باشر الرئيس الفرنسي ماكرون خطابه في دريسدن باللغة الألمانية، ما أثار إعجاب الحضور مشيرًا إلى علاقته التاريخية مع ألمانيا. ودعا ماكرون إلى تحسين قدرة أوروبا التنافسية وحماية نفسها تجاريًا، وزيادة الميزانية أمام التحديات.
إعلان
بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطابه الأوروبي في مدينة دريسدن شرقي ألمانيا باللغة الألمانية، مما أثار تهليلا مدويا من جانب الحضور. وقال ماكرون مساء اليوم الإثنين (27 أيار/ مايو 2024) أمام كنيسة السيدة العذراء في دريسدن وبحضور = عشرات الآلاف من المستمعين: "اليوم، بصفتي أول رئيس فرنسي يتحدث أمامكم هنا في دريسدن منذ إعادة التوحيد، فإن ذلك يشرفني بشكل خاص. إنه أمر مؤثر للغاية بالنسبة لي".
وأضاف ماكرون: "كانت تجربتي الشخصية الأولى مع ألمانيا في المدرسة الفرنسية. تعلمت اللغة والثقافة الألمانية ولا أزال أتعلمها حتى الآن. أفعل ما بوسعي، صدقوني". وأوضح أنه شارك آنذاك أيضا في برنامج تبادل بين مسقط رأسه أميان ومدينة دورتموند. وقال: "اكتشفت بلدكم الذي كان حينها لا يزال مقسما بالجدار".
وأكد ماكرون أنه يشرفه أن يتحدث في دريسدن. وقال: "إنه لشرف بالنسبة لي كفرنسي وصديق لألمانيا، وأيضا كأوروبي متحمس." وأضاف: "إنه لمن دواعي سروري أن أكون هنا معكم".
وفي خطابه أكد الرئيس الفرنسي أن على أوروبا "التخلي عن السذاجة" و"حماية نفسها بشكل أفضل" على المستوى التجاري من خلال وضع "تفضيل أوروبي" في مجالات معينة، داعيا أيضا إلى "مضاعفة" ميزانية الاتحاد الأوروبي.
ودعا الرئيس الفرنسي إلى مراجعة قواعد التجارة في مواجهة منافسة الصين والولايات المتحدة
وقال "نحن بحاجة إلى استراتيجية أوروبية تبني تفضيلاً أوروبياً في مجال الدفاع، والفضاء، وتبني استراتيجية شراء أوروبية وتسمح لنا بوضع قواعد تجارية" تضمن "المنافسة العادلة".
وتحدّث ماكرون أمام شباب أوروبيين في اليوم الثاني من زيارة الدولة التي يجريها إلى ألمانيا، مدافعا عن رؤية لأوروبا تحمي صناعاتها المستقبلية بشكل أفضل.
ولكن تواجه هذه الاستراتيجية شكوك شركاء أوروبيين آخرين يخشون الدخول في دوامة من الحروب التجارية. ويود الرئيس الفرنسي أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من زيادة إنفاقه للحاق بالولايات المتحدة والصين وبالتالي تجنب التدهور الاقتصادي في مواجهة منافسيه الرئيسيين.
في ذات السياق حذر المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقال رأي مشترك لصحيفة فايننشال تايمز من أن الاتحاد الأوروبي يتعين عليه بذل جهود هائلة لتحسين قدرته التنافسية أو المجازفة بتقويض نمط الحياة فيه.
وكتب الزعيمان أن الإصلاحات المرجوة تشمل بذل المزيد من الجهد لإزالة الكربون من الاقتصاد مع تمكين الدول الأعضاء من تحديد الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، في دفعة على ما يبدو لصناعة الطاقة النووية الفرنسية.
وحث شولتس وماكرون الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على استكمال السوق المالية الموحدة من خلال تقديم أطر مشتركة لقواعد الإفلاس وقوانين الضرائب والاستثمار.
وكتبا في المقال المقرر نشره في عدد غد الثلاثاء من الصحيفة "لا يمكننا أن نعتبر الأسس التي بنينا عليها أسلوب حياتنا الأوروبي ودورنا في العالم من الأمور المسلم بها".
ع.أ.ج/ أ.ح (د ب ا، أ ف ب، رويترز)
ألمانيا وفرنسا .. صداقة خاصة شهدت الكثير من المنعطفات
بعد 62 عاما على توقيع اتفاقية الإليزيه حول الصداقة الألمانية الفرنسية يراد الآن الانتقال بهذه العلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى. لكن الأمور لم تكن دائما سهلة في العلاقة بين البلدين.
صورة من: AP
تجاوز آلام الحرب العالمية الثانية
كانت فرحة أوروبية عارمة عندما زار في 1962 الرئيس الفرنسي شارل ديغول المستشار الألماني كونراد آديناور في بون. وبعد نصف سنة من هذه الزيارة وقع الزعيمان اتفاقية الإليزيه لتعزيز الصداقة الألمانية الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
صداقة رجلين
كانت العلاقة بين المستشار الألماني هلموت شميت والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان مميزة في سبعينات القرن الماضي. وزار جسكار شميت في منزله في هامبورغ، واشتكى من "التدخين المتواصل" للمستشار الألماني. جسكار يتحدث بطلاقة الألمانية، وشميت الراحل كان يتأسف لكونه لا يتحدث الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
توأمة المدن
يوجد حوالي 2000 توأمة بين المدن الألمانية والفرنسية، وبعضها أقدم من اتفاقية الإليزيه. وهذه التوأمة بين مدينة رونيبورغ في ولاية تورنغن شرقي ألمانيا ومدينة هوتفيل-لومني الفرنسية أصبحت ممكنة فقط بعد الوحدة الألمانية. والتوأمة بين المدن تدعم الحياة المدرسية والثقافية والمهنية بين البلدين.
صورة من: DW
مصافحة تاريخية
لحظة بهجة ألمانية فرنسية: 1984 يتصافح الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران والمستشار الألماني هلموت كول خلال احتفال بذكرى ضحايا الحربين العالميتين في فردان. وأصبحت هذه الصورة فيما بعد رمزا للمصالحة الألمانية الفرنسية.
صورة من: ullstein bild/Sven Simon
هيئة الشبيبة الألمانية الفرنسية
ديغول وآديناور ركزا اهتمامهما منذ البداية على الشبيبة من البلدين التي وجب عليها التعارف والتعلم من بعضها البعض. الشاب الألماني نيكولاس غوتكنيشت والفرنسي باتريك بولسفور قاما في 2016 برعاية شباب عند إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى. ومنذ 1963 قامت هيئة الشباب بربط التواصل بين تسعة ملايين من الشباب الفرنسيين والألمان.
صورة من: DW/B. Wesel
الفرقة الألمانية – الفرنسية
الأعداء السابقون يشكلون اليوم وحدة عسكرية مشتركة. واُنشأت هذه الوحدة في 1989 وتم إدماجها في الفيلق الأوروبي في 1993. وعملياتها الرئيسية كانت في البلقان وأفغانستان ومالي.
صورة من: picture-alliance/dpa
العلاقات بين أنغيلا وفرانسوا
من الناحية السياسية لم يكونا قريبين من بعضهما البعض: المسيحية الديمقراطية أنغيلا ميركل والاشتراكي فرانسوا أولاند، خاصة خلال أزمة الديون الحكومية الأوروبية عندما كانت ميركل تضغط من أجل التقشف، فيما دعا أولاند إلى برامج إصلاح اقتصادية. وبالرغم من ذلك وجد الاثنان قاعدة مشتركة، وذلك من أجل تحمل المسؤولية السياسية تجاه أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
تصادم ألماني فرنسي
لقد عانى الفرنسيون لفترة طويلة لأن ألمانيا هي الشريك الاقتصادي الأقوى. لكن في عام 2017 حدث العكس، إذ استحوذت شركة السيارات الفرنسية "بيجو القابضة" التي تضم بيجو وسيتروين على شركة صناعة السيارات أوبل الألمانية الأصل. ومنذ ذلك حين يخشى الكثير من العمال لدى أوبل في ألمانيا من فقدان وظائفهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
تقريبا متزوجين؟
في ذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مدينة كومبيين، حيث وقع وقف إطلاق النار في عام 1918. مشهد يبقى في الذاكرة: شاهدة عيان اعتقدت بأن ميركل هي زوجة ماكرون. إلا أن الصداقة الألمانية الفرنسية ليست وثيقة بعد إلى هذه الدرجة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
مبادرة فرنسية ألمانية تاريخية
وُصفت المبادرة الفرنسية الألمانية للتعافي الأوروبي في مواجهة أزمة جائحة كورونا بأنها تاريخية وغير مسبوقة، وكان قد قدمها الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل في 18 مايو أيار2020، وقد خلقت ديناميكية جديدة على الصعيد الأوروبي. فقد تبنتها المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي وتم على أساسها اعتماد خطة إنعاش أوروبية بقيمة 750 مليار يورو، تشمل 390 مليار يورو كإعانات للدول الأعضاء والقطاعات الممولة بقرض أوروبي.
صورة من: Jean-Christophe Verhaegen/AFP/Getty Images
علاقات محورية لا تخلو من تباينات
يُنظر منذ وقت طويل إلى العلاقة بين باريس وبرلين على أنها القوة الدافعة في صناعة السياسة الأوروبية. لكن خلافات طفت على السطح منذ عام 2022، خصوصا بعد خروج المستشارة السابقة أنغيلا ميركل من المشهد السياسي الألماني، على الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتس بذلا مؤخراً جهوداً لتحسين التعاون بين البلدين وتبديد الخلافات خصوصا في ملفات الدفاع وحرب أوكرانيا وقضايا تجارية وصناعية.
صورة من: Thibault Camus/AFP
أول زيارة دولة منذ ربع قرن
تعتبر زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون (26-28 مايو أيار 2024) إلى ألمانيا الأولى من نوعها منذ حوالي ربع قرن إذ تعود آخر زيارة دولة قام بها رئيس فرنسي إلى ألمانيا إلى عام 2000 من قبل الرئيس الأسبق جاك شيراك. تعد فترة طويلة بالنسبة لبلدين مترابطين بشكل وثيق ولهما دور محوري في الإتحاد الأوروبي. لكن رغم هذا الانقطاع الطويل تجتمع حكومتا البلدين بشكل منتظم كل بضعة أشهر.