مناطق الشمال السوري تتظاهر ضد تقارب تركيا مع النظام في دمشق
٦ يناير ٢٠٢٣
احتج عشرات الآلاف من السوريين في مناطق تسيطر عليها المعارضة المدعومة من تركيا على التقارب الحثيث بين أنقرة ودمشق، جاء ذلك بعد تصريح للرئيس التركي أشار في إلى احتمال لقاء نظيره السوري.
إعلان
خرج عشرات آلاف من أبناء مناطق شمال سوريا، اليوم الجمعة (السادس من كانون الثاني/يناير 2023)، في مظاهرات تحت شعار "لن نصالح" رفضا للتقارب السوري التركي. فقد شهدت مدن وبلدات بمحافظة إدلب وريف حلب وريف الرقة الشمالي خروج عشرات المظاهرات ترفض المصالحة بين الحكومة السورية وتركيا ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها " لن نصالح - المصالحة خيانة ومسامحة الظالم ظلم للمظلومين - لا نريد سلاما دائما مع من قتل أهلنا وأطفالنا".
وخاطب المتظاهرون عبر الهتافات الرئيس السوري بشار الأسد "نجوم السما أقرب لك من انو نصالحك". وإلى الرئيس التركي أردوغان "سماع سماع.. دم الشهداء ما ينباع".
وقال القيادي في المعارضة السورية محمد سرميني لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "خروج المظاهرات اليوم هو رسالة إلى القيادة التركية حليفة المعارضة السورية التي تتحدث عن مصالحة مع النظام السوري، وكأن شيئا لم يكن، المتظاهرون اليوم هم أولياء الدم ولن يصالحوا على دم أبنائهم الذين قتلوا بالقصف الروسي والسوري وعشرات الآلاف غيبوا في سجون النظام". وأضاف سرميني "كل المناطق المحررة تشهد مظاهرات واعتصامات يومية رفضاً لأي تقارب مع النظام السوري الذي قتلنا وهجرنا".
وقال محمد الوعري من مدينة حمص ويقيم في اعزاز بريف حلب لـ (د.ب.أ) "أنا مهجر وفقدت ثلاثة من أولادي في سجون النظام، هل تعيد تركيا لي أولادي الذي قتلوا في معتقلات النظام. وهدم بيتي في مدينة حمص وهربنا من قصف قوات النظام للعيش في مخيمات منذ خمس سنوات".
وخرجت المظاهرات ليوم الجمعة الثاني بعد اللقاء الذي عقد الأسبوع الماضي في موسكو وضم وزراء الدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات في روسيا وسوريا وتركيا في موسكو وحديث عن لقاء مرتقب بين الرئيسين السوري والتركي.
وتسيطر فصائل المعارضة الموالية لتركيا على مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي وريف الرقة الشمالي والحسكة الغربي كما تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على مدينة إدلب وريفها الغربي.
وأمس الخميس قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه قد يجتمع مع نظيره السوري بشار الأسد في إطار عملية سلام جديدة، وأضاف أردوغان خلال كلمة بأنقرة أن الخطوة المقبلة من المقرر أن تكون عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وسوريا لأول مرة من أجل المزيد من تعزيز التواصل.
وقال أردوغان "لقد بدأنا عملية ثلاثية روسية تركية سورية... سنجمع وزراء خارجيتنا معا ثم بناء على التطورات سنجتمع معا على مستوى الزعماء".
وقالت الولايات المتحدة إنها لا تؤيد الدول التي تعيد العلاقات مع الأسد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في إفادة يومية "لن نطبع ولا ندعم تطبيع دول أخرى علاقاتها مع نظام الأسد". وأضاف "لم نر أن هذا النظام في دمشق فعل أي شيء يستحق التطبيع أو تحسين العلاقات مع الشركاء والدول الأخرى في جميع أنحاء العالم".
خ.س/ ف.ي (د ب أ، رويترز)
إدلب... مدن أثرية "منسية" تتحول لمخيمات للاجئين
لم يجد بعض من فرّ من نيران المعارك في سوريا إلا اللجوء لمواقع أثرية بائدة. في إدلب، التي يعيش فيها حوالي ثلاثة ملايين نازح، اتخذ البعض من "المدن المنسية" المهجورة التي تعود للعهد البيزنطي منزلاً لا يتطلب دفع أجار.
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
ذكريات الرحلات المدرسية إلى المواقع الأثرية السورية لا تزال حية في ذاكرة محمد عثمان. لم يخطر على باله بالمطلق أن أحد تلك المواقع سيصبح بيته يوماً ما. خيمة العائلة مثبتة بحجارة يفوح منها عبق التاريخ وحبل الغسيل مشدود إلى رواق حجري في منطقة أثرية تعود للعهد البيزنطي.
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
منذ سنتين ونصف يعيش محمد وزوجته وأربعة أطفال في "سرجبلة"، التي تقع قرب الحدود التركية. في هذا الموقع البيزنطي القديم تعيش حوالي 50 عائلة أخرى. لم يبق أمام محمد وعائلته إلا الفرار بجلودهم بعد تعرض مدينته معرة النعمان لقصف قوات النظام السوري.
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
يطعم محمد عائلته مما يجنيه من بعض الأعمال الموسمية. ويضطر في بعض الأحيان للاستدانة ليسد رمق أطفاله. تعيش العائلة وغيرها من العائلات في هذا الموقع الأثري الذي يعود للقرن الخامس الميلادي لأنه لا يترتب عليها دفع أي إيجار لمجرد نصب الخيمة على الأرض. "لم نترك ديارنا بمحض إرادتنا لنعيش في هذا المكان المهجور منذ آلاف السنين"، يبرر محمد عثمان.
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
لا يرتاد الأطفال المدارس. وتحولت الأوابد الأثرية لملعب لهم، رغم المخاطر المترتبة على ذلك. يقول محمد عثمان لمصور رويترز: "في الصيف نواجه خطر الأفاعي والعقارب. وفي الشتاء يحاصرنا البرد والثلوج". وقد كان شتاء هذا العام قاسياً جداً في إدلب، ما أدى لموت بعض اللاجئين تجمداً.
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
غير بعيد عن "سرجبلة" تعيش 80 عائلة أخرى في موقع "بابسقا" الأثري، المصنف على قائمة اليونسكو للتراث الإنساني. يعيش محمود أبو خليفة وأسرته هنا. يقول إنه كان يملك أرضاَ قبل لجوئه إلى هنا: "كانت غلال الأرض والماشية تؤمن لنا حياة كريمة. اليوم نعيش بين الأحجار المهجورة والطين".
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
تمكنت بعض العوائل من أخذ مواشيها معها عند فرارها من نار الحرب. وهذا ما فعله محمود أبو خليفة. ترعى الأغنام والماعز كل النهار بين أطلال المدينة المهجورة. ويبحث الدجاج في الأرض عن كل ما يؤكل. صنع محمود أبو خليفة حظيرة لمواشيه وقن لدجاجه من حجارة الموقع التاريخي. ويستخدم أحد الكهوف لتخزين علف المواشي وممتلكات بسيطة للعائلة.
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
في السنوات الأولى للحرب اتخذت المعارضة المسلحة من "بابسقا" الأثرية موقعاً لها تشن منه هجمات على قوات النظام. وحتى اليوم يمكن العثور على بعض بقايا تلك المرحلة.
صورة من: Khalil Ashawi/REUTERS
لدى محمود أبو خليفة وزوجته زهرة سبعة أطفال. يسمي محمد وزوجته مخيم بابسقا "مخيم الخرابة". الوضع في إدلب لم يستقر؛ إذ أنها ما تزال تتعرض لقصف قوات النظام. يتمنى محمود أبو خليفة بأن يحيى أطفاله حياة أفضل ومطلبه الوحيد "العودة إلى قريتنا".
إعداد: ديانا هودالي/خ.س