مهاجر سوري يتألق في ألمانيا ويتوج بطلاً لكمال الأجسام
٢ يونيو ٢٠١٨
تألق العديد من القادمين الجدد إلى ألمانيا في مختلف الميادين الرياضية. منهم السوري أيهم الأوس، الذي سطع نجمه في بطولة ولاية شمال الراين-ويستفاليا لكمال الأجسام. "مهاجر نيوز" أعد لكم الربورتاج التالي عن الإنجاز وصاحبه.
إعلان
المنافسة محتدمة والأعصاب مشدودة؛ رجال قويو البنية يستعرضون عضلات مفتولة تكاد من ضخامتها أن تنفجر. موسيقى حماسية بإيقاع سريع بعض الشيء تضفي على المشهد الكثير من العظمة والإبهار والقليل من التوتر والترقب. جاء دور شاب لفحت شمس الجنوب بشرته فوهبتها لوناً حنطياً. بكل ثقة يخطو على الخشبة والابتسامة لا تفارق محياه. نتاج خمسة أشهر متواصلة من التدريب القاسي والحمية الصارمة يستعرضها أمام لجنة التحكيم، المفوضة بمنح الألقاب المعترف بها من الاتحاد الدولي لكمال الأجسام واللياقة البدنية.
بعد انتهاء عرضه يدوي التصفيق. أيهم الأوس يتذكر تلك اللحظات ويقول لمهاجر نيوز: "لن أنساها ما حييت؛ فزت بالمركز الأول بفئة الشباب وبالمركز الثاني بفئة الرجال حتى وزن 80 كيلوغراما على مستوى ولاية شمال الراين-ويستفاليا".
رياضة منذ الصغر
لم تكن تلك المرة الأولى التي يشترك فيها الشاب، ذو الثلاث والعشرين ربيعاً، في المسابقة؛ إذ أنه فشل في مرة سابقة في إحراز أي لقب. غير أن ذلك الفشل وردود فعل محيطه لم يزيداه إلا إصراراً وتصميماً على بلوغ المنى.
عهد الشاب، المنحدر من مدينة السويداء في جنوب سوريا، بالرياضة يعود إلى سن الثانية عشرة ويقول "بدأت مشواري الرياضي مع رياضة الكيك بوكسينغ وحصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة"، يقول أيهم. بعد ذلك وجد نفسه في رياضة كمال الأجسام. وعن سبب تحوله إلى هذه الرياضة بالذات ودون غيرها يجيب بأن "رياضة كمال الأجسام تعطي الجسم جمالية وجاذبية وقوة وثقة كبيرة بالنفس". إلى جانب انكبابه على التدريب عمل السوري لفترة كمدرب كمال أجسام في ناد محلي بمحافظته.
ممارسة الرياضة والتدريب المكثف لم يحل دون حصول أيهم على الشهادة الثانوية. "درست سنة واحدة في الجامعة بتخصص الأدب الإنكليزي"، يؤكد أيهم.
الوطن يضيق بأبنائه
انسداد الآفاق وغياب أي فرصة لبناء مستقبل، وخصوصاً في المجال الرياضي، كان وراء اتخاذه قراراً مصيرياً بشد الرحال صوب بلاد ألمانيا. "أردت التخلص من السوق إلى الخدمة الإلزامية في الجيش السوري"، من بين المبررات التي يسوقها أيهم لقراره.
حصل الشاب على فيزا دراسية وحطت رحاله في مدينة دورتموند الألمانية قبل سنتين ونصف. بعد فترة من الزمن تقدم بطلب لجوء: "نفذ ما جلبته معي من مال". بعد بعض الصعوبات، مقارنة بغيره من السوريين، حصل على حق اللجوء. ومن ثم اقتنص فرصة للتدريب المهني في المجال الرياضي. غير أن الحظ عاد ليعانده من جديد ويقول لمهاجر نيوز "لم أتمكن من الحصول على دعم مالي من الحكومة الألمانية، ما اضطرني لإيقاف التدريب المهني والبحث عن عمل أعيش منه". سألناه عن السبب فأجاب: "أخبروني أن التدريب غير معترف به من الدولة كمهنة. ومن ثم تبين لاحقاً أن ذلك غير صحيح وأنه تصرف فردي من موظفة. ولكن كان الوقت قد تأخر وانقطعت عن التدريب".
وكل غريب للغريب نسيب
بعد ذلك الضيق جاء الفرج؛ سمع فالديمار كوسلو، بقصته فعرض عليه العمل لديه في متجره المتخصص ببيع المكملات الغذائية للرياضيين في دورتموند. يحمل فالديمار (38 عاماً)، العديد من الألقاب على مستوى ألمانيا وأوروبا في رياضة كمال الأجسام. هو الآخر من خلفية مهاجرة، إذ ينحدر ممن يطلق عليهم ألمان روسيا، الذين عادوا إلى ألمانيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وعن دوافعه في مد يد العون لأيهم يقول في تصريح لمهاجر نيوز: "من منطلق إنساني، لا أستطيع غض الطرف عن مساعدة شخص بأمس الحاجة لها ولدي القدرة على ذلك". وعن رأيه بالشاب السوري يقول: "أيهم شخص نشيط وودود". لم يتوقف دعم فالديمار عند ذلك الحد، بل تعداه إلى الدعم المعنوي وتقديم عصارة خبرته وتجاربه وغير ذلك: "منحني إجازة من العمل قبل أسبوعين من البطولة لأتفرغ للاستعداد"، يكشف لنا أيهم وعلامات الامتنان تفصح عنها نبرات صوته.
الرياضة لتخطي حاجز اللغة
المهندس مصطفى جمرك، المتابع والمنخرط في المجال الرياضي منذ قدومه إلى ألمانيا قبل أكثر من أربعة عقود، يجمل لمهاجر نيوز أهم الصعوبات التي تعترض طريق المهاجرين إلى منصات التتويج في ألمانيا: "عدم فهم الفكر والتنظيم الموجود بالأندية الرياضية كدقة المواعيد لأوقات التدريب، والنظر إلى قرارات المدرب أو المسؤولين على أنها شخصية وليست مهنية". وعندما طلبنا من المهندس مصطفى المزيد من التوضيح قال: "أول ما يتبادر لذهن اللاجئ عندما لا يضعه المدرب بالتشكيلة الأساسية للمباراة بأن المدرب لا يحب الأجانب وأنه عنصري".
ولا يفت المهندس مصطفى، الذي ينشط كمدير فني للفريق السوري لكرة قدم الذي تأسس في برلين من المهاجرين الجدد، الإشارة إلى عوامل أخرى، وعلى رأسها حاجز اللغة: "لا ننسى الاختلاف الثقافي والمجتمعي الذي يجعل ثقة اللاجئ بنفسه ضعيفة وعدم تمكنه من اللغة بشكل جيد يجعل اشتراكه في نشاطات النادي الاجتماعية منها والرياضية ضعيفاً". حالة بطل شمال الراين- ويستفاليا، تدلل على صحة كلام المهندس مصطفى؛ إذ يخبرنا أيهم من وحي تجربته: "ساعد نشاطي الرياضي في تسريع تعلمي اللغة وتحسينها. ووصلت لمستوى B2".
ولا ينسى أيهم في حديثه معنا الإشادة بفضل صديقته الألمانية التي تدعمه نفسياً وتشجعه على المضي قدماً في مشواره؛ إذ أنه "يطمح" لمزيد من التألق، ولكن هذه المرة وفي المرات القادمة على مستوى ألمانيا وأوروبا والعالم.
ألمانيا و"لاجئوها" ـ أبرز الأحداث منذ اعتداء زولينغن
أحيت ألمانيا الذكرى الـ 25 لاعتداء الحرق بمدينة زولينغن، الذي استهدف منزل عائلة ذات أصول تركية وأسفر عن مقتل خمسة من أفرادها وجرح أربعة. بيد أنه لم يكن الاعتداء الوحيد الذي شهدته ألمانيا في العقود الأخيرة ضد الأجانب.
صورة من: Imago/Tillmann Pressephotos
اعتداء زولينغن الرهيب
بحضور المستشارة ميركل ووزير الخارجية التركي، أحيت ألمانيا الذكرى 25 لاعتداء زولينغن الرهيب الذي راح ضحيته خمسة أشخاص من عائلة ذات أصول تركية وهم امرأتان وثلاث فتيات. ففي 29 من مايو/ أيار أضرم أربعة شبان النيران في منزل العائلة. وتبين فيما بعد أنهم على صلة باليمين المتطرف.
صورة من: dpa
نصب تذكاري
وتمّ تشييد نصب تذكاري في مكان الاعتداء كتبت عليه أسماء الضحايا. وبمنسبة الذكرى الـ25، اعتبر رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت الاعتداء بأنه الأسوأ في تاريخ المدينة منذ الحرب العالمية الثانية كما حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من خطر اليمين المتطرف في البلاد، مشددا أن "واجب الابقاء على ذكرى الضحايا (زولينغن) مسؤوليتنا جميعا".
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
مقتل شاب جزائري
في نهاية عام 1999 طارد عدد من الشبان المتطرفين أفارقة داخل مركز مدينة غوبين بولاية برادنبورغ بشرق البلاد. وأسفر ذلك عن مقتل شاب جزائري.
صورة من: picture-alliance/dpa/Patrick Pleul
قنبلة مسامير تنفجر في شارع الأتراك بكولونيا
في شارع كويبشتراسه بكولونيا (كولن)، الذي يسكنه عدد كبير من الأتراك، انفجرت قنبلة مسامير شديدة الانفجار أصابت 22 شخصا إصابات خطيرة. واستبعدت التحقيقات التي استمرت أزيد من عشر سنوات، في بادئ الأمر خلفيات عنصرية وراء الاعتداء ليتضح فيما بعد أن خلية "إن إس يو NSU" اليمينية المتطرفة هي من نفذته.
صورة من: DW/A. Grunau
خلية "إن إس يو"
كانت هذه الخلية تضم ثلاثة عناصر نفذوا إلى جانب اعتداء كولونيا اعتداءات أخرى في ألمانيا، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص (أتراك ويونانيين) إضافة إلى شرطي ألماني. ومنذ خمس سنوات تتواصل جلسات محاكمة "بيآته تشيبه" العنصر الوحيد المتبقي على قيد الحياة ضمن المجموعة المتطرفة، غير أن الأخيرة تلوذ الصمت ولم تدل بأي معلومات حول عمل الخلية.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Kneffel
موظف يضرم النيران من مسكن للاجئين
في فبراير من 2015، قام موظف من مكتب الضرائب بإضرام النيران في منزل كان من المفترض أن يصبح منزلا لعائلة عراقية في مدينة إيشبورغ. وفي ذات السنة دخلت أمواج كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا، ورافق ذلك مجموعة من الاعتداءات على منازل وملاجئ للاجئين. في هذا العام وحده سجلت الشرطة أكثر من 1000 اعتداء بدواعي الكراهية ما بين إحراق واعتداءات جسدية وبمواد متفجرة. وللمقارنة سجل في العام الذي سبقه 200 اعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Heimken
خلية "فرايتال"
بين شهري تموز/ يوليو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، ظهرت خلية "فرايتال" التي ضمت ثمانية عناصر، نفذوا خمسة هجمات بعبوات متفجرة على نزل للاجئين ومعارضين سياسين لهم في مدينتي فرايتال ودريسدن. محكمة دريسدن صنفت الخلية على أنها إرهابية وأصدرت أحكاما تراحت ما بين 10 و11 عاما سجنا على أعضائها.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أرقام مقلقة في عام 2017
مدن كبامبارغ وغيرها، تحولت إلى مسرح لحلقات جديدة من سلسلة الاعتداءات ضد الأجانب. في عام 2017 سجل نحو 2200 اعتداء من هذا القبيل، وفق بيانات الشرطة غير أن منظمات حقوقية تشدد أن العدد أكبر بكثير من المعلن عنه.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
ظهور حركة "بيغيدا" المعادية للإسلام
في موازاة ذلك ومع موجة اللاجئين التي دخلت ألمانيا، ظهرت حركات اعتبرت نفسها أنها "تدافع" عن قيم المجتمع، فخرجت تظاهرات كل أسبوع في عدد من المدن خاصة شرق البلاد نظمتها حركات كـ"بيغيدا" وغيرها تنادي بـ "حماية البلاد من الأسلمة"، كما اتهمت هذه الحركات المستشارة ميركل بـ "خيانة" البلاد.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي
انبثق هذا الحزب عن حركة مناهضة لسياسية ميركل وأوروبا عموما لانقاذ اليورو واليونان المتخبط في أزمة الديون السيادية، إلا أن "البديل" سريعا ما وجد في موضوع اللاجئين ضالته لحشد الأصوات. ويتهم بأنه يذكي خطاب الكراهية والعنصرية ضد الأجانب، لكنه أيضا استطاع أن يصبح أقوى قوة معارضة في البوندستاغ إثر فوزه في الانتخابات الأخيرة بـ12,6 بالمائة من أصوات الناخبين.
صورة من: Getty Images/C. Koall
أصوات معارضة للبديل
في 27 من الشهر الجاري (أيار/ مايو 2018) نظم الحزب في برلين مظاهرة تطالب بتشديد سياسة اللجوء. وكان حزب البديل يأمل في مشاركة عشرات الآلاف، لكنه لم يحصل سوى على خمسة آلاف فقط. في حين شارك نحو 25 ألف شخص في المظاهرة الموازية والتي خرجت ضد هذا الحزب الشعبوي وأفكاره.
صورة من: DW/W. Glucroft
دريسدن تنتفض ضد التطرف
وكثيرة هي المظاهرات التي خرجت في السنوات الأخيرة ترفض وبوضوح الأفكار اليمينية المتطرفة وتدعم أسس الانفتاح داخل المجتمع. والصورة توثق لأكبر مظاهرة مناهضة للتطرف أقيمت في مدينة دريسدن التي اقترن اسمها مؤخرا باليمين المتطرف والشعبوي. وشارك في هذه المظاهرة المغني الشهير "كامبينو" إضافة إلى نجوم آخرين من عالم الفن والغناء.
صورة من: picture-alliance /dpa/A. Burgi
كراهية الأجانب "تطيح بأسس الدين المسيحي"
الكنيسة سواء الكاتوليكية أو الإنجيلية تبرأت من هذه الحركات واعتبرت أن الأفكار التي تروج لها "بيغيدا" وغيرها تحت ذريعة الحفاظ على الأسس الدينية للدولة، لا علاقة لها إطلاقا بالدين المسيحي الذي يدعو إلى التسامح. وازداد عدد الحالات التي قدمت فيها الكنيسية اللجوء الكنسي إلى لاجئين.