1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

منطقة التبادل التجاري الحر الإفريقية.. رهانات وتحديات كبيرة

٨ يوليو ٢٠١٩

بعد 17 عاما من المفاوضات الصعبة، أطلق الاتحاد الإفريقي "المرحلة التشغيلية" لمنطقة التجارة الحرة القارية التي وصفها رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي بأنها "لحظة تاريخية". لكن هذا المشروع الطموح يواجه عقبات وتحديات عديدة.

Mosambik Maputo | Hafen, Container
صورة من: Imago Images/Anka Agency International

رغم أنه يتم التنبأ في إفريقيا للفترة ما بين 2019 و 2020 بمعدل نمو في حدود 3,6 بالمائة وأن الاقتصاديات الأسرع نموا في العالم موجودة في القارة السمراء، هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به. فإفريقيا لا تزال رهينة المواد الخام والصادرات الزراعية، ومواد الاستثمار ومنتجات المواد الغذائية يتم استيرادها في الغالب من خارج القارة.

وفي هذا السياق أطلق الاتحاد الإفريقي خلال قمته الأخيرة في نيامي "المرحلة العملية" من منطقة التبادل التجاري الحر القارية، بعدما حصل هذا المشروع الهام لتحرير اقتصاد إفريقيا على دعم نيجيريا، أكبر قوة اقتصادية في القارة. غير أن المراقبين يلفتون إلى أنه بالرغم من إطلاق المشروع الطموح، لا تزال مفاوضات شاقة ومطولة تجري في الكواليس لتنفيذ الخطة التي قد تشمل 55 دولة و1,2 مليار نسمة، وإجمالي ناتج محلي يزيد عن 2,5 تريليون دولار.

وقال مفوض الاتحاد الإفريقي للتجارة والصناعة ألبرت موشانغا "يجب تحديد جدول زمني حتى يتمكن الكل من لعب دوره في التحضير للسوق، وأوصينا بالتالي أن يكون التاريخ في الأول من تموز/يوليو 2020". لكنه أضاف "هذا ليس نهائيا، لا يزال يتحتم على القمة أن تبحث التوصية (...) وافق وزراء التجارة، وبالتالي يمكن منطقيا ترقب موافقة رؤساء الدول أيضا".

وخلال القمة الأخيرة تم تتم إعلان غانا مقرا للمنطقة التجارية في المستقبل وأجريت مباحثات بشأن كيفية عمل هذا التكتل على وجه الدقة. غير أن  مديرة مركز "ترالاك" القانوني في جنوب إفريقيا ترودي هارتزنبرغ أشارت إلى أن "المفاوضات حول بعض النقاط البالغة الأهمية لم تنجز بعد"، وذكرت أن من بين هذه النقاط الجدول الزمني لخفض الرسوم الجمركية المرتقب في منتصف 2020، والقواعد التي تحكم تصنيف سلع على أنها صنعت في إفريقيا وكذلك قوانين المنافسة بين الدول وآليات التحكيم في الخلافات.

وتهدف منطقة التبادل التجاري الحر إلى تشجيع التجارة بين دول القارة وجذب المستثمرين والسماح للدول الإفريقية بالخروج من ارتهانها لاستخراج المواد الأولية.

محمدو بخاري، رئيس نيجيريا يوقع على اتفاقية إطلاق منطقة التبادل التجاري الحرصورة من: Getty Images/AFP/I. Sanogo

تحديات قد تعرقل نجاح المشروع

ويتوقع الاتحاد الإفريقي أن يؤدي المشروع إلى زيادة الحركة التجارية بين بلدانها بنسبة تصل إلى حوالى 60 بالمائة بحلول عام 2022، في حين يشير معارضو المشروع إلى عدم تكامل الاقتصادات الإفريقية ويخشون أن يتضرر بعض صغار المنتجين الزراعيين والصناعيين جراء تدفق بضائع مستوردة متدنية الأسعار.

وتتم حاليا 16بالمائة فقط من تجارة الدول الإفريقية فيما بينها، وذلك بشكل أساسي داخل تكتلات اقتصادية على غرار "مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (سيدياو) ومجموعة شرق إفريقيا. على سبيل المقارنة، فإن 65 بالمائة من الحركة التجارية للدول الأوروبية تتم داخل الاتحاد. وتقول جاكي سيليرز من معهد الدراسات الأمنية "إفريقيا تزاول التجارة مع باقي العالم، لكن ليس مع نفسها" مضيفة أن "منطقة تبادل حر تكاد تكون شرطا مسبقا لعملية التصنيع".

وترى هارتزنبرغ أن "تنفيذ منطقة التبادل الحر القارية سيتم شيئا فشيئا" على عدة سنوات، موضحة أن نجاح المشروع يتوقف إلى حد بعيد على إزالة العقبات "غير الضريبية" مثل الفساد وترهل البنى التحتية وفترة الانتظار على الحدود، وهو ما تعتزم "منطقة التبادل الحر" العمل عليه.

وأكد صندوق النقد الدولي في تقرير له في نيسان/أبريل أن "تحسين اللوجستية التجارية مثل خدمات الجمارك، وتسوية مشكلة البنى التحتية المتردية، قد يكون أكثر فاعلية بأربع مرات من تخفيض الرسوم الجمركية من أجل تشجيع التجارة".

من جهتها لفتت إليسا جوبسون من مجموعة الأزمات الدولية إلى أن "اتفاق (التبادل الحر) بين كندا والاتحاد الأوروبي جرى التفاوض بشأنه على مدى سبع سنوات رغم أنه كان يتعلق بدولة من جهة، ومجموعة متجانسة نسبيا من 28 دولة من جهة أخرى، وليس 55 دولة على مستويات متفاوتة جدا من النمو الاقتصادي". وأضافت "سيستغرق الأمر حوالى عقد حتى تظهر المفاعيل الإيجابية. لن يتغير الوضع بضربة عصا سحرية".

صورة جماعية للمشاركين في قمة الاتحاد الإفريقي في نيامي بالنيجرصورة من: AFP/I Sanogo

الصناعات المحلية في خطر

وبالرغم من توقيع 52 دولة على اتفاق إنشاء المنطقة منذ طرح المشروع في تموز/يوليو 2018، إلا أنه لم يكن من الممكن بدء تنفيذه قبل أن تصادق على الأقل 22 دولة عليه. وتم تخطي هذا العدد مع بلوغ عدد الدول الموقعة 25، من بينها العديد من الدول الكبرى مثل جنوب إفريقيا ومصر وكينيا وإثيوبيا. غير أن المشروع كان يعاني حتى وقت قريب من غياب نيجيريا البالغ عدد سكانها 190 مليون نسمة.

وشجعت نيجيريا التي يقوم اقتصادها بشكل أساسي على صادراتها النفطية، المحادثات الأولية حول المشروع عند بداية الألفية. لكن النهج الحمائي طغى على الانفتاح، ولا سيما مع الانكماش الكبير الذي عانت منه في عامي 2016 و2017.

ويخشى منتقدو المشروع في نيجيريا أن تتضرر الصناعات المحلية التي تعاني من تكاليف بنيوية مرتفعة جدا (نقص البنى التحتية وانقطاع الكهرباء وأسعار الإيجارات وغيرها....) نتيجة حركة استيراد كثيفة. وسيكون بإمكان الدول الأعضاء حماية بعض القطاعات من تخفيض سريع للرسوم الجمركية.

والهدف في المرحلة الأولى هو إلغاء الرسوم الجمركية عن 90 بالمائة من البضائع، فيما يتم إلغاء الرسوم عن 7 بالمائة من البضائع المتبقية في مرحلة أطول يعود لكل دولة أن تحددها. أما نسبة 3 بالمائة المتبقية من البضائع، فلا ترفع عنها الرسوم. وقالت هارتزنبرغ "يمكننا أن نتصور أن تحاول دولة مثل جنوب إفريقيا حماية قطاعات مثل النسيج والسيارات، وهما قطاعان شديدا الأهمية لاقتصادها".

والمنطقة التجاريّة ستكون جاهزة للعمل بدءا من الأوّل من تمّوز/يوليو 2020، ما يُتيح للدول الأعضاء التكيّف مع التغييرات التي ستطرأ. ويقدر الاتحاد الإفريقي أن الاتفاق سيعزز التجارة البينية في القارة بنسبة 60 بالمائة بحلول عام 2022. وفي الوقت الحالي، فإن التجارة البينية بين الدول الإفريقية تبلغ 16 بالمائة مقارنة بـ65 بالمائة مع الدول الأوروبية.

م.أ.م/ ع.ج

     

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW