منظمة "أطباء العالم" تطالب بإجلاء المدنيين من "جحيم" حلب
١٣ ديسمبر ٢٠١٦
قالت الصليب الأحمر إنه يحاول التفاوض على الإخلاء الآمن للعاملين في المجال الطبي والمدنيين من شرق حلب، لكنه غير قادر حاليا على الحصول على ضمانات أمنية. فيما طالبت منظمة "أطباء العالم" بإجلاء المدنيين من "جحيم" حلب.
إعلان
طالبت منظمة "أطباء العالم" غير الحكومية الثلاثاء (13 كانون اول/ديسمبر 2016) بإجلاء آخر الناجين من حلب على وجه السرعة، بعد أن تحولت هذه المدينة إلى "جحيم حقيقي" وباتت على وشك السقوط بأيدي النظام السوري، حيث الجثث في الشوارع والقصف متواصل والتجاوزات حاصلة. وقالت رئيسة المنظمة فرنسواز سيفينيون لوكالة فرانس برس "حلب تشهد أوضاعا خطيرة للغاية : لا يزال 100 ألف شخص محتجزين على أراض لا تتعدى مساحتها خمسة كيلومترات مربعة".
وأضافت المسؤولة إن "عمليات القصف لم تتوقف ويدخل الجيش وحلفاؤه إلى المنازل في حلب ويقتلون المدنيين وباتت الجثث تتكدس في الشوارع منذ أيام" و"قتل 82 مدنيا مساء الاثنين بينهم 11 امرأة و13 طفلا" مستندة إلى شهادات على الأرض.
وتابعت "لم توضع اي خطة لحماية المدنيين" في الوقت الذي يتقدم فيه الجيش السوري وحلفاؤه في حلب وبات يسيطر على أكثر من 90% من شرق حلب. وقالت "أمام هذه المأساة الإنسانية المهم اليوم هو أن يخرج الأحياء من هذا الجحيم" مطالبة ب"إجلاء كل المدنيين دون أي شكل من أشكال التمييز".
وظهرت على شبكات التواصل الاجتماعي العديد من المناشدات التي أطلقها ناشطون ومدنيون من داخل القسم الشرقي لحلب، حيث وصفوا الأوضاع الإنسانية المتدهورة هناك. فقد انتشر شريط فيديو لناشطة قدمت نفسها باسم "لينا شامي" على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بـ "إنقاذ حلب". وتتهم شامي في الفيديو قوات الرئيس السوري بشار الأسد بارتكاب جرائم حرب.
يأتي هذا فيما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها تحاول التفاوض على الإخلاء الآمن للعاملين في المجال الطبي والمدنيين من شرق حلب، لكنها غير قادرة حاليا على الحصول على الضمانات الأمنية المطلوبة. وقالت أنجى صدقي من اللجنة الدولية في دمشق إن اللجنة تجري محادثات مع أطراف مختلفة منذ أكثر من أسبوع لإيجاد حل لأولئك الأشخاص المحاصرين في الجزء الشرقي من المدينة، مؤكدة أن اللجنة مهتمة بحياة كل فرد.
كما تمكنت اللجنة الدولية من تنفيذ عمليات إجلاء في مدينة حلب القديمة في الثامن من كانون أول/ديسمبر الجاري ونقل 150 شخصا، بما في ذلك العديد من الأفراد الضعفاء والمرضى، إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وتقول مصادر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنه تم تسليم أسماء الأطباء ورجال الإنقاذ إلى المفاوضين الدوليين كجزء من الجهود لضمان سلامتهم.
ي.ب/ أ.ح (د ب أ، ا ف ب)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري