من الإفلات من شبكات الدعارة إلى ارتداء ثوب "ملاك الرحمة"
٥ يناير ٢٠١٩
غادرت نيجيريا صوب أوروبا بمساعدة أحد أصدقاء العائلة، أو هكذا كانت تظنه. الواقع كان الوقوع المحتمل في براثن شبكة دعارة. إحدى الناجيات تروي قصتها، التي يلفها الغموض والصمت، وكلها أمل بأن تصبح ممرضة في ألمانيا.
إعلان
الرضيعة ذات الأذنين الجميلتين نائمة. تبدو مسالمة وظريفة جداً. تتمتع بالدفء في سترتها الجميلة. "اسمها لونا إيمادي"، تقول أمها بصوتها الهادئ. كانت الأم حامل في شهرها السابع عندما وصلت إلى هنا. وفي السابع عشر من أيلول/سبتمبر رأت لونا نور الحياة. وعندما سألنا الأم عن ولادتها، رمقتني بنظرة تفصح عن عدم رغبتها في الخوض بالأمر. من الصعب تخيل مشاق تربية الأطفال دون أي دعم عائلي في مكان كهذا. غير أن الأم، التي لا يتجاوز عمرها 21 عاماً، تبدو كأم خارقة ولا تبدِ أي نوع من الشكوى. وتقول إن الغرفة التي تتشاركها مع أمين وأطفالهما كبيرة، وهناك من يمد يد العون والمساعدة. وتضيف أن من يلتزم بالقوانين فلن يواجه أي مشاكل.
من وضع سيء إلى مأساة
من دون تلك الإيجابية والقوة ربما لم يكن بمقدور الأم تحمل عناء الرحلة الشاقة من نيجيريا، حيث يعيش حوالي نصف السكان في فقر مدقع، ليحط بها الرحال في هذه المدينة الصغيرة جنوب ألمانيا. على عكس الكثير من الفتيات النيجيريات فقد أنهت تعليمها الثانوي، إلا أن دخول الجامعة كان خارج الحسبان "بسبب وضع والدها المادي". إلا أن الفتاة وضعت أوروبا في مرمى هدفها لإكمال تعليمها الجامعي.
صمت يلفه الغموض
"اكتشفت في ليبيا أننا وقعت في براثن شبكة دعارة، ولكني قاومت ونفذت بجلدي"، تقول الأم النيجيرية الشابة، لكنها لا تريد الإفصاح عن الطريقة التي تمكنت بها من النجاة من شبكة الدعارة في ليبيا، ولا عن تفاصيل الشبكة وكيف كادت أن تقع فيها. إلا أنها تبدو سعيدة بقرارها ذاك وعزيمتها على تنفيذه. وقد نشرت عدة وسائل إعلام تقارير عن الإيقاع بعشرات الآلاف من اللاجئات من دول الجنوب الصحراء الكبرى للعمل في الدعارة. ومن تفلح منهن في ركوب البحر إلى أوروبا تواجه خطر الموت غرقاً، وينتهي المطاف بالكثير من اللاجئات الأفريقيات في أوروبا كبائعات هوى.
نصف نجاح في إيطاليا
في عام 2017، وصل حوالي 18 ألف امرأة نيجيرية إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط. وقدرت منظمة الهجرة الدولية أن 80 بالمئة من تلك النساء والأطفال يعملن في الدعارة في أوروبا. وحسب الحكومة الإيطالية تعمل حوالي 30 ألف امرأة نيجيرية في الدعارة في إيطاليا، والكثير منهن لتسديد ديون رحلة اللجوء. أفلتت الأم من شبكات الدعارة وهو المصير الذي وقعت به الكثير من اللاجئات الأفريقيات. في إيطاليا أقامت في مأوى للاجئين وتعلمت اللغة الإيطالية حتى مستوى B2. وخاضت معركة مع البيروقراطية الإدارية لنيل الاعتراف بشهادتها الثانوية: "فشلت كل محاولتي في دخول الجامعة لدراسة التمريض؛ إذ لم يتم الاعتراف بشهاداتي".
ألمانيا.. أرض "الأحلام"
من هنا قررت المجيء إلى ألمانيا، حيث قيل لها إن من يحصل على حق اللجوء يمكنه الحصول على فرصة تدريب وتأهيل مهني على التمريض دون الحاجة لدخول الجامعة: "قررنا أنا وخطيبي شد الرحال صوب ألمانيا".
كانت الأم حامل عندما وصلت بالقطار إلى ميونيخ في جنوب ألمانيا: "بعد السؤال اهتديت إلى مركز تقديم طلبات اللجوء وأخذت الإجراءات مجراها وها أنا هنا اليوم".
أخذت الحياة منحى آخر مع ولادة لونا. تم إبلاغ المكتب الاتحادي للاجئين والهجرة بأمر الولادة. وبالطبع إذا منحت الأم حق اللجوء فستبقى الطفلة معها. ومن يدري ربما تمنحها الحياة فرصة أيضاً لتحقيق حلمها بأن تصبح ممرضة في ألمانيا.
ماريون ماكغريغور/خ.س
ألمانيا و"لاجئوها" ـ أبرز الأحداث منذ اعتداء زولينغن
أحيت ألمانيا الذكرى الـ 25 لاعتداء الحرق بمدينة زولينغن، الذي استهدف منزل عائلة ذات أصول تركية وأسفر عن مقتل خمسة من أفرادها وجرح أربعة. بيد أنه لم يكن الاعتداء الوحيد الذي شهدته ألمانيا في العقود الأخيرة ضد الأجانب.
صورة من: Imago/Tillmann Pressephotos
اعتداء زولينغن الرهيب
بحضور المستشارة ميركل ووزير الخارجية التركي، أحيت ألمانيا الذكرى 25 لاعتداء زولينغن الرهيب الذي راح ضحيته خمسة أشخاص من عائلة ذات أصول تركية وهم امرأتان وثلاث فتيات. ففي 29 من مايو/ أيار أضرم أربعة شبان النيران في منزل العائلة. وتبين فيما بعد أنهم على صلة باليمين المتطرف.
صورة من: dpa
نصب تذكاري
وتمّ تشييد نصب تذكاري في مكان الاعتداء كتبت عليه أسماء الضحايا. وبمنسبة الذكرى الـ25، اعتبر رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت الاعتداء بأنه الأسوأ في تاريخ المدينة منذ الحرب العالمية الثانية كما حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من خطر اليمين المتطرف في البلاد، مشددا أن "واجب الابقاء على ذكرى الضحايا (زولينغن) مسؤوليتنا جميعا".
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
مقتل شاب جزائري
في نهاية عام 1999 طارد عدد من الشبان المتطرفين أفارقة داخل مركز مدينة غوبين بولاية برادنبورغ بشرق البلاد. وأسفر ذلك عن مقتل شاب جزائري.
صورة من: picture-alliance/dpa/Patrick Pleul
قنبلة مسامير تنفجر في شارع الأتراك بكولونيا
في شارع كويبشتراسه بكولونيا (كولن)، الذي يسكنه عدد كبير من الأتراك، انفجرت قنبلة مسامير شديدة الانفجار أصابت 22 شخصا إصابات خطيرة. واستبعدت التحقيقات التي استمرت أزيد من عشر سنوات، في بادئ الأمر خلفيات عنصرية وراء الاعتداء ليتضح فيما بعد أن خلية "إن إس يو NSU" اليمينية المتطرفة هي من نفذته.
صورة من: DW/A. Grunau
خلية "إن إس يو"
كانت هذه الخلية تضم ثلاثة عناصر نفذوا إلى جانب اعتداء كولونيا اعتداءات أخرى في ألمانيا، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص (أتراك ويونانيين) إضافة إلى شرطي ألماني. ومنذ خمس سنوات تتواصل جلسات محاكمة "بيآته تشيبه" العنصر الوحيد المتبقي على قيد الحياة ضمن المجموعة المتطرفة، غير أن الأخيرة تلوذ الصمت ولم تدل بأي معلومات حول عمل الخلية.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Kneffel
موظف يضرم النيران من مسكن للاجئين
في فبراير من 2015، قام موظف من مكتب الضرائب بإضرام النيران في منزل كان من المفترض أن يصبح منزلا لعائلة عراقية في مدينة إيشبورغ. وفي ذات السنة دخلت أمواج كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا، ورافق ذلك مجموعة من الاعتداءات على منازل وملاجئ للاجئين. في هذا العام وحده سجلت الشرطة أكثر من 1000 اعتداء بدواعي الكراهية ما بين إحراق واعتداءات جسدية وبمواد متفجرة. وللمقارنة سجل في العام الذي سبقه 200 اعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Heimken
خلية "فرايتال"
بين شهري تموز/ يوليو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، ظهرت خلية "فرايتال" التي ضمت ثمانية عناصر، نفذوا خمسة هجمات بعبوات متفجرة على نزل للاجئين ومعارضين سياسين لهم في مدينتي فرايتال ودريسدن. محكمة دريسدن صنفت الخلية على أنها إرهابية وأصدرت أحكاما تراحت ما بين 10 و11 عاما سجنا على أعضائها.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أرقام مقلقة في عام 2017
مدن كبامبارغ وغيرها، تحولت إلى مسرح لحلقات جديدة من سلسلة الاعتداءات ضد الأجانب. في عام 2017 سجل نحو 2200 اعتداء من هذا القبيل، وفق بيانات الشرطة غير أن منظمات حقوقية تشدد أن العدد أكبر بكثير من المعلن عنه.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
ظهور حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام
في موازاة ذلك ومع موجة اللاجئين التي دخلت ألمانيا، ظهرت حركات اعتبرت نفسها أنها "تدافع" عن قيم المجتمع، فخرجت تظاهرات كل أسبوع في عدد من المدن خاصة شرق البلاد نظمتها حركات كـ"بيغيدا" وغيرها تنادي بـ "حماية البلاد من الأسلمة"، كما اتهمت هذه الحركات المستشارة ميركل بـ "خيانة" البلاد.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي
انبثق هذا الحزب عن حركة مناهضة لسياسية ميركل وأوروبا عموما لانقاذ اليورو واليونان المتخبط في أزمة الديون السيادية، إلا أن "البديل" سريعا ما وجد في موضوع اللاجئين ضالته لحشد الأصوات. ويتهم بأنه يذكي خطاب الكراهية والعنصرية ضد الأجانب، لكنه أيضا استطاع أن يصبح أقوى قوة معارضة في البوندستاغ إثر فوزه في الانتخابات الأخيرة بـ12,6 بالمائة من أصوات الناخبين.
صورة من: Getty Images/C. Koall
أصوات معارضة للبديل
في 27 من الشهر الجاري (أيار/ مايو 2018) نظم الحزب في برلين مظاهرة تطالب بتشديد سياسة اللجوء. وكان حزب البديل يأمل في مشاركة عشرات الآلاف، لكنه لم يحصل سوى على خمسة آلاف فقط. في حين شارك نحو 25 ألف شخص في المظاهرة الموازية والتي خرجت ضد هذا الحزب الشعبوي وأفكاره.
صورة من: DW/W. Glucroft
دريسدن تنتفض ضد التطرف
وكثيرة هي المظاهرات التي خرجت في السنوات الأخيرة ترفض وبوضوح الأفكار اليمينية المتطرفة وتدعم أسس الانفتاح داخل المجتمع. والصورة توثق لأكبر مظاهرة مناهضة للتطرف أقيمت في مدينة دريسدن التي اقترن اسمها مؤخرا باليمين المتطرف والشعبوي. وشارك في هذه المظاهرة المغني الشهير "كامبينو" إضافة إلى نجوم آخرين من عالم الفن والغناء.
صورة من: picture-alliance /dpa/A. Burgi
كراهية الأجانب "تطيح بأسس الدين المسيحي"
الكنيسة سواء الكاتوليكية أو الإنجيلية تبرأت من هذه الحركات واعتبرت أن الأفكار التي تروج لها "بيغيدا" وغيرها تحت ذريعة الحفاظ على الأسس الدينية للدولة، لا علاقة لها إطلاقا بالدين المسيحي الذي يدعو إلى التسامح. وازداد عدد الحالات التي قدمت فيها الكنيسية اللجوء الكنسي إلى لاجئين.