منح جائزة فاتسلاف هافيل لرجل الأعمال التركي عثمان كافالا
٩ أكتوبر ٢٠٢٣
في خطوة قد تثير حفيظة الرئيس التركي أردوغان، منح مجلس أوروبا رجل الأعمال التركي المسجون عثمان كافالا جائزة فاتسلاف هافيل لحقوق الإنسان. ويقضي كافالا حكما بالسجن مدى الحياة على خلفية دوره في احتجاجات منتزه غيزي 2013.
إعلان
منح مجلس أوروبا الاثنين (التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023) الناشط المدني ورجل الأعمال التركي المعارض عثمان كافالا جائزة فاتسلاف هافيل، مجازفا باثارة غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكافالا من ضمن عشرات الآلاف من الأتراك الذين تم اعتقالهم أو فصلهم من وظائفهم ضمن حملة تطهير واسعة قام بها أردوغان في أعقاب محاولة انقلاب استهدفت رئاسته في عام 2016.
في غضون ذلك قالت زوجته عائشة بوغرا كافالا، خلال تسلّمها الجائزة عن زوجها من رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تايني كوكس "أنا حزينة جدًا لأنه ليس معنا لتسلم هذه الجائزة، هذه الجائزة المهمة جدًا".
وتمّ توجيه الاتهام إلى كافالا بداية بتمويل تظاهرات 2013. لكن محكمة برّأته من هذه التهمة وأفرجت عنه في شباط/فبراير 2020، إلا أن الشرطة عاودت توقيفه قبل أن يعود الى منزله. ووجهت محكمة أخرى له الاتهام بالضلوع في محاولة الانقلاب في 2016.
واعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 2019 أن اعتقال كافالا كان يهدف إلى "إسكاته" و"ردع المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان".
وتجاهلت أنقرة عدداً من قرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في السنوات الأخيرة، وخصوصاً ما يتعلق منها باثنين من معارضي أردوغان هما كافالا والسياسي الكردي صلاح الدين دميرتاش. ويقبع الرجلان في السجن رغم قرارات المحكمة التي رأت أنّ حقوقهما انتُهكت.
وكان كافالا مرشحًا لنيل الجائزة التي تحمل اسم الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف هافيل الذي توفي في العام 2011، إلى جانب مرشحَين آخرَين.
ومن أبرز المرشحين أيضا كانت البولندية جوستينا فيدرزينسكا المدافعة عن الحقّ في الإجهاض في بلدها والأوكراني يفغيني زاخاروف صاحب مبادرة "محكمة بوتين" التي تقوم بجمع الأدلة على جرائم الحرب المرتكبة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
كما أكدت محكمة النقض التركية في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي الحكم عليه بالسجن مدى الحياة في حبس انفرادي دون إمكانية تخفيف العقوبة. ويشار إلى أن كافالا محتجز منذ 2017.
وانتقدت حكومات غربية ومنظمات حقوقية المحاكمة، والإدانات التي صدرت في 2022 باعتبارها مسيسة.
وتُمنح الجائزة، مرفقة بمبلغ 60 ألف يورو، كلّ عام منذ 2013 لشخصية من المجتمع المدني تقديرا "لأعمالها الاستثنائية لصالح حقوق الإنسان في أوروبا وخارجها".
ف.ي/ أ.ح (أ ف ب، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP