ملامح سياسات مفوض الاتحاد الأوروبي الجديد للشؤون الخارجية
١ فبراير ٢٠٢٠
قام مفوض السياسة الخارجية الجديد في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بزيارته الأولى إلى برلين. بوضوح قالها إنه يريد أن يتحدث الاتحاد بصوت واحد ويعتني أكثر بجيرانه. ولكن ما مواقفه من الاتفاق النووي مع إيران والملف الليبي؟
إعلان
" يا له من مكان جميل هنا"، يصف جوزيب بوريل دار الضيافة التابعة لوزارة الخارجية في برلين الواقعة على نهر تيغل في شمال المدينة. ومنذ مطلع كانون الأول/ديسمبر 2019 يشغل الاشتراكي الديمقراطي من كتالونيا منصب مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وزيارته إلى برلين هي الأولى من نوعها إلى ألمانيا. "عزيزي بويل، مرحبا بك"، يقول وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ويتم التحدث بتلقائية الزمالة بين الاشتراكيين الديمقراطيين.
"لا نعرف أين نبدأ"
حكيم ومتوازن، يقول ماس عن بوريل. وبوريل من جانبه يعترف بأنه ليس لديه ما يشكو منه في منصبه الجديد: "لا ندري البتة أين يجب البداية: ليبيا والعراق وسوريا ومنطقة الساحل أو فنزويلا؟ نجد أنفسنا أمام سلسلة من التحديات عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على نظام دولي متعدد الأطراف".
وقد وضع وزير الخارجية الإسباني السابق صوب عينيه الحفاظ على التعاون الدولي بقليل من "الصفقات" الدولية، معتبراً أن على الاتحاد الأوروبي أن يقدم مثالا جيداً في ذلك: "يجب علينا رص الصفوف، ويتعين على الاتحاد الأوروبي تطوير رؤية مشتركة تجاه العالم".
مقارنة بوريل بسلفه موغيريني
رص الصفوف قلما تم الشعور به مؤخراً. سياسة الاتحاد تجاه غرب البلقان تقدم مثالاً على ذلك: ففي حين مد الاتحاد الأوروبي يده لألبانيا وشمال مقدونيا وفتح لهذه البلدان أفق الانضمام، كما طالبت مؤخراً من جديد المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فرنسا عارضت ذلك مجدداً. وإيجاد حل للرفض الفرنسي هو بالنسبة لخبير الشؤون الخارجية في الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، بيجان دجير سراي، إحدى المهام الرئيسية لبوريل.
وفي مقابلة مع DW يقسو دجير سراي بالكلام على سلف بوريل، الإيطالية فدريكا موغيريني:" بعدما كانت فدريكا موغيريني غائبة تماماً عن السياسة الخارجية، آمل أن يكون السيد بوريل قادراً على منح السياسة الخارجية للاتحاد صوتاً قوياً.في عالم يزداد تعقيداً يكون من الملح أن تتحدث أوروبا بصوت واحد وأن لا تقف كمتفرج بسلبية على هامش الملعب".
الخضر راضون عن سياسته
وفي هذا الاتجاه يسير على الأقل إعلان بوريل الاعتناء أكثر بدول جوار الاتحاد الأوروبي. ففي الأيام المقبلة، كما أعلن في برلين يعتزم زيارة إلى صربيا وكوسوفو: "نحن نقوم بما في وسعنا لتسهيل الحوار بين صربيا وكوسوفو". ويعتبر خبير الشؤون الخارجية في حزب الخضر، أوميد نوريبور، أنه من الجيد أن يلتفت بوريل من تلقاء نفسه تجاه شمال مقدونيا وألبانيا. وقال نوريبور لـ DW: "هو يضع الأولوية الصحيحة إذا ما اعتنى الآن أكثر بالدول التي هي مرشحة للانضمام. وهو يملك تجربة كبيرة في السياسة الدولية ولديه فريق عمل جيد في قسم السياسة الخارجية في الاتحاد. الأهم هو أن تتركه الدول الأعضاء يعمل ولا تتوجه إليه فقط عند حدوث مشكلة".
بريطانيا تغادر رسميا الاتحاد الأوروبي.. ماذا بعد؟
37:54
صيغة جديدة لمهمة البحر المتوسط؟
الوضع متأزم في بعض مواقع النزاع الحالية التي ستُجهد بوريل: فقبل مؤتمر ليبيا قبل نحو عشرة أيام في برلين تموقع بوريل بوضوح: "إذا حصل وقف لإطلاق النار في ليبيا، فعلى الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعداً لتقديم المساعدة في تنفيذ ومراقبة هذا الوقف لإطلاق النار وربما بإرسال جنود مثلا في إطار مهمة أوروبية". والمؤتمر نفسه لم يطالب بهذا وفي الأثناء يرى بوريل بتحفظ إمكانية المساهمة بالفعل في تهدئة الوضع في ليبيا. وهو يقول اليوم من برلين: "التطورات الأخيرة جد مقلقة، ووقف إطلاق النار لا يتم التقيد به".
وليس جميع السياسيين في ألمانيا متفقين مع فكرة بوريل لإعادة إحياء مهمة البحر المتوسط الأوروبية "صوفيا". وبعد انطلاقها قبل أربع سنوات لسد الباب أمام المهربين تم وقف رحلات السفن الأوروبية في آذار/مارس 2019. وخلال تدخلها قامت السفن، بينها سفن تابعة للجيش الألماني بإنقاذ حياة الكثير من اللاجئين. ويعمل بوريل جاهداً من أجل استئناف تلك العمليات لوقف صادرات الأسلحة إلى ليبيا. ولا يولي نائب رئيس كتلة أحزاب الاتحاد المسيحي في البرلمان، تورستن فراي، أي أهمية لهذا الموقف: "لم يغرق أبداً عدد كبير من الناس مثل في أوقات عمليات الإنقاذ الحكومية". وأضاف هذا السياسي في تصريح لصحيفة "دي فيلت" أن تدفق اللاجئين عبر طريق المتوسط توقف تقريباً مؤخراً، مما أزال العبء على بلدان مثل إيطاليا وكذلك ألمانيا. وصيغة جديدة لمهمة الإنقاذ الحكومية لا يحق أن تخلق حوافز جديدة، كما اعتبر فراي.
لا للتخلي عن الأمل في الاتفاقية النووية مع ايران
ويعتزم بوريل أيضاً الاهتمام بالمحاولات الأخيرة لإنقاذ الصفقة النووية مع ايران. وفي مطلع شباط/ فبراير سيتشاور شركاء الاتفاقية المتبقين مجدداً مع ممثلين من طهران. وجميع فرقاء الاتفاقية "أكدوا على إصرارهم من أجل الحفاظ على الاتفاقية"، كما أعلن بوريل. لكن آفاق النجاح ليست كبيرة بالرغم من أن الرجل الذي يحمل إلى جانب الجنسية الإسبانية الجنسية الأرجنتينية يحمل معه دماء جديدة للسياسة الخارجية الأوروبية.
ينس توماس توراو/ م.أ.م
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.