كان المخيم العشوائي Le palais، مأوى لما يناهز ألف مهاجر وطالب لجوء أحيانا، لم يستوعبهم نظام اللجوء في العاصمة البلجيكية بروكسل. لكن صدور قرار إخلاء المبنى من قاطنيه استعانة بالقوات الأمنية أثار حفيظة الحقوقيين هناك
إعلان
"صار ما يفوق 200 طالب لجوء، متشردا في شوارع بروكسل"، حسب ما يحكيه يان، واحد من متطوعي منظمة Réseau ADES ببروكسل. يتخذون منذ الأربعاء الماضي من قنطرة قبالة مقر المؤسسة المكلفة بشؤون إسكان اللاجئين "فيدازيل" ببروكسل مخيما عشوائيا لهم. يحتمون من البرد القارص في خيمات بلاستيكية وفرتها تبرعات الجمعيات وسكان المدينة المتعاطفين.
عدد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين لم يستفيدوا من إسكان في مكان بديل بعد طردهم من المبني، انضاف لما يناهز خمسين طالب لجوء أفغاني كانوا يعيشون حالة التشرد هذه منذ أشهر مضت، وقد سبق لفريق مهاجر نيوز أن زار المكان ووثق معاناتهم. بينما أكدت مصادر مهاجر نيوز أنه تم بالفعل إيواء جزء من سكان المبنى 500 تقريبا، بينما لم تتوفر أماكن للباقين.
"تركوا في الشارع عرضة للبرد والمخاطر، وكلهم قدموا إلى القناة لينضافوا إلى 50 أفغانيا كانوا أصلا يقطنون في العراء ويحتمون في خيام بلاستيكية فقط ولا يتوفرون على أكل أو شرب أو حمامات، إلا ما يوفره المتطوعون"، يقول يان في حديثه لمهاجر نيوز.
وفي رده على سؤالنا حول جنسيات والأوضاع القانونية للأشخاص الذين لم يحصلوا على مكان إقامة بديل، أكد يان أن "أغلب هؤلاء الأشخاص الذين صاروا مشردين فعليا هم طالبوا لجوء قادمين من دول أزمات مثل إيريتيريا وأفغانستان، ولا يتعلق الأمر فقط بالمهاجرين غير القانونيين كما يشاع"، حسب قوله. مؤكداً أن "الكثير من المغالطات والمعلومات الخاطئة تنشر حول الموضوع، لكن لا أحد يتحدث عن مصير هذه الفئة خاصة في ظل الطقس الحالي".
المجتمع المدني ينتقد الأوضاع ويحتج خلال الإفراغ!
شهد الشارع الذي يقع فيه مبنى Le palais وقوف حشود من المتضامنين البلجيكيين مع المهاجرين الذين صاروا عرضة لحياة الشارع ومخاطره، وذلك في حضور كبير للشرطة البلجيكية، التي لم تغادر المكان إلا بعد إفراغه من كل القاطنين، وتأمين نقل من وجدت لهم أماكن أخرى خارج المدار الحضري للعاصمة بروكسل.
وأصدرت منظمة Réseau ADES بلاغا تصف فيه ما حدث، جاء فيه " من المهاجرون الذين كانوا يقطنون في مبنى Le palais سابقاً الليلة على الأرصفة، بعدما تم طردهم تحت تهديد الشرطة بدون أدنى توضيح لمصيرهم". وأضاف البلاغ أنه قد "تم توزيع البطانيات من قبل مجموعات المواطنين والجيران تضامناً. كما أحضر العديد من المواطنين الخيام البلاستيكية بعد دعوة نشرتها المنظمة على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأكدت المنظمة أن "غالبية هؤلاء الأشخاص يلبسون "السوار الأزرق"، الذي يؤكد أنهم كانوا يعيشون في مبنى Le palais".
مقابل التشرد.. نجاة من معاناة طالت أشهراً!
ومن بين القاطنين الذين كانت هذه التغييرات في صالحهم، خاطر، شاب ليبي سبق لمهاجر نيوز أن عرضت قصة لجوئه في بلجيكا ومعاناته من التشرد، أكد لنا أنه بالفعل تم إفراغ المبنى العشوائي حيث كان يقطن المئات من المهاجرين وطالبي اللجوء، وأنه كان من بين اللذين نقلوا إلى سكن لائق و دافئ ونظيف و آمن، أمنته مؤسسة فيدازيل، متحدثا عن نقل ما يناهز 500 شخص لمساكن مشابهة في ضواحي بروكسل. "أما الباقيين الذين لم تتوفر لهم أماكن فصاروا الآن ينامون في الشارع، هذا صحيح"، يقول المتحدث.
وفي رده على سؤال مهاجر نيوز إن كان نقلهم يعني تغيرا على مستوى طلب لجوئهم أو وضعيتهم القانونية في بلجيكا، قال طالب اللجوء الليبي " لاجديد يذكر في هذا الصدد، لم أتوصل بأي معلومات"، مؤكدا أنه لم يستفد بعد من أي تطور على مستوى المساعدات المالية، أو توفير عمل يوفر له مدخولا ماديا قاراً.
"الحل يحتاج إرادة سياسية ووقف التماطل"!
يان، أحد المتطوعين بمنظمة Réseau ADES ببروكسل، يرى أن "هذه الأزمة تحتاج حلولا سريعة، مثل تخصيص البنايات الفارغة في المدينة وتجهيزها لإسكان طالبي اللجوء المشردين خاصة في فصل الشتاء". معتبرا أنه من الضرورة أن يتم "تغيير السياسات ليتم احترام الإنسان وحقوق طالبي اللجوء بصورة أكبر، فالموضوع يحتاج إرادة سياسية والكف عن التماطل".
وقال يان "تشرد هؤلاء اليوم وما نراه في شوارع بروكسل منذ أشهر طويلة من تشرد ومعاناة في صفوف طالبي اللجوء المتوافدين على البلاد، هو نتيجة السياسة المتبعة من المسؤولين. ولن يتغير الوضع إلا بتغيير الإرادة السياسية وتغيير طرق معالجة الطلبات وتسريع وتيرة العملية برمتها وتجهيز أماكن لإسكان الأشخاص عوض تشريدهم".
سعد، طالب لجوء فلسطيني، كان أيضا من بين القاطنين في المبنى الذي اتخذه طالبو اللجوء مسكنا عشوائيا لمدة طويلة احتموا فيه من شتاء بروكسل القارص، أكد لمهاجر نيوز أنه كان من بين المستفيدين من سكن لائق بعد الإفراغ، لكنه تحسر لحال آخرين صاروا عرضة لحياة الشارع، التي عاشها وجرب أهوالها قبل إيجاد مكان له بين سكان Le palais.
مهاجر نيوز 2023
نيران الجحيم ـ تاريخ مخيم موريا
تعرض مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية للحريق، وقد أصبح الوضع في المخيم المكتظ في غاية الحرج. لكن حتى قبل الحريق كان الوضع مأساويا في أكبر مخيم للاجئين في أوروبا.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Balaskas
ليلة الحرائق
في ليلة الأربعاء (9 سبتمبر 2020) اشتعلت حرائق في مخيم اللاجئين موريا في جزيرة ليسبوس اليونانية وفي عدة مواقع. ولذلك هناك فرضية أن الحرائق اُضرمت عن قصد. بعض سكان المخيم تحدثوا عن إحراق متعمد من طرف سكان محليين. وهناك تقارير تفيد بأن لاجئين هم الذين أضرموا النيران.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Lagoutaris
على قارعة الطريق
تمكن سكان مخيم اللاجئين المكتظ من النجاة بحيث لم يُسجل موتى ولا مصابون. وحسب وسائل إعلام يونانية، فإن الكثير من الأشخاص لجأوا إلى مرتفعات وغابات بالقرب من المخيم. وتفيد تقارير مساعدين بأن آلاف الأشخاص تائهون في الشوارع ولا يوجد طعام ولا ماء وتعم الفوضى.
صورة من: Imago Images/Xinhua/P. Balaskas
فقدان مقومات الحياة
أُقيم المخيم لاحتضان 2800 شخص. وإلى حين نشوب الحرائق كان يعيش هناك نحو 12.600 لاجئ. وحتى قبل الحريق كانت ظروف الحياة كارثية. وعندما ننظر إلى هذه الصورة بعد الحريق، يظهر بسرعة جليا أنه في المستقبل القريب لا يمكن توفير حياة كريمة في المخيم.
صورة من: Reuters/E. Marcou
قريبا من تركيا
مخيم اللاجئين موريا يقع في شرق الجزيرة اليونانية ليسبوس. ولا يبعد عن الشواطئ التركية سوى نحو 15 كلم. وليسبوس هي ثالث أكبر جزيرة في اليونان وبها حوالي 90.000 نسمة. وحوالي 38.000 شخص يعيشون في عاصمة الجزيرة ميتيليني البعيدة فقط بضعة كيلومترات من موريا.
إخفاء معالم صورة المخيم على غوغل
من يرغب في مشاهدة مخيم اللاجئين موريا على خريطة غوغل من الجو فلا يسعفه الحظ. فصورة المخيم برمته تم إخفاء معالمها ولا يمكن التعرف عليه من خلالها. وردا على سؤال من دويتشه فيله DW قال موقع غوغل بأنه ليس هو من يقوم بحجب الصور، بل جهات ثالثة تنجز صور الأقمار الصناعية. ولا يُعرف لماذا تم إخفاء معالم صورة المخيم.
صورة من: 2020 CNES/Airbus, European Space Imaging, Maxar Technologies
المخيم بصورة جوية
هذه الصورة من الجو تكشف بأن المخيم توسع بشكل ملحوظ، ففي الوقت الذي يظهر فيه على صورة الأقمار الصناعية لخريطة غوغل أن المنزل بالسطح الأحمر لم يكن جزءا من المخيم، يبدو في الصورة الجوية أن المخيم يتوسع بشكل تدريجي ليشمل البناء المذكور.
صورة من: DW/D. Tosidis
نظرة إلى الماضي
تم التقاط صور لمنطقة المخيم في ديسمبر/ كانون الأول 2011. حينها لم يكن هناك مخيم موريا أو أي مخيم آخر. وعوضا عن ذلك كان هناك منشأة عسكرية. واعتبارا من أكتوبر 2015 تم في الموقع تسجيل طالبي لجوء قبل نقلهم إلى البر اليوناني.
صورة من: 2020 Google
البقاء في المخيم يطول منذ الاتفاق مع تركيا
في الوقت الذي ينبغي فيه بقاء المهاجرين في المخيم لوقت قصير ـ هذه الصورة تعود لأكتوبر 2015 ـ يستمر بقائهم في المخيم مع الاتفاقية الأوروبية التركية منذ مارس/ آذار 2016. ومنذ ذلك الوقت ينتظر طالبو اللجوء هنا توزيعهم على دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أو ترحيلهم.
صورة من: DW/D. Cupolo
الانتظار والانتظار ثم الانتظار...
بعد الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لم يعد بوسع المهاجرين الانتقال إلى الأراضي البرية اليونانية، لأن تركيا لن تعيد استقبالهم في حال وصولهم إليها. وبما أن بلدان الاتحاد الأوروبي غير متحدة فيما يخص إيواء المهاجرين، فإنهم يبقون طويلا في المخيم. ويوجد الكثير من الجنسيات في ظروف سيئة وفي مجال ضيق، وعليه لا عجب أن تحصل توترات.
صورة من: DW/D. Cupolo
عندما تتفجر التوترات
تفجرت التوترات منذ سبتمبر/ أيلول 2016 في مواجهات عنيفة أدت أيضا إلى إضرام نيران. وحينها كان يوجد "فقط" نحو 3000 مهاجر في المخيم. يومها تم تدمير أجزاء كبيرة في المخيم. وبعد أشهر قليلة من ذلك الحريق أضرم مئات المهاجرين النار في حاويات مؤسسة اللجوء الأوروبية احتجاجا على الفترة الزمنية الطويلة لمعالجة الطلبات في المخيم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schwarz
نيران وموتى
في سبتمبر/ أيلول 2019 حصل حريق إضافي كبير. حينها اشتعل بستان زيتون وفي الأثناء توسع المخيم على أرضه. وبعد 20 دقيقة من حادث البستان اشتعل حريق إضافي داخل المخيم أدى إلى وفاة شخصين: امرأة ورضيعها. وفي ذلك الوقت كان يقيم في المخيم أكثر من 12.000 شخص.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
قطع زيارة مسؤول ألماني
في أغسطس من العام الجاري زار أرمين لاشيت، رئيس وزراء شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية من حيث عدد السكان في المانيا موريا. وكان ينوي في الحقيقة معاينة ما يُسمى الجانب العشوائي خارج المخيم. ولأسباب أمنية تم شطب هذه الزيارة من البرنامج. قبل ذلك تشنجت الأجواء وحصلت هتافات تدعو إلى "تحرير موريا".
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Hülsmeier
والآن ماذا سيحدث؟
مخيم مكتظ وظروف عيش مخيفة وتوترات عرقية، ثم ظهرت حالات كورونا الأولى. إنه وضع كارثي. كان هذا حتى قبل الحريق. فهل يعني الحريق الأخير زوال المخيم أم تشكل الكارثة نقطة تحول نحو توفير متطلبات حياة كريمة؟ إلى حد الآن لا أحد يمكنه الإجابة على هذا السؤال.