من يدعم من؟ ـ دور القوى الإقليمية والدولية في أزمة السودان
٤ مايو ٢٠٢٣
تأثير "اللاعبين الخارجيين" يلوح في أفق السودان بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، والآن ومع وصول الصراع لنقطة حاسمة، تزيد أهمية هذا السؤال: من يدعم من في السودان وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر الأطراف الدولية على مسار الصراع؟
إعلان
طلب الخصمان المتحاربان في الصراع الذي اندلع في السودان في 15 أبريل نيسان الدعم الأجنبي في السنوات التي سبقت القتال. ويمكن لهذا الدعم أن يؤثر الآن على مسار الصراع على السلطة بين قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وزعيم قوات الدعم السريع شبه العسكرية الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم
حميدتي. كما قد يكون له تأثير على الجهود المبذولة لوقف العنف. وأدى الصراع إلى حرب مفتوحة في العاصمة الخرطوم، وأثار اضطرابات جديدة في إقليم دارفور بغرب البلاد. ونزح مئات الآلاف داخل السودان، وفر 100 ألف عبر الحدود. ويلوح تأثير اللاعبين الخارجيين في أفق الأحداث بالسودان منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير خلال انتفاضة شعبية قبل أربع سنوات.
من يدعم البرهان؟
أهم داعم للبرهان هي مصر التي تشترك في حدود مع السودان، عبرها أكثر من 40 ألف شخص منذ بدء القتال. وفي كلا البلدين، لعب الجيش دورا مهيمنا في العقود التي تلت الاستقلال وتدخل في أعقاب الانتفاضات الشعبية. ففي مصر قاد قائد الجيش السابق، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي قبل عقد من الزمن. وفي السودان قاد البرهان انقلابا عسكريا في عام 2021.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن مصر تشعر بالراحة في التعامل مع البرهان وتعتبره الضامن الأكثر ترجيحا لمصالحها، بما في ذلك في المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي الذي يجري بناؤه على منابع النيل الأزرق.
وفي الأشهر الأخيرة، نظرا لدعم المجتمع الدولي لخطة انتقالية تشمل التحالف المدني الرئيسي، أنشأت القاهرة مسارا موازيا للمفاوضات تشارك فيه شخصيات أقرب إلى الجيش.
من يدعم حميدتي؟
كانت الإمارات أهم حليف إقليمي لحميدتي قبل الصراع. قدم حميدتي نفسه على أنه حصن ضد الفصائل ذات التوجهات والميول الإسلامية التي رسخت جذورا عميقة في الجيش والمؤسسات الأخرى في عهد البشير. وتسعى الإمارات بقوة إلى دحر نفوذ الإسلاميين في جميع أنحاء المنطقة. وأقام حميدتي أيضا علاقات مع روسيا. وقال دبلوماسيون غربيون في الخرطوم في عام 2022 إن مجموعة فاغنر الروسية متورطة في تعدين الذهب بشكل غير مشروع في السودان. وقال حميدتي إنه نصح السودان بقطع العلاقات مع فاغنر بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها. وقالت فاغنر في 19 أبريل نيسان إنها لم تعد تعمل في السودان.
أطراف أخرى مؤثرة
ترتبط المملكة العربية السعودية بعلاقات وثيقة مع البرهان وحميدتي، وكلاهما أرسل قوات إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وتقود المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الجهود لتأمين وقف إطلاق نار فعال. كما تتمتع إثيوبيا وكينيا، القوتان البارزتان، في شرق إفريقيا ببعض النفوذ بسبب دورهما البارز في الدبلوماسية الإقليمية والوساطة السابقة في السودان.
ما هو موقف الغرب؟
دعمت القوى الغربية مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات إذ تقاسم الجيش السلطة مع المدنيين بعد الإطاحة بالبشير، وقدمت دعما ماليا مباشرا تم تجميده عندما قام البرهان وحميدتي بانقلاب في عام 2021. وساندت بقيادة الولايات المتحدة اتفاقا انتقاليا جديدا كان من المفترض أن يتم الانتهاء منه في أوائل أبريل نيسان. لكن هذا الاتفاق ساهم بدلا من ذلك في اندلاع القتال من خلال خلق مواجهة حول البنية المستقبلية للجيش. ويقول النقاد إن الولايات المتحدة كانت متساهلة للغاية مع الجنرالات.
ا.ف/ ح.ز (رويترز)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.