مقتل جندي مصري وردود فعل منددة بالغارة الإسرائيلية على رفح
٢٧ مايو ٢٠٢٤
فيما لاتزال ردود الفعل العربية والدولية على الغارة الإسرائيلية على مخيم للنازحين في رفح تتوالى، أعلن الجيش المصري مقتل أحد جنوده في حادث إطلاق نار على الحدود مع قطاع غزة. والأمم المتحدة تطالب بتحقيق شامل وشفاف.
إعلان
قُتل أحد أفراد حرس الحدود المصريين في "إطلاق نار" وقع على الشريط الحدودي اليوم الإثنين (27 آيار/ مايو) بين مصر وقطاع غزة حيث تتواجد قوات اسرائيلية، بحسب ما أعلن الجيش المصري.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش في بيان نشره على صفحته الرسمية على فيسبوك إن "القوات المسلحة المصرية تجري تحقيقا بواسطة الجهات المختصة حيال حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودي برفح ما أدى الى استشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين".
وقبل البيان المصري، أعلن الجيش الاسرائيلي أنه يجري تحقيقا في حادثة "إطلاق نار وقعت على الحدود المصرية"، مؤكدا وجود اتصالات مع مصر بهذا الشأن.
وتتواجد القوات الاسرائيلية في المنطقة الحدودية في قطاع غزة منذ أن بدأت عمليتها العسكرية في رفح قبل أكثر من ثلاثة أسابيع.
القاهرة وعملية رفح
ومنذ بدء الحرب بين حماس واسرائيل في قطاع غزة قي تشرين الأول/ أكتوير، تلعب القاهرة دورا متوازنا بين جميع الأطراف المعنية تسعى من خلاله إلى إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، والتوصل إلى اتفاق هدنة.
ولكن مصر شددت لهجتها إثر بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح حيث كان يتكدّس 1,4 مليون شخص معظمهم من النازحين الذين أمرت إسرائيل نحو مليون منهم بالنزوح - على الرغم من التحذيرات المصرية والدولية - والسيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر الذي يعدّ نقطة العبور الرئيسية للمساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين.
ودانت مصر صباح اليوم "بأشد العبارات" القصف الاسرائيلي لمخيمات النازحين الذي وصفته بأنه "متعمد".
إدانات دولية
في غضون ذلك توالت التنديدات الدولية الاثنين بعد ضربة إسرائيلية أودت بحياة 45 شخصا وإصابة 249 آخرين بجروح في مخيّم للنازحين الفلسطينيين في رفح، وفق السلطات الصحية التابعة لحماس فس قطاع غزة.
وحسب هذه السلطات تسبّبت الغارة في نشوب حريق في "مخيم السلام الكويتي" الواقع في حي تل السلطان في رفح، ما أدّى إلى تحويل الخيام والملاجئ إلى رماد.
يشار إلى أن حركة حماس، وهي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
وحث مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينسلاند الإثنين على إجراء تحقيق "شامل وشفاف في هذا الحادث، ومحاسبة المسؤولين عن أي مخالفات، واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين بشكل أفضل".
أما مفوض حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة فولكر تورك فقال في بيان إن "الصور الواردة من المخيم مروّعة وتشير إلى عدم وجود تغير على ما يبدو في أساليب ووسائل الحرب التي تستخدمها إسرائيل والتي أدت حتى الآن إلى سقوط عدد كبير من القتلى المدنيين"، داعيا أيضا الفصائل الفلسطينية إلى التوقف عن إطلاق الصواريخ و"إطلاق سراح جميع الرهائن فورا ومن دون شروط".
غوتيريش يدعو إلى وضع حد "للفظائع"
دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الضربة الإسرائيلية على مدينة رفح جنوب غزة، وقال الإثنين إن الهجوم "قتل عشرات المدنيين الأبرياء الذين كانوا يبحثون فقط عن مأوى يحميهم من هذا النزاع المميت".
وأضاف غوتيريش في منشور على منصة إكس "لا يوجد مكان آمن في غزة. يجب وضع حد لهذه الفظائع".
كما أكدت دول مجلس التعاون الخليجي الست، اليوم الإثنين، أن استمرار ما وصفتها بـ "العمليات الوحشية" التي تقوم القوات الإسرائيلية وأخرها قصفها مخيم النازحين التابع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في رفح "تشكل جرائم حرب".
كما أدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الاثنين الغارات الجوية "المروعة" على مخيم للنازحين في رفح، وقال إن "إسرائيل تواصل انتهاك القانون الدولي مع الإفلات التام من العقاب وفي تحد لحكم محكمة العدل الدولية".
واشنطن: على إسرائيل "اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة" لحماية المدنيين
حثت الولايات المتحدة إسرائيل اليوم الإثنين على اتخاذ جميع الاحتياطات لحماية المدنيين بعد "صور صادمة" من غارة عسكرية في رفح أودت بحياة عشرات الفلسطينيين.
وقال ناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في بيان "كما أوضحنا، على إسرائيل اتّخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين. نتواصل بشكل نشط مع قوات الدفاع الإسرائيلية والشركاء على الأرض لتقييم ما حصل".
نتنياهو: حادث مأساوي
من جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الإثنين إن غارة جوية أسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين في رفح لم يكن مقصودا أن تُسقط قتلى وجرحى من المدنيين وإنها سيجري التحقيق فيها.
وأضاف في خطاب بالكنيست قاطعته صيحات استهجان من مشرعين معارضين "في رفح، أجلينا بالفعل نحو مليون ساكن غير مقاتل وعلى الرغم من جهودنا القصوى لكيلا نؤذي غير المقاتلين، حدث للأسف شيء خاطئ على نحو مأساوي".
وتابع "نحقق في الواقعة وسنتوصل إلى استنتاجات، لأن هذه سياستنا".
وكان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد صرح الإثنين إن وزراء الخارجية الأوروبيين أعطوا الضوء الأخضر لإعادة تفعيل بعثة حدودية للاتحاد الأوروبي في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة.
وقال "لقد حصلت على الضوء الأخضر من وزراء الاتحاد الأوروبي لإعادة تفعيلبعثة رفح الحدودية"، مضيفا أن مثل هذه المهمة ستحتاج إلى دعم مصر وإسرائيل والفلسطينيين.
ع.أ.ج/ أ.ح/ ز.أ.ب (د ب ا، أ ف ب، رويترز)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance