مهاجرون معظمهم سودانيون في مواجهة موجة البرد الشديدة بباريس
١٨ يناير ٢٠٢٤
في العاصمة الفرنسية باريس، يعيش نحو 100 مهاجر، معظمهم سودانيون، في مخيم عشوائي تحت جسر على ضفاف نهر السين. وفي ظل موجة البرد القارس التي تضرب البلاد، يجد هؤلاء المهاجرون أنفسهم في وضع معقد.
إعلان
على ضفاف نهر السين في العاصمة باريس، وفي مساء انخفضت فيه درجات الحرارة إلى ما دون درجتين تحت الصفر، يتجمع الشبان حول نار صغيرة أشعلوها بشق الأنفس، ويتبادلون أطراف الحديث في محاولة لإشغال أنفسهم عن البرد القارس والواقع المعقد لحياتهم دون مأوى.
يقطع حوارَهم صوتٌ قادم من بين الخيام "طعام.. جلبوا بعض الطعام"، في إشارة لإحضار بعض المتطوعين وجبات ساخنة. ينطلق المهاجرون نحو نقطة التوزيع، فيما يبقى الضيف محمد بجانب النار، ويستدرك "سأبقى هنا لأحافظ على النار مشتعلة، أحضروا لي بعض الطعام".
يقول الشاب السوداني ذو الـ19 عاماً، "قالوا لنا إنه وبمجرد الوصول إلى أوروبا، سنحصل على مسكن وسنلتحق بالجامعات والمدارس، انظر إلى حالنا، نعيش في الشارع على الرغم من هذا البرد الشديد".
ويعيش نحو 100 مهاجر، معظمهم سودانيون، في هذا المخيم العشوائي الواقع تحت جسر في شرق العاصمة باريس. ووصل معظم هؤلاء المهاجرين إلى فرنسا مؤخراً (أحدثهم وصولاً قبل يومين، وأقدمهم ثلاثة أسابيع)، ومنذ وصولهم، يقضون أيامهم في هذا المخيم المخفي بشكل تام تحت الجسر الذي نادراً ما يمر من أسفله المشاة، ولا يقطع رتابة أيامهم فيه سوى عبور الدراجات الهوائية بالقرب منهم.
"لا نعرف لماذا لم نبقَ في إيطاليا.. كان الوضع أفضل هناك"
وكل هؤلاء المهاجرين وفدوا إلى السواحل الإيطالية خلال الأشهر الماضية، بعد عبور البحر على متن قوارب متهالكة، لكنهم قرروا مواصلة طريقهم والقدوم إلى فرنسا.
يتابع الضيف محمد "وصلت إلى إيطاليا في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بعد عبور البحر المتوسط على متن قارب مطاطي انطلق من ليبيا، وعلى متنه 43 شخصاً. وقررت مع مجموعة من رفاقي السودانيين الانتقال إلى فرنسا. لم يكن لدي صراحة سببا واضحا دفعني للانتقال سوى أن اللغة الفرنسية تستخدم في أكثر من دولة على عكس الإيطالية".
يتناول قضيباً معدنياً ويبدأ بتحريك قطع الخشب المشتعلة، ويضيف "في إيطاليا كان الوضع أفضل، كنا نعيش في مراكز ومخيمات، لم ننم ولا ليلة واحدة في الشارع أو في العراء. لكن في فرنسا، نمت أول ليلة على الأرض دون خيمة، انتظرت حتى غادر مهاجر آخر من خيمته، ولجأت إليها من بعده، هذا هو الحال هنا".
وعند سؤالهم عن وضعهم القانوني وإجراءات طلبات لجوئهم، وإذا ما سمعوا عن اتفاقية دابلن ووجوب طلب اللجوء في أول دولة أوروبية يصلون إليها، شارك جميع المهاجرين الإجابة ذاتها: "لا نعلم، ولم تعرض علينا أي حلول بخصوص السكن أو الإقامة"، في إشارة إلى حالة من عدم الدراية بالإجراءات القانونية اللازم اتخاذها، بالإضافة إلى نقص التوجيه والإرشاد من قبل الجمعيات العاملة في المنطقة، والتي تحاول جاهدة التعامل مع حالة الطوارئ والبرد القارس، ونقص الطعام والأساسيات.
من جانبها، قالت صوفي وهي متطوعة في جمعية "يوتوبيا 56"، إن "الكثير منهم لا يعرفون حقوقهم. يصلون من إيطاليا إلى محطة أوسترليتز، ويبقون هناك".
أزمة إيواء المهاجرين والمشردين في فرنسا
وبحسب المهاجرين، لم يتعرضوا لأي مضايقات من قبل المارة أو من قبل السلطات، مشيرين إلى أن دوريات من الشرطة قدمت إلى المخيم أكثر من مرة لكنهم كانوا "لطيفين".
وفي حديث مع مهاجرنيوز، قال أنطوني من جمعية "سوا"، "نأتي إلى المخيم لتوزيع المساعدات أسبوعيا، يومي الأحد والإثنين. نحن نطهو الوجبات ونوزعها خلال جولاتنا، كما نقوم بتوزيع القهوة الساخنة. هذا المساء قمنا بتوزيع كل الكمية التي حضرناها، لأن هناك الكثير من المهاجرين. ولم يكن لدينا ما يكفي للجميع. يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى الملابس والخيام الخالية من الثقوب بقدر حاجتهم إلى الطعام".
يعلق الضيف محمد "لا نعاني من مشكلة متعلقة بالطعام والشراب، الجمعيات تزودنا بذلك، لكننا لا نعرف ما الخطوة القادمة بخصوص الإيواء أو الحصول على إقامات. ونعاني أيضاً من الانقطاع الكامل في الاتصال مع عائلاتنا في السودان".
وفيما يتعلق بإيواء هؤلاء المهاجرين، قالت صوفي "تمتلك المحافظة بضع مئات من الأماكن، وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد الأشخاص في الشارع. نظام الإقامة في حالات الطوارئ عبر 115، مشبع تماما".
وفي مواجهة موجة البرد التي تشهدها البلاد حاليا، أعلنت مناطق فرنسية مختلفة تفعيل خطة "البرد الشديد" تباعا، وأتاحت منطقة "إيل دو فرانس" 50 مكانا لإيواء العائلات أو النساء العازبات، و50 مكانا للرجال ابتداءا من أول أمس الأحد، وفق صحيفة لوباريزيان.
كما أعلن وزير الإسكان، باتريس فيرجريتي، أنه سيتم تخصيص تمويل إضافي بقيمة 120 مليون يورو "لتعزيز نظام الإقامة في حالات الطوارئ". ومن المتوقع أن يغطي هذا المبلغ تكاليف 10 آلاف مكان إقامة جديد.
وبحسب الوزير، سيتم تخصيص هذه الزيادة في الميزانية لاستيعاب النساء والأطفال ممن يعيشون في الشارع دون مأوى، والذين يقدر عددهم بنحو 3000 شخص وفقا للجمعيات، بالإضافة إلى المساهمة في "إصلاح متعمق لنظام الإقامة في الحالات الطارئة".
مهاجر نيوز 2024
2023 الأكثر خطورة للاجئين.. معاناة مستمرة ومأساة تتفاقم!
يوما بعد يوم تتفاقم مأساة اللاجئين، ويعتبر 2023 الأكثر مأساوية إذ شهد النصف الأول منه غرق المئات من المهاجرين. في هذه الصور نسلط الضوء على محنة ومعاناة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.
صورة من: Fabrizio Villa/Getty Images
الأمل بعيدا عن الديار
اختارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الشعار: الأمل بعيدا عن الديار، للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي لهذا العام. وهي تريد أن تركز فيه على "إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة اندماجهم". وترى المفوضية أن ذلك يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ "ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ" لتمكينهم من بدء حياة جديدة في اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
صورة من: Tessa Walther/DW
أسباب عديدة..
أسباب عديدة تجبر الناس على ترك أوطانهم واللجوء إلى دول أخرى طلبا للأمن. ولعل الحروب والنزاعات المسلحة هي السبب الأبرز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الأسباب الشخصية.
صورة من: Nicoletti/dpa/picture alliance
تغير المناخ والكوارث الطبيعية
المناخ أيضا بات سببا للهجرة والنزوح حول العالم. فالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث البيئية مثل الجفاف والعواصف المدمرة والفيضانات حول العالم ولاسيما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية الذي يعاني من الفقر والصراعات، تدفع ملايين الناس للهجرة والنزوح ولاسيما للدول المجاورة.
صورة من: Orlando Sierra/AFP/dpa/picture-alliance
110 ملايين نازح ولاجئ حول العالم
ارتفع عدد النازحين حول العالم في عام 2022، جراء الصراعات والمجاعات وتغير المناخ، ليصل إلى مستوى قياسي تجاوز المائة مليون نازح، حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وتقول المفوضية إن الاتجاه التصاعدي لم يظهر أي علامة على التباطؤ في عام 2023 حيث دفع الصراع في السودان إجمالي عدد النازحين في العالم إلى ما يقدر بنحو 110 ملايين نازح بحلول أيار/ مايو الماضي.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
السودان..هروب جماعي من ويلات الحرب
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور. ويعاني السودان أصلا من الصراعات والنزوح منذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003. وبحلول نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 3.7 مليون شخص من النازحين داخلياً، يعيش معظمهم بمخيمات في دارفور. ويعيش 800 ألف سوداني آخر كلاجئين في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
صورة من: Gueipeur Denis Sassou/AFP
حرب أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا كانت السبب الرئيسي للنزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين من 27 ألف لاجئ في نهاية عام 2021 إلى 5,7 مليون في نهاية عام 2022، وهو ما يمثل أسرع تدفق للاجئين في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
صورة من: Jens Schicke/IMAGO
حلم الفردوس الأوروبي
تعتبر أوروبا الوجهة الأولى للنازحين والمهاجرين من نصف الكرة الجنوبي ويحلم الملايين بالفردوس الأوروبي ويغامرون بحياتهم من أجل ذلك، من خلال محاولة عبور الصحراء الكبرى والبحر المتوسط أو عبر طريق البلقان أو حتى الغابات الشاسعة بين بيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
المتوسط مقبرة المهاجرين
يعتبر عبور البحر الأبيض المتوسط من أخطر الطرق التي يسلكها المهاجرون حول العالم، حيث غرق أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في البحر المتوسط منذ عام 2014. ولعل عام 2023 كان الأكثر مأساوية حيث شهد النصف الأول من هذا العام غرق مئات المهاجرين، وآخر حادثة مأساة السفينة التي غرقت قبالة السواحل اليونانية وكان على متنها نحو 750 مهاجرا لم يتم إنقاذ سوى 104 منهم.
صورة من: Gianluca Chininea/AFP
عبء كبير على أوروبا
يشكل اللاجئون عبئا كبير على الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للتشدد في هذا الملف والبحث عن حلول وسياسة لجوء مشتركة. وبعد مفاوضات طويلة واجتماعات ماراثونية توصل وزراء داخلية الدول الأعضاء إلى صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات.
صورة من: Darko Vojinovic/dpa/AP/picture alliance
البحث عن شراكات في شمال أفريقيا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق والتوصل إلى شراكات مع دول شمال أفريقيا ويخوض مفاوضات صعبة مع تلك الدول، ويحاول تقديم مساعدات وإغراءات مالية لتلك الدول بغية إقناعها بالتعاون مع أوروبا في التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق المهاجرين. وفي هذا السياق عرض الاتحاد الأوروبي مساعدات بأكثر من مليار يورو على تونس.
صورة من: Italian Premier Office/AP/picture alliance
عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا
السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا يشهد دائما محاولات عبور مستمرة، بعضها جماعية مثلما حدث الصيف الماضي حين حاول مئات المهاجرين عبور السياج الحدودي من المغرب إلى جيب مليلة الإسباني في 24 حزيران/ يونيو 2022، وتصدت لهم قوات الأمن وقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا.
صورة من: Javier Bernardo/AP/dpa/picture alliance
استمرار مأساة اللاجئين السوريين
ورغم مرور 12 عاما على الأزمة السورية ونزوح وملايين السوريين من ديارهم، لا يزال الملايين ينتظرون العودة من مخيمات اللجوء ولاسيما في لبنان والأردن وتركيا إلى ديارهم. فيما يحاول كثيرون منهم عبور الحدود اليونانية التركية للوصول إلى أوروبا.
إعداد: عارف جابو