ممتلكات البشير المصادرة حتى الآن ليست سوى "قمة جبل الجليد"
٣١ مايو ٢٠٢٠
صادرت السلطات السودانية منذ الإطاحة بعمر البشير قبل أكثر من عام، شركات وعقارات وممتلكات للرئيس السابق ومساعديه تقدر قيمتها بالمليارا. وماتزال لجنة مكافحة الفساد في البلاد تجري التحريات للكشف عن الحقيقة بكاملها.
إعلان
يقول مسؤولون ومحللون إن الممتلكات المصادرة للبشير وحاشيته "ليست سوى قمة جبل الجليد" فيما حصل عليه بشكل غير قانوني خلال سنوات حكمه الطويلة.
وقال المتحدث باسم لجنة "محاربة الفساد وتفكيك نظام عمر البشير" صلاح مناع لوكالة فرانس برس إن "التقديرات الأولية تشير الى أن حجم العقارات والممتلكات التي استولى عليها رجال النظام السابق تراوح بين 3,5 مليار وأربعة مليارات دولار".
وأعلنت اللجنة أخيرا "استرداد شركات وممتلكات وفنادق ومراكز تجارية ومزارع ومئات العقارات في العاصمة الخرطوم ومدن السودان الأخرى".
وقال مناع "ما أعلنت عنه اللجنة حتى الآن يمثل قمة جبل الجليد"، موضحا أن اللجنة لم تضع يدها حتى الآن على أي أموال سائلة، وكل ما تسلمته "عقارات ومنقولات".
وتمّ تشكيل "لجنة مكافحة الفساد وتفكيك النظام السابق" قي كانون الأول/ديسمبر 2019 بقرار من المجلس السيادي الذي يضم مدنيين وعسكريين ويتولى إدارة البلاد منذ آب/أغسطس ولفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات.
امبراطورية ممتلكات كبيرة تعود للبشير
وعقب سقوط البشير، أوقفت السلطات عشرات من رجالات نظامه المتهمين بالفساد وبدأت تحقيقات معهم ولكن أيا منهم لم تتم إحالته الى المحاكمة بعد.
وصادرت لجنة محاربة الفساد عقارات ومزارع تعود ملكيتها للبشير وبعض أفراد أسرته وكبار مساعديه ومن بينهم وزيرا الخارجية والدفاع السابقان علي كرتي وعبد الرحيم محمد حسين .
وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، دين البشير بالفساد في واحدة من عدة قضايا، وصدر حكم بالتحفّظ عليه في دار للإصلاح الاجتماعي لمدة عامين.
ويعتقد عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة التيار الذي اشتهر بكتاباته عن فساد النظام السابق قبل إطاحته، أن ما أعلنت عنه لجنة مكافحة الفساد "يعتبر لا شي، ففساد النظام السابق كان على نطاق كبير جدا ومتنوعا وبعضه أخفي ببراعة ومهارة ما يجعل أمر كشفه صعبا ويتطلب زمنا وخبرة كبيرة".
ويؤكد الوسيط العقاري عماد خالد أن العقارات التي صودرت "تقع في المناطق الأعلى سعرا في الخرطوم وقيمتها كبيرة للغاية، كما أن بعضها يطل على النيل وقيمته الاستثمارية رفيعة". ولا زالت لجنة مكافحة الفساد في مرحلة تقييم ما صادرته. وقال صلاح مناع "لن نعرف قيمة هذه الممتلكات إلا بعد تقييمها بدقة وسنطلب من بيت خبرة عالمي القيام بذلك قبل أن نسلمها الى وزارة المالية".
وأشار مسؤول على صلة بعمل لجنة مكافحة الفساد طلب عدم كشف هويته، أن الأخيرة تسلمت مستندات كثيرة جدا وفحصها سيستغرق وقتا طويلا. وأكد المسؤول أن "كمية المستندات التي وصلت الى اللجنة كبيرة جدا، الى درجة تمّ نقلها بواسطة ثلاث شاحنات، واللجنة ستفحص كل مستند منها".
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الناير أن تحويل هذه العقارات والمنقولات الى اموال تعود بالنفع على اقتصاد البلاد يحتاج الى الى وقت.
لجنة مكافحة الفساد أمام مهمة معقدة
ويشير الى أن "استفادة وزارة المالية من هذه الأصول يحتاج الى وقت، خصوصا أن قرارات هذه اللجنة خاضعة للاستئناف مرتين.. الأولى أمام لجنة أعلى منها والثانية أمام القضاء".
ويعاني اقتصاد البلاد من نقص في العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم التي بلغت 92%، وفق إحصاءات رسمية.
ويقول الناير إن وزارة المالية بعد ان تؤول إليها هذه الأصول بصورة نهائية عقب انتهاء كافة مراحل التقاضي، يمكنها تسييل بعضها وتحويل أخرى لشركات مساهمة عامة.
وقال محمد الناير "بعد أن تصبح هذه الأصول مملوكة للدولة دون أي نزاع يمكن طرح بعض العقارات في مزادات علنية. أما الشركات فيمكن تحويلها الى شركات مساهمة عامة والدخول في شراكات استثمارية في الفنادق والمزارع وذلك حتى تصبح موردا متجددا". وتواجه لجنة مكافحة الفساد صعوبات كذلك في استرداد الاموال السائلة.
ويؤكد الناير أن "الأموال السائلة موجودة في بنوك محكومة بقوانين تمنعها من إعطاء هذه الأموال لغير مودعيها". لكنه يشير في الوقت نفسه الى أن الصعوبات التي تواجهها اللجنة "أمر طبيعي، فاللجان المماثلة في العالم كله واجهت تعقيدات".
م.أ.م/ع.ج.م ( أ ف ب)
في صور.. عهد جديد في السودان بعد اتفاق تقاسم السلطة
اتفقت القيادة العسكرية والمعارضة على التوزيع المستقبلي للسلطة في السودان: بيد أن الأمر لن يخلو من وجود العسكر، ومع ذلك، فإن الفرحة في السودان كبيرة، لأنه ستكون هناك انتخابات في غضون ثلاث سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
فرحة عظيمة وأمل كبير للسودانيين
الفرحة عظيمة، فقد اتفق الجيش والمعارضة على تشكيل حكومة انتقالية. وينص الحل الوسط، الذي تفاوض عليه الاتحاد الأفريقي، على إنشاء مجلس سيادي مكون من خمسة مدنيين وخمسة عسكريين، على أن ينتخب هؤلاء العضو الحادي عشر. ومن المفترض أن تستغرق الفترة الانتقالية مدة تزيد قليلاً عن ثلاث سنوات.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
لحظة تاريخية بالنسبة للسودان
"الوثيقة الدستورية" التي تتضمن بنود الاتفاق وقع عليها في الخرطوم السبت (17 أغسطس/ آب 2019) كل من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، وممثل تحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير" أحمد الربيع بحضور رؤساء دول وحكومات أفريقية وممثلين عن الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ووزراء ومسؤولين من دول خليجية وعربية.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/C. Ozdel
شخصية عسكرية تتولى الرئاسة
وعلى الرغم من أن التسوية، التي تم التوصل إليها قد استوفت الكثير من المطالب المدنية، إلا أن الجيش سيستمر في لعب دور مهم في المستقبل، فالجنرال عبد الفتاح البرهان سيكون رئيسا خلال الفترة الانتقالية. هذا الاختيار لا يعجب الجميع بالضرورة، غير أنه يلقى تأييد كثيرين أيضا وخصوصا هؤلاء المتظاهرين في الصورة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
رجل الأمم المتحدة كرئيس للوزراء
كان يفترض أن يتم في اليوم التالي، الأحد (18 أغسطس/ آب 2019) الإعلان عن تشكيل المجلس الانتقالي، ليتم بعده الإعلان عن اسم رئيس الوزراء. وقد وافق المحتجون على عبد الله حمدوك، وهو مسؤول سابق، رفيع المستوى، بالأمم المتحدة ليتولى المنصب. كان حمدوك قد عُين عام 2016 كقائمٍ بأعمال الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، غير أنه تخلى عن منصبه في عام 2018.
صورة من: picture-alliance/G. Dusabe
عطل مؤقت بسبب قوى الحرية والتغيير
لكن المجلس العسكري أعلن الاثنين (19 أغسطس/ آب) إرجاء تشكيل مجلس السيادة لمدة 48 ساعة بناء على طلب من "قوى الحرية والتغيير"، ونقلت وكالة الأنباء السودانية "سونا" عن الفريق الركن شمس الدين الكباشي، المتحدث باسم المجلس القول بأن قوى الحرية والتغيير (الصورة أرشيف) طلبت الإرجاء حتى تتمكن من الوصول لتوافق بين مكوناتها على قائمة مرشحيها الخمسة لمجلس السيادة.
صورة من: picture-alliance/AA/O. Erdem
المدنيون يحددون ممثليهم بالمجلس السيادي
وفي نفس اليوم بدأ اجتماع لقوى الحرية والتغيير (الصورة من الأرشيف) وامتد حتى فجر اليوم التالي (الثلاثاء 20 أغسطس/ آب). وبعد توتر وملاسنات تم الاتفاق على كل من عائشة موسى وحسن شيخ إدريس ومحمد الفكي سليمان وصديق تاور ومحمد حسن التعايشي، ممثلين للقوى المدنية في المجلس السيادي.
صورة من: Ethiopian Embassy Khartoum
فترة انتقالية لنحو 40 شهرا
بعد تشكيل المجلس السيادي والحكومة فعليا، ستدوم الفترة الانتقالية 39 شهرًا، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022، سيتم انتخاب حكومة جديدة. وحتى ذلك الحين، ستسير أمور البلاد، التي يزيد عدد سكانها عن أكثر من 40 مليون شخص، الحكومة الانتقالية، طبقا للوثيقة الدستورية.
صورة من: AFP
تأكيد على دور المرأة بالهيئة التشريعية
من المقرر أيضا أن يتم تشكيل الهيئة التشريعية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، على أن تكون نسبة 40 في المائة من أعضائها على الأقل من النساء. وبهذا ينبغي التأكيد على الدور المهم للمرأة السودانية خلال الاحتجاجات السلمية، التي بدأت نهاية 2018.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Hamid
سقوط البشير بعد عقود من القبضة القوية
بداية من ديسمبر/ كانون الأول 2018، خرج مواطنو السودان إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير، بعد 30 عامًا من حكم الرئيس عمر البشير البلاد. خلال كل هذه السنوات حكم البشير بيد قوية، فقد تم تقليص عمل المعارضة، وجرى قمع المجتمع المدني وتعذيب المنتقدين بل وقتلهم. وتحت ضغوط من الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة عزل الجيش عمر البشير من رئاسة الدولة في أبريل/ نيسان.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/A. Widak
الجيش سيواصل لعب دور
سقوط البشير لم يكن النهاية، فقد تواصلت المظاهرات عندما أصر المجلس العسكري على حكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية حتى التحول إلى الانتخابات الديمقراطية. لكن الحركة الاحتجاجية وعلى رأسها "قوى الحرية والتغيير" دعت إلى تشكيل حكومة مدنية دون أي تدخل عسكري. هذا الشرط لم يتحقق بالكامل، ففي فترة الحكومة المؤقتة، سيستمر الجيش السوداني في لعب دور. اعداد: ديانا هودالي/ صلاح شرارة