خلال زيارته كل من قبرص واليونان، لفت البابا فرانسيس انتباه العالم من جديد، إلى أوضاع اللاجئين في الحدود الأوروبية. زيارة لها دلالتها الإنسانية والسياسية، أعادت للاجئين أملا في ما سيترتب عليها.
إعلان
كريستيان موياكا، طالب لجوء كونغولي، يوجد حالياً رفقة ابنتيه الصغيرتين في مخيم كارا تيبي للاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية. تتواجد الأسرة هنا منذ سنة، وهذا ثاني شتاء يقضونه بمفردهم.
في تقريرعلى موقع تاغس شاو الألماني، يحكي موياكا قصته: أراد هو وزوجته الوصول إلى أوروبا مع أطفال الثلاثة وطلب الحماية، لكنهما انفصلا أثناء فرارهما. لا يعرف طالب اللجوء الكونغولي إلى اليوم ما حدث لزوجته وطفله.
"لم أتواصل معهم نهائياً، لا أعرف عنهما شيئا. اتصلت بالصليب الأحمر هنا وقدمت لهم جميع المعلومات. لكن إلى حدود الساعة لا توجد أخبار عنهم"، يقول كريستيان وكله أمل في لم شمل أسرته من جديد.
مقارنة بالعام الماضي، يبرز التقرير أن حال الأسرة تحسن قليلاً، صاروا يتوفرون اليوم على ضروريات افتقدوها سابقاً. هم يقطنون الآن في حاوية وغادروا الخيمة. يقول كريستيان"عندما وصلت، كان الوضع صعبًا لكن كل شيء يتحسن، في البداية لم يكن لدينا مراحيض".
بعد حريق مخيم موريا العام الماضي، تم بناء المخيم مؤقتًا في كارا تيبي المعروف أيضًا باسم مافروفوني، وهو موقع عسكري بجانب البحر مباشرةً.
في فصل الشتاء يكون الجو عاصفًا ورطبًا هناك، دون تدفئة لا تكون الحاويات مريحة فعلاً، بل باردة للغاية. حسب تقرير تاغس شاو، يرتدي موياكا وبناته سترات شتوية سميكة وقبعات صوفية، ليحافظوا على حرارة جسمهم.
موياكا لاجئ كاثوليكي يحضر بانتظام لخدمات الكنيسة. حقيقة مجيء البابا إلى ليسبوس تعني الكثير بالنسبة له. "نحن سعداء حقًا، هذا مهم جدًا بالنسبة لنا، اللاجئون المسيحيون الكاثوليكيون،تشجعهم زيارة البابا للمخيم، إنها تمنحنا أملاً".
حسب تقرير تاغس شاو، فإن المزيد من اللاجئين يتم جلبهم للمخيم يومياً، وقد أصبحت ليسبوس على وجه الخصوص رمزاً لأزمة اللاجئين في اليونان. منظمات المساعدة تراسل البابا فرانسيس حول الموضوع، ولهذا تبقى لزيارته قوة رمزية كبيرة.
أسر سورية أنقذها البابا من "جحيم ليسبوس"
أمل اللاجئين في البابا لا ينحصر على معتنقي المسيحية منهم، فمنذ 5 سنوات، حطت طائرة البابا فرانسيس في جزيرة ليسبوس اليونانية. وخلال رحله رجوعه إلى روما، اصطحب معه 12 لاجئا مسلما سوريا، بينهم 6 أطفال على متن الطائرة البابوية
بعد خمس سنوات استطاعت تلك العائلات السورية الثلاثة أن تندمج في المجتمع الجديد وسط أجواء من الراحة والأمان والاستقرار النفسي والمادي، حسب تقرير لجريدة نيويورك تايمز.
وفاء عيد، كانت من بين اللاجئين الذين غادروا على نفس الرحلة مع البابا فرانسيس. تقول إن الأمر كان "يشبه الحلم"، مضيفة "عندما صعدنا على متن تلك الطائرة، شعرنا بإحساس بالسلام كنا قد نسيناه منذ فترة طويلة جدًا".
التكيف مع حياة وثقافة جديدتين لم يكن سهلاً بالنسبة للاجئة السورية، لكن عائلتها وجدت الدعم والحفاوة في روما، تعمل حالياً هي وزوجها في منزل لقضاء العطلات تديره جماعة دينية في روما، فيما يتردد طفليهما على إحدى المدارس الإعدادية بالعاصمة.
أشادت وفاء بخصال الشعب الإيطالي، الذي يحب مساعدة الآخرين على حد قولها، مشيرة إلى أنه قد أصبح لديهم أصدقاء كثر منهم.
وأكدت سيسيليا باني، منسقة مشاريع الهجرة لجمعية مجتمع سانت إيغيديو الخيرية، التي تساعد المحتاجين في روما ومناطق أخرى، إن العائلات الثلاث قد "استقرت بشكل جيد للغاية".
وأوضحت باني أنها كانت في جزيرة ليسبوس في عام 2016 لمساعدة العائلات التي سافرت على متن الرحلة البابوية وتتابع إرشادهم ودعمهم بعد وصولهم إلى روما، مؤكدة أنهم قد تمكنوا من العثور على وظائف ومساكن تسمح لهم بالعيش بشكل مستقل دون الحاجة إلى معونات من الحكومة.
تجدر الإشارة إلى أن منظمة، القديس إيغيديو، كانت قد ساعدت على تسهيل وصول أكثر من 3600 لاجئ إلى إيطاليا خلال السنوات الخمس الماضية.
وفي الوقت الحالي فإنه لا يشغل بال وفاء وزوجها سوى آلام المحتاجين والنازحين والمقيمين في مخيمات اللجوء، وسط ظروف قاسية وصعوبة على غرار ما حدث معهما خلال تواجدها في الجزيرة اليونانية قبل أن يخرجا من ذلك "الجحيم" برفقة البابا.
مهاجر نيوز 2021
نيران الجحيم ـ تاريخ مخيم موريا
تعرض مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية للحريق، وقد أصبح الوضع في المخيم المكتظ في غاية الحرج. لكن حتى قبل الحريق كان الوضع مأساويا في أكبر مخيم للاجئين في أوروبا.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Balaskas
ليلة الحرائق
في ليلة الأربعاء (9 سبتمبر 2020) اشتعلت حرائق في مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية وفي عدة مواقع. ولذلك هناك فرضية أن الحرائق اُضرمت عن قصد. بعض سكان المخيم تحدثوا عن إحراق متعمد من طرف سكان محليين. وهناك تقارير تفيد بأن لاجئين هم الذين أضرموا النيران.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Lagoutaris
على قارعة الطريق
تمكن سكان مخيم اللاجئين المكتظ من النجاة بحيث لم يُسجل موتى ولا مصابون. وحسب وسائل إعلام يونانية، فإن الكثير من الأشخاص لجأوا إلى مرتفعات وغابات بالقرب من المخيم. وتفيد تقارير مساعدين بأن آلاف الأشخاص تائهون في الشوارع ولا يوجد طعام ولا ماء وتعم الفوضى.
صورة من: Imago Images/Xinhua/P. Balaskas
فقدان مقومات الحياة
أُقيم المخيم لاحتضان 2800 شخص. وإلى حين نشوب الحرائق كان يعيش هناك نحو 12.600 لاجئ. وحتى قبل الحريق كانت ظروف الحياة كارثية. وعندما ننظر إلى هذه الصورة بعد الحريق، يظهر بسرعة جليا أنه في المستقبل القريب لا يمكن توفير حياة كريمة في المخيم.
صورة من: Reuters/E. Marcou
قريبا من تركيا
مخيم اللاجئين موريا يقع في شرق الجزيرة اليونانية ليسبوس. ولا يبعد عن الشواطئ التركية سوى نحو 15 كلم. وليسبوس هي ثالث أكبر جزيرة في اليونان وبها حوالي 90.000 نسمة. وحوالي 38.000 شخص يعيشون في عاصمة الجزيرة ميتيليني البعيدة فقط بضعة كيلومترات من موريا.
إخفاء معالم صورة المخيم على غوغل
من يرغب في مشاهدة مخيم اللاجئين موريا على خريطة غوغل من الجو فلا يسعفه الحظ. فصورة المخيم برمته تم إخفاء معالمها ولا يمكن التعرف عليه من خلالها. وردا على سؤال من دويتشه فيله DW قال موقع غوغل بأنه ليس هو من يقوم بحجب الصور، بل جهات ثالثة تنجز صور الأقمار الصناعية. ولا يُعرف لماذا تم إخفاء معالم صورة المخيم.
صورة من: 2020 CNES/Airbus, European Space Imaging, Maxar Technologies
المخيم بصورة جوية
هذه الصورة من الجو تكشف بأن المخيم توسع بشكل ملحوظ، ففي الوقت الذي يظهر فيه على صورة الأقمار الصناعية لخريطة غوغل أن المنزل بالسطح الأحمر لم يكن جزءا من المخيم، يبدو في الصورة الجوية أن المخيم يتوسع بشكل تدريجي ليشمل البناء المذكور.
صورة من: DW/D. Tosidis
نظرة إلى الماضي
تم التقاط صور لمنطقة المخيم في ديسمبر/ كانون الأول 2011. حينها لم يكن هناك مخيم موريا أو أي مخيم آخر. وعوضا عن ذلك كان هناك منشأة عسكرية. واعتبارا من أكتوبر 2015 تم في الموقع تسجيل طالبي لجوء قبل نقلهم إلى البر اليوناني.
صورة من: 2020 Google
البقاء في المخيم يطول منذ الاتفاق مع تركيا
في الوقت الذي ينبغي فيه بقاء المهاجرين في المخيم لوقت قصير ـ هذه الصورة تعود لأكتوبر 2015 ـ يستمر بقائهم في المخيم مع الاتفاقية الأوروبية التركية منذ مارس/ آذار 2016. ومنذ ذلك الوقت ينتظر طالبو اللجوء هنا توزيعهم على دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أو ترحيلهم.
صورة من: DW/D. Cupolo
الانتظار والانتظار ثم الانتظار...
بعد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لم يعد بوسع المهاجرين الانتقال إلى الأراضي البرية اليونانية، لأن تركيا لن تعيد استقبالهم في حال وصولهم إليها. وبما أن بلدان الاتحاد الأوروبي غير متحدة فيما يخص إيواء المهاجرين، فإنهم يبقون طويلا في المخيم. ويوجد الكثير من الجنسيات في ظروف سيئة وفي مجال ضيق، وعليه لا عجب أن تحصل توترات.
صورة من: DW/D. Cupolo
عندما تتفجر التوترات
تفجرت التوترات منذ سبتمبر/ أيلول 2016 في مواجهات عنيفة أدت أيضا إلى إضرام نيران. وحينها كان يوجد "فقط" نحو 3000 مهاجر في المخيم. يومها تم تدمير أجزاء كبيرة في المخيم. وبعد أشهر قليلة من ذلك الحريق أضرم مئات المهاجرين النار في حاويات مؤسسة اللجوء الأوروبية احتجاجا على الفترة الزمنية الطويلة لمعالجة الطلبات في المخيم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schwarz
نيران وموتى
في سبتمبر/ أيلول 2019 حصل حريق إضافي كبير. حينها اشتعل بستان زيتون وفي الأثناء توسع المخيم على أرضه. وبعد 20 دقيقة من حادث البستان اشتعل حريق إضافي داخل المخيم أدى إلى وفاة شخصين: امرأة ورضيعها. وفي ذلك الوقت كان يقيم في المخيم أكثر من 12.000 شخص.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
قطع زيارة مسؤول ألماني
في أغسطس من العام الجاري زار أرمين لاشيت، رئيس وزراء شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية من حيث عدد السكان في المانيا موريا. وكان ينوي في الحقيقة معاينة ما يُسمى الجانب العشوائي خارج المخيم. ولأسباب أمنية تم شطب هذه الزيارة من البرنامج. قبل ذلك تشنجت الأجواء وحصلت هتافات تدعو إلى "تحرير موريا".
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Hülsmeier
والآن ماذا سيحدث؟
مخيم مكتظ وظروف عيش مخيفة وتوترات عرقية، ثم ظهرت حالات كورونا الأولى. إنه وضع كارثي. كان هذا حتى قبل الحريق. فهل يعني الحريق الأخير زوال المخيم أم تشكل الكارثة نقطة تحول نحو توفير متطلبات حياة كريمة؟ إلى حد الآن لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال.