يستمر تدهور حال المدنيين في السودان، وتحذر المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين من مجاعة كبرى. وفي هذا السياق طالبت المنسقية المجتمع الدولي بالضغط على أطراف النزاع "لوقف إطلاق النار فورا".
السودان الذي كان يوما بلدا منتجا للغذاء أصبح ساحة للمجاعة والنزوح والانهيار الشاملصورة من: Mohamed Jamal/REUTERS
إعلان
حذرت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في السودان من استمرار التدهور الحاد في الوضع الإنساني، مؤكدة أن البلاد تشهد واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم نتيجة الحرب والانهيار الواسع في الخدمات الأساسية.
ونقلت صحيفة "السودانية نيوز" اليوم السبت (22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025) عن المتحدث الرسمي باسم المنسقية، آدم رجال قوله إن السودان الذي كان يوما بلدا منتجا للغذاء، أصبح اليوم ساحة للمجاعة والنزوح والانهيار الشامل بسبب سياسات النخب والحروب المتواصلة التي دمرت المؤسسات الصحية والخدمية والتعليمية.
تدهور الوضع في مخيمات اللاجئين
وأشار المتحدث إلى أن "ثلثي سكان السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما تستمر موجات النزوح الضخمة، لافتا إلى أن مخيم طويلة، أحد أكبر مخيمات النزوح في البلاد، استقبل منذ اندلاع الحرب أكثر من مليون نازح، بينهم مئات الآلاف الذين فروا مؤخرا من أحداث الفاشر في أوضاع مأساوية".
وأكدت المنسقية أن الوضع داخل المخيمات يزداد سوءا مع استمرار تدفق النازحين وتفاقم الاحتياجات، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية للتحرك الفوري لإنقاذ المدنيين من الجوع والأوبئة والانتهاكات.
مطالب بوقف النزاع
وطالبت المنسقية مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالضغط على أطراف النزاع لوقف إطلاق النار فورا ودون شروط مسبقة، مؤكدة دعمها للجنة الرباعية وجميع الجهود الدولية لإنهاء الحرب.
يأتي ذلك بعد يوم من إعلان قوات الدعم السريع في بيان يوم الجمعة استجابتها الكاملة للمبادرات والتحركات الدولية المكثفة بشأن الأوضاع في السودان. وكان الاتحاد الأوروبي فرض يوم الخميس الماضي، عقوبات على عبد الرحيم دقلو، نائب قائد ميليشيا قوات الدعم السريع، الذي يعد أحد الجناة الرئيسيين وراء الفظائع الأخيرة في السودان.
وتقاتل ميليشيا الدعم السريع ضد القوات الحكومية منذ عامين ونصف، وتصف الأمم المتحدة الحرب في السودان بأنها أكبر أزمة إنسانية في العالم. وتسببت الحرب الدائرة هناك بين قوات الجيش الحكوميوميليشيا قوات الدعم السريع، في فرار أو نزوح نحو 12 مليون شخص.
تحرير: عارف جابو
الفاشر.. مركز الانتهاكات الأكثر عنفًا في النزاع السوداني
تُعد الأزمة الإنسانية في السودان من بين الأسوأ عالميًا، حيث يعاني المدنيون أوضاعًا مأساوية، وتتزايد التقارير الصادمة عن إعدامات وانتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على الفاشر في دارفور وبارا بكردفان.
صورة من: Muhnnad Adam/AP Photo/dpa/picture alliance
نزوح جماعي
غادر نحو 26 ألف شخص مدينة الفاشر في الأيام الأخيرة، مضطرين للفرار من القتال وسط حالة من الرعب. تنقّل المدنيون بين نقاط التفتيش المسلحة، معرضين للابتزاز، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والنهب، والمضايقات، فضلاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء محاولتهم الوصول إلى برّ الأمان. وفقا لشهادات الوافدين إلى بلدة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 50 كيلومترًا من الفاشر.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
قوات الدعم السريع متهمة بإعدامات وانتهاكات مروعة
أفادت تقارير بوقوع إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار، وسط مؤشرات على دوافع قبلية وراء بعض عمليات القتل، إضافة إلى استهداف أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مقلقة تُظهر عشرات الرجال العزّل يتعرضون لإطلاق النار أو جثثهم ملقاة على الأرض، بينما يظهر مقاتلو قوات الدعم السريع حولهم وهم يتهمونهم بالانتماء إلى القوات المسلحة السودانية.
صورة من: STR/AFP/Getty Images
الفاشر تتحول إلى مركز للمواجهات الأعنف في دارفور
أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن القيادة ولجنة الأمن في الفاشر قررت مغادرة المدينة بعد الدمار والقتل الممنهج الذي تعرض له المدنيون، موضحًا أنه وافق على مغادرتهم إلى مكان آمن حفاظًا على ما تبقى من الأرواح والممتلكات.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
التجويع كسلاح حرب
مئات الآلاف من المدنيين ظلّوا محاصرين في هذه المدينة لأكثر من 500 يوم، حيث منعتهم قوات الدعم السريع من الوصول إلى الغذاء، ما يُعد استخدامًا للتجويع كسلاح حرب. وخلال الفترة بين 2 و4 تشرين الأول/أكتوبر، نزح نحو 770 شخصًا من المدينة إلى منطقة طويلة بسبب تزايد انعدام الأمن.
صورة من: UNICEF/Xinhua/IMAGO
انتهاكات جسيمة
قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 177 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل مدينة الفاشر، معتبرة أن ما تشهده المدينة من أحداث يرقى إلى "إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج وجرائم حرب مكتملة الأركان".كما حددت اللجنة "مقتل خمسة من متطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني في مدينة بارا شمال كردفان.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
انهيار الوضع الأمني في بارا
في شمال كردفان، أفاد الناجون بتكرار أنماط مماثلة من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان عقب سقوط مدينة بارا مؤخراً، ما أسفر عن نزوح آلاف السكان داخل الولاية. هناك قلق بالغ إزاء احتمال حصار مدينة الأبيض، التي تأوي عشرات الآلاف من النازحين داخلياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة.
صورة من: AFP/Getty Images
طويلة عانت من تفشي الكوليرا
بلدة طويلة بولاية شمال دارفور عانت من تفشي سريع للكوليرا، حيث سُجِّل أكثر من 1.180 إصابة، منها نحو300 طفل، وما لا يقل عن 20 وفاة منذ ظهور أول حالة في21 يونيو/ حزيران 2025. البلدة التي تستضيف أكثر من 500 ألف نازح فرّوا جراء النزاع العنيف منذ أبريل/ نيسان، واجهت وضعاً إنسانياً هشاً للغاية تطلب تدخلاً عاجلاً.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
الخوف من الانتهاكات الجنسية
من بين الانتهاكات الجسيمة المبلغ عنها والتي تهدد سلامة المدنيين، انتشار الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات على يد الجماعات المسلحة، سواء أثناء الهجمات أو خلال فرارهن. وكان المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام قد وثق استخدام العنف الجنسي كأسلوب من أساليب الحرب، وقد وثّق المركز 51 حادثة اعتداء جنسي ضد النساء والفتيات في محليتي وشاطئ بحرينتي وقارسيلا بوسط دارفور.
صورة من: AFP
تقديم الإسعافات لعشرات الجرحى في طويلة
ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن فرقها الطبية العاملة على بُعد نحو 60 كيلومترًا من الفاشر في مدينة طويلة، اساقبلت، عشرات المرضى الفارين من المدينة إلى مستشفى طويلة المكتظ. خلال ليلة 26–27 أكتوبر/تشرين الأول وصل نحو ألف شخص من الفاشر على متن شاحنات إلى مدخل المدينة، حيث أقامت الفرق نقطة صحية ميدانية لتقديم الرعاية الطارئة وإحالة الحالات الحرجة مباشرة إلى المستشفى.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
غوتيريش يشدد على حماية المدنيين
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا يتوانى عن تجديد دعواته إلى وقف القتال فورًا في الفاشر، مع التأكيد على حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بأمان وباستمرار. كما شدد على توفير ممر آمن لأي مدنيين يريدون مغادرة المنطقة طوعًا.