ماذا سيقدم السيسي لأفريقيا خلال رئاسته للاتحاد الأفريقي؟
٨ فبراير ٢٠١٩
تسعى مصر لتعزيز نفوذها في أفريقيا من خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، لكنها لن تهتم كثيرا بالإصلاحات الإدارية والمالية التي يحتاجها الاتحاد. وخبراء يرون أن السيسي يريد أن تُعتبر مصر جزءا من أفريقيا وليس العالم العربي فقط.
إعلان
من المتوقع أن ينصب اهتمام مصر خلا توليها رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي على ملف الأمن والسلام، ومن غير المرجح أن يكون تعزيز السلطات متعددة الأطراف أو الإصلاح المالي للاتحاد على جدول الأعمال. يقول أشرف سويلم الذي يرأس مركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، إن مهمة مصر "سوف تركز على الأرجح على الأمن وحفظ السلام".
ويوضح سويلم أنه من المرجح أن يقلل الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الدورة القادمة في الاتحاد الأفريقي، التركيز على "الإصلاح المالي والإداري" خلافا لسلفه الرئيس الرواندي بول كاغامي. وكان هذا الإصلاح هو حجر الزاوية خلال العام الذي ترأس فيه كاغامي الاتحاد الأفريقي.
وكان الرئيس الرواندي يسعى إلى فرض ضريبة استيراد على مستوى القارة لتمويل الاتحاد الأفريقي وخفض اعتماده على المانحين الخارجيين الذين ما زالوا يدفعون أكثر من نصف الميزانية السنوية للمنظمة. وقال دبلوماسي إفريقي لوكالة فرانس برس إن مصر، إلى جانب جنوب أفريقيا ونيجيريا "لا تريد اتحادا أفريقيا قويا".
وأضاف الدبلوماسي الذي يتابع شؤون الاتحاد الأفريقي لأكثر من عقد، إن القاهرة لن "تنسى أبدا" تعليق عضويتها عام 2013. إذ قام الاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية مصر والذي استغرق قرابة عام، في تموز/ يوليو 2013 بعد أن أطاح الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي يعتبر أول رئيس منتخب ديموقراطيا في البلاد عام 2012. ومن المقرر أن يتولى السيسي رئاسة القمة الأفريقية المقرر اجتماعها يومي 10 و11 شباط/ فبراير في مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
الأمن قبل الإصلاح
وكما جرت العادة، ستتصدر أزمات القارة الأمنية جدول أعمال القادة، كذلك من المحتمل أن يكون مقترح التمويل الطموح لرواندا على الطاولة، إلا أنه قد لا يرى النور ليس بسبب اعتراض مصر عليه، وإنما الدول الأعضاء الأخرى. أما عن إصلاح مفوضية الاتحاد الأفريقي فهو موضوع أكثر حساسية. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 ، رفضت معظم الدول مقترحا بمنح الذراع التنفيذي للاتحاد الأفريقي الحق في اختيار نواب ومفوضين.
يقول مسؤول في الاتحاد الأفريقي إن المصريين "منخرطون بشكل كامل" في دفع إصلاحات أخرى للاتحاد. وإحدى المبادرات الرئيسية المدعومة من القاهرة هي منطقة التجارة الحرة القارية (CFTA) ، وهي مبادرة وافق عليها 44 من بين 55 دولة من الأعضاء في آذار/ مارس 2018.
وتعد السوق الموحدة من أبرز برامج "جدول أعمال 2063" التابع للاتحاد الأفريقي، والذي يعتبر بمثابة إطار استراتيجي للتحول الاجتماعي والاقتصادي. لكن الاتفاقية التجارية واجهت اعتراضا من جنوب أفريقيا وبالتالي يتعين على السيسي أن يدفع بقوة من أجل التصديق على هذا الاتفاق إذا كان سيبدأ تنفيذه.
وتتوقع إليسا جوبسون، المتخصصة في الدفاع عن أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، من السيسي "الاستفادة من الرئاسة لتعزيز وضع بلاده بين الدول الأفريقية الأخرى". وتضيف أن "هذا ليس قطعا مع الإدارات السابقة"، وخصوصا الرئيس المنتهية ولايته. وتقول جوبسون "أظهر كاغامي أن الرئاسة، التي طالما اعتبرت مجرد منصب فخري، يمكن أن تعمل على تعزيز المصالح الوطنية وتعزيز المكانة الدولية للقائد".
تعزيز مكانة مصر
وقال مسؤول الاتحاد الأفريقي الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الرئيس الرواندي سيظل شخصا محوريا في أجندة إصلاح المنظمة على الرغم من انتهاء ولايته، لكن هناك حدوداً كبيرة للسلطة التي يتمتع بها رئيس الاتحاد الأفريقي.
وعانى كاغامي من اعتراض كبير من الاتحاد الأفريقي بعد أن عبر عن "شكوك جدية" بشأن النتائج التي توصلت إليها انتخابات الرئاسة في جمهورية الكونغو الديموقراطية والتي فاز بها رسميا فيليكس تشسيكيدي. وبالرغم من تشكيك الكنيسة الكاثوليكية أيضا، إلا أن النتائج صُدقت من قبل المحكمة الدستورية في جمهورية الكونغو الديموقراطية ورحبت بها دول ثقيلة الوزن مثل جنوب أفريقيا وكينيا ومصر.
وسوف يحتاج السيسي التغلب على هذه النمطيات، وفقا لما تقوله ليزل لوو- فودران من معهد الدراسات الأمنية، إذ "هناك سمعة عن دول شمال أفريقيا بأنها تنظر في اتجاه مختلف عن أفريقيا". لكن "السيسي يريد أن تُعتبر مصر جزءا من أفريقيا وليس العالم العربي فقط".
ومن المقرر أن تركز قمة الاتحاد الأفريقي الأحد (10 شباط/ فبراير) على "اللاجئين والعائدين والأشخاص المشردين محليا" على أن يتم تقديمه في سياق أمني. وتنصب القاهرة نفسها "بطلة" في المعركة ضد الهجرة غير الشرعية، ونموذجا لاستضافة اللاجئين على أراضيها.
ع.ج/ ع.ج.م (أ ف ب)
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.