منظمات دولية: ضرورة إعانة المهاجرين وحماية بياناتهم الشخصية
٩ أغسطس ٢٠١٨
حذر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر من محاولات حكومية الحد من الهجرة من خلال التضييق على المهاجرين من جهة الحصول على المساعدات، داعياً لخلق "جدار حماية" يمنع تبادل المعلومات بين المنظمات الإغاثية والسلطات.
إعلان
في الوقت الذي يكافح فيه قادة أوروبا والعالم لإيجاد أرضية مشتركة حول سياسة الهجرة، أصدر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC) ملاحظة تحذيرية: ليس هناك من أي هدف سياسي يمكن أن يبرر معاناة الناس الأكثر ضعفاً، بما في ذلك المهاجرين.
وأوضح فرانشيسكو روكا، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، في حديثه في نيويورك خلال الجولة الأخيرة من مفاوضات الميثاق العالمي للهجرة، أن الوضع القانوني للشخص المهاجر يجب أن لا يكون له أي تأثير على حقه في الحصول على الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية.
وقال روكا: "إن إحكام السيطرة على الحدود أمر لا يتطلب الإساءة للناس، ولا يتطلب منعهم من تلقي الغذاء والمسكن والرعاية الصحية"، مردفاً أن لكل شخص الحق في أن يُعامل بكرامة واحترام.
وذكر روكا في تقريره المعنون "النظام العالمي المسوّر بالجدران: كيف تحوّل العوائق التي تمنع الوصول للخدمات الأساسية الهجرة إلى أزمة إنسانية".
ويصف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر FICR بعض الطرق التي يمنع بها المهاجرون من الحصول على الدعم، بعضها يجري بشكل علني وعلى رؤوس الأشهاد، كاستبعاد بعض الفئات من المهاجرين ومنعهم من الحصول على المساعدات. وأشار التقرير إلى بعض الطرق الأخرى، كإشاعة الخوف من التعرض للمضايقة والاعتقال والترحيل أو الحواجز اللغوية. وأكد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في تقريره أن "يتمتع كل المهاجرين بحقوق أساسية بما فيهم أولئك الذين ليس لديهم فرص بالحصول على حق اللجوء".
كما أشار الاتحاد إلى بعض الحالات، التي يستعمل فيها تقييد حصول المهاجرين على المساعدات كاستراتيجية خلقت خصيصًا "للحد من الهجرة وإيقاف عجلتها". وأوضح الاتحاد أن هذه الطريقة لا تتنافى مع الأخلاق فحسب، بل أنها أيضاً لا تخدم الجانب الاقتصادي. ويستشهد الاتحاد بدراسات، على سبيل المثال التي أجريت في ألمانيا واليونان، وأظهرت أن منح المهاجرات غير الشرعيات من إمكانية الحصول على الرعايا الصحية في مرحلة قبل الولادة، يمكن أن يوفر ما يصل إلى 48 بالمائة مقارنة بتكاليف الرعايا الصحية الطارئة.
وأشار نفس التقرير إلى مثال عن الحكومات التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية، وإلى القوانين التي يتم سنها في بعض أجزاء العالم لتجريم المساعدات، بما في ذلك تجريم المساعدة في البحث وإنقاذ المهاجرين غير الشرعيين في البحر.
مضيق جبل طارق: وجهة المهاجرين الجديدة
02:18
ومطلب الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في هذا الشأن واضح وبسيط وهو: عدم تجريم تقديم المساعدة الإنسانية وعدم اعتبارها فعلاً غير قانوني أبداً.
تشكيل "جدران نارية"
وحتى عندما يكون للمهاجرين حق رسمي في الحصول على المساعدات، خاصة الرعاية الصحية، فإن المهاجر يخاف من الذهاب إلى الطبيب، وذلك لأن بعض الدول تسن قوانين تطالب الأطباء بالكشف عن تفاصيل وبيانات المهاجرين للسلطات. وهذه واحدة من أهم المطالب التي ينادي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بتغييرها.
ويقترح الاتحاد إنشاء "جدران نارية": منع تبادل المعلومات بين الخدمات العامة ودوائر الهجرة.
إن إلغاء تقديم تقارير من مقدمي الخدمات الصحية والإغاثية سيوفر المال وبالتأكيد حياة الكثير من المهاجرين، حسب ما ذهب إليه الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
المهاجرون غير النظاميين بإيطاليا- من أين جاؤوا وإلى أين يذهبون؟
يقصد الآف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إيطاليا. بعضهم يراها منفذا نحو دول أوروبا وآخرون يفضلون البقاء فيها بشكل غير نظامي لإنهاء رحلة معاناة بدأت في بلدانهم وتستمر في غياب وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في إيطاليا.
صورة من: Reuters
من كل حدب وصوب
المهاجرون غير القانونيين الى إيطاليا لا تقتصر أصولهم على جنسية واحدة، إذ يتدفقون إليها من كل من دول أفريقيا. من نيجيريا وبنغلاديش وغينيا، ومن ساحل العاج وغامبيا والسنغال. كما يهاجر إليها كثيرون من المغرب ومالي وإريتريا، فضلا عن السودان والصومال ومصر وتونس وليبيا... وفي السنين الأخيرة أضيف السوريون إلى قائمة القاصدين لهذا البلد، سواء من ليبيا أو عن طريق تركيا.
صورة من: Getty Images/M. Di Lauro
أفواج كبيرة
عام 2006، بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الآتين عبر البحر 22 ألفا. وفي 2014، وصلوا إلى 220 ألفا؛ أي بزيادة 296 في المائة. عام2017، قالت وزارة الداخلية الإيطاليّة، إن أعداد المهاجرين غير القانونيين تجاوزت الـ94 ألفًا منذ بداية 2017، وهو ما يعني التزايد المهول في عدد المهاجرين غير النظاميين القاصدين للبلد، إذ يشكلون ما يقارب 8.3 في المائة من السكان هنالك. آلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات مؤقتة.
صورة من: Gaia Anderson
أرقام مهولة
أشارت بيانات أصدرها المعهد القومي للإحصاء في روما، عام 2015، إلى أن عدد المهاجرين غير القانونيين القادمين إلى إيطاليا لا يقل عن ألف من كل وجهة. فمن المغرب، هاجر 449 ألف شخص. في حين تم استقبال حوالي 104 آلاف شخص من مصر. ومن رومانيا، دخل إلى البلد 2.1 مليون مهاجر. أما بالنسبة للفلبين وتونس وبنغلاديش وباكستان فيناهز عدد القادمين منها 90 ألف. وأوضحت البيانات، أن معظمهم يسكنون روما، ميلانو وتورينو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Italian Navy/Handout
مجرد معبر
ليس كل المهاجرين إلى إيطاليا ينوون الاستقرار فيها أو الإقامة على أراضيها. جزء مهم منهم يريد الوصول إلى مدن أوروبية أخرى كفرنسا والسويد وألمانيا التي يرونها أكثر ترحيبا باللاجئين. وتعتبر منطقة فانتيمي الحدودية إحدى الوجهات التي يعقد عليها هؤلاء أملا في العبور إلى فرنسا. كما أن القطارات التي تسمح بالتنقل داخل الإتحاد الأوروبي، تمثل حلا لبعض هؤلاء المهاجرين الذين يركبونها للوصول إلى وجهاتهم.
صورة من: picture alliance/AA/Tacca
طريق الفردوس والموت واحد!
رحلة قدوم المهاجرين غير القانونيين إلى إيطاليا، لا يمكن وصفها سوى بالقاتلة والخطيرة. فكثير من المهاجرين يركبون البحر، وهو ما يعرضهم لمتاعب قد تصل حد الموت. وإلى جانب انقلاب قواربهم الصغيرة والمتهالكة نتيجة رداءة الطقس أحيانا، يتعرض كثير منهم للابتزاز والنهب من طرف المهربين. الرحلة لا تقتصر على جنس معين ولا تقف عند سن، لذلك تتضرر النساء غالبا، وخاصة الحوامل الواتي يصعب عليهن إكمال الرحلة.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
دوافع اقتصادية وسياسية
يشكل الفقر والمجاعة والبطالة أسباباً رئيسية للهجرة غير القانونية، وحتى لو اختلفت جنسيات المهاجرين فإن أسبابهم تبقى واحدة. في السنين الأخيرة، أضيف إلى هذا الجانب ما هو أمني وسياسي. فقد هرب البعض خوفا من الإرهاب والحرب والدمار في بلدانهم الأصلية، أو بهدف البحث عن سبل تحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة وضمان العيش الكريم لعائلاتهم.
صورة من: REUTERS
ظروف مؤسفة وتحديات كثيرة
يضطر المهاجرون إلى إيطاليا في غالب الأحيان إلى العيش في ظروف مؤسفة، تصفها بعض الجهات بـ"غير الإنسانية". بعضهم يتوسد الطرقات ويأكل من بقايا النفايات. في حين يقصد آخرون مخيمات تنعدم فيها إمكانية الحصول على أكل وشرب ولباس. وفي مرات عديدة خرج هؤلاء للتنديد بوضعهم المزري، كما تحدثوا عن غياب مرافق مهمة بهذه المخيمات كالمدارس والدورات المهنية المدفوعة، وفرص العمل التي قدموا من أجلها.
صورة من: picture alliance / landov
طلبات اللجوء في تزايد
بعد الوصول إلى إيطاليا يسعى مهاجرون كثر إلى البحث عن طرق تعفيهم من وصف "غير قانوني"، فيعتمدون تقديم طلبات اللجوء. ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن السلطات الإيطالية توصلت بـ130 ألف طلب لجوء في 2017 . وحصل 40 بالمئة منهم في العام الجاري على الحماية منذ الفترة الأولى. إلا أن عدد المهاجرين الذين يستقبلهم المركز من يوم لآخر يتغير بين الفينة والأخرى.
صورة من: D. Cupolo
آليات العمل تعيق طلبات اللجوء
يواجه طالبو اللجوء في إيطاليا عراقيل بيروقراطية، سبق لمنظمات عديدة أن أدانتها ونددت بالتعقيدات الإدارية التي تشمل طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية الدولية. وأشارت هذه المنظمات إلى عامل اشتراط توفر المسكن من أجل إصدار أو تجديد تصريح الإقامة، مثلا، وهو ما لا يتوافر للعديد ممن يعيشون خارج نظام الاستقبال، على عكس ما ينص عليه القانون الإيطالي، الذي يضمن التسجيل السكاني كحق للشخص الأجنبي.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
جرائم وعنف ترافق المشهد
تعتبر بعض التقارير فتح إيطاليا الباب أمام المهاجرين غير القانونيين، يضعها وجها لوجه أمام مشاكل يتسبب فيها بعضهم. فقد قدرت بعض التقارير نسبة المسؤولين عن الجرائم في البلد، والذين ينتمون إلى شريحة المهاجرين غير الشرعيين بـ50 بالمائة من الجرائم، و40 بالمائة من حوادث السرقة. كما يتسببون في 37 بالمائة من العنف الجنسي، فضلا عن 25 بالمائة من جرائم القتل، و50 بالمائة من الجرائم الأخرى كالبغاء.
صورة من: ANSA/A. Carconi
وجود دائم رغم تناقص أعداد الوافدين
سجلت إيطاليا في الربع الأول من 2018 وصول 6161 مهاجرا غير قانوني إلى جبال الأبينيني، بينما في الربع الأول من العام الماضي بلغ عددهم أكثر من 24 ألف مهاجر، حسب تقرير الداخلية الإيطالية. كما سجلت السلطات الإيطالية انخفاضا حادا في تدفق المهاجرين إليها من ليبيا، فقد وصل في الربع الأول من العام الجاري 4.4 آلاف مهاجر، أي أقل بنسبة 81٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2017. لكن ذلك لا ينفي استمرارية توافدهم.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Hache
وصول اليمين ومخاوف من المستقبل
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بإيطاليا، زاد مخاوف دول أوروبية فيما يخص مستقبل اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين في إيطاليا وبقية أوروبا. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقا كبيرا أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين، خاصة مع رواج خبر طرد اللاجئين المرفوضة طلباتهم للبقاء، وترحيل 500 ألف مهاجر غير قانوني. إعداد: مريم مرغيش.