منسق حركة مواطنة: النظام يهدد بـ "إما نحن وإما الإرهاب"
إسماعيل عزام
٣ مارس ٢٠١٩
تنشط حركة "مواطنة" المعارضة بشكل كبير في المسيرات الرافضة لولاية خامسة للرئيس الجزائري بوتفليقة، وقد كانت هذه الحركة من أوائل من دعوا إلى التظاهر في الشارع. DW عربية حاورت سفيان جيلالي، منسق الحركة ورئيس حزب جيل جديد.
إعلان
DW عربية: نحن في الساعات الأخيرة لانتهاء أجل تقديم ملفّات الرئاسة، هل ستقدم حركة "مواطنة" مرشحا لها؟
سفيان جيلالي: لن تقدم حركة مواطنة أيّ مرشح. لأن قواعد اللعبة السياسية لم تكن شفافة، السلطة تحضر للانتخابات لأجل فرض العهدة الخامسة. كل الشروط الموضوعية للمشاركة في الانتخابات غائبة، لذلك رفضنا بشكل مطلق المشاركة.
رغم كل الاحتجاجات، أصرّ بوتفليقة على الترشح، وتم الإعلان عن إيداع ملف ترّشحه في الانتخابات. لماذا كلّ هذا الإصرار؟
الإصرار يعود لزُمرة تحيط ببوتفليقة، توّرطت في فضائح ضخمة تخصّ النهب والسرقة. هذه العصابة خائفة من تغيير النظام وبالتالي المحاسبة، وهي مصرة على الاستمرار مهما كان الثمن الذي سيدفعه الجزائريون فقط.
بوتفليقة يعاني صحياً، فمن هي الأسماء التي تقف وراء ترّشحه؟
هناك عدة أسماء معروفة، منها بعض أفراد عائلته كشقيقيه السعيد والناصر. هناك كذلك قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، والوزير الأول أحمد أويحيى الذي يتحكم في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وكذلك كلّ المسؤولين في حزب جبهة التحرير الوطني، فضلاً عن رجال أعمال مستفيدين من أموال الشعب.
حذر أحمد أويحيى من السيناريو السوري، بينما ألمح أحمد قايد صالح إلى نظرية المؤامرة. هل هناك تخويف باستخدام ورقة "العشرية السوداء"؟
نعم، النظام السياسي استخدم هذه الورقة منذ سنوات، إذ يقولون في كلّ مرة: "إمام نحن وإما الإرهاب". العالم كله يشهد أن المظاهرات في الجزائر التي شارك فيها مئات الآلاف، كانت سلمية وراقية. لا أحد يتحدث في الشارع بشعارات إيديولوجية أو إسلاموية. كلّ الجزائريين يطلبون ذهاب النظام وعلى رأسه الرئيس بوتفليقة.
لكن ما هي ضمانات بقاء الاحتجاجات سلمية؟
وقع بالفعل استفزاز للمتظاهرين من لدن بعض العناصر المجندة من لدن السلطة، كما أنه من الممكن أن تقع بعض الانحرافات، لكن الجميع واعٍ بالأمر. بعد أن قمنا بالمسيرات، اقترحنا داخل الحركة شكلاً احتجاجياً آخر، هو إضراب عام وشامل، ما من شأنه أن يُجّنب المحتجين الاحتكاكات مع عناصر الأمن أو مع البلطجية.
هل يشارك الجيش الجزائري في إخماد الاحتجاجات كما حصل في سوريا؟
01:07
هناك من يشبه بنية النظام الجزائري بالمصري والجزائري، خاصة دور الجيش في العملية السياسية، ويقول إن السلطة قد تذعن لمطالبكم وقد تسهل صعود مرشح مدني، لكن يعود "النظام العسكري" للحكم كما جرى في مصر؟
صحيح هذا ممكن، لكن يجب أولاً أن نفهم طبيعة الدولة الجزائرية، فمنذ إنشائها والجيش هو عمودها الفقري. ما يجب أن ندركه أن الجيش هو الآمر مكون من أبناء الشعب الجزائري حتى وإن كان هناك بعض الضباط الذين ينتمون إلى "المافيا".
نحن الآن نحتاج عملية جراحية دقيقة تمكّن من التفريق بين الوجوه الفاسدة وبين الدولة الجزائرية، فحتى وإن كانت الهتافات ترغب بإسقاط النظام، فالجزائريون لا يريدون إسقاط الدولة الجزائرية. لذلك أظن أن الجزائر مقبلة على مرحلة جديدة تؤدي إلى رحيل الطغمة الفاسدة لكن دون الدخول إلى المجهول.
يعني أنتم مقتنعون أن الجزائر ستشهد تطوّرات خاصة بها لا تحاكي أيّ بلد في المنطقة؟
نعم، فلا يجب أن ننسى أن الجزائر عاشت في تسعينيات القرن الماضي حرباً شبه أهلية ساهم فيها الانقسام والإيديولوجيات المتناحرة. الآن خرجنا من هذه المرحلة، فحتى الإخوان المنتمين إلى التيار الإسلامي نضجوا وأصبحوا مقتنعين بضرورة بناء دولة الحق والقانون.
أقول إنه ليس هناك شرخ بيننا في مبادئ بناء الدولة، فهناك مطالب واضحة مشتركة بين جميع الرافضين لاستمرار بوتفليقة حالياً هي فصل السلطات واستقلال العدالة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. أعتقد أننا في الجزائر تجاوزنا مرحلة الانقسامات التي عشناها في التسعينيات أو عاشتها دول في المنطقة بعد الربيع العربي.
حاوره: إسماعيل عزام
من فارس إلى بوتفليقة.. تعرّف على أبرز رؤساء الجزائر
ترأس الجزائر، منذ استقلالها وإلى الآن، 12 رئيساً، بعضهم لم يتعد حكمهم بضعة أشهر، وبعضهم انتخبوا لأكثر من مرة، بعضهم لم يخف أبدا انتماءه للجيش، والبعض الآخر أصرّ على مساره المدني. نتعرّف على ثمانية من أبرزهم.
صورة من: Getty Images/AFP
عبد الرحمن فارس
قليلاً ما يذكر اسمه لكونه جاء في فترة انتقالية قبل وبعد الاستقلال، فضلاً عن أن منصبه لم يسمّ رسمياً رئيس الدولة، إذ ترأّس الهيئة التنفيذية المؤقتة التي شُكلّت بتفاوض جزائري-فرنسي في مارس/ آذار 1962، لأجل المساهمة في الإشراف على انتخابات تقرير المصير. بقي في هذا المنصب بعد أسابيع من الاستقلال، إلى أن تم انتخاب فرحات عباس، رئيساً لأول مجلس تشريعي، الذي اعتبر الرئيس الثاني للجزائر المستقلة.
صورة من: Getty Images/INA/G. Breemat
أحمد بن بلة
يعدّ أول رئيس منتخب في الجزائر، وأوّل من حاز التسمية رسميا في أكتوبر/ تشرين الأول 1963، لكنه لم يكمل السنتين من حكمه. نال شعبية كبيرة لدوره في حرب الاستقلال إذ كان ممثلا لجبهة التحرير الجزائرية في الخارج. شهدت فترته صراعات سياسية كبيرة، ووُجهت له انتقادات بالاستئثار بالسلطة، كما توترت علاقته مع هواري بومدين، ما انتهى إلى انقلاب الجيش عليه.
صورة من: AP
هواري بومدين
شغل المنصب في يونيو/ حزيران 1965 بانقلاب عسكري مبرّره "التصحيح الثوري" وبقي فيه إلى وفاته في سن مبكرة (46 عاما) نهاية عام 1978. اسمه الحقيقي محمد بوخروبة، يعدّ أحد أكثر رؤساء الجزائر شعبية في العالم العربي خاصة تبنيه فكرة تشجيع الحركات التحررية وتضامنه مع الفلسطينيين. أطلق عدة برامج اقتصادية وسياسية لبناء الدولة، رغم الانتقادات الموّجهة له بتبنّي نظام سلطوي والاعتماد على مؤسسة الجيش.
صورة من: Getty Images/AFP
الشاذلي بن جديد
انتخب منسق شؤون وزارة الدفاع، الشاذلي بن جديد، خلفا لبومدين، واستمر من عام 1979 إلى 1992 بعد إعادة انتخابه مرتين متتاليتين. عانت الجزائر في نهاية عهده من أزمات اقتصادية بسبب تدهور أسعار النفط، ومن صراعات سياسية حاول تجنبها بإقرار دستور جديد والتعددية السياسية. لكنه استقال منصبه بعد انتخابات 1991 التي فاز فيها الإسلاميون وتدخل الجيش لإلغاء نتائجها، ما كان مقدمة لما يسمى بـ "العشرية السوداء".
صورة من: Getty Images
محمد بوضياف
أحد رجالات الثورة، لكنه أجبر على المنفى بعد خلافاته مع بن بلة ومن بعده بومدين. كان يعيش في المغرب عندما لبّى دعوة الاضطلاع برئاسة المجلس الأعلى للدولة بداية 1992. لكنه اغتيل بعد حكمٍ لم يدم سوى خمسة أشهر ونصف. وُجه الاتهام لضابط قيل إنه متعاطف مع الإسلاميين، لكن مراقبين قال إن الاغتيال كان مدبرا من جهات أعلى، خاصة مع إعلان بوضياف الحرب على الفساد غداة تعيينه.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/Getty Images
علي كافي
اختير خلفاً لبوضياف نظرا لمساره العسكري والسياسي في جزائر ما قبل وبعد الاستقلال وقيادته الأمانة العامة لمنظمة المجاهدين (مقاومي الاستعمار). لم تكن بصمته حاضرة كثيراً، كما لم يستطع وقف حمام الدم في البلاد إلى حين تسليمه السلطة لخلفه اليمين زروال في يونيو 1994، لكن مذكراته التي صدرت بعد سنوات من التزامه الصمت أثارت جدلا في البلد لتطرقها إلى فترة الثورة.
صورة من: Getty Images/Gamma-Rapho
اليمين زروال
وزير الدفاع الذي عُيّن خلفاً لعلي كافي. أضفى "شرعية سياسية" على منصبه، بعد انتخابه رئيسا للبلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني 1995. فتح في البداية قنوات حوار مع جبهة الإنقاذ الإسلامية، لكن العملية فشلت. صدر في عهد زروال دستور جديد للبلاد، قبل أن يعلن عدم نيته الترشح لانتخابات 1999، بعد إخفاقه في وقف مجازر "العشرية السوداء".
صورة من: Getty Images/Corbis/Sygma/P. Robert
عبد العزيز بوتفليقة
انتُخب في أبريل/ نيسان 1999. هو وزير الخارجية بين عامي 1963 و1979. قدم أول ترشح له للرئاسة بصفته مرشحا مستقلا. شهدت سنواته الأولى شعبية كبيرة لمساهمته في إصدار قانون المصالحة الوطنية وبالتالي إنهاء الحرب الأهلية، لكن شعبيته تراجعت بعد تعديل الدستور لتمكنيه من ولاية رئاسية ثالثة. رغم إصابته بجلطة دماغية عام 2013، إلا أنه انتخب لولاية رابعة، فضلاً عن ترشحه لولاية خامسة.