"مهرجان الضفتين"... فضاء لتعايش الحضارات وتبادل الخبرات الفنية
١ فبراير ٢٠١٠أكد منظمو فعاليات"مهرجان الضفتين" على أن هذا الحدث نظم خصيصا ليكون فضاء يجمع بين المتعة والتوجيه التربوي. ويسهر على إنجاز هذا اللقاء المعهد الدولي للمسرح المتوسطي، بالتعاون مع مسرح محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط، وسفارة إسبانيا لدى المغرب والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي والتنمية. ويسعى إلى تكريس المبادئ التي ترتكز على الثقافة باعتبارها فضاء كفيلا بدعم قيم التعايش في ظل التعددية والاختلاف. وشارك في فعاليات المهرجان 150 فنانا، قاموا بتقديم 23 عرضا متنوعا بين المسرح والسينما والسيرك، بالإضافة إلى الورشات الثقافية، بهدف ترويج العمل الثقافي لكل من إسبانيا والمغرب، خصوصا وأن تنظيم دورات المهرجان يتم بشكل دوري بين البلدين.
المهرجان يفتح المجال للغة الروح والقلب
ولقي المهرجان إقبالا مهما حسب المنظمين، وخصوصا مسرح الشارع الذي جمع شرائح مختلفة من المجتمع المغربي الذين فاق عددهم 1200 متفرج في مدينة طنجة في شمال المملكة وذلك بالرغم من أن نصف العروض قدمت باللغة الاسبانية. ويفسر العربي الحارثي، المدير الفني للمهرجان ذلك بأن الأمر يعود إلى أن اللغة التي تصل إلى المتلقي هي لغة القلب والروح، بالرغم من الاختلاف الديني والمجتمعي، مضيفا في نفس السياق قائلا " فوق كل اعتبار لغوي هناك مسألة الإيقاع، وهو كوني يجمع الإنسانية كافة، وذلك لأننا ننتمي إلى أرض وكون واحد، ولهذا يجب الاهتمام بهذا النوع من الأنشطة والعمل على الإكثار منها".
ويطرح مهرجان "الضفتين" قضايا ومواضيع متنوعة، كوضعية الطفل والمرأة والإعاقة في المغرب. وقد قدمت العديد من العروض التي تتناول هذه المواضيع، سواء من طرف المشاركين المغاربة أو الاسبان، وخير مثال على ذلك، العرض الفني الذي انخرط فيه 40 شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقاموا بتتويج إحدى منصات المهرجان بلوحة لقيت إعجاب الحاضرين، وأكدوا من خلالها على أن الإعاقة لن تمنع الإنسان من تحقيق طموحاته. ويصف العربي الحارثي العرض قائلا " لقد عشنا تجربة فنية استيتيقية مهنية، وأعتبر العرض الذي سهر عليه ذوو الاحتياجات الخاصة من اللحظات القوية للمهرجان، ولهذا فمن المهم الاستفادة من هذه التجربة داخل المسرح المغربي مستقبلا ".
فرصة لتطوير المسرح المغربي
وفيما يتعلق بأهمية تنظيم مثل هذه الفعاليات، يقول المدير الفني للمهرجان بهذا الخصوص "المهرجان يساهم في تطوير المسرح المغربي والاستفادة من التجارب الأوروبية وخاصة الاسبانية منها، عن طريق خلق تفاعل ما بين تجارب الفنانين المغاربة والإسبان فنيا، تقنيا وكذا إبداعيا." فيما ترى رفيقة بنميمون، متخصصة في السينوغرافيا، أن أي باب فتح على الإبداعات العالمية كفيل بتطوير المسرح المغربي، وأن الفنان و المتفرج متعطشان للتعرف على أهم الانجازات التي وصلت إليها المسارح في الخارج لمقارنتها مع المنتوج المحلي.
وتسرسل بنميمون قائلة " الرسائل التي يمررها هذا المهرجان هي رسائل إنسانية صالحة لأي زمن ومكان، وأتمنى أن تتوفر لنا فرص أكثر للاستفادة من هذه اللقاءات الثقافية". لاسيما أن المسرح المغربي يعرف حالة من الركود، لأسباب تتعلق بسوء الترويج والنقص في عدد القاعات الصالحة للعرض. كما توضح بنميمون في الإطار ذاته "يجد الفنان صعوبات كبيرة لإيجاد قاعة مجهزة مما يفقد العرض قيمته الفنية. وبالإضافة إلى ذلك فالجمهور المغربي غير متعود على الذهاب إلى المسرح بطريقة منتظمة، ما يجعل الفنان غبر قادر على العيش بالدخل الذي يجنيه من المسرح".
عروض في خدمة تراث مشترك
وهدفت العروض المشاركة في المهرجان إلى تبليغ رسالة فنية عمقها هو حوار الحضارات والمساهمة في بناء ذاكرة ومتخيل مشترك. ولعل السهرة الفنية التي قدمتها كل من المغنية الاسبانية "أنا ألكيد" والمطربة المغربية إلهام الوليدي خير دليل على التواصل بين الترانيم الاسبانية والأوروبية التي حملتها ألكيدا إلى أحد منصات العروض، فضلا عن مقاطع الطرب الأندلسي المغربية التي قدمتها الوليدي، قبل أن تلتحم جميع هذه الأنغام الموسيقية في عرض مشترك بين اللغة العربية والاسبانية لتكريم التراث المشترك للبلدين.
ويعود تاريخ هذا المهرجان إلى أواخر التسعينات حيث كان ينظم في ثمان مدن هامشية قرب العاصمة الاسبانية مدريد. وكان الهدف منه آنذاك هو تفعيل تفكير مضاد لإشكالية الهجرة، والمشاكل المرتبطة بهذه القضية. واستعمال المسرح والعروض الفنية من أجل التوعية، وكان يركز كذلك على التعددية الثقافية، قبل أن يرى مهرجان الضفتين النور بالمغرب لأول مرة سنة 2007، بمشاركة فرق اسبانية ومغربية وأخرى تقدم عروضا تجمع بين فناني البلدين.
الكاتبة: سارة زروال
مراجعة: طارق أنكاي