1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

منبج ـ تفاقم معاناة المدنيين في ظل بطش "داعش" والحرب

محمود الشيخ - الحدود السورية/التركية٢٨ يوليو ٢٠١٦

تضاعفت معاناة المدنيين في مدينة منبج السورية بعدما اضطر كثير من السكان إلى ترك منازلهم بعد اشتداد وقع الاشتباكات العسكرية. أحد سكان المدينة يروي لـDW عربية تفاقم مأساة سكان المدينة بسبب "داعش" وظروف الحرب في المدينة.

صورة من: DW/K. Sheikho

"بقيت أربعين سنة لصار عندي بيت وسقف أسكن فيه مع عائلتي. بلحظة أجبروني أطلع منه رغماً عني"، بهذه الكلمات بدأ سالم أبو محمد -طالباً عدم ذكر اسمه الحقيقي حرصاً على سلامته- يروي لنا يوميات الحرب في مدينته منبج الواقعة في ريف حلب الشرقي (شمال سوريا)، حيث يفترش سالم وعائلته حالياً العراء، وينام في الشارع مع الكثير من المدنيين الذين أُجبروا على ترك منازلهم جراء المعارك المحتدمة بين عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" من جهة، وقوات سورية الديمقراطية من جهة ثانية.

التشريد من الديار

وفي حديثه مع DW عربية قال: "قبل عدة أيام داهم منزلي مجموعة من عناصر التنظيم وطلبوا مني إخلاءه مجبراً. وخاطبتهم متوسلاً: أين سأذهب بعائلتي ونفسي وسط هذه الحرب المستعرة؟". لكن لا أحد من الجهاديين لم يصغ إلى نداءاته، إذ أجبروه على الخروج وعائلته تحت تهديد السلاح. خاصة أن منزله يقع في نقطة عسكرية إستراتيجية تفصل بين عناصر التنظيم والقوات المهاجمة، وعبر عن حزنه العميق عما حل به قائلاً: "نسكن الآن تحت رحمة السماء. نعيش بين أنقاض المنازل. ننام على سماع أزيز الطيران وقذائف الهاون، ونستيقظ على أصوات الاشتباكات العسكرية التي لا تتوقف".

وكشف سالم أن التنظيم يجبر المدنيين على ارتداء الملابس العسكرية الخاصة بهم، لإيهام الناس أن عددهم في تزايد. وعندما أعلنت قوات سورية الديمقراطية هدنة لمدة 48 ساعة تمهل فيها من يريد مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم "تنكر البعض من عناصر التنظيم تنكروا في أزياء نسائية وهربوا مع العائلات بهدف تفجير أنفسهم بين صفوف القوات ومقراتهم العسكرية، لكنهم كشفوا وسجنوا بفضل الأهالي الذين قاموا بالوشاية بهم وأفسدوا خططهم".

المدنيون يعانون الأمرين جراء الحصار المضروب على المدينةصورة من: DW/K. Sheikho

ولفتَ سالم إلى أن المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات يعانون الأمرَين جراء استمرار المعارك. فمن يسكن بالعراء يعيش من رحمة الله، أما الذين بقوا في منازلهم، فيشتكون من نقص الخبز والغذاء والماء ويمنعون من التجوال، حسب قوله. ويضاف إلى ذلك الحصار المطبق الذي فرضته قوات سورية الديمقراطية على المدينة من جهاتها الأربعة، وذكر: "من كان لديه مخزون من القمح والطعام قارب على النفاذ. فقد مضى شهران على الحرب. أما نحن نعيش على هبات الأهل والجيران".

ارتفاع عدد الهاربين من مناطق "داعش"

وأكد سالم أن جميع المحال التجارية مغلقة، ولم تعد هناك أسواق وما يباع بالمدينة ارتفعت أسعاره عشرات الأضعاف قبل اندلاع الحرب الأخيرة، منوهاً: "عائلات عناصر التنظيم تأتيهم المؤن والمواد الغذائية والمستحضرات الطبية، لكن هذه المساعدات لا تصل إلى الأسر التي رفضت مبايعة التنظيم وليس لها علاقة بهم".

ويقدّر عدد المدنيين العالقين بمدينة منبج بأكثر من مائة ألف، بحسب نشطاء وسكان من المدينة تمكنوا من الفرار إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية. وكشف العديد منهم أنه يوماً بعد يوم يزداد عدد الهاربين من المنطقة الخاضعة لسيطرة عناصر التنظيم على إثر اشتداد المعارك فيها.

اضطر كثير من المدنيين في مدينة المنبج من ترك ديارهمصورة من: DW/K. Sheikho

وعن صورة المدينة بعد أشهر من القتال، يروي سالم مشاهداته بأنه يمكن رؤية أعداد كبيرة من المنازل والأحياء التي أصبحت أثراً بعد عين ولم يتبق منها سوى الأطلال. أما التي نجت من القصف، فلم تسلم أبوابها ونوافذها من ضغط الانفجارات وقصف الطيران.

وزاد قائلاً: "جميع الأطراف تدعي أن حروبها المقدسة لحماية المدنيين والدفاع عنهم، ولكن من يدفع فاتورة هذه الحروب هم المدنيون دون غيرهم"، وأضاف: "الله يصطفل فيهم، الله لا يوجه الخير لمن كان السبب"، دون أن يحدد الجهة المعنية. وما يزيد معاناة المدنيين العالقين في منبج قصف طيران التحالف الدولي، بعد أن كثفت طلعاتها الجوية لحسم المعركة لصالح حليفتها قوات سورية الديمقراطية.

داعش يستخدم المدنيين كذروع بشرية

قام عناصر التنظيم بزرع الألغام والمتفجرات في المناطق والمراكز الحساسة، لإبطاء تقدم القوات. وشددّ سالم أن مقاتلي التنظيم: "يستخدمون المدنيين دروعاً بشرياً، ويجبروهم البقاء في مناطقه. ورغم ظروف الحرب القاسية، فإنهم يمارسون الإرهاب بحقنا، ويطالبوننا بالقتال إلى جانبهم ولكن غالبية المدنيين رفضوا ذلك". وفي ختام حديثه مع DW عربية، قال سالم إننا "ننتظر الموت في كل لحظة وفقدنا الأمل بالخلاص، قد نموت بقصف الطيران، أو بلغم أو برصاصة طائشة. فحظوظ النجاة تقل يوماً بعد يوم".

أحد عناصر قوات سورية الديمقراطية في حديث مع أحد نساء المدينةصورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman

وأعلنت قوات سورية الديمقراطية معركة لاستعادة مدينة منبج في 31 أيّار/مايو الماضي، وتلقى العمليّة العسكريّة دعماً جوياً من طيران التحالف الدوليّ وبمشاركة مستشارين عسكريّين من الولايات المتّحدة الأميركيّة. وتمكّنت هذه القوّات من تحرير كامل ريف منبج ومدخلها الغربيّ والجنوبي وصوامع المدينة. كما تسيطر على دوّار المطاحن وحيّ الأسديّة وحي الحزاونة وحي البناوي وطريق حلب، وتطبق حصاراً كاملاً عليها.

وتبعد منبج، التي سيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" في 23 كانون الثاني/يناير من عام 2014، حوالي 40 كيلومتراً فقط عن الحدود التركيّة، و80 كيلومتراً شمال شرق مدينة حلب. وكان يبلغ عدد سكانها نحّو 150 ألف نسمة قبل النزاع الأخير. وبخسارة التنظيم مدينة منبج، يكون قد فقد المنفذ الاستراتيجيّ والوحيد الّذي يربط مناطق نفوذه في سوريا والعراق بالحدود التركيّة، والّذي كان بمثابة طريق العبور الرئيسيّ للجهاديّين القادمين من الدول الأوروبيّة وبقيّة أنحاء العالم.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW