مقتل وجرح العشرات في أحدث اشتباكات في العاصمة الليبية
٢٧ أغسطس ٢٠٢٢
في إحصائيات "أولية"، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية أنّ المعارك التي اندلعت في طرابلس خلفت عشرات الضحايا. وتثير هذه الاشتباكات مخاوف من اندلاع حرب جديدة في ليبيا في ظل وجود حكومتين متنافستين.
إعلان
أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وقوع عشرات الضحايا جراء الاشتباكات التي اندلعت في العاصمة الليبية، مؤكدة في بيان لها مساء اليوم السبت (27 أغسطس/ آب 2022) مقتل 13 شخصاً، وإصابة 95، فيما غادر 38 شخصاً المستشفيات بعد تلقيهم الرعاية الطبية.
وتثير هذه الاشتباكات مخاوف من اندلاع حرب جديدة في ليبيا، التي تعيش بالفعل حالة من الفوضى في ظل وجود حكومتين متنافستين.
في غضون ذلك ذكرت وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ" أن العاصمة الليبية تشهد هدوءا حذرا بعد توقف الاشتباكات التي اندلعت منذ ليلة البارحة واستمرت أغلب اليوم السبت.
وتواترت أنباء متطابقة تشير إلى انسحاب القوات الداعمة لحكومة فتحي باشاغا، في المحاور الأربعة التي اشتعل فيها القتال، ففي وسط طرابلس، تمكنت قوة دعم الاستقرار التابعة للدبيبة من السيطرة على معسكر 777 بعد انسحاب قوة تابعة لباشاغا منه.
وفي مدخل العاصمة الغربي، انسحبت قوات باشاغا بعد تقدمها نهارا إلى ما بعد جسر الـ 17. وفي المدخل الجنوبي للمدينة، لم تتمكن قوات باشاغا التي يقودها اللواء أسامة جويلي من دخول المدينة، في الوقت الذي انتشرت فيه أنباء "لم يتم التثبت منها بعد" تفيد باستخدام قوات الدبيبة طائرات مسيرة لصد قوات جويلي.
وفي شرق المدينة، تمكنت القوات الداعمة للدبيبة من صد قوات باشاغا القادمة من مدينة مصراتة والمتجهة نحو طرابلس، بعد اشتباك سريع وقع بينهما في مدينة زليتن (175كيلومترا شرق طرابلس).
وأظهرت مقاطع مصورة حجم الخراب الذي حل بالممتلكات العامة والخاصة وسط المدينة، ومن ضمنها مبنى البريد الرئيسي وأحد مقار السجل العقاري، بالإضافة لبعض المرافق الصحية والخدمية والمنازل والسيارات.
وكانت الاشتباكات قد بدأت وسط طرابلس منذ ليلة البارحة بين الكتيبة 777 بقيادة هيثم التاجوري، وقوة حماية الدستور، بقيادة، عبد الغني الككلي، المعروف بغنيوة والداعم لحكومة الدبيبة. واندلعت اشتباكات أخرى بمنطقة جنزور بالضاحية الغربية لطرابلس، بالقرب من جسر الـ 17، على بعد 17 كيلومتراً من وسط المدينة.
وسرعان ما أخذ القتال طابعا سياسيا على خلفية الصراع بين الحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة، فتحي باشاغا، والتي تريد دخول العاصمة، وحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، المتمترسة في طرابلس.
واتهمت حكومة الوحدة الوطنية رئيس الحكومة المنافسة فتحي باشاغا الموجود في سرت(وسط)، بتنفيذ "ما أعلنه... من تهديدات باستخدام القوة للعدوان على المدينة".
يحظى باشاغا بدعم خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا الذي حاولت قواته احتلال العاصمة في 2019.
خ.س/أ.ح (د ب أ، أ ف ب)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة