1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"مقاومة خلاقة ضد الجدران والأسلاك الشائكة الإسرائيلية"

١٤ ديسمبر ٢٠١٤

قامت قرية بلعين الفلسطينية بدور ريادي على الدوام في المقاومة غير العنيفة في الأراضي الفلسطينية. الناشط الفلسطيني عبد الله أبو رحمة يتحدث في هذا الحوار مع موقع قنطرة عن المقاومة الفلسطينية السلمية.

Bilder zum Vorbericht der Papstreise Nahost
صورة من: DW/T.Krämer

يثير مصطلح "المقاومة الفلسطينية" تصورات ترتبط بالعمليات الانتحارية وبرماة الحجارة الشباب. ومع ذلك تعتبر المقاومة غير العنيفة في فلسطين منذ فترة طويلة حقيقة واقعية. وضمن هذا السياق لعبت قرية بلعين الفلسطينية دورا رياديا على الدوام. لاورا أوفرماير تحدثت إلى عبد الله أبو رحمة -منسق "اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلعين" وأحد مؤسسيها- حول المقاومة الفلسطينية السلمية وأجرت معه لموقع قنطرة الحوار التالي:

السيّد عبد الله أبو رحمة، أنت تعمل منذ عدة أعوام في المقاومة غير العنيفة وتُعَدّ من أبرز الناشطين في فلسطين. فكيف حصلت على هذا الدور؟

عبد الله أبو رحمة: لقد شاركتُ في المقاومة غير العنيفة خلال الانتفاضة الأولى في الثمانينيات وفي فترة دراستي في التسعينيات. ولكن في الحقيقة لقد أصبحت ناشطًا في عام 2002، عندما أعلنت إسرائيل عن نيتها بناء جدار فاصل "له علاقة بالأمن" ويفصلها عن الضفة الغربية.

بلعين كمركز للمقاومة غير العنيفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة - يقاوم أهالي هذه القرية منذ عدة أعوام ضدّ مصادرة أراضيهم. وحتى الآن فقدوا ستين في المائة من أراضيهم بسبب بناء الجدار الإسرائيلي العازل. وفي الأراضي التي ضمتها إسرائيل تم بناء مستوطنة يهودية.صورة من: picture-alliance/dpa

وعندما بات من المعروف في عام 2004 أنَّ "جدار الفصل العنصري" هذا سوف يخرج عن مساره الأصلي على امتداد الخط الأخضر وسيقتطع من قريتي أكثر من نصف أراضيها، قرَّرت أنا وأصدقائي أنَّ الوقت قد حان من أجل العمل. فالكثيرون من الناس في بلعين يعيشون على الزراعة، وفقدان أراضيهم يعني فقدان مصدر رزقهم.

لذلك قمتم بتأسيس "اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلعين…

أبو رحمة: هذا صحيح. لقد التقينا بناشطين إسرائيليين ودوليين وبدأنا بتخطيط نشاطاتنا غير العنيفة. وعندما اقتربت الجرافات في صباح العشرين من شباط/ فبراير 2005، لتبدأ بجرف حقولنا من أجل بناء الجدار الفاصل، كنا مستعدِّين لمظاهرتنا الأولى. وقد انتهت هذه المظاهرة -مثل جميع المظاهرات التي تلتها في الأيام والأسابيع والأعوام التالية- بأعمال عنف من جانب الجنود الإسرائيليين.

لكننا لم ندع ذلك يحبطنا وواصلنا نشاطنا -في البداية بشكل يومي وبعد بضعة أشهر بشكل أسبوعي، لكي لا يصبح ذلك روتينًا. وهكذا نفعل منذ ذلك الحين: كلَّ يوم جمعة بعد الصلاة نخرج في مظاهرة عند الجدار الفاصل.

هل يعني هذا أنَّكم تقومون كلَّ يوم جمعة بالإجراء نفسه؟

أبو رحمة: لا، خاصة في البداية كنا مبدعين جدًا. كنا نفكِّر دائمًا بنشاطات جديدة لكي نثير اهتمام وسائل الإعلام ونحمل المزيد من الناس -من فلسطين وإسرائيل أو من الخارج- على المشاركة والتضامن معنا. تشبثنا بأشجار الزيتون القديمة القيِّمة وأعقنا بكلِّ طريقة ممكنة عمليات التدمير الإسرائيلية.

في وقت لاحق، عندما تم بناء أوَّل سياج مؤقَّت فوق أراضينا، قرَّرنا أن نفعل ما تفعله إسرائيل وأن نقيم "مستوطنة" على الجانب الآخر من السياج. وضعنا هناك حاوية (كونتينر) كانت تتم إزالتها مرارًا وتكرارًا من قبل الجنود الإسرائيليين وكان يتم استبدالها مرارًا وتكرارًا من قبلنا. ذهبنا إلى المحكمة وأوضحنا أنَّ هذه الحاوية غير قانونية تمامًا مثل الخمسمائة "بؤرة استيطانية" (المستوطنات غير المعترف بها حتى الآن من قبل إسرائيل) الموجودة في الضفة الغربية. وقلنا بما أنَّه لن تتم إزالتها، فلن يكون لديهم أي حقّ لإزالة الحاوية الخاصة بنا.

حصلنا على تصريح مؤقَّت، يسمح لنا بدخول حاويتنا وبالتالي دخول أرضنا أيضًا على الجانب الآخر من السياج. وأصبحت هذه الحاوية نقطة التقائنا وقد قمنا بتنظيم العديد من النشاطات هناك، على سبيل المثال جعلناه مكانًا للمشاهدة العامة خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2006. ومثل هذه النشاطات أكسبتنا اهتمامًا دوليًا وأدَّت في نهاية المطاف إلى نجاح لجنتنا.

وكيف كان يبدو بالتحديد شكل هذا النجاح؟

أبو رحمة: مباشرة في بداية نشاطاتنا بحثنا عن محامٍ إسرائيلي ليدافع عن قضيتنا أمام القانون الإسرائيلي. وأخيرًا في الرابع من شهر أيلول/ سبتمبر 2007، جاء الخبر العظيم الذي يفيد بأنَّ المحكمة العليا قد حكمت لصالحنا: بأنَّ الجدار يفصل قريتنا بشكل غير قانوني عن أراضينا وأنَّ "لأسباب الأمنية" المقدَّمة من أجل ذلك غير مقبولة. وأنَّ الجدار الفاصل في هذا الشكل يجب أن يتم هدمه.

لقد كان هذا نجاحًا كبيرًا - ليس فقط بالنسبة لبلعين، بل أيضًا بالنسبة لمبدأ المقاومة غير العنيفة. لو أنَّنا لم نكن نعمل على نشر قضيتنا والتعريف بها بشكل مستمر، لكنا على الأرجح سوف نخسر.

على الرغم من هذا النجاح أمام المحكمة، إلاَّ أنَّ الاحتجاجات كلّ يوم جمعة لا تزال مستمرة حتى اليوم. فما هي مطالبكم؟

أبو رحمة: صحيح أنَّ هذا القرار صدر في الواقع لصالحنا، ولكن الإسرائيليين لم يكونوا يظهرون أية استعدادات لإزالة السياج المبني. وفي الحقيقة لقد حدث ذلك فقط في شهر حزيران/ يونيو 2011، ولكن المسار الجديد لجدار الفصل -الذي تم بناؤه هذه المرة كجدار خرساني- لا يزال يصادر خمسة وعشرين في المائة من أراضينا.

نحن نتظاهر ضدّ استمرار سرقة الأراضي وبناء المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية. نتظاهر ضدّ الجدار، الذي يفصل بيننا وبين أصدقائنا وأقاربنا. ونتظاهر ضدّ القمع والتمييز بحقّ الشعب الفلسطيني وضدّ الاحتلال بشكل عام. وبلعين هي نموذج ونحن لا نستطيع ببساطة أن نوقف احتجاجاتنا.

في هذه الأثناء لم تعد بلعين المكان الوحيد في الضفة الغربية، الذي يعتمد أساليب المقاومة غير العنيفة...

أبو رحمة: هذا صحيح، فقد بدأت تحذو حذونا أيضًا وبشكل تدريجي قرى أخرى تعاني من أوضاع مشابهة، هي: نعلين والنبي صالح وكفر قدوم والمعصرة. نحن ندعم هذه القرى بأحسن ما يمكننا، لأنَّنا جميعنا نقف في نهاية المطاف أمام هدف واحد.

وبالإضافة إلى ذلك نقوم منذ فترة بتنظيم مؤتمر سنوي حول أشكال المقاومة غير العنيفة ونشارك في نشاطات أخرى داخل الضفة الغربية، مثل مخيمات الاحتجاج التي يتم تنظيمها منذ شهر كانون الثاني/ يناير 2013. كان مخيَّم "باب الشمس" الأوَّل من هذا النوع: أقمنا مخيمًا فيما يعرف باسم "المنطقة إي 1" في القدس الشرقية، من أجل الاحتجاج على خطط إسرائيل للبناء في هذا الممر الأخير بين القدس والضفة الغربية. وبعد يومين فقط تم فضّ هذا المخيم وهدمه بعنف واعتقال الكثيرين من الناشطين. ولكن هذا النشاط أثار اهتمامًا دوليًا كبيرًا. وبعد ذلك كرَّرنا هذا النشاط عدة مرات، كان آخرها في شهر كانون الثاني/ يناير 2014 على أنقاض القرية الكنعانية التاريخية عين حجلة في غور الأردن.

أليست مثل هذه النشاطات غير آمنة...؟

أبو رحمة: ... بلى، هناك تضحيات يجب تقديمها. في التسعة أعوام الماضية أصيب أكثر من ألف وخمسمائة متظاهر في بلعين، وفَقَدَ صديقان عزيزان حياتهما. وتم اعتقال أكثر من مائتي شخص -بعضهم اعتقل عدة مرات.

وأنا شخصيًا تم اعتقالي عام 2009 وحُكم عليّ بالسجن خمسة عشر شهرًا بتهمة "التحريض" و"تنظيم احتجاجات غير مشروعة والمشاركة فيها". وفي هذه الفترة تم اعتقال أكثر من خمسين ناشطًا سلميًا آخر من بلعين. لقد كنتُ محظوظًا وتم إطلاق سراحي قبل قضاء مدة الحكم، بفضل حملة تضامن عالمية قامت بها منظمات حقوق الإنسان وبعض الحكومات الأجنبية. لقد عملت كاثرين أشتون شخصيًا من أجل إطلاق سراحي، وأعربت عن قلقها من إجراءات إسرائيل ضدّ "ممثِّل للمقاومة السلمية". وأنا أوَّل فلسطيني تم منحه من قبل الاتِّحاد الأوروبي لقب "مدافع عن حقوق الإنسان"...

حاورته: لاورا أوفرماير

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: قنطرة 2014

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW