دعت منظمات حقوقية صندوق النقد الدولي لربط القرض الذي يتفاوض عليه مع مصر بـ"ضمان ظروف حياة كريمة لكل المصريين خصوصاً في مجال الغذاء"، محذرة من أن القرض الجديد يعني زيادة الضرائب وتقليل الدعم الحكومي للسلع الأساسية.
إعلان
طالبت سبع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتش ووتش اليوم الإثنين (الرابع من نيسان/أبريل 2022) صندوق النقد الدولي بربط قرض جديد يتفاوض عليه في الوقت الراهن مع مصر بمنح المصريين المزيد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتحلي بالمزيد من الشفافية حول دور الجيش في الاقتصاد.
ومصر التي تعتمد بشكل كبير على واردات القمح وزيت دوّار الشمس من روسيا وأوكرانيا، تضرّرت بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10% على أساس سنوي في شباط/فبراير، في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20%.
وحذرت المنظمات من أن قرضاً جديداً من صندوق النقد الدولي سيعني مزيداً من الضرائب ودعماً حكومياً أقل للسلع الأساسية. ولذلك ينبغي، وفق المنظمات، "ضمان ظروف حياة كريمة لكل المصريين خصوصاً في مجال الغذاء".
ويعيش 30 مليون مصري، من بين 103 مليوناً هم إجمالي عدد السكان، تحت خط الفقر ويعاني ثلاثون مليوناً آخرين من أوضاع هشة، بحسب البنك الدولي.
وإضافة الى دعم الفقراء، تطالب المنظمات بالسماح للقطاع الخاص بالعمل بعد أن تقلصت مشاركته بشكل كبير في الأنشطة الاقتصادية خارج قطاع النفط منذ أربع سنوات لصالح الجيش.
وتقول المنظمات السبع إن "التوسع الاقتصادي الشرس للجيش يتزامن مع القمع السياسي المتزايد والذي يطال أحياناً رجال أعمال"، مشيرة إلى أن "الحكومة دأبت على تقويض استقلالية هيئاتها الخاصة بمكافحة الفساد ولم تنفذ قوانين مكافحة الفساد".
مسائيةDW : ماذا بعد "تعويم" الجنيه المصري؟
20:19
وقفز معدل التضخم في مصر بعد أن أطلقت القاهرة برنامجاً اقتصادياً إصلاحياً في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 برعاية صندوق النقد الدولي. وبناء على هذا البرنامج منح الصندوق القاهرة قرضاً بحوالي 12 مليار دولار مقابل إجراءات تقشفية صارمة، بما في ذلك خفض قيمة الجنيه وإعادة النظر في نظام دعم المواد الغذائية الأساسية.
وفي 2020 وافق صندوق النقد على برنامج بقيمة 5,4 مليار دولار لمساعدة مصر على مواجهة تداعيات كوفيد، الجائحة التي تضرّرت منها مصر بشدة من جراء التوقّف المفاجئ في حركة السياحة والنقل الجوي. وحصلت القاهرة على الدفعة الأخيرة من هذا البرنامج في حزيران/يونيو 2021.
م.ع.ح/خ.س (أ ف ب)
دعم المواد الغذائية في مصر.. محطات وأزمات لا تُنسى
منذ عقود تطبق الحكومات المصرية برامج لدعم عدد من السلع الأساسية. وقد اختلفت طبيعة تلك السلع وكميتها بحسب الاحتياجات والظروف الاقتصادية والاجتماعية، وحظي الخبز بالقسم الأكبر من الدعم في تلك البرامج المطروحة للنقاش مجددا.
صورة من: Amr Abdallah Dals/Reuters
1910 - نهاية الحرب العالمية الاولى
في العقد الثاني من القرن الماضي اتخذت مصر لفترة طويلة خطوات للحفاظ على أسعار الخبز بأسعار معقولة. وبعد فترة وجيزة من نهاية الحرب العالمية الأولى، استوردت القمح ودقيق القمح من أستراليا وباعته بخسارة في متاجر مملوكة للحكومة في محاولة لخفض الأسعار المحلية.
صورة من: Glasshouse Images/picture alliance
الأربعينيات - آثار الحرب العالمية الثانية تصل المجتمع المصري
استحدثت مصر نظام التوزيع بالبطاقات لكافة المواطنين لمواجهة شح عدد من السلع الأساسية إبان الحرب التي أثرت بشدة على مستوى المعيشة، وذلك من خلال برنامج بلغت قيمته مليون جنيه مصري. في بعض الأحيان، كان يتم دعم المواد الغذائية ومواد أساسية أخرى شهرياً كالسكر، وزيت الطعام، والشاي والكيروسين. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واستقرار الأوضاع التجارية والاقتصادية عالمياً تم إلغاء الدعم الحكومي.
صورة من: Courtesy Everett Collection/picture alliance
الخمسينيات والستينيات - مظلة الدعم تمتد وتتسع
وسعت مصر نظام دعم المواد الغذائية، لكن تكلفة دعم القمح كانت ضئيلة في سنوات عديدة. شمل الدعم كل القطاعات، فيما قدمت الحكومة دعماً غير مباشر لهيئات حكومية لسد العجز لديها كالنقل العام والكهرباء والمياه والسكك الحديدية والوقود وغيرها. بدأ استخدام البطاقات التموينية لتوفير سلع رئيسية نقصت بعد 1967 نتيجة للحرب وتمكن المواطن من الحصول على حصص شهرية شملت الدقيق والسكر والصابون والأرز وزيت الطعام.
صورة من: Erich Lessing/akg-images/picture-alliance
عقد السبعينيات - أزمة إمدادات القمح العالمية تصل مصر
تمت إضافة بعض السلع التموينية مثل البقوليات وبعض المجمدات مثل الدجاج واللحوم، مع الإبقاء على دعم المواصلات والكهرباء والمحروقات لتصل قيمة الدعم المباشر عام 1970 إلى نحو 20 مليون جنيه. لكن زيادة حادة في أسعار القمح بالسوق العالمية أوائل السبعينيات أدت إلى ارتفاع تكلفة دعم المواد الغذائية الذي بدأ يستحوذ على نسبة كبيرة من الإنفاق الحكومي.
صورة من: Michel Dieuzaide/akg-images/picture alliance
1977 وانتفاضة الخبز
أعلن الرئيس الراحل أنور السادات عن زيادة أسعار بعض المواد الغذائية والسلع، كالخبز والشاي والأرز والسكر واللحوم والمنسوجات وغيرها من السلع الضرورية بنسبة تصل إلى الضعف، ما تسبب بغضب شعبي عارم وأحداث عُرفت وقتها بانتفاضة الخبز، وهذا ما دفع الحكومة لحظر التجوال ونزل الجيش إلى الشارع للسيطرة على أعمال تخريب استهدفت مبانٍ حكومية ومحلات تجارية. ولم يعد الهدوء حتى تراجعت الحكومة عن قراراتها.
صورة من: UPI/dpa/picture-alliance
الثمانينيات والتسعينيات - زيادات طفيفة في سعر الخبز
بقيت أسعار الخبز المدعوم عند نصف قرش حتى منتصف 1980، ثم تقرر زيادة سعره إلى قرش واحد. وخلال عام 1984 رفعت الحكومة سعر الخبز المدعوم إلى قرشين واستمر ذلك حتى عام 1988 عندما تقرر زيادة سعره إلى 5 قروش. خفضت مصر ببطء برامج الدعم خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات. وفي حين لم يتم رفع أسعار الخبز بشكل مباشر، تم إدخال تغييرات طفيفة تتعلق بحجم وجودة الأرغفة، مما ساعد في تقليل تكلفة البرامج.
صورة من: Herve Champollion/akg-images/picture-alliance
2011 - "عيش - حرية - عدالة اجتماعية"
"عيش" (خبز) كانت الكلمة الأولى في الشعار الرئيسي لانتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك. كانت الإشارة إلى "العيش - الخبز" رمزية كإشارة إلى عدم وجود ما يكفي من الوظائف وانخفاض الدخل لدى شرائح عديدة من المواطنين الذين لجأ عدد كبير منهم إلى العمل في وظيفتين وحتى ثلاث وظائف لسد الاحتياجات الأساسية من تعليم وصحة وغذاء وسكن. وفي ميدان التحرير رسم فنانو الغرافيتي "العيش" على الجدران.
صورة من: Amr Nabil/AP/picture alliance
2013 إلى اليوم
اتخذت الحكومة منذ 2013 عدة قرارات متعلقة برفع الدعم عن كثير من الخدمات والسلع، كان أبرزها رفع متتالي لأسعار الكهرباء والغاز الطبيعي والوقود، وامتد الأمر مؤخراً إلى حديث عن رفع الدعم عن رغيف الخبز، بهدف توفير الأموال اللازمة لمنظومة التغذية المخصصة للمدارس بقيمة 8 مليارات جنيه مصري. وتوفر الحكومة حاليا رغيف الخبز المدعوم لنحو 60 مليون شخص، بمعدل 5 أرغفة للفرد يومياً، بسعر 5 قروش للرغيف الواحد.