1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مقتل الككلي في ليبيا ـ أزمة جديدة تعكس هشاشة الدولة

سدوس الجهمي
١٤ مايو ٢٠٢٥

يعيد مقتل "رجل الظل" عبد الغني الككلي فتح جراح طرابلس الأمنية، ويكشف عن هشاشة الوضع الأمني في العاصمة الليبية. حادث يهدد بإشعال فتيل نزاعات جديدة بين الميليشيات المتصارعة، ويجعل من المشهد السياسي الليبي أكثر تعقيدا.

ليبيا ـ اضطرابات في طرابلس
مقتل غنيوة يهز طرابلس ويكشف هشاشة المشهد الليبي صورة من: HAZEM AHMED/REUTERS

في مساء الإثنين (السادس من مايو/أيار 2025)، انفجرت العاصمة الليبيةطرابلس بجولة جديدة من العنف المسلح، إثر اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، وأفضت إلى مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ"غنيوة"، قائد جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي.

غنيوة كان يُعد أحد أبرز قادة المجموعات المسلحة التي فرضت نفوذها على طرابلس في السنوات الأخيرة، وأدى مقتله إلى حالة من الذعر والارتباك في الشارع، مع تداعيات محتملة قد تطال البنية الأمنية والسياسية في غرب ليبيا.

على إثر ذلك، سارعت البعثة الأممية إلى التحذير من خطورة الوضع، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار، مشيرة إلى أن استهداف المدنيين قد يُصنّف كجرائم حرب. تحركات ميدانية شملت رفع حالة التأهب الأمني وتحويل الرحلات من مطار معيتيقة إلى مطار مصراتة أكدت أن العاصمة على شفا انفجار أكبر.

اشتباكات دامية في طرابلس.. ما الخلفيات والتداعيات؟

19:21

This browser does not support the video element.

انهيار التوازن بين المجموعات المسلحة

يصف الباحث والأكاديمي بالمركز الأفروـ أسيوي للدراسات الاستراتيجية، عبد العزيز أغنية، طرابلس بأنها تعيش تحت سلطة "مثلث الرعب والسلاح"، حيث تحكمها مجموعات مسلحة تتقاسم النفوذ، بينما فشلت الحكومات المتعاقبة في نزع سلاحها أو دمجها ضمن مؤسسات الدولة على أسس مهنية. هذه المجموعات، حسب أغنية، "إذا اتفقت نهبت، وإذا اختلفت فتكت"، في إشارة إلى الطبيعة المؤقتة لتحالفاتها القائمة على المصالح.

ويُحمل أغنية الحكومة الحالية مسؤولية مباشرة، خاصة مع "تبنيها للعملية أو على الأقل صمتها في بدايتها". هذه الازدواجية في الموقف السياسي، بين "الغياب والتورط"، تكشف هشاشة السلطة التنفيذية في طرابلس، وتُنذر بتآكل شرعيتها، حسب أغنية، خاصة إذا ما فشلت في احتواء تداعيات ما بعد مقتل غنيوة.

انفجار جديد للأزمة الأمنية: تحليل العملية المسلحة

من جهته، يرى الباحث السياسي أحمد الأطرش أن ما جرى لا يمكن اعتباره اشتباكًا تقليديًا بين مجموعات، بل هو "هجوم مسلح منظم" على جهاز دعم الاستقرار، الذي يُعد أحد الأذرع الأمنية الأساسية للحكومة. العملية، بحسب الأطرش، استمرت لأكثر من ثلاث ساعات، وتخللتها اشتباكات عنيفة، ثم هدأت باتفاق هش لوقف إطلاق النار.

ويعتبر الأطرش أن هذه التطورات تعيد إلى الأذهان مشهد انهيار الدولة في عام 2014، وتُظهر أن الأجهزة الأمنية الرسمية ليست "سوى واجهات لميليشيات متحالفة ظرفيًا في غياب مشروع وطني جامع". وفي ظل تراجع دور المجتمع الدولي في إيجاد حل جذري للأزمة الليبية، فإن ليبيا تظل عرضة لانفجارات متكررة، قد تمتد تأثيراتها إلى جوارها الإقليمي، وتهدد الاستقرار في كامل منطقة البحر المتوسط.

خلافات متصاعدة.. هل مازال حفتر حليف القاهرة؟

21:13

This browser does not support the video element.

مقتل غنيوة يؤثر على توازن القوى والنفوذ في طرابلس

كان عبد الغني الككلي يُشكّل توازنًا حساسًا داخل العاصمة الليبية، من خلال شبكة من التحالفات التي ضمنت له السيطرة على مناطق استراتيجية، وحمت حكومة الوحدة من تمردات محتملة. ولذلك فإن مقتله المفاجئ يُحدث فراغًا كبيرًا قد تتسابق مجموعات مسلحة أخرى لسده، ما قد يؤدي إلى اشتباكات جديدة لإعادة رسم خارطة النفوذ، لا سيما مع تصاعد التوتر بين الميليشيات المحلية والمجموعات القادمة من خارج طرابلس.

هذا التحول في موازين القوة لا يُنذر فقط بالفوضى، بل يُشكّل اختبارًا صعبًا لقدرة حكومة الوحدة الوطنية على البقاء كقوة سياسية مركزية، في ظل احتمالات تصدع تحالفاتها مع القوى المسلحة التي تستند إليها.

الأبعاد السياسية: حكومة الوحدة في مهب الريح؟

لطالما اعتمد رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة على غنيوة كأداة أمنية فعالة لتثبيت سلطته في العاصمة، ومواجهة الخصوم السياسيين. رحيل غنيوة يُربك الحسابات، ويُضعف الحكومة أمام الشارع والميليشيات على حد سواء. في هذا السياق، قد تضطر الحكومة إلى فتح قنوات جديدة للتفاوض مع قيادات أخرى، أو البحث عن شركاء جدد في معادلة السيطرة.

في الوقت ذاته، يبدو أن خصوم الدبيبة، سواء في الشرق أو حتى في الغرب، سيسعون لاستغلال هذا الحدث لتقويض شرعيته، وطرح بدائل سياسية تفرض نفسها على الساحة، خاصة في ظل تجدد الدعوات المحلية والدولية لإجراء انتخابات مؤجلة منذ سنوات.

صورة من: Yousef Murad/AP Photo/picture alliance

البعد الدولي والإقليمي: اختبار لردود الفعل

رغم الخطورة البالغة للحدث، فإن ردود الفعل الدولية جاءت باهتة نسبيًا، وهو ما يشير، حسب محللين، إلى أن المجتمع الدولي لا يزال يتعامل معالأزمة الليبية باعتبارها أزمة محلية، يمكن احتواؤها عبر بيانات وتحذيرات. لكن استمرار تآكل المؤسسات الأمنية في طرابلس، وتصاعد التهديدات للمرافق الحيوية مثل المطارات والموانئ، قد يدفع الدول المؤثرة إلى إعادة النظر في سياسة "الاحتواء"، خاصة لما لليبيا من تأثير على ملفي الهجرة والطاقة.

إقليميًا، تتابع دول الجوار الليبي المشهد بحذر، لما له من انعكاسات مباشرة على أمنها القومي، في وقت تتسع فيه الهوة بين القوى الليبية، وتغيب فيه مبادرات التسوية الحقيقية.

لحظة مفصلية في مستقبل ليبيا

مقتل عبد الغني الككلي لا يُعد حادثًا أمنيًا عابرًا، بل هو نقطة تحوّل في مسار الصراع على العاصمة، وقد يُعيد خلط الأوراق بين القوى المتصارعة، محليًا ودوليًا. إن فشل حكومة الوحدة الوطنية في استيعاب هذا الحدث، وضبط تداعياته، قد يُفضي إلى انهيار تحالفاتها، ويدفع البلاد نحو مرحلة جديدة من عدم الاستقرار.
في المقابل، قد يشكل هذا الحدث فرصة لإعادة طرح مشروع أمني وسياسي جديد، إذا ما توافرت الإرادة الوطنية والدولية.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW