منتدى الهجرة في ليبيا .. إيطاليا تبحث عن حل وتونس تريد مالا
١٧ يوليو ٢٠٢٤
تحاول إيطاليا التنسيق مع الحكومات في ليبيا وتونس وتشاد ومالطا من أجل ضبط الهجرة غير النظامية، في مؤتمر يعقد في طرابلس. ودعا الجانب الليبي بحل المشكلة في دول المصدر، فيما طالبت تونس بمزيد من الدعم المالي.
إعلان
يعقد في العاصمة الليبية طرابلس منتدى الهجرة عبر المتوسط الذي تنظمه حكومة الوحدة الوطنية بمشاركة رؤساء حكومات إيطاليا ومالطا وتونس وتشاد. ويناقش المنتدى التحديات والفرص المتعلقة بالهجرة غير النظامية وتطوير السياسات بين الدول، فضلا عن سياسات التحول نحو التنمية ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة.
وخلال المنتدى، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إن ليبيا "وجدت نفسها بين ضغط الرفض الأوروبي للمهاجرين شمالا والرغبة الافريقية في الهجرة من الجنوب"، لافتا إلى أن مشكلة الهجرة "تعززها الأزمات التي تعانيها بعض البلدان الافريقية، وتؤرق كثيرا من الدول والبشر". وتابع قائلا: "نرى في البحر الأبيض المتوسط، أن المشكلة ترجع إلى أزمات الحاجة والمجاعة في الدول الافريقية التي تعاني من ويلات الاستعمار والاستغلال لثرواتها خلال الـ50 عاما الماضية. ولهذا نجد المواطن الافريقي يذهب لدول أخرى بحثا عن لقمة العيش، ويمر بطرق صعبة قد تفضي إلى الموت، إما عطشا في الصحراء حتى قبل الوصول إلى ليبيا، أو غرقا في مياه المتوسط، أو يجد نفسه معتقلا بإحدى الدول الأوروبية".
وأشار الدبيبة إلى أن الإنفاق على ملف الهجرة منذ 15 عاما لم يحل أي مشكلة، مفضلا إنفاق هذه الأموال على دول المصدر، وليس على ملاحقة المهاجرين في القوارب والصحراء، ولا في معسكرات الحجز في ليبيا أو الدول الأوروبية، كأن يتم بناء مشروعات حقيقية لدعم استقرار دول المصدر في القارة الافريقية.
من جانبها اعتبرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني،في كلمتها أمام المنتدى، نفسها مواطنة ليبية عند حديثها عن المبادرات مع ليبيا، وقالت: "سوف أقدم مبادرات أخرى عديدة لرئيس الحكومة الليبية وغيره". وأشارت ميلوني إلى أن تعزيز العلاقات بين دول البحر الأبيض المتوسط "هو السبب الرئيسي لإعلان خطة ماتي"، ووصفت مواجهة الهجرة غير الشرعية بالتحدي الأصعب الذي يمكن أن تواجهه دول المنطقة، والذي لن تستطيع إيطاليا التغلب عليه بمفردها، على حد قولها، حاثة جميع المعنيين بالملف إلى العمل معا في ملف الهجرة وتغيير النهج السابق في التعامل معها.
وأضافت بالقول: "نحن نعمل على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف، ولابد من التصدي للتهريب والمهربين والمتاجرين بالبشر، خاصة لأن مهربي البشر باتوا أشخاصا أكثر نفوذا وفقا لتقارير الأمم المتحدة". وتحدثت ميلوني عن أعمال تقوم بها الحكومة الإيطالية على عدة جوانب، منها أعمال داخل البحر بمساندة شركاء من عدة دول ضمنهم دول المنطقة والجوار، معقبة: "لا يمكن حل مشكلة الهجرة إلا إذا توجهنا لجذورها ودول المصدر، ويجب ألا يتم طرد أشخاص وفرض الهجرة عليهم".
الكشف عن مقبرة جماعية في صحراء ليبيا
02:09
واستدركت: "افريقيا مصدر طاقة متميز، ويمكنها تصديرها، وهنا علينا تركيز جهودنا على تقوية تعاوننا وفق استراتيجية بعيدة المدى. لابد من المساعدة على تقوية وتدعيم القطاع الخاص في مجالات الطاقة والبنية التحتية والمياه والصحة، وليبيا من ضمن الأولويات لهذه الدول".
تونس تطالب بالدعم المالي لمعالجة تدفق المهاجرين
فيما حث رئيس الوزراء التونسي أحمد الحشاني الدول الأوروبية على زيادة مساعداتها المالية لدول مثل تونس لمعالجة التدفق الكبير للمهاجرين من افريقيا جنوب الصحراء، معتبرا أن المساعدات المقدمة لوقف الهجرة كانت ضعيفة. وتعاني تونس من أزمة هجرة متفاقمة مع تدفق عشرات الآلاف المهاجرين لركوب قوارب متهالكة من الشواطئ التونسية نحو السواحل الأوروبية في رحلات محفوفة بالمخاطر بحثا عن فرص أفضل.
ويتركز آلاف المهاجرين الآن في بلدات مثل العامرة وجبنيانة قرب صفاقس جنوب البلاد التي أصبحت نقطة انطلاق رئيسية للأشخاص الفارين من الفقر والصراع في افريقيا والشرق الأوسط على أمل حياة أفضل في أوروبا. وأثار ذلك احتجاجات سكان المنطقة لتزيد الضغط على الحكومة، التي تكافح من أجل حل العديد من المشاكل الاجتماعية الأخرى القائمة بالفعل.
وقال رئيس الوزراء التونسي خلال المؤتمر في طرابلس "يجب تقديم المزيد من المساعدة لدول مثل تونس، فالمساعدات المقدمة غير كافية لمعالجة المشكلة". وأضاف أن تونس تعالج المشكلة على حساب ماليتها العامة. وقال إن هناك مدنا استوعبت المهاجرين أكثر من طاقتها، في إشارة إلى العامرة وجبنيانة.
وصرف الاتحاد الأوروبي هذا العام 150 مليون يورو لتونس لدعم الميزانية لتحقيق الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية، في إطار اتفاق مع البلاد يهدف لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
ف.ي/ع.ج.م (د ب ا، رويترز، ا ف ب)
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.