوي الأصول العربية والتركية فحسب وإنما أيضا من قبل الشباب الألمان والأوروبيين. غير أن قانون منع التدخين أصاب مقاهي الشيشة في الصميم.

تدخين الشيشة تحول إلى آخر صيحات الموضة لدى الشباب الألمانيصورة من: picture-alliance/ dpa

انتشر تدخين الشيشة في أوروبا في السنوات الأخيرة بين أوساط الشباب الأوروبي ليصبح بمثابة موضة، إذ فتحت قبل سنوات قليلة أولى مقاهي الشيشة في عدد من العواصم الأوروبية: في لندن وباريس وموسكو وبرلين. وفي ألمانيا أصبحت تدخين الشيشة في عدد بعض المدن جزءا لا يتجزأ من الحياة الليلية. وتحمل مقاهي الشيشة في العادة أسماء شرقية على غرار "علي بابا" و"سمارة" و"القافلة" أو أسماء مدن شرقية مثل "بيروت" أو "إسطنبول". كما أن أصحاب هذه المقاهي هم في العادة من أصول مهاجرة عربية أو تركية.

مقهى بشبه خيمة عربية في ألمانياصورة من: dpa

لكن يبدو أن التيار القادم من الشرق قد هب على ألمانيا في وقت غير مناسب، إذ أن قانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة كالمقاهي مثلا دخل إلى حيز التنفيذ منذ بداية السنة الجارية في عدد من الولايات الألمانية. أما في الولايات المتبقية على غرار ولاية شمال الراين واستفاليا وولاية برلين، فسيدخل قانون حظر التدخين حيز التنفيذ في غضون بعض الأسابيع في شهر يوليو/تموز القادم. ما دفع بعض أصحاب مقاهي الشيشة في ألمانيا الاحتجاج في ألمانيا وذلك خوفا من فقدان مورد رزقهم بين عشية وضحاها. ومن بينهم أبو هشام وهو سوري الأصل، الذي كان قد أفتتح قبل ست سنوات مقهى شيشة وأطلق عليه اسم النواعير تذكيرا بمسقط رأسه مدينة حماة السورية.

جزء من الوطن في أرض الغربة

ويقع مقهى النواعير في مكان هادئ على هضبة وسط مدينة بادغوديسبيرغ الواقعة على ضفاف نهر الراين في مدينة بون الألمانية. وتغطي نوافذ المقهى ستائر سميكة قرمزية اللون. أما على مدخل المقهى الضيق فقد عُلقت لافتة، كُتب عليها باللغتين العربية والألمانية: "يُمنع تدخين الشيشة لأقل من ثمانية عشر عاما". في حين نُصبت في مدخل مقهى النواعير واجهتين زجاجيتين مضاءتين، حيث يعرض عدد من الشيشات "الأرجيلات" بمختلف الأحجام والألوان وعلب من التبغ بمختلف النكهات والألوان.

عدد متزايد من البنات الألمانيات يقبلن على تدخين الشيشةصورة من: Illuscope

انبعثت موسيقى عربية من جهاز تلفاز بشاشة مسطحة وكبيرة، مضفية جوا من الطرب، إضافة إلى روائح متنوعة كرائحة التفاح والمشمش والنعناع تعبق المقهى. وجابت سحب الدخان فضاء المقهى وعانق المصابيح الخافتة المعلقة في سقف المقهى. في حين ذكرت مخدات حمراء ومقاعد مريحة وزرابي مزركشة الزائر بخيمة بدو في قلب الصحراء العربية.

جلس عدد من رواد المقهى لارتشاف القهوة العربية من فناجين صغيرة، في حين شرب البعض الآخر كؤوس من الشاي الأخضر بالنعناع. اللافت أن غالبية رواد المقهى من الشباب الأوروبي، كالفتاة الأوكرانية أولغا التي أتت لمقهى النواعير لتدخن الشيشة لأول مرة في حياتها. لذلك أتى أبو هشام، صاحب المقهى، خصيصا ليشرح لها كيفية تدخين الشيشة.

على الطاولة المجاورة تجلس روزالين مع شقيقها الأصغر محمود. الشابة الكردية تعرف الشيشة منذ نعومة أظافرها خلال رحلاتها القصيرة إلى وطن الأصل سورية. وعلى الرغم من أن روزالين تمتلك في المنزل شيشة خاصة بها، إلا أنها تحرص على القدوم إلى مقهى النواعير مرتين في الشهر على الأقل. وتقول روزالين إن مقهى النواعير بأجوائها الشرقية تذكرها بوطنها سورية. أما شقيقها محمود فإنه يأتي إلى المقهى لملاقاة والتعرف على البنات، اللواتي اكتشفن موضة تدخين الشيشة على غرار الألمانية ناتالي، التي ولعت بتدخين الشيشة وبالموسيقى العربية.

وتتوافد الشابات الألمانيات على مقاهي الشيشة في ألمانيا، حيث تحولت هذه المحلات إلى مكان لتلاقي الشباب والتعارف بين بعضهم البعض. كما يفضل عدد من المسلمين الملتزمين الذهاب إلى مقاهي الشيشة بدلا عن الحانات أو الملاهي الليلية، فمقاهي الشيشة لا تقدم في العادة إلا مشروبات عربية أو تركية غير كحولية.

قانون منع التدخين يهدد وجود الشيشة في الحياة العامة في ألمانيا

حسب القانون الجديد فإنه سيحظر تدخين الشيشة في كل الأماكن العامة المغلقةصورة من: AP

غير أن هذا الإقبال تأثر بقانون منع التدخين في الأماكن العامة المغلقة، الذي سيشمل أيضا مقاهي الشيشة في ألمانيا، وقد دخل بالفعل حيز التنفيذ في بعض الولايات الألمانية. أما بالنسبة لولاية شمال الراين واستفاليا فمن المنتظر أن يدخل قانون منع التدخين في بداية شهر يوليو/حزيران القادم حيز التنفيذ. وبعد هذا الأجل يتعين على المطاعم والمقاهي والأماكن العامة المغلقة الالتزام بحظر التدخين. بيد أنهم بإمكانهم إنشاء غرفة مغلقة ومنعزلة خاصة يُسمح فيها بالتدخين.

وعند مخالفة الحظر فإنه يتعين على أصحاب مقاهي الشيشة دفع غرامات مالية تقدر بخمسمائة يورو على الأقل. وهو أمر يؤرق أبو هشام، صاحب مقهى النواعير، الذي عبر عن استيائه من القانون الجديد. ويقول أبو هشام إن مقهى الشيشة مكان جُعل للتدخين وإن من يتردد على محله هم من المدخنين. وأضاف أبو هشام أنه عندما يقسم المقهى إلى مكان خاص للمدخنين وآخر لغير المدخنين فإنه سيفقد على الأقل نصف الزبائن. كما أن عددهم سيتراجع، الأمر الذي قد يدفعه إلى غلق المقهى

"الشيشة تحتوي على نفس المواد الضارة بالصحة"

لأصحاب مقاهي الشيشة يعتبر قانون منع التدخين بمثابة الكارثةصورة من: dpa

ويأتي قانون منع التدخين بعد قرارات مشابهة اتخذت في إيطاليا ومالطا والنرويج وإسبانيا والسويد وبريطانيا وفرنسا. ويأتي هذا القانون نظرا للأضرار الصحية التي يسببها التدخين للمدخنين ولغير المدخنين الذين يستنشقون الدخان، فحسب المركز الألماني للتوعية الصحية فإن الشيشة تحتوي على نفس المواد الضارة بالصحة، التي يفرزها تدخين السيجارة، وبالتالي فإن الدخان المنبعث عند تدخين الشيشة يضر كذلك بغير المدخنين المتواجدين بالقرب من المدخنين. كما أن المواد المنبعثة من السيجارة أو التبغ المحترق تتسبب في التأثير سلبا على الجهاز النفسي وانسداد الشرايين وارتفاع الضغط الدموي وغيرها من الأمراض. وفي النهاية يبقى على أبو هشام أن يجد حلا في غضون بعض الأسابيع: ففي فصل الصيف بإمكانه تقديم الشيشة لزبائنه خارج المقهى بشرط أن يبقى الجو صافيا طيلة هذه الفترة وهو أمر غير أكيد في ألمانيا.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW