من معسكر إلى آخر: "إسلاموي" ألماني كان من "النازيين الجدد"
٥ مارس ٢٠١٧
يبدو أن ألمانياً مشتبهاً بأنه إسلاموي قام سابقا بالتحريض بالإنترنت ضد مسلمين. ويقول باحثون في قضايا التطرف إن الانتقال من معسكر إلى آخر ليس أمرا غريبا. وسبق للسلطات الألمانية أن ضبطت حالات تطرف روج أصحابها لأفكار مختلفة.
إعلان
اعتقلت الشرطة الأسبوع المنصرم شابا اسمه زاشا في بلدة نورتهايم بولاية ساكسونيا السفلى، ووجدت بحوزته قِطَعاً لصنع متفجرات. وأفادت الشرطة أن الشاب البالغ من العمر 26 عاما اعترف بأنه أراد استدراج رجال شرطة وجنودا إلى كمين لقتلهم. وأفادت مجلة "دير شبيغل" أن زاشا عبّر في السابق عن أفكار نازية. وعثر المحققون في موقع يوتوب وفيسبوك على بروفايل لزاشا يحرض فيها ضد مسلمين وضد مناهضين للفاشية. وفي عام 2013 تحدث زاشا، كما نقلت مجلة "دير شبيغل" في فيديو عن خطر "انقراض شعبي بطيء" للألمان وأن المسلمين يريدون فرض قواعد الشريعة.
واللغة التي استخدمها زاشا والقناع الأبيض الذي كان يضعه في بعض مقاطع الفيديو تكشف أنه كان مُلهَماً بمجموعة يمينية متطرفة تُسمي نفسها "الخالدون"، نظمت في عام 2012 عدة مظاهرات. وفي فيديو آخر لعام 2013 يعطي زاشا "إرشادات لمكافحة الحشرات"، وهي دعوة لمهاجمة المهاجرين.
ويبدو أن زاشا تحول خلال عام 2014 إلى الإسلام، وهو أفصح عن ذلك في محاكمة بسبب اتهامه بالترويج لرموز تنظيم "داعش" في الشبكة. إلا أن النيابة العامة في بلدة تسيله رفضت التعقيب على تقرير مجلة "دير شبيغل" مع الإشارة إلى أن التحقيقات ما تزال جارية.
تغيير المعسكر
وليست هذه هي الحالة الأولى التي ينتقل فيها شخص من مجموعة متطرفة إلى أخرى ـ وبالتأكيد ليس الأخيرة. ففي عام 2012 كان برنهارد فالك -وهو عضو سابق في "الخلايا المناهضة للإمبريالية" تحول في السجن إلى الإسلام- نشر وثيقة يحث فيها على ممارسة العنف ضد القاعدة الجوية الأمريكية في بلدة رامشتاين. كما سبق له أن عبر عن ولائه لتنظيم القاعدة الإرهابي.
وتوجد حالة معروفة أكثر وهي قضية هورست مالير الذي تحول من عضو مؤسس للتنظيم اليساري الإرهابي "جماعة الجيش الأحمر" إلى اليمين المتطرف.
ويفيد توماس موكه بأنه غير مندهش من هذه النماذج. فمدير شبكة الوقاية من العنف قال في حديث مع DW: "كيفما تعلق الأمر بأي تطرف، فالأسس تبقى أن الغاية هي تهميش الآخرين وأن يتم البحث عن المجموعة المتجانسة، وأن يتحرك الشخص ضد الديمقراطية. فإيديولوجيات اليمين المتطرف والتطرف المبني على علل دينية تتشابه".
أسباب نفسية أم اجتماعية؟
وتعتقد ميشاييلا غلازير من معهد الشبيبة الألماني بمدينة هاله، الباحثة في شؤون التطرف العنيف أن الميول للتطرف يعود لأسباب نفسية وكذلك اجتماعية، وتضيف أنه "تضافر لتجارب شخصية تجعل بعض الأشياء ممكنة"، وبالتالي فإن الأشخاص المعنيين يتعاملون مع ظروف اجتماعية تجعل بعض العروض الإيديولوجية المتطرفة جذابة بالنسبة إليهم.
وتقول إن هناك دوافع مختلفة تجعل الناس ينضمون لمجموعات معينة تخدم توقعاتهم الحسية والمعنوية مثل البحث عن الوضوح والاعتراف والانتماء.
وتعتقد الباحثة غلازير أن جميع المجموعات المتطرفة تقدم للناس تمييزا واضحا بين ما هو جيد وسيء والشعور بالانتماء إلى مجموعة مختارة، ومشاعر بقيمة الذات تتغذى من شعور الانتماء، وهذا يعني أنه في الوقت الذي تقوم فيه المجموعات اليمينية المتطرفة بالتمييز بحسب العِرق، تقوم المجموعات الإسلاموية بالتمييز بحسب مبدأ: مؤمن وكافر.
بن نايت/ م.أ.م
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.