مقتل خاشقجي.. ضغوط غربية متزايدة والسعودية تسعى لاحتوائها
٢٢ أكتوبر ٢٠١٨
غداة البيان المشترك لكل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، بحث الرئيس الأمريكي مع نظيره الفرنسي قضية خاشقجي، ولم يستبعد رئيس الوزراء الكندي إلغاء صفقة أسلحة للرياض. والسعودية تحاول إحتواء الأزمة عبر إشارات مختلفة.
إعلان
أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية مساء الأحد في قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول قبل ثلاثة أسابيع. وقالت المتحدّثة باسم الرئاسة الأميركية سارة ساندرز في بيان إنّ المكالمة الهاتفيّة جرت بين الرئيسين بمناسبة الزيارة المرتقبة لترامب إلى فرنسا لإحياء الذكرى المائوية الأولى لانتهاء الحرب العالمية الأولى في 1918. وأضافت إنّه خلال المكالمة تطرّق الرئيسان إلى "الظروف المحيطة بالموت المأسوي للصحافي السعودي جمال خاشقجي".
وفي بيان مشترك، قالت فرنسا وألمانيا وبريطانيا الأحد: "لا تزال هناك حاجة ملحة لتوضيح ما حدث بالضبط في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر (بحيث) يتخطى النظرية التي وردت حتى الآن في التحقيق السعودي والتي يجب أن تكون مدعومة بالوقائع لكي تُعتبر ذات مصداقية".
كندا: غير متماسكة وتفتقر إلى المصداقية
وفيما أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن ألمانيا لن تصدر أسلحة للسعودية مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن مصير الصحفي جمال خاشقجي، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في مقابلة تلفزيونية بثّت مساء الأحد أنّه لا يستبعد أن تلغي بلاده صفقة أسلحة ضخمة للرياض بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول. وقال ترودو خلال المقابلة التي سجّلت الخميس إنّ بلاده تعتزم "الدفاع دوماً عن حقوق الإنسان، بما في ذلك مع السعودية".
وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت كندا ستبقي على صفقة التسليح الضخمة المبرمة بينها وبين والسعودية والتي تقضي بشراء الرياض مدرّعات خفيفة من أوتاوا بقيمة 9,9 مليار يورو، قال ترودو إنّه "في هذا العقد هناك بنود يجب اتّباعها في ما خصّ طريقة استخدام ما نبيعه لهم". وأضاف "إذا لم يتّبعوا هذه البنود فمن المؤكّد أنّنا سنلغي العقد".
وذكّر رئيس الوزراء الليبرالي بأنّ هذا العقد الذي انتقدته بشدّة منظمات تدافع عن حقوق الإنسان لم تبرمه حكومته بل الحكومة المحافظة التي سبقتها.
وكانت أوتاوا أعربت العام الماضي عن خشيتها من أن تستخدم الرياض هذه المصفّحات الخفيفة في عمليات قمع في شرق المملكة.
وسجّلت المقابلة مع ترودو يوم الخميس أي قبل أن تؤكّد الرياض فجر السبت أنّ الصحافي المعارض قتل في قنصليتها.
وبعيد هذا الإعلان السعودي قالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند إن الوقائع التي سردتها الرياض "غير متماسكة وتفتقر إلى المصداقية"، مطالبة بإجراء "تحقيق معمّق".
الجبير:وليالعهدلميكنعلىعلم
وصفت السعودية مقتل الصحفي جمال خاشقجي "خطأ كبير وجسيم"، لكنها سعت لحماية ولي عهد المملكة من الأزمة المتفاقمة، قائلة إن الأمير محمد بن سلمان لم يكن على علم بالواقعة. وكانت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من بين أوضح التعليقات الواردة من الرياض حتى الآن. وفي مقابلة مع شبكة فوكس الأمريكية، قدم وزير الخارجية السعودي تعازيه لأسرة خاشقجي. وقال "هذا خطأ فظيع. هذه مأساة مروعة. نقدم تعازينا لهم. نشعر بألمهم... للأسف ارتكب خطأ كبير وجسيم وأؤكد لهم أن المسؤولين سيحاسبون على هذا".
وذكر الجبير أن المسؤولين السعوديين لا يعرفون تفاصيل كيفية مقتل خاشقجي، المواطن السعودي الذي كان مقيما في الولايات المتحدة، ولا مكان جثته. وأشار إلى أن ولي العهد الأمير محمد ليس مسؤولا عن الواقعة. وتابع "كانت هذه عملية تجاوز فيها أفراد سلطاتهم ومسؤولياتهم في النهاية. لقد ارتكبوا خطأ حين قتلوا جمال خاشقجي في القنصلية وحاولوا التستر على الأمر".
وفي السياق نفسه، أجرى الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً بصلاح نجل الصحفي جمال خاشقجي لتعزيته في وفاة والده، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين. وقالت الوكالة إن صلاح عبر عن عظيم شكره لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد على المواساة والتعزية له ولأسرته في الفقيد.
خ.س/م.س (أ ف ب، رويترز، د ب أ)
السعودية ـ أزمات دبلوماسية متلاحقة في عهد ولي العهد الطموح
تزداد حدة الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا بشكل غير مسبوق، غير أن هذه الأزمة ليست الأولى، إذ شهدت الرياض منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد أزمات دبلوماسية مع دول بينها ألمانيا بسبب ملفات أبرزها ملف حقوق الإنسان.
صورة من: picture-alliance/dpa/SPA
الأزمة بين مونتريال والرياض
االأزمة بين السعودية وكندا هي أحدث الأزمات الدبلوماسية في عهد محمد بن سلمان والتي بدأت بسبب انتقادات وجهتها السفارة الكندية للمملكة بشأن حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي. الأمر الذي اعتبرته السعودية تدخلاً في شؤونها الداخلية واتخذت قرارات تصعيدية تجاه كندا مست الطلاب السعوديين الدراسين هناك والمرضى والرحلات الجوية.
صورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press
سحب السفير السعودي من برلين
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2017، استدعت السعودية سفيرها في برلين، عندما انتقد وزير الخارجية آنذاك زيغمار غابريل السياسة الخارجية السعودية تجاه كل من لبنان واليمن. وبعدها قامت الرياض بسحب سفيرها من ألمانيا، ولم يتم إرجاعه لحد الآن، بالرغم من إبداء الحكومة الألمانية حينها رغبتها في عودة السفير السعودي إلى برلين، كما عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية عن أملها في العمل على تحسين علاقات الجانبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
الأزمة مع قطر بتهمة دعم الإرهاب
بدأت الأزمة مع قطر قبل أكثر من عام عندما أطلقت فضائيات ومواقع إماراتية وسعودية هجوماً كاسحاً على الدوحة متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر والسعودية والإمارات والبحرين تنظيماً إرهابياً. على إثر ذلك قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، وشنت حملة حصار عليها لاتزال مستمرة. من جهتها نفت قطر دعم أي تنظيم متطرف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
الخلاف مع لبنان بسبب الحريري
الأزمة مع لبنان بدأت إثر اعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض، وظهر التصعيد بعد إقرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعرض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاحتجاز هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما أدى إلى نشوب توتر في العلاقات بين البلدين. من جهته نفى الحريري والرياض احتجازه في السعودية رغما عنه. وبعد تدخل دولي شارك فيه ماكرون غادر الحريري المملكة وعدل عن استقالته.
صورة من: picture-alliance/ MAXPPP/ Z. Kamil
بين طهران والرياض أكثر من خلاف
الأزمة السعودية مع إيران وصلت إلى أشدها بعد أن قام محتجون في طهران باقتحام مبنى السفارة السعودية احتجاجاً على قيام المملكة بإعدام الزعيم الشيعي البارز نمر باقر النمر . ويذكر أنه قد تم اضرام النار في أجزاء من مبنى السفارة وتدمير أجزاء أخرى في الهجوم عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على خمسين شخصاً من جانب السلطات الإيرانية، ودفع السعودية مطلع عام 2016 إلى قطع علاقاتها مع إيران.
صورة من: Reuters/M. Ghasemi
تركيا والخلاف حول زعامة العالم الإسلامي
بالرغم من تاريخ العلاقات التركية السعودية التي تميزت في كثير من الأحيان بتعاون اقتصادي وتعاون عسكري، إلا أن تصريحات بن سلمان بشأن تركيا كشفت النقاب عن خلافات جوهرية بين البلدين. ومما جاء في هذه التصريحات أنه "يوجد ثالوث من الشر، يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة ".
الخلاف مع مصر تسبب بعقوبة نفطية
قبل تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت العلاقات السعودية المصرية توتراً منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وذلك عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب. كما وقعت مصر والمملكة اتفاقية تؤول بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى الرياض، تبعتها احتجاجات مصرية. وكان الرد السعودي وقف تزويد القاهرة بشحنات شهرية من منتجات بترولية.
صورة من: picture-alliance/AA/Egypt Presidency
السويد تتهم الرياض بأساليب القرون الوسطى
في آذار/ مارس 2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخصت بالذكر منها القيود المفروضة على النساء ووصف حكم القضاء السعودي بجلد المدون السعودي المعارض رائف بدوي بأنه من "أساليب القرون الوسطى". إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/TT News Agency/Annika AF Klercker