منظمة ألمانية تنتقد تمويل أوروبا لتونس وليبيا لإدارة الهجرة
١١ ديسمبر ٢٠٢٤
عبر تمويلات سخية، يقوم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالاستعانة بدول ثالثة مثل تونس وليبيا وألبانيا من أجل مراقبة الحدود وحماية اللاجئين في وسط البحر المتوسط، لكن ما يحدث هو العكس بحسب اتهامات منظمة حقوقية ألمانية.
إعلان
انتقدت منظمة "إس أو إس هيومانيتي" (SOS Humanity) الألمانية غير الحكومية لإنقاذ المهاجرين في البحر، تمويلات الاتحاد الأوروبي الضخمة لدول ثالثة من أجل إدارة الحدود الخارجية وإجراءات اللجوء وقالت إنها تؤدي الى انتهاكات خطيرة ومتزايدة لحقوق الإنسان.
وأشارت المنظمة في بيان لها إلى تمويلات الاتحاد الأوروبي في وسط البحر الأبيض المتوسط والموجهة أساسا إلى دول تونس وليبيا وألبانيا.
وعلقت المنظمة "إنهم بذلك يدعمون انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأشخاص أثناء التنقل من خلال إنفاق ملايين من أموال دافعي الضرائب: من عام 2016 إلى عام 2027، سيستثمر الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ما لا يقل عن 327,7 مليون يورو في إدارة الحدود في ليبيا وتونس".
إعلان
"تآكل القيم الأوروبية"
ودعت المنظمة في تقريرها المنشور على موقعها على شبكة الإنترنت، إلى وضع حد لسياسة الإسناد الخارجي وحماية حق اللجوء. وقالت ماري ميشيل، الخبيرة السياسية في المنظمة الانسانية: "هذه السياسة، الممولة من أموال الضرائب، إشكالية وغير فعالة بعدة طرق: فهي مكلفة للغاية، وتعرض سيادة القانون للخطر وتؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".
وأضافت الخبيرة أنه بينما "يتم الاستعانة بمصادر خارجية لحماية اللاجئين فقد تحولت رأسا على عقب إلى إعادة قسرية غير قانونية واحتجاز تعسفي وحرمان من حق اللجوء. هذا الإسناد الخارجي هو تآكل فاضح للقيم الأوروبية والقانون الدولي والأوروبي".
اتهامات لخفر السواحل في ليبيا وتونس
وقالت المنظمة إن مركز تنسيق الإنقاذ الليبيوخفر السواحل الليبي لا ينفذان عمليات إنقاذ بحرية وفقا للقانون الدولي، مع ذلك يمول الاتحاد الأوروبي جهات مشبوهة في ليبيا.
واتهمت المنظمة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بالتواطؤ في انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان واللاجئين والمهاجرين في ليبيا والتي تصنفها بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة في ليبيا على أنها جرائم ضد الإنسانية. ووفق بيانات المنظمة أعادت ليبيا بين عامي 2016 و2024 حوالي 145 ألفا من المهاجرين الفارين من جحيم ليبيا عبر البحر.
واعتبرت المنظمة اعتراض خفر السواحل التونسي للمهاجرين بموجب مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي والدعم المالي، انتهاكا للقانون الدولي، حيث لا يمكن في تقديرها، اعتبار تونس مكانا آمنا.
ووفق معلومات جمعتها المنظمة يعرض خفر السواحل حياة اللاجئين للخطر من خلال مناورات عالية السرعة تعرض القوارب لخطر الانقلاب، بالإضافة إلى العنف الجسدي، واستخدام الغاز المسيل للدموع عن قرب والاصطدامات المتعمدة بالقوارب.
وقالت المنظمة إن اعتماد الاتحاد الأوروبي منذ عام 2023 على شكل جديد من الإسناد لتفويض إجراءات اللجوء الى دولة ثالثة مثل بروتوكول ايطاليا البانيا، أثبت عدم جدواه.
وتبلغ تكاليف الاتفاق بحسب المنظمة، 653 مليون يورو على مدى خمس سنوات. لكن الاتفاق معلق حاليا بعد اعتراضات من القضاء الإيطالي.
ص.ش/أ.ح (د ب أ)
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.