مهاجرون يروون معاناة وأهوال في ترحيلهم عبر صحراء الجزائر
٣١ أكتوبر ٢٠٢٤
تستمر عمليات ترحيل المهاجرين من الجزائر إلى النيجر، والتي يقوم خلالها عناصر جزائريون باعتقال المهاجرين وتركهم في الصحراء دون مساعدة. وفي شهادة صادمة، يروي الشاب مامادو ما تعرض له من انتهاكات على الحدود الجزائرية.
إعلان
منذ عدة سنوات، تتوافد التقارير والشهادات حول عمليات ترحيل المهاجرين التي تنفذها السلطات الجزائرية، حيث تقوم باعتقال المهاجرين على الحدود أو في المدن الجزائرية، وتنقلهم إلى الصحراء الحدودية مع النيجر وتتركهم هناك دون طعام أو شراب، ليسيروا على غير هدى آملين بالوصول إلى بلدة أساماكا، وهي أقرب بلدة نيجرية على الحدود.
ترحيل نحو 20 ألف مهاجر في ثمانية أشهر
وكانت أفادت منظمة "هاتف الإنذار في الصحراء"، وهي منظمة غير حكومية ترصد الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون في الصحراء وتحاول إنقاذهم، بأنها سجلت ترحيل السلطات الجزائرية 19,798 مهاجراً باتجاه النيجر، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، وذلك وفقاً لما قاله مسؤول التواصل في المنظمة مختار دان يايي لوكالة الأنباء الفرنسية، مطلع أيلول/سبتمبر الماضي.
ووصفت المنظمة غير الحكومية في تقرير نشرته أواخر آب/أغسطس، ما يتعرض له المهاجرون "في ظروف قاسية" لها "عواقب مميتة في أسوأ الأحوال".
وأضاف يايي أن " المهاجرينيتم اعتقالهم خلال مداهمات لأماكن إقامتهم أو عملهم في المدن أو على الحدود التونسية، ويتم تجميعهم في تمنراست (جنوب الجزائر) قبل نقلهم في شاحنات نحو النيجر".
"نادمون على إرساله إلى أوروبا": حزن عائلة سوري مات عطشا في الجزائر
وشرح المصدر ذاته أن السلطات الجزائرية تعامل النيجريين بشكل مختلف عن المهاجرين الآخرين، حيث يتم نقل النيجريين برا إلى أساماكا وتتولى أمرهم السلطات المحلية. أما المهاجرين المتحدرين من دول أخرى، يتم تركهم عند "نقطة الصفر"، وهي منطقة صحراوية تمثل الحدود بين الجزائر والنيجر. ومن هناك يضطرون إلى السير مسافة 15 كيلومترا إلى أساماكا تحت درجات حرارة شديدة للغاية.
وإذا نجح المهاجرون في الوصول إلى وجهتهم، يتم تسجيلهم مراكز إيواء مؤقتة ترعاها الأمم المتحدة وإيطاليا، قبل نقلهم إلى مراكز أخرى في شمال النيجر، بحسب مختار دان يايي.
وتسببت عمليات الترحيل هذه بتوتر العلاقات السياسية بين النيجر والجزائر، عندما استدعى المجلس العسكري الحاكم في النيجر، في نيسان/أبريل الماضي، السفير الجزائري في نيامي للاحتجاج على "الطبيعة العنيفة" لعمليات الإعادة والترحيل. ما دفع الجزائر لاستدعاء سفير نيامي واصفة الاتهامات بأنها "لا أساس لها من الصحة".
وكانت قد ألغت النيجر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قانونا صدر في عام 2015 يجرم الاتجار بالمهاجرين، ما أدى إلى "انتقال العديد من الأشخاص بحرية" على طرق الهجرة "دون خوف"، وفقاً لـ"هاتف الإنذار في الصحراء".
إعلان
احتجزوني وأجبروني على خلع ملابسي
وتواصل فريق مهاجرنيوز مع مامادو (25 عاماً) وهو شاب سنغالي كان يحلم بالوصول إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل. لذلك غادر بلاده في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 برفقة 12 شخصاً، وكانوا ينوون الوصول إلى السواحل الشمالية لقارة أفريقيا لعبور البحر الأبيض المتوسط.
وروى الشاب كيف تم اعتقاله هو ورفاقه عند وصولهم إلى الحدود الجزائرية، وكيف قام عناصر الشرطة بمصادرة هواتفهم وتفتيشهم، وتعرض بعضهم للضرب. وقال "أجبرني أحدهم على خلع ملابسي. حتى أنني اضطررت إلى خلع ملابسي الداخلية أمام الجميع. كانت هذه هي المرة الأولى التي أجد فيها نفسي عارياً أمام الآخرين".
ونُقلت المجموعة بعد ذلك إلى "مبنى حكومي في تندوف" (منطقة في جنوب غرب الجزائر)، وأجبر المهاجرون على "غسل سيارات ومراحيض" الموظفين، وقام المسؤولون بتوزيع الخبز على المهاجرين عند الظهر وفي المساء.
وبعد أربعة أيام من الاحتجاز والتحقيق مع الشرطة، نُقل الشاب إلى ما يعرف باسم "نزل الشباب"، لكنه يصفه بـ"السجن" قائلاً "كان ممنوعا الخروج. كانت هناك أيام نأكل فيها، وأيام أخرى لا نأكل. أعتقد أنه كان هناك أكثر من 100 شخص. كنت خائف، ولكن في أعماقي، لم أكن متفاجئا حقا. لقد حذرني أصدقائي الذين كانوا في المغرب العربي من أن الوضع في الجزائر معقد. لكنني كنت لا أزال معتقداً أنني قادر على التحمل".
وبعد 22 يوما في هذا المكان، تم تكبيل المهاجرين ووضعهم في حافلات، والتحقوا بحافلات أخرى في "تمنراست"، يقول الشاب "أعتقد أنه كان هناك في المجمل أكثر من 1000 مهاجر. تم فصل النيجريين عن الأفارقة الآخرين. وكنا نجلس فوق بعضنا البعض في الليل. كما صوب عناصر الشرطة أسلحتهم علينا، ومُنعنا من التحرك".
عانيت من آلام في كل جسدي، وشعرت بخيبة أمل
وبعد نحو ثلاثة أيام في في الحافلات، تم إنزال المهاجرين في الصحراء، "صرخ عناصر الشرطة الجزائرية في وجهنا: أساماكا من هنا. وانطلقنا، كل ما أتذكره هو أنني كنت منهكا، منهكا تماما. ومع ذلك تمكنت من قطاع المسافة للوصول إلى أساماكا".
وتابع "عندما وصلنا إلى هناك، كان الأمر صعبا للغاية. كانت مباني المنظمة الدولية للهجرة ممتلئة، ولم يعد هناك مكان متاح. مرضت وشعرت بالضعف الشديد، عانيت من آلام في كل جسدي، وشعرت بخيبة أمل لأنني لم أحقق هدفي. وقد شعرت بصدمة نفسية بسبب العنف الذي تعرضت له".
ويستدرك "لكن اليوم، عندما أنظر إلى الوراء، أقول لنفسي أنه ربما لم يكن الأمر سيئا للغاية. لقد تجنبت عبور البحر الأبيض المتوسط. وعندما أرى حوادث غرق قوارب المهاجرين على الإنترنت، أفضل البقاء في زيغينشور (في السنغال)، حيث عدت بعد طردي. المهم بالنسبة لي الآن هو أن أروي قصتي. أريد أن أخبر الناس بما يحدث على طريق الهجرة هذا".
2023 الأكثر خطورة للاجئين.. معاناة مستمرة ومأساة تتفاقم!
يوما بعد يوم تتفاقم مأساة اللاجئين، ويعتبر 2023 الأكثر مأساوية إذ شهد النصف الأول منه غرق المئات من المهاجرين. في هذه الصور نسلط الضوء على محنة ومعاناة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.
صورة من: Fabrizio Villa/Getty Images
الأمل بعيدا عن الديار
اختارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الشعار: الأمل بعيدا عن الديار، للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي لهذا العام. وهي تريد أن تركز فيه على "إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة اندماجهم". وترى المفوضية أن ذلك يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ "ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ" لتمكينهم من بدء حياة جديدة في اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
صورة من: Tessa Walther/DW
أسباب عديدة..
أسباب عديدة تجبر الناس على ترك أوطانهم واللجوء إلى دول أخرى طلبا للأمن. ولعل الحروب والنزاعات المسلحة هي السبب الأبرز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الأسباب الشخصية.
صورة من: Nicoletti/dpa/picture alliance
تغير المناخ والكوارث الطبيعية
المناخ أيضا بات سببا للهجرة والنزوح حول العالم. فالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث البيئية مثل الجفاف والعواصف المدمرة والفيضانات حول العالم ولاسيما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية الذي يعاني من الفقر والصراعات، تدفع ملايين الناس للهجرة والنزوح ولاسيما للدول المجاورة.
صورة من: Orlando Sierra/AFP/dpa/picture-alliance
110 ملايين نازح ولاجئ حول العالم
ارتفع عدد النازحين حول العالم في عام 2022، جراء الصراعات والمجاعات وتغير المناخ، ليصل إلى مستوى قياسي تجاوز المائة مليون نازح، حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وتقول المفوضية إن الاتجاه التصاعدي لم يظهر أي علامة على التباطؤ في عام 2023 حيث دفع الصراع في السودان إجمالي عدد النازحين في العالم إلى ما يقدر بنحو 110 ملايين نازح بحلول أيار/ مايو الماضي.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
السودان..هروب جماعي من ويلات الحرب
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور. ويعاني السودان أصلا من الصراعات والنزوح منذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003. وبحلول نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 3.7 مليون شخص من النازحين داخلياً، يعيش معظمهم بمخيمات في دارفور. ويعيش 800 ألف سوداني آخر كلاجئين في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
صورة من: Gueipeur Denis Sassou/AFP
حرب أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا كانت السبب الرئيسي للنزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين من 27 ألف لاجئ في نهاية عام 2021 إلى 5,7 مليون في نهاية عام 2022، وهو ما يمثل أسرع تدفق للاجئين في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
صورة من: Jens Schicke/IMAGO
حلم الفردوس الأوروبي
تعتبر أوروبا الوجهة الأولى للنازحين والمهاجرين من نصف الكرة الجنوبي ويحلم الملايين بالفردوس الأوروبي ويغامرون بحياتهم من أجل ذلك، من خلال محاولة عبور الصحراء الكبرى والبحر المتوسط أو عبر طريق البلقان أو حتى الغابات الشاسعة بين بيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
المتوسط مقبرة المهاجرين
يعتبر عبور البحر الأبيض المتوسط من أخطر الطرق التي يسلكها المهاجرون حول العالم، حيث غرق أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في البحر المتوسط منذ عام 2014. ولعل عام 2023 كان الأكثر مأساوية حيث شهد النصف الأول من هذا العام غرق مئات المهاجرين، وآخر حادثة مأساة السفينة التي غرقت قبالة السواحل اليونانية وكان على متنها نحو 750 مهاجرا لم يتم إنقاذ سوى 104 منهم.
صورة من: Gianluca Chininea/AFP
عبء كبير على أوروبا
يشكل اللاجئون عبئا كبير على الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للتشدد في هذا الملف والبحث عن حلول وسياسة لجوء مشتركة. وبعد مفاوضات طويلة واجتماعات ماراثونية توصل وزراء داخلية الدول الأعضاء إلى صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات.
صورة من: Darko Vojinovic/dpa/AP/picture alliance
البحث عن شراكات في شمال أفريقيا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق والتوصل إلى شراكات مع دول شمال أفريقيا ويخوض مفاوضات صعبة مع تلك الدول، ويحاول تقديم مساعدات وإغراءات مالية لتلك الدول بغية إقناعها بالتعاون مع أوروبا في التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق المهاجرين. وفي هذا السياق عرض الاتحاد الأوروبي مساعدات بأكثر من مليار يورو على تونس.
صورة من: Italian Premier Office/AP/picture alliance
عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا
السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا يشهد دائما محاولات عبور مستمرة، بعضها جماعية مثلما حدث الصيف الماضي حين حاول مئات المهاجرين عبور السياج الحدودي من المغرب إلى جيب مليلة الإسباني في 24 حزيران/ يونيو 2022، وتصدت لهم قوات الأمن وقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا.
صورة من: Javier Bernardo/AP/dpa/picture alliance
استمرار مأساة اللاجئين السوريين
ورغم مرور 12 عاما على الأزمة السورية ونزوح وملايين السوريين من ديارهم، لا يزال الملايين ينتظرون العودة من مخيمات اللجوء ولاسيما في لبنان والأردن وتركيا إلى ديارهم. فيما يحاول كثيرون منهم عبور الحدود اليونانية التركية للوصول إلى أوروبا.
إعداد: عارف جابو