بالرغم من جميع الحظر لا تزال المكونات الغربية تدخل في صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية، والرئيس الأوكراني زيلينسكي يوجه اتهامات خطيرة للغرب. فأين يكمن الخلل وهل فشلت العقوبات الغربية ضد روسيا؟
أوكرانيا خاركيف 2025، شظايا من طائرات شاهد بدون طيارصورة من: Viacheslav Madiievskyi/Ukrinform/ABACA/picture alliance
إعلان
لا تكاد تمر ليلة على أوكرانيا دون أن تتعرض لهجوم جوي مكثف من روسيا. في ليلة الأحد وحدها قُصفت أهداف في عمق الأراضي الأوكرانية بنحو 500 طائرة مسيرة و50 صاروخا. ويبدو أن العديد من هذه الصواريخ تحتوي على مكونات غربية المنشأ. وأشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى ذلك في خطاب بالفيديو في بداية الأسبوع. ويتعلق الأمر بشرائح دقيقة وأجهزة استشعار ومحوّلات ومكونات أخرى عالية التقنية والتي وجدت طريقها إلى روسيا رغم العقوبات.
وحسب زيلينسكي تم ضبط أكثر من 100 ألف مكوّن مصنّع في الخارج بعد هجوم الأحد وحده. وتأتي هذه المكونات في الأصل من الولايات المتحدة وألمانيا ولكن أيضا من دول أوروبية أخرى إلى جانب الصين وتايوان.
وانتقد الرئيس حلفاءه الغربيين بشدة: فمعظم هذه المكونات مدرجة على قوائم العقوبات الدولية ولا يجوز تصديرها إلى روسيا. وكتب زيلينسكي على X: "إذا توقفت بعض الدول عن خططها المشينة الواضحة لتزويد روسيا بمكونات مهمة لإنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة فإن التهديد الروسي سينخفض بشكل كبير".
أكثر من 70 في المائة من إنتاج رقائق الكمبيوتر في العالم يتم الآن في شرق وجنوب شرق آسيا.صورة من: picture alliance/dpa
طرق متشابكة على الرغم من العقوبات
"يجب القول إن ضوابط التصدير على العديد من هذه السلع قد فُرضت منذ بداية الهجوم الروسي الكبير أي منذ ربيع عام 2022"، يوضح بنجامين هيلغنستوك، خبير العقوبات في كلية كييف للاقتصاد. "وقد تم تشديدها لاحقا وتوسيع نطاقها لتشمل مجموعات منتجات أخرى ولكنها في الأساس موجودة طوال فترة هذه الحرب".
وأقرّ الاتحاد الأوروبي وحده في المجموع 18 حزمة عقوبات ضد روسيا خلال السنوات الثلاث ونصف الماضية. وفي يوليو 2025 فقط شدد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير حظر التصدير على ما يسمى بالسلع ذات الاستخدام المزدوج وهي المنتجات التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية على حدّ سواء.
ومع ذلك "لا تزال هذه المكونات تصل إلى روسيا بطرق متعرجة"، كما يقول هيلغنشتوك. في معظم الأحيان يتورط في ذلك عدد كبير من الوسطاء مثلا في الصين والإمارات العربية المتحدة وتركيا وكازاخستان أو دول القوقاز. "في كثير من الحالات تبيع شركة غربية مكوناتها بشكل قانوني تماما إلى شريك تجاري في بلد آخر. والأخير بدوره يبيعها إلى آخر وهكذا دواليك حتى تصل في النهاية إلى شخص يبيعها إلى روسيا ويشحنها إليها".
السلع أصبحت أكثر تكلفة وأقل توفرا وأسوأ جودة: العقوبات المفروضة على روسيا أثرت بشكل واضح، كما يرى بنجامين هيلغنستوك.صورة من: YURI KADOBNOV/AFP/Getty Images
إمكانيات وصول محدودة
مشكلة معروفة منذ فترة طويلة ولهذا السبب بدأ الاتحاد الأوروبي بالفعل في فرض عقوبات على الوسطاء في الدول الثالثة الذين يبيعون المنتجات إلى روسيا. لكن: "هذا بالطبع لعبة القط والفأر، لأنه من السهل نسبيا إنشاء وسيط جديد على بعد ثلاثة أبواب في نفس الممر"، كما يوضح بنجامين هيلغنستوك. وقد قام هو وزملاؤه بالفعل في يناير 2024 بتحليل العديد من نقاط الضعف في نظام العقوبات الدولي في دراسة.
ومما يزيد الأمر تعقيدًا "أن العديد من هذه الأجزاء لا تُنتج في الغرب. قد تكون من إنتاج شركات غربية ولكنها غالبا ما تُصنع في مصانع خارجية في جنوب شرق آسيا. وبالتالي فإن هذه المكونات لا تمر ماديا في أي وقت من الأوقات عبر أراضي الاتحاد الأوروبي". وهذا يجعل من المستحيل تقريبا على سلطات مراقبة الصادرات الأوروبية مثل الجمارك التحقق من مسارات تصدير هذه المكونات.
إعلان
عدة نقاط ضعف، ولكن لا يوجد فشل
يوفر هذا النظام لروسياثغرات كبيرة للحصول على السلع التي تحتاجها بشدة بالرغم من جميع الحظر المفروض عليها. ويقول هيلغنشتوك أن ذلك لا يعني أن العقوبات لا تعمل بشكل جيد، لكن "لا يمكن أن نتوقع أن نمنع تصدير كل شريحة كمبيوتر إلى روسيا". "لكننا نعلم أن روسيا تدفع الآن أسعارا أعلى بكثير من أي دولة أخرى في العالم مقابل هذه القطع. وهذا في حد ذاته نجاح لأنه يعني أن روسيا تحصل على سلع أقل وكثيرا ما تكون أقل جودة مقابل نفس المال مع مدة انتظار أطول".
رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو ونظيره المجري فيكتور أوربان ليسا الوحيدين اللذين يعيقان فرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا.صورة من: Omar Havana/AP Photo/picture alliance
ومع ذلك لا تزال هناك فرص لتحسين تطبيق هذه العقوبات. على سبيل المثال يجب أن يتحمل مصنعو هذه السلع مسؤولية أكبر في مراقبة شبكات التوزيع الخاصة بهم والتأكد من عدم وصولها إلى روسيا. "في المجال المالي مثلا هناك متطلبات محددة للغاية منذ عدة عقود فيما يتعلق بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب"، يوضح بنجامين هيلغنستوك. "وقد أدى ذلك إلى قيام البنوك العاملة دوليا باستثمار موارد كبيرة في آليات الرقابة الداخلية لمعرفة مع من تتعامل ومن يقف وراء شركائها. وعلينا أن نصل إلى نفس النقطة هنا. لكن هذه عملية تستغرق وقتا طويلا".
خاصة وأن مثل هذا التشديد يتطلب إرادة سياسية. "ببساطة لا يوجد توافق حقيقي على المستوى الأوروبي للمضي قدما في هذا الاتجاه". ولا يقتصر الأمر على "المشتبه بهم المعتادين" أي المجر أو سلوفاكيا الذين يعارضون تشديد نظام العقوبات. "هناك دول أخرى من بينها ألمانيا لا توافق بالضرورة دائما على فرض واجبات إضافية على الشركات"، يقول هيلغنشتوك، مقراّ بوجود "ثغرات يمكن سدها".
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.