1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

من تداعيات تغير المناخ: مشكلات نفسية واضطرابات ما بعد الصدمة

٩ سبتمبر ٢٠٢٣

تداعيات كثيرة لتغير المناخ، لكن الآن يقول باحثون إن الفيضانات وحرائق الغابات تجعل الناس أكثر عرضة للأمراض العقلية واضطرابات ما بعد الصدمة، فكيف يحدث ذلك؟ وكيف يمكن علاج اضطرابات ما بعد الصدمة؟

أجْلت السلطات الإسبانية سكان بلدتي أرفو وكانديلاريا شرقي جزيرة تينيريفي جراء حرائق الغابات
أجْلت السلطات الإسبانية سكان بلدتي أرفو وكانديلاريا شرقي جزيرة تينيريفي جراء حرائق الغاباتصورة من: Arturo Rodriguez/AP/picture alliance

من المعتاد أن يعاني الجنود من اضطرابات ما بعد الصدمة عقب انتهاء مشاركتهم في مهام قتالية، بيد أن الأمر لم يعد يتوقف عليهم إذ يمكن أن يُصاب بذلك الاشخاص الذين يتعرضون لأعمال عنف أو أعمال تهجير وطرد أو حتى فرق الانقاذ الذين يعملون على إنقاذ المتضررين وانتشال الجثث في مناطق الكوارث.

وقد تكون ظواهر الطقس المتطرفة وراء هذه الكوارث إذ قد يضطر الناس إلى الانخراط في قتال من أجل البقاء أو من أجل الهروب من الفيضانات أو حرائق الغابات.

ويقول الباحثون إنه إذا تعرض شخص ما لخطر شديد ومباشر بسبب  ظواهر الطقس المتطرفة مما أسفر عن شعوره بالعجز فقد يكون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة.

وفي ذلك، قال أندرياس ماير ليندنبرغ، رئيس الجمعية الألمانية للطب النفسي والعلاج النفسي علم النفس الجسدي، إنه جرى دراسة "تداعيات إعصار كاترينا وريتا عن كثب"، في إشارة إلى أسوأ كارثة طبيعية تضرب الولايات المتحدة حيث تسببت في مقتل أكثر من 1800 شخص.

وخلال الاعصار، عمل ليندنبرغ على إدارة الإسعافات الأولية النفسية  في المدن الأمريكية التي اجتاحها الإعصار.

وقال ماير ليندنبرغ إنه من غير الضروري "أن كل شخص يتعرض لأحداث مناخية متطرفة سوف يعاني من مشاكل في الصحة العقلية، لكن هناك زيادة كبيرة في مشاكل الصحة العقلية والأمراض عقب الأحداث المناخية القاسية."

وأشار إلى أن قرابة نصف المتضررين من الدمار الذي خلفه إعصار كاترينا أصيبوا باضطرابات ما بعد الصدمة بما شمل الاكتئاب والقلق وحتى الإدمان، مؤكدا أن اضطرابات ما بعد الصدمة تعد النتيجة السببية المباشرة لما مروا به من أزمات جراء ظواهر الطقس المتطرفة.

الطقس المتطرف.. التداعيات النفسية

وسلط ماير ليندنبرغ على مفهوم اضطرابات ما بعد الصدمة، قائلا إنها تمثل  الأعراض والأزمات النفسية  التي يُصاب بها الشخص أو  أي شخص قريب منه "عقب تعرضه لحادث كان مصدر تهديد كبير ليصبح لاحقا جوهر مشاكله".

وقال إن هذه الأعراض قد تشمل أن يصبح الشخص حبسيا لهذه الكارثة في شكل ذكريات الماضي فيما سيحاول الشخص تجنب أي شيء قد يستدعي داخله ذكريات الماضي مثل الأمطار بالنسبة لضحايا الفيضانات، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية تشير إلى عدم قدرة الأشخاص على التغلب على  اضطرابات ما بعد الصدمة  دون علاج.

يشار إلى أن البيانات حيال تأثير الأحداث المناخية المتطرفة على الصحة العقلية للضحايا من البلدان النامية التي تعد الأكثر تضررا من حرائق الغابات والفيضانات، شحيحة.

وفي هذا السياق، قال ماير ليندنبرغ إن معظم الأبحاث ذات الصلة "جرت في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، لذا فإن هناك نقصا في البيانات الخاصة بالبلدان الأفريقية."

يأتي ذلك رغم أن بلدان الجنوب العالمي تواجه ظواهر مناخية متطرفة تزداد حدتها ويطول أمدها بسبب تفاقم تداعيات ظاهرة تغير المناخ مقارنة بدول الشمال.

وقال ماير ليندنبرغ "إذا امتلكت هذه البلدان خبرة جيدة في التعامل مع ظواهر الطقس القاسية بما يشمل مواجهة تداعياتها، فإن هذا يمكن بالطبع أن يخفف من التأثيرات النفسية المترتبة عليها".

وفي هذا الصدد، يقول الباحثون إن السدود لا توفر الحماية للمنازل وممتلكات البشر في حالة وقوع فيضانات  فحسب وأنما تحمي أيضا صحتهم العقلية من خلال تعزيز الشعور بالأمان، لكن الأمر يتطلب إنفاقا ماليا كبيرا في البلدان الفقيرة.

أين يكمن الحل؟

وفي هذا السياق، يشدد ماير-ليندنبرغ على ضرورة توافر الموارد المالية من أجل تقديم  الإسعافات الأولية النفسية في أعقاب وقوع الكوارث الطبيعية، منوها إلى خطة من خمس نقاط أساسية تعد ركيزة الاستقرار النفسي للناجين من هذه الكوارث.

إجلاء نحو 100 ألف شخص بعد فيضانات في شرق باكستانصورة من: Rescue 1122 Emergency Department/AP Photo/picture alliance

وقال إن الأمر الأول يتمثل في الحاجة إلى توفير مكان للنوم ومواد غذائية ومياه شرب نظيفة، مضيفا "لا يمكن التفكير في أي شيء آخر حتى يتم التأكد من توافر مثل هذه الاحتياجات الضرورية".

وأشار إلى أن النقطة الثانية تتعلق بطمأنة الضحايا من خلال الاستماع إليهم، لكن دون إجبارهم على الحديث، مضيفا" النقطة الثالثة تكمن في تمكينهم من الاتصال بأقاربهم في أسرع وقت ممكن."

وفي هذا السياق، قال ماير-ليندنبرغ "من المهم للغاية بالنسبة للأطفال على وجه الخصوص أن يكونوا قادرين على التواجد مع شخص يعرفونه في أقرب وقت ممكن."

وأشار إلى أن النقطة الرابعة تتمحور حول قدرة الناس على التعامل مع الكوارث  بشكل أفضل إذا تحلوا بقدر كبير من الكفاءة الذاتية وروح المبادرة، قائلا "مساعدة الناس هي إحدى طرق تحقيق ذلك".

وقال إن النقطة الخامسة تتمثل في رفع الروح المعنوية بين الناجين من الكوارث الطبيعية خاصة باتخاذ إجراءات تحفز داخلهم قدرتهم على "اجتياز هذه الفترة الصعبة من حياتهم".

علاج اضطرابات ما بعد الصدمة

ويقول المتخصصون إنه إذا ظهرت أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة على شخص ما، فيمكن مساعدته عن طريق ما يُعرف ب "علاج التعرض" (Exposure Therapy) ما يعني تعرضه للصدمة مرة أخرى لخلق مساحة علاجية آمنة.

وفي ذلك، قال ماير-ليندنبرغ إن "علاج التعرض قد يساهم في التغلب على اضطرابات ما بعد الصدمة".

لكنه حذر من أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة بسبب ظواهر الطقس المتطرفة  قد يتعرضون لصدمات نفسية إذا تعرضوا بشكل متكرر لهذه الظواهر، مضيفا "كلما تزايدت مرات شعور الشخص بالعجز، كلما تفاقمت التداعيات".

 

يوليا فيرجين / م. ع

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW