من مخابرات الأسد إلى المنفى.. مسار سوريّين يحاكمان بألمانيا
٢٥ أبريل ٢٠٢٠
يخضع أنور رسلان وإياد الغريب الضابطان السابقان في مخابرات نظام بشار الأسد إلى المحاكمة في ألمانيا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. كلا الرجلين أبلغ السلطات الألمانية بطبيعة عملهما السابق خلال عملية التقدم بطلب اللجوء.
إعلان
تابعت العدالة الألمانية الجمعة (24 أبريل/ نيسان 2020) في كوبلنز، غرب ألمانيا، تفاصيل المسار المتعرّج لمتهمَين، انطلاقاً من عملهما في المخابرات السورية وصولاً إلى الالتحاق بالمعارضة في الخارج، في أول محاكمة في العالم حول انتهاكات منسوبة إلى نظام دمشق.
خلال اليوم الثاني للجلسة التاريخية، حاولت المحكمة فهم مسار المتهم الأعلى رتبة، أنور رسلان (57 عاما) الماثل بتهمة ارتكاب جريمة ضدّ الإنسانيّة.
ويتعيّن على رسلان الذي عبر عن رغبته في تقديم تصريحاته للمحكمة كتابيا مستقبلا، أن يشرح دوره في مقتل 58 شخصا وتعذيب 4 آلاف آخرين على الأقل في مركز احتجاز الخطيب في دمشق الذي يعرف باسم "الفرع 251"، بين 29 نيسان/أبريل 2011 و7 أيلول/سبتمبر 2012.
من المخابرات إلى المعارضة
طوال 18 عاما، عمل أنور رسلان في المخابرات السورية، وفق ما أفاد محقق من الشرطة الجنائية الألمانية دعي للشهادة الجمعة. ولم يخف المتهم ماضيه منذ لجوئه إلى ألمانيا مثلما فعل نحو 700 ألف سوري منذ انطلاق الحرب قبل تسعة أعوام. بل هو من أعلم رجال الأمن في مركز شرطة ببرلين بماضيه، وذلك عند تقدمه بطلب حماية في شباط/فبراير 2015، عقب حوالي خمسة أشهر من وصوله إلى البلاد.
حينها، شعر أنور رسلان أنه "مهدد من طرف عناصر مخابرات سوريّين" بسبب التحاقه بالمعارضة في المنفى بعد انشقاقه في كانون الأول/ديسمبر، وفق ما أفاد المحقّق الألماني. وانكبّ المحققون على بحث مسار هذا الرجل الذي له شارب ويحمل شامة مميّزة تحت عينه اليسرى. وخلال تحقيق الشرطة الجنائية معه لمرتين، قدم "معلومات واسعة ومتنوعة" حول أنشطته السابقة.
شرح رسلان عمليات الفرع 251 الذي نال في صفوفه "ترقية في كانون الثاني/يناير 2011 إلى أعلى رتبة"، وخاصة تنفيذ عناصر منه عمليات "إيقاف تعسفيّة".
أكد الضابط السوري السابق أنه تمت "ممارسة العنف أيضا خلال التحقيقات"، وفق المحقق الألماني الذي شرح في شهادته مختلف أساليب التعذيب في ذلك السجن.
لكن، غيّر رسلان ولاءه، وفرّ من سوريا مع عائلته لينضم إلى المعارضة، حتى أنه شارك في مفاوضات السلام بجنيف عام 2014، وحصل على تأشيرة لألمانيا من سفارتها في عمّان.
من جهتها، شهدت وزارة الخارجية بأداء رسلان "دورا نشطا واضحا" في المعارضة. وبسبب التحاقه بالمعارضة، لم يخش الضابط المنشقّ قطّ من أن يتعرض للمضايقة بسبب أنشطته الماضية وهو في ألمانيا، وفق ما أفادت الصحافة الألمانية وناشطون سوريون.
ومع ذلك، أوقف رسلان في شباط/فبراير 2019 مع عنصر مخابرات سابق آخر، هو إياد الغريب، جلس أثناء المحاكمة بجانبه في قفص الاتهام.
انشقاق عن الجيش
وصل إياد الغريب (43 عاما) إلى ألمانيا في نيسان/أبريل 2018. لم يخف هو أيضا ماضيه عند تقدمه بطلب لجوء في أيار/مايو من نفس العام، عقب عدة سنوات من انشقاقه عن الجيش. وبدوره، قدم الغريب "معلومات عن نشاطه في الاستخبارات السوريّة" للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين المكلّف النظر في طلبات اللجوء.
أوروبا تصطاد عملاء مخابرات الأسد السورية بتهم التعذيب
05:57
يتابع الرجل خاصة لدوره في إيقاف وسجن 30 شخصا خلال مظاهرة في خريف 2011، حين كان يعمل تحت إمرة حافظ مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد ويعتبر من ضمن دائرته الضيّقة.
مؤخراً، قال أحد المقربين من الغريب للصحافة الألمانية إن الأخير كان مجبراً على تنفيذ أوامر قادته حتى وإن كان على علم بالاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون الموقوفون.
وقال هذا المصدر المقرب، واسمه زين الحسين، لجريدة "زود دويتشه تسايتونغ" إنه "لو تفوه ولو بكلمة واحدة، لما كانت حياة إياد تساوي أكثر من رصاصة".
ع.ح./ع.ش. (أ ف ب)
دول عربية في سجل "آمنستي" الأسود بسبب التعذيب
رغم موجة التفاؤل التي أطلقتها انتفاضات الربيع العربي، فإن دولا عربية عديدة خصوصا التي تشهد عملية انتقال صعب، تشهد استمرار أعمال تعذيب ممنهج، حسب تقرير لآمنستي تحت عنوان "30 عاما من الوعود المنقوصة"، حذر من تعذيب رهيب.
صورة من: JAMES LAWLER DUGGAN/AFP/GettyImages
بعد القذافي، ليبيا لم تتخلص من تركة التعذيب
تلقت الأمم المتحدة شكاوى أهالي سجناء في ليبيا تفيد بانتهاكات حقوقية داخل السجن حيال بعض الموقوفين من قادة النظام السابق، منهم الساعدي نجل العقيد الراحل معمر القذافي. كما أعلن حقوقيون العثور على جثث قرب مدينة بنغازي، لأشخاص تمت تصفيتهم بالرصاص وتبدو عليها آثار تعذيب. وتتبادل جماعات إسلامية متشددة مسلحة وقوات الأمن الاتهامات بشأن اختطافات وعمليات التعذيب.
صورة من: AP
"التعذيب في 30 عاما من الوعود المنقوضة"
بعد ثلاثين عاما على توقيع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب نددت آمنستي بانتشار التعذيب "على المستوى العالمي"، مشيرة إلى أنه بات يمارس بشكل "طبيعي" إثر الحرب على الإرهاب. وقال تقرير العفو الدولية الذي جاء تحت عنوان "التعذيب في 30 عاما من الوعود المنقوضة" إنه بعد "ثلاثة عقود من الاتفاقية وأكثر من 65 عاما بعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان فإن التعذيب ليس فقط مستمرا بل إنه يتزايد."
صورة من: JAMES LAWLER DUGGAN/AFP/GettyImages
وصمة عار تعذيب النساء في سوريا
وثق نشطاء وجماعات دولية لحقوق الإنسان انتهاكات ممنهجة داخل مراكز الاعتقال السورية تتضمن إذلال المحتجزات اللاتي يجبرن على خلع ملابسهن والجلوس بالملابس الداخلية فقط خلال جلسات الاستجواب، وأحيانا يتعرضن لعنف جسدي وجنسي. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية غير الحكومية، أنها التقت العام الماضي بعشر سوريات سبق اعتقالهن وأن ثمانية منهن قلن إنهن تعرضن لانتهاكات أو تعذيب أثناء الاحتجاز.
صورة من: DW/R. Asad
جلد الأطفال والنساء في معتقلات"داعش"
تتهم منظمة العفو الدولية، جماعة "داعش" بعمليات خطف وتعذيب وقتل معتقلين في سجون سرية أقامتها على أراضٍ تسيطر عليها في سوريا. وحسب آمنستي، فإن من بين السجناء لدى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) أطفالا بالكاد يصل عمر بعضهم الى 8 سنوات وقاصرين تعرضوا للجلد والسجن مع بالغين في ظروف "قاسية وغير إنسانية". في الصورة لقطة من مسرحية "الكرسي" الألمانية الرمزيية عن التعذيب، وقد عرضت في بيروت.
صورة من: DW/R. Najmi
التعذيب متواصل في مصر
تقرير الخارجية الأميركية لحقوق الانسان منظمات حقوقية تنتقد مصر بشدة "بعد الإطاحة بحكومة مدنية منتخبة والاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن بما يشمل القتل والتعذيب". الشرطة اعتقلت نحو 16 ألف شخص ضمنهم أطفال. وفي يوم 25 يناير/ كانون الثاني قتل فيه 49 شخصا أغلبهم من الإسلاميين خلال مسيرات مناهضة للحكومة. واستمر التعذيب في مراكز الشرطة في بعض من أسوأ السجون ومراكز الاعتقال المصرية سمعة.
صورة من: DW/K. El Kaoutit
جلادو خالد سعيد لم يتوقفوا عن ممارسة مهنتهم
رغم صدور حكم قضائي بالسجن لمدة عشر سنوات على شرطيين في قضية تعذيب الناشط خالد سعيد حتى موته عام 2010، والذي أثار مقتلة احتجاجات قادت إلى الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في 2011. فإن نشطاء ليبراليين ما يزالون يعتقلون ويعذبون في مصر، منهم قادة لحركة 6 أبريل أيقونة ثورة 25 يناير 2011.
صورة من: picture-alliance/dpa
نزاع الصحراء الغربية يتسبب في ضحايا
يتسبب نزاع الصحراء في ضحايا. ويأتي"المغرب والصحراء الغربية ضمن حملة خاصة أطلقتها آمنستي على خمس دول في العالم، فيها ممارسات التعذيب منتشرة بصورة خاصة". كما أقر مجلس الأمن في أبريل/ نيسان 2014 قرارا ينص على أن المجلس "يؤكد أهمية تحسين وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ومخيمات تندوف ويشجع الأطراف على العمل مع المجتمع الدولي لتطوير وتنفيذ إجراءات مستقلة وجادة لضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان".
صورة من: Karlos Zurutuza
اتهامات بالتعذيب تتسبب في أزمة ديبلوماسية
تسببت شكاوى منظمات غير حكومية في فرنسا ضد مسؤولين مغاربة تتهمهم بالتورط في أعمال تعذيب بالمغرب، في أزمة ديبلوماسية بين الحليفتين الرباط وباريس، وذلك إثر حضور الشرطة الى مقر السفير المغربي في باريس لابلاغ عبد اللطيف حموشي مدير مراقبة التراب الوطني المغربي (جهاز المخابرات الداخلية) باستدعاء من قاضي تحقيق لاتهامه بالتواطؤ في أعمال تعذيب. ورفض المغرب ذلك ورفعت وزارة العدل المغربية دعوى مضادة في باريس.
صورة من: Mohamed Ahaddad
تعذيب من أجل حماية "المملكة"
شهدت المملكة العربية السعودية العام المنصرم سلسلة اعتقالات وإجراءات قانونية جديدة "وقع تحت طائلتها إسلاميون سنة ومسلمون شيعة وإصلاحيون ليبراليون وملحدون ودعاة حقوق إنسان" فيما وصفه أحد النشطاء بأنه "حالة طوارئ غير معلنة". ففي مواجهة مطالب الحريات التي فجرها الربيع العربي، اتخذت المملكة خطا أكثر صرامة في مواجهة أشكال كثيرة من المعارضة. وتقول المملكة إنه لا يوجد لديها معتقلون سياسيون ولا تعذيب.
صورة من: Getty Images
في تونس، الدولة تعتذر لضحايا التعذيب
رغم اللوحة القاتمة لأوضاع حقوق الإنسان في دول الربيع العربي، قدم الرئيس التونسي منصف المرزوقي اعتذارا باسم الدولة إلى ضحايا التعذيب الذين مورس ضدهم طيلة نصف القرن الماضي، داعيا إلى معركة دائمة ضد التعذيب في ظل الديمقراطية الناشئة. وفي مقابلة مع DW طالبت محرزية العابدي إحدى ضحايا التعذيب في عهد حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وهي ناشطة إسلامية، بمحاسبة "الجلادين" المسؤولين عن التعذيب.