منها مكافحة الكراهية على الانترنيت .. خطوات برلين ضد التطرف
١ نوفمبر ٢٠١٩
ما الذي يجب فعله لمنع هجمات على معابد يهودية أو مساجد أو كذلك خطاب الكراهية في الانترنيت؟ ردود فعل الحكومة الألمانية جاءت بإصدار برنامج مكون من تسع نقاط. بعض الجوانب جديدة في البرنامج وبعضها الآخر قديم.
إعلان
بدت الحكومة الألمانية المنقسمة في الغالب الأربعاء الماضي في برلين مسرورة لاتخاذ القرار بين المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين. إذ لاترغب الحكومة ولا الأحزاب أن توجه له انتقادات بعدم اتخاذ إجراءات في المعركة ضد اليمين المتطرف وجرائم الكراهية. وعليه عرض ثلاثة وزراء من حكومة ميركل "حزمة الإجراءات": وزير الداخلية هورست زيهوفر ووزيرة العدل كريستينه لامبريشت ووزيرة العائلة فرانسيسكا غيفي، إذ قاموا بشرح النقاط التسعة في البرنامج للصحفيين. وبيَن الثلاثة بوضوح لماذا هم "يشعرون بامتعاض كبير"، لاسيما بسبب الاعتداء على الكنيس اليهودي في مدينة هاله، ولكن أيضا بسبب "سلسلة من الحوادث المثيرة للقلق في الماضي القريب".
وكمثال ملموس ذكروا اغتيال السياسي فالتر لوبكه من قبل يميني متطرف مشتبه به في حزيران/ يونيو 2019. كما أن الوزراء يستهدفون بصفة عامة أعمال التحريض والإهانة في الانترنيت. ومن بين تلك الإجراءات يوجد عدد غير جديد مثلا عندما يُذكر أن الحكومة الألمانية تدعم "تقوية تجهيز سلطات الأمن والملاحقة الجنائية في المعركة ضد اليمين المتطرف". وحصلت الشرطة الاتحادية ومكتب حماية الدستور على موظفين جدد منذ سنوات.
واجب الإبلاغ في حال التهديد بالقتل والتحريض
وحتى برامج الوقاية والتوعية المتعددة المعتمدة في المعركة ضد اليمين المتطرف ومعاداة السامية والعنصرية موجودة منذ مدة. وفي حزمة الإجراءات هناك أيضا الحديث عن "مبادرات ناجحة للتحذير" التي وجب مواصلتها وتوسيعها. وبالفعل تعتزم الحكومة الألمانية التركيز أكثر على ملاحقة ومعاقبة جريمة الكراهية على الانترنيت. ويُخطط لإدراج إلزامية الإبلاغ لمقدمي الخدمات، لاسيما ما يسمى المواقع الاجتماعية مثل فيسبوك أو تويتر. فهذه الشركات يجب إلزامها بإبلاغ السلطات بدون طلب مسبق، لاسيما عندما يتعلق بالتهديد بالقتل والتحريض.
زيهوفر يعلن عن قانون مشدد لحيازة السلاح
وتعتزم وزيرة العدل وضع الإهانات في المجال العام تحت العقوبة، لأن نوعية الإهانة تختلف من مكان لآخر. ففي الانترنيت مثلا يعلم كل شخص بهذه الإهانة ويمكن أن تشجع آخرين "على المشاركة في هذه الإهانة".
ويركز وزير الداخلية زيهوفر على تشديد قانون حيازة السلاح، إذ من المهم بالنسبة إليه أن لا تسقط الأسلحة في أيدي متطرفين. كما أنه يعتبر أنه من الصحيح في حال إصدار ترخيص لحمل السلاح أن يتم إشراك الأجهزة الأمنية للمساءلة، وهو بالتالي يريد تفادي أن يحصل يمينيون متطرفون مفترضون على رخصة حمل السلاح.
البرلمان الألماني سيدعم هذه المخططات
وقررت السلطات الألمانية تكثيف التعاون بين سلطات أجهزة الاستخبارات التابعة للحكومة والولايات في التعامل مع اليمين المتطرف، وهذا ما تم تنفيذه منذ سلسلة الاغتيالات التي نفذتها خلية الحركة السرية الاشتراكية القومية في ألمانيا. ولتحسين التواصل بين السلطات المتعددة يتولى المكتب الاتحادي لحماية الدستور القيادة في مكافحة اليمين المتطرف. وقبلها لم توجد بنوك معلومات مركزية ولا إلزامية للإبلاغ عن حالات مشكوك فيها.
ومن أجل تنفيذ الإجراءات الجديدة يجب في بعض الحالات تعديل القوانين القائمة. وغالبية الأصوات داخل البرلمان ستحصل عليها الحكومة. وينتقد بعض النواب من المعارضة الحكومة لكونها عرضت لكثير من الرمزية، لكنهم اعترفوا بأن إنشاء مركز للتحليل ومكافحة جريمة الكراهية "إشارة إيجابية".
مارسيل فورستناو/ م.أ.م
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.