"منصات الإنزال".. هل ستوقف تدفق المهاجرين على أوروبا؟
٢٦ يونيو ٢٠١٨
مع توالي الأخبار حول إنقاذ مهاجرين وغرق آخرين في البحر، وتصاعد الخلاف بين دول الاتحاد الأوروبي حول كيفية وقف تدفق المهاجرين، تم الكشف عن مقترح أوروبي حول إنشاء "منصات إنزال" خارج الاتحاد لإيواء اللاجئين ودراسة طلباتهم.
إعلان
كشفت مسودة وثيقة أعدها مكتب رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، عن طرح فكرة إقامة "منصات إنزال" أي مراكز إيواء مؤقتة للمهاجرين خارج حدود الاتحاد الأوروبي. وسيتم طرح الوثيقة على قمة القادة الأوروبيين التي ستعقد في بروكسل يومي 28 و29 يونيو/ حزيران الجاري، خلال بحثهم أزمة سياسة الهجرة.
وحسب المسودة ستخصص هذه المراكز لاستقبال المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا، حيث ستقرر السلطات المختصة هناك من يحتاج إلى الحماية ومن ينبغي إعادته إلى بلده الأصلي.
وحسب مسودة الوثيقة فإن "مثل هذه المنصات ستوفر إجراءات سريعة للتمييز بين المهاجرين لأسباب اقتصادية وهؤلاء الذين يحتاجون الحماية الدولية، وتقليص الحافز للشروع في الرحلات المحفوفة بالمخاطر".
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي لمهاجر نيوز إن وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة اقترحت فكرة منصات الإنزال وتم إضافتها لمسودة رئيس المجلس. وقال المسؤول "سمع الرئيس توسك بهذه الفكرة فأثارت اهتمامه".
كما قدم زعماء أوروبيون اقتراحات مماثلة لإضفاء طابع خارجي على معالجة قضية المهاجرين في شمال أفريقيا. وحسب المسؤولي الأوروبي فإن فكرة إنشاء منصات الإنزال "أكثر مصداقية، لأنها أتت من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين".
مسائيةDW : ما أهداف زيارة ميركل الجديدة للأردن ولبنان؟
40:37
غموض قانوني وصعوبة لوجستية
و يأتي هذا الاقتراح في مسودة المجلس، وسط خلافات قوية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حول من المسؤول عن اللاجئين واقتراحات أخرى تتعلق بتعزيز حماية الحدود وتقليص أعداد المهاجرين.
وقد تكون الإشارة السريعة والغامضة إلى منصات الإنزال الإقليمية في المسودة متعمدة، حسب رأي مديرة معهد سياسات الهجرة في أوروبا، إليزابث كوليت، وذلك من أجل "التخلص من أفكار أكثر تشددا"، و في نفس الوقت لإعطاء الانطباع للجميع بأن كل واحد يتم "الاستماع" إلى رأيه والأخذ به.
وفي حين لا تزال الفكرة غامضة، فإن أي اقتراح لإضفاء طابع خارجي على عملية اللجوء الأوروبية يبقى أمرا معقدا، وربما "غير عملي"، حسب كوليت. التي تضيف بأن الأمر لا يزال في "منطقة مجهولة، من الناحية القانونية واللوجستية"، ولا تزال هناك أسئلة مهمة يجب الإجابة عليها، مثل "هل ستكون هذه العملية إجراءات لجوء ذات طابع أوروبي؟ أو أن هذا قرار من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بشأن أشخاص من خارج الاتحاد الأوروبي، الملزم فقط بإعادة توطينهم؟"
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش
صورة من: picture-alliance/V.Mayo
11 صورة1 | 11
المواقع المحتملة في شمال أفريقيا
ليس واضحا بعد أين سيتم إنشاء هذه المنصات المقترحة، لكن المسؤول في بروكسل ذكر لمهاجر نيوز، أنها على الأرجح ستكون في دول خارج الاتحاد الأوروبي.
بدوره نفى ديميتريس أفراموبولوس، مفوض الهجرة في الاتحاد الأوروبي، تقارير إعلامية تشير إلى أن ألبانيا قد تكون موقعاً لمثل هذه المراكز، وذلك بعد محادثات أجراها المفوض الأوروبي مع وزراء داخلية دول غربي البلقان. وقال أفراموبولوس "لم تجر مناقشات حول إقامة مخيمات في ألبانيا أو في أي مكان آخر في أوروبا".
وأعرب مسؤول الاتحاد الأوروبي أثناء حديثه مع مهاجر نيوز، عن اعتقاده بأن الفكرة كانت حول إنشاء المراكز في شمال أفريقيا. ونقلت فرانس برس عن مصادر أوروبية أن تونس إحدى الدول التي تدخل ضمن الخيارات.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي اقترحوا من قبل إقامة مثل هذه المراكز في دول شمال أفريقيا، وقد أعلنت المستشارة أنغيلا ميركل أنها منفتحة على مسألة معالجة طلبات اللجوء في مخيمات في ليبيا.
وتشمل مسودة جدول أعمال القمة الأوروبية المقبلة، مقترحات لزيادة الدعم المقدم إلى خفر السواحل الليبي والمجتمعات المحلية لتشجيع الناس على البقاء في بلادهم، وعدم مغادرتها باتجاه أوروبا.