1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

من "منبوذ" لشريك مفضل- عودة مكثفة لبن سلمان إلى مسرح السياسة

٢٢ يونيو ٢٠٢٢

تزامن احتفاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمرور خمس أعوام على توليه منصبه بتدشينه جولة إقليمية ليعود إلى المشهد السياسي الدولي بفضل عائدات النفط وتحالفاته والمستجدات على الساحة الإقليمية والدولية.

يحتفل الأمير محمد بن سلمان بمرور خمس أعوام على توليه منصب ولي العهد السعودي
يحتفل الأمير محمد بن سلمان بمرور خمس أعوام على توليه منصب ولي العهد السعوديصورة من: BARNI Cristiano/ATP photo agency/picture alliance

أضحى جدول أعمال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مزدحما ومكتظا في الوقت الحالي بسلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى مقارنة بأي زعيم آخر.

فقد عقد محمد بن سلمان البالغ من العمر 36 عاما اجتماعات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة الاثنين (20 يونيو/ حزيران 2022) تلتها مباحثات في عمان (الثلاثاء) مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

وقد وصل بن سلمان إلى أنقرة بعد ظهر اليوم الأربعاء (22 يونيو/ حزيران) في زيارته الرسمية الأولى لتركيا بعد تسع سنوات من الخلافات، بدأت مع الربيع العربي، وفاقمها اغتيال  الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول.
واستقبل أردوغان ولي العهد استقبالا رسميا في القصر الرئاسي في أنقرة وتصافحا وتعانقا قبل مقابلة أعضاء الحكومة التركية. ويجرى ولي العهد السعودي مباحثات مع الرئيس التركي. ومن المنتظر وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الرياض الشهر المقبل.

وترمز هذه الاجتماعات إلى أهمية دور السعودية  – أكبر مصدر للنفط في العالم، لكنها ترمز أيضا إلى التغيير الذي طرأ على الفكر السياسي لولي العهد السعودي بعد خمس سنوات من توليه منصبه وتحديدا في الحادي والعشرين من يونيو / حزيران عام 2017.

وفي ذلك، قال سيباستيان سونس، الخبير في قضايا الشرق الأوسط بمركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق، ومقره ألمانيا، إنه خلال السنوات الأولى لتولي محمد بن سلمان منصبه "اعتمد بشكل كبير على التصعيد والاستفزاز، لكنه أقدم على تعديل هذه الإستراتيجية في السياسة الخارجية خلال السنوات الأخيرة".

بيد أن جريمة قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018 ، أدت إلى تغيير التصور الدولي عن ولي العهد السعودي إلى الأسوأ، خاصة في تركيا، حيث تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بتحقيق العدالة في مقتل خاشقجي.

وفي تعليقها على ذلك، قالت سينزيا بيانكو، الزميلة الزائرة في فرع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين، إن الرئيس التركي "كان مسؤولا عن تدهور صورة محمد بن سلمان في العالم الإسلامي والعربي على نطاق كبير بعد مقتل خاشقجي".

أجرى الأمير محمد بن سلمان مباحثات في القاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسيصورة من: Royal Court of Saudi Arabia/AA/picture alliance

ذوبان جليد العلاقات

بيد أن التقارب الحالي بين تركيا والسعودية يمثل تغييرا كبيرا في سياسة أردوغان الخارجية إذ بدأت المصالحة بين البلدين مطلع العام الجاري، مع تخفيف أنقرة انتقاداتها لسجل حقوق الإنسان في السعودية، بما في ذلك جريمة مقتل خاشقجي.

وشهد أبريل / نيسان الماضي صدور قرار من القضاء التركي بإحالة قضية محاكمة المتهمين بجريمة مقتل خاشقجي، وعددهم 26 سعوديا، إلى السلطات القضائية في السعودية.

وأعقب ذلك زيارةٌ رسمية قام بها الرئيس التركي إلى الرياض وأجرى خلالها مباحثات مع ولي العهد السعودي.

وفي هذا الصدد، قالت بيانكو إن تركيا "رضخت لمطالب السعودية حيث من المحتمل أن نشهد استقبالا حافلا لمحمد بن سلمان في تركيا وهو ما يشبه ضمنيا قبولا رمزيا لقيادة محمد بن سلمان للعالم الإسلامي العربي بأسره".

وأفادت وسائل إعلام تركية أنه خلال زيارة بن سلمان لتركيا سيجري توقيع سلسلة من الاتفاقيات الثنائية في مجالات مثل الاستثمار والطاقة بين الرياض وأنقرة، فيما يعد الاقتصاد المحرك الرئيسي الذي دفع تركيا إلى تغيير مواقفها تجاه ولي العهد السعودي.

وكانت العلاقات بين البلدين قد تدهورت خلال السنوات التي تلت جريمة مقتل خاشقجي وقد أثر ذلك سلبا على العلاقات الاقتصادية حيث تراجعت الواردات من تركيا بنسبة 62.3٪ لتصل إلى 3.32 مليار ريال أي ما يعادل 886 مليون دولار عام 2021 مقارنة بعام 2020.

يشار إلى أن تركيا تشهد أوضاع اقتصادية صعبة فيما تشهد البلاد العام المقبل إجراء انتخابات رئاسية وذلك بالتزامن مع ارتفاع الطلب على النفط السعودي جراء الحرب في أوكرانيا.

عودة التحالفات

يرى الباحث كمال كريسكي من معهد بروكينغز للأبحاث في العاصمة الأمريكية واشنطن، وجود ثمة تشابه بين موقفي أردوغان وبايدن فيما يتعلق بالتعامل مع بن سلمان. وقال "إن الدافع الأساسي للتحول التركي لا يختلف كثيرا عن السبب وراء رغبة بايدن في زيارة الرياض ولقاء محمد بن سلمان".

قررت السلطات في واشنطن إطلاق اسم "جمال خاشقجي" على شارع يقع أمام مبنى السفارة السعودية في العاصمة الأمريكيةصورة من: Ken Cedeno/UPI Photo/IMAGO

بيد أن اللافت للأنظار هو أن عودة دفء العلاقات بين تركيا والسعودية قد تكون أمرا سهلا على خلاف الولايات المتحدة.

فعلى النقيض من الولايات المتحدة، لم يتهم أردوغان محمد بن سلمان مباشرة بالتورط في جريمة قتل خاشقجي، حيث شدد على أن "أعلى المستويات" في الحكومة السعودية أصدرت أمر قتل خاشقجي.

وفي المقابل، تعهد بايدن في عام 2019، إبان الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بأن يجعل السعودية "دولة منبوذة".

لكن عقب توليه منصبه في يناير / كانون الثاني العام الماضي، تفاقمت  العلاقات بين الولايات المتحدة وحليفتها السعودية  خاصة عقب صور تقرير سري أشار إلى أن محمد بن سلمان قد أعطى الضوء الأخيرة للعملية التي أفضت إلى مقتل خاشقجي.

وعلى وقع ذلك، رفض بايدن التحدث مباشرة إلى محمد بن سلمان منذ توليه منصبه في البيت الأبيض، لكن يتوقع أن يشهد هذا النهج تغييرا في منتصف يوليو / تموز عندما يزور الرئيس الأمريكي الرياض.

يأتي ذلك فيما لا يزال الغموض يكتنف مشهد العلاقات بين البلدين، إذ صرح بايدن بأنه لن يزور السعودية من أجل ملاقاة ولي العهد السعودي وإنما من أجل المشاركة في "اجتماع دولي" يضم قادة من دول الخليج بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق.

وفي ذلك، قال ميتات ريندي، السفير التركي السابق في قطر، إن السعودية تعد واحدة من قلاقل الدول "التي لديها قدرة إضافية للتعامل مع تداعيات أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا". وفي مقابلة مع DW، أضاف "يتعين التعامل مع السعودية حتى في حالة عدم قبول سياستها".

أزمات السعودية

لا يتوقع مراقبون أن يكون لقاء بايدن ومحمد بن سلمان حارا مقارنة باستقبال أردوغان في الرياض في أبريل/ نيسان الماضي، لكن الأمر يستحق النظر والملاحظة، خاصة وأن هناك بعض القضايا في السعودية باتت على المحك رغم ارتفاع عائدات النفط جراء الحرب في أوكرانيا.

فعلى سبيل المثال، جرى تعليق الحديث عن الحرب في اليمن في النقاشات بفضل الدبلوماسية الأمريكية-السعودية.

الدبلوماسية الأمريكية-السعودية؟

كما يحظى الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران والقوى الكبرى عام 2015 باهتمام أمريكي-سعودي حيث تسعى البلدان إلى مواجهة تنامي قوة إيران الإقليمية والنووية بتعزيز التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل ودول خليجية أخرى.

أجرى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مباحثات مع محمد بن سلمان في وقت سابق من العام الجاريصورة من: Stefan Rousseau/REUTERS

كذلك يمكن أن يفضي الاجتماع المرتقب بين بايدن وزعماء دول الخليج ومصر والعراق والأردن، بدعوة من العاهل السعودي، إلى مناقشة سبل التعاون "الجديدة والواعدة"،  وفقا لما صرح به مسؤول في البيت الأبيض في 13 من يونيو / حزيران الجاري.

نجاح كبير لولي العهد السعودي

وبعيدا عن نتائج هذه اللقاءات والزيارات، فإنها قد تمثل في حد ذاتها بداية لمرحلة جديدة في الحياة السياسية لولي العهد السعودي  محمد بن سلمان.

وفي هذا السياق، قال سيباستيان سونس، الخبير في قضايا الشرق الأوسط في مركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق ومقره ألمانيا، إن محمد بن سلمان "سيمضي قدما في إظهار قوة كقائد إقليمي".

ويذهب سونس إلى القول بأن محمد بن سلمان  ينظر إلى نفسه باعتباره "فائزا" في الوقت الحالي، مضيفا "يزور بايدن السعودية لاحقا ومن قبل قدم إليها (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون وأيضا (رئيس الوزراء البريطاني) بوريس جونسون. كل هؤلاء واجهوا مشاكل كبيرة بسبب قضية خاشقجي والآن قدموا التماسا له مرة أخرى لكي يعود إلى المجتمع الدولي".

وتابع سونس أن هذا يمثل "نجاحا كبيرا بالنسبة لمحمد بن سلمان وسوف يستغل ذلك لتحقيق أهداف سياسية ودعائية في الداخل السعودي".

في غضون ذلك، أرسل محمد بن سلمان رسالة مفادها أنه بات يستوعب كيفية الانخراط في النهج الدبلوماسي.

ففي وقت سابق من يونيو / حزيران الجاري وافق تحالف "أوبك بلس" بقيادة السعودية وروسيا على زيادة الإنتاج 648 ألف برميل يوميا في يوليو / تموز وأغسطس/ آب، في قرار لاقى ترحيبا من الولايات المتحدة التي تضغط على التحالف لزيادة الإنتاج من أجل السيطرة على الارتفاع في أسعار الطاقة على مستوى العالم.

جينفر هوليس / م ع

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW