منظمات دولية: القانون الجزائي المغربي يضيق على حرية التعبير
٤ مايو ٢٠١٧
حثَّت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومنظمة "فريدوم ناو" الحكومة المغربية الجديدة والبرلمان، على اعتماد تشريع يلغي تجريم التعبير السلمي، حيث دعتا إلى توضيح تعريف الجريمة المتعلقة بـ"الإرهاب" و"التحريض ضد الوحدة الترابية".
إعلان
صرحت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"فريدوم ناو" الخميس (الرابع من أيار/ مايو) أن قانون الصحافة الجديد في المغرب الساري منذ آب/أغسطس 2016، أتاح بعض التقدم لكن حرية التعبير تبقى مقيدة بشكل كبير بموجب القانون الجزائي. ويمثل هذا القانون أحد أبرز إصلاحات الحكومة السابقة.
وكان القانون الذي أعده ودافع عنه وزير الاتصال السابق مصطفى الخلفي وحل محل قانون 2002، قوبل باحتجاج العاملين في القطاع رغم إقرار بعضهم بأنه تضمن بعض التقدم خصوصا لجهة إلغاء عقوبة السجن. غير أن "هيومن رايتس ووتش" التي قالت إنها "حللت بعمق هذا المشروع"، ولاحظت أن قانون الصحافة الجديد يلغي عقوبة السجن، لكن القانون الجزائي المعدل لا يزال ينص عليها خصوصا في ما يخص الكتابات والخطب العامة التي تتجاوز "الخطوط الحمر" وتحديدا الملكية والإسلام و"الوحدة الترابية" وبالذات ملف الصحراء الغربية الشديد الحساسية، و"تمجيد الإرهاب".
وقالت سارة ليا ويتسون المسؤولة في "هيومن رايتس ووتش" إن "إلغاء عقوبات السجن في قانون لتضمينها في قانون آخر، هذا ما يطلق عليه الإصلاح المقنع". وشددت على "أن التعبير السلمي يجب ألا يكون موضع عقاب بالسجن في المغرب". لكن في المقابل، دافع مصطفى الخلفي الذي أصبح الآن المتحدث باسم الحكومة عن بعض أوجه إصلاحه ومنها خفض بعض العقوبات وإلغاء عقوبة السجن بالنسبة لثلث الأفراد وإنهاء مصادرة الصحف بدون إذن قضائي، الأمر الذي لم تنكره "هيومن رايتس ووتش".
من جهتها أشارت منظمة "فريدوم ناو" في بيان نشر الخميس إلى نقل "الإجراءات السالبة للحرية بالنسبة للصحافيين" من قانون الصحافة إلى القانون الجزائي. ونددت بـ"هيمنة الفكر الواحد على حساب تعددية الأفكار" و"استهداف القضاء للصحافيين عبر محاكمات مفبركة" من أجل "إسكات كل فكر نقدي".
وأضافت هذه الجمعية التي يرأسها معاطي منجب الملاحق من القضاء خصوصا بتهمة "الإساءة لأمن الدولة"، أن هذه "السياسة القمعية المتعددة الأوجه" تهدف إلى "إبقاء السيطرة على سوق الإعلام للاستمرار في خنق وسائل الإعلام ماليا".
وصادق البرلمان المغربي العام الماضي على قانون جديد للصحافة، تقدمت به الحكومة، خال من العقوبات السجنية، لكن القانون الجنائي المغربي لا يزال يتضمن مواداً تعاقب بالسجن في بعض "جرائم النشر".
وتعهدت الحكومة المغربية الجديدة، في برنامجها الذي صوت عليه البرلمان، الأربعاء الماضي، بـ "تعزيز الحريات الإعلامية ودعم الصحافة، وتفعيل النظام الأساسي للصحافيين المهنيين، والقانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة".
كما تعهدت باعتماد سياسة "مندمجة" في مجال حقوق الإنسان، وتحيين خطة عمل وطنية، في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان، بدءاً من 2018، وتعزيز الإطار القانوني، وتطوير المؤسسات الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان.
يشار إلى أن المغرب حل في المرتبة 133 بين 180 دولة في ترتيب منظمة مراسلون بلا حدود لمدى توافر حرية الصحافة لعام 2017.
ع.أ.ج/ ع.ش (أ ف ب)
مقتل بائع السمك محسن فكري يشعل نار الاحتجاجات في المغرب
لايزال مقتل بائع السمك، الذي مات سحقا في شاحنة نفايات عندما حاول على ما يبدو إنقاذ بضاعته بعد مصادرتها، يثير غضب العديد من المغاربة الذين خرجوا باحتجاجات ضد "الظلم المسلط على المواطن". فهل ينجح الملك في تهدئة الأجواء؟
صورة من: AP
تتواصل في المغرب الاحتجاجات الغاضبة بعد أن لقي بائع السمك محسن فكري مصرعه سحقا في شاحنة نفايات عندما حاول على ما ييدو استرداد بضاعته من السمك بعدما صادرتها الشرطة في مدينة الحسيمة، شمالي المغرب، بتهمة بيع سمك يحظر صيده في هذه الفترة من السنة وألقت بها في النفايات، وفق ما تقول السلطات المغربية.
صورة من: picture alliance/AA/J. Morchidi
الاحتجاجات انطلقت من مدينة الحسيمة، موطن بائع السمك، وشملت عدة مدن مغربية بينها الدار البيضاء والرباط. البعض يحمّل السلطات الأمنية مسؤولية مقتل محسن فكري الذي حاول استرداد بضاعته بعد مصادرتها والإلقاء بها في القمامة، فيما يرى البعض الآخر أن بائع السمك انتحر بعد شعوره بـ"الحقرة"، أي الظلم والقهر.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Senna
حادثة مقتل بائع السمك محسن فكري في مدينة الحسيمة المغربية تذكر كثيرا بحادثة البائع المتجول محمد البوعزيزي والذي صودرت بضاعته من قبل الشرطة البلدية في مدينة سيدي بوزيد، وسط تونس، قبل أن يضرم النار في جسده بعدما شعر بتعرضه للظلم والقهر. نيران أشعلت لهيب الثورات العربية التي لايزال لهبها متواصلا في العديد من الدول العربية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
على أية حال، وبعكس الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي الذي لم يعر حادثة البوعزيزي في البداية أهمية كبيرة، فقد كانت ردة فعل الملك المغربي محمد السادس سريعة، إذ أنه وبعيد حادثة مقتل بائع السمك محسن فكري، سارع بإصدار تعليمات "لإجراء بحث دقيق ومعمق ومتابعة كل من ثبتت مسؤوليته في هذا الحادث، مع التطبيق الصارم للقانون في حق الجميع".
صورة من: Getty Images
واستجابة لتعليمات الملك، تحيل النيابة العامة الثلاثاء (الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2016) 11 شخصا من مختلف المصالح إلى قاضي التحقيق بتهم القتل غير العمد في قضية محسن فكري. لكن ماذا عن القضايا الأخرى؟ وفق اللافتة التي يحملها هذا الشاب خلال احتجاجات في مدينة الحسيمة، هناك عدة ملفات أخرى تحتاج التحقيق مثل تهريب الأمول إلى بنما والتي تورط فيها أحد مستشاري الملك وكذلك إلى قضية "مي فتيحة".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Senna
قضية "مي فتيحة"، وهي أرملة كانت تبيع الفطائر في مدينة قنيطرة المغربية" قبل أن تضرم قبل بضعة أشهر النار في جسدها بعدما صادرت السلطات عربتها، وإن تم لملتها بسرعة بعد تدخل الملك المغربي وإصداره تعليمات لوزير الداخلية بمحاسبة المسؤولين عن مقتلها بصرامة، إلا أنها ظلت باقية في الأذهان. فهل ينجح الملك هذه المرة في إسكات الغاضبين؟
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Senna
مراقبون يكادون يجمعون على أن الاحتجاجات التي تشهدها المملكة المغربية في الوقت الراهن أحد أكبر الاحتجاجات على مستوى البلاد منذ عام 2011 عندما نظمت حركة 20 فبراير مظاهرات تطالب بالإصلاح الديمقراطي مستلهمة انتفاضات الربيع العربي التي اندلعت في مختلف أرجاء المنطقة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Senna
الاحتجاجات في المغرب ليست بالجديدة، إذ كثيرا ما ينظم العاطلون عن العمل احتجاجات أمام مقر الحكومة والبرلمان للمطالبة بالتشغيل. لكن الاحتجاجات الحالية التي تشهدها البلاد تكاد تشمل جميع فئات المجتمع ضد ما يعتبرونه "الظلم المسلط على المواطن البسيط".
صورة من: Reuters
الثورات العربية التي شهدتها المنطقة والمظاهرات التي نظمتها حركة 20 فبراير دفعت بالملك إلى القيام بعدة إصلاحات، قال مراقبون عنها بأنها سحبت البساط من تحت أقدام الحركة. لكن ماذا عن الاحتجاجات الجديدة؟ على أية حال التطورات الجديدة تتزامن مع استعداد المملكة لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2016 خلال الشهر الجاري، في حين يبدأ رئيس الوزراء تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات الأخيرة.