يستعد صناع السينما حول العالم لقضاء أسبوعين فنيين بامتياز، حيث تنطلق الدورة الثامنة والسبعون من مهرجان كان السينمائي. ولكن مع تخطيط ترامب فرض رسوم جمركية على الأفلام الأجنبية، هل يتحول الاحتفال الفني إلى حرب تجارية؟
تُقام طوال فترة المهرجان سوق للأفلام تعتبر الأهم لقطاع السينما خلال العام حيث يوثق صناع السينما علاقاتهم مع المنتجين والموزعين من مختلف أنحاء العالم،صورة من: David Boyer/ABACA/picture alliance
وقد أدى إعلان الرئيس الأمريكي عن رغبته في "جعل هوليوود عظيمة مرة أخرى"، على حد تعبيره، إلى جر صناع الأفلام إلى "حرب تجارية"، حيث يخطط ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمئة على الأفلام الأجنبية ومعاقبة الاستوديوهات الأمريكية، التي تسافر إلى الخارج لتصوير أفلامها.
وكشف الممثل الأمريكي جون فويت أن خطة ترامب تتضمن مجموعة من المقترحات كتقديم حوافز ضريبية للأفلام التي تُصوَّر في الولايات المتحدة وفرض غرامات على من يُصوِّرون أعمالا أمريكية في الخارج والتأكد من "مساهمة الأفلام في الثقافة الأمريكية".
فعلى سبيل المثال، من المخطط عرض فيلم الإثارة "مهمة مستحيلة: الحساب الأخير"، وهو العمل الثامن في سلسلة أفلام المهمة المستحيلة للنجم توم كروز، خلال المهرجان. ومثل جميع الأفلام السابقة، يعرض الفيلم البطل وهو يتسابق عبر عواصم أجنبية قافزًا من منحدرات ومتشبثًا بطائرات مروحية في مواقع تصوير أجنبية.
سوق الأفلام الأهم خلال العام
ومن بين المشاركين في المهرجان، الذي يختتم فعالياته السبت 24 مايو/ أيار، المخرج الأمريكي المستقل كيلي ريتشاردت، الذي يعود إلى مسابقة كان بفيلم "العقل المدبر"، وهو دراما فنية تدور أحداثها على خلفية حرب فيتنام.
وتنافس المخرجة الألمانية ماشا شيلينسكي على جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم بفيلمها الروائي الثاني "صوت السقوط"، وهو دراما إنسانية عن أربع نساء من أربع عصور مختلفة تتشابك حياتهن بشكل غريب.
وتُقام طوال فترة المهرجان سوق للأفلام، تعتبر الأهم لقطاع السينما خلال العام، حيث يوثق صناع السينما علاقاتهم مع المنتجين والموزعين من مختلف أنحاء العالم، وتُعرض العديد من الأفلام خارج المسابقة الرسمية للمهرجان.
ويعرض المهرجان، في القسم غير التنافسي له، فيلم ”الموجة" للمخرج التشيلي سيباستيان ليليو، وهو فيلم موسيقي باللغة الإسبانية، مستوحى من الاحتجاجات النسوية التي اندلعت في جميع أنحاء تشيلي في عام 2018.
كما يُعرض أيضًا فيلم "اختفاء جوزيف مينغيل" عن حياة طبيب نازي سيئ السمعة يهرب من العدالة ليعيش في المنفى في أمريكا الجنوبية.
وخلال أسبوع المخرج، وهو قسم مستقل من المهرجان، سيُعرض الفيلم الوثائقي الأوكراني "Militantropos" عن تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على الحياة اليومية هناك.
إعلان
البرازيل ضيفة شرف كان هذا العام
وبعد تضررها خلال سنوات رئاسة اليميني المتطرّف جايير بولسونارو للبلاد، ستكون السينما البرازيلية ضيفة شرف المهرجان حيث يخصص المنظمون مساحة كبيرة للأعمال البرازيلية الفائزة بجوائز عالمية هذا العام.
وكان فيلم "أنا لا أزال هنا" (ainda estou aqui) للمخرج والتر ساليس قد حصل على جائزة أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية في شهر مارس/ آذار، وذلك بعد أسبوعين فقط من حصول المخرج البرازيلي غابرييل ماسكارو على جائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي عن فيلم "الممر الأزرق" (O Ultimo Azul).
السينما والسياسة في مهرجان برلين السينمائي "برليناله"
02:47
This browser does not support the video element.
ويبلغ حجم قطاع الإنتاج السينمائي والتليفزيوني في البرازيل حوالي 5 مليارات دولار سنويا، بحسب بيانات رسمية، فمن بين 728 فيلما طُرحت للعرض في عام 2023، كان بينها 273 فيلما من إنتاج محلي.
ومع ذلك، شهد قطاع الإنتاج الفني مرحلة مضطربة في البرازيل لعدة أسباب، لعل أبرزها خفض الميزانية الثقافية خلال رئاسة بولسونارو، الخاضع حاليًا لمحاكمة بتهمة محاولة انقلاب.
ويقول أحد أبرز وجوه السينما البرازيلية، كريم عينوز: "إنّ الأمر في القطاع السينمائي يشبه الدورات، كما لو أنّ عليك التوقف والبدء من جديد في كل مرة. الأمر معقد جدا. هذا هو أحد الأسباب التي دفعتني إلى مغادرة البرازيل والاستقرار في أوروبا".
وتعتبر المسلسلات التليفزيونية "القوة الدافعة الفعلية للقطاع السمعي البصري" في البرازيل بسبب تحقيقها أرباح كبير حيث يوفر تصدير هذه المسلسلات التلفزيونية إلى مختلف أنحاء العالم التمويل لأنواع أخرى من المشاريع، بحسب الخبيرة في السينما البرازيلية سيلفي دبس.
ضجيج النجوم وحركة مي تو.. محركان رئيسيان في كان السينمائي
الأحداث العالمية لا تمرُّ دون أن يكون لها ارتباط بمهرجان كان السينمائي، وفي الدورة الـ 77 للمهرجان لا يتعلق الأمر بالأفلام وحسب، بل أيضًا بحركة "مي تو" والحرب بين إسرائيل وحماس وقضايا أخرى.
صورة من: Shochiku Co., Ltd./Hartland Villa
كان : موطن مهرجانات السينما
في شهر مايو/أيار من كل عام يجتمع نجوم السينما على شواطئ الريفييرا الفرنسية الجنوبية. بدأت الفعاليات في عام 1946، وأصبح مهرجان كان السينمائي منذ ذلك الحين واحدًا من أبرز المهرجانات السينمائية في العالم. هنا يتم الاحتفاء بأعمال السينما المميزة من جميع أنحاء العالم وبعروضها الأولية. وفي نهاية المهرجان، يتم تكريم أفضل فيلم بجائزة "النخلة الذهبية".
صورة من: Artur Bogacki/Zoonar/picture alliance
المشي على السجادة الحمراء
لا يتمتع الفنانون والنجوم بمفردهم بالمشي على السجادة الحمراء خلال حفل الافتتاح. العارضة العالمية هايدي كلوم قدمت نفسها هذا العام أمام مصوري العالم بفستان طويل متألق باللون الأحمر البراق. ويبدو أنها خطفت الأضواء واهتمام الصحفيين.
صورة من: Cindy Ord/Getty Images
ظهور بارز لميسي
من يقول إن زملاءه البشر فقط يعرفون كيف يقفون بإتقان على السجادة الحمراء؟ الكلب ميسي شارك في فيلم "تشريح حادثة"، وهو الفيلم الفائز بجائزة كان في دورة العام الماضي، وقد سرق الأضواء من العديد من النجوم. يصور ميسي التعاون مع كوميدي فيديوهات قصيرة للتلفزيون الفرنسي. وبالطبع، لم يُبخل عليه بالمداعبة والعناية.
صورة من: Christoph Simon/AFP/Getty Images
لجنة التحكيم
ولكن من لا يمكن الاستغناء عنهم خلال افتتاح مهرجان كان السينمائي؟ بالطبع أعضاء هيئة التحكيم: النجمة الأمريكية ليلي غلادستون (على اليسار) أبدعت مؤخرًا في فيلم مارتن سكورسيزي "قتلة زهرة القمر"، ورئيسة لجنة التحكيم والمخرجة غريتا غيرويغ (في الوسط) حققت نجاحًا كبيرًا في عام 2023 مع فيلم "باربي". والثالثة في اللجنة هي الممثلة الفرنسية إيفا غرين.
صورة من: Rick Gold/Capital Pictures/picture alliance
مي تو في صناعة الأفلام
موضوع العنف الجنسي يثير الجمهور الفرنسي، حيث قام أكثر من مائة شخصية مشهورة عشية المهرجان بنشر نداء بشعار "الآن أكثر من أي وقت مضى". وقالت كاميل كوتان (في الصورة) في إشارة إلى النقاش الجديد والمثير حول حركة "مي تو": "لم تعد اللقاءات الليلية مع الرجال المؤثرين في غرف فنادقهم جزءًا من مهرجان كان اليوم".
صورة من: Marechal Aurore/ABACA/picture alliance
مي تو على الشاشة
أثير الجدل والنقاش حول حركة "مي تو" بفضل جوديث جورديش (في الصورة) من خلال فيلمها القصير بعنوان "أنا أيضا"، وهو عن العنف الجنسي في مدينة كان. وبدورها أظهرت رئيسة لجنة التحكيم غريتا غيرفيغ تضامنها مع الحركة، إذ قالت: "أعتقد أنه من الجيد عندما يروي الناس في مجتمع السينما قصصهم ويحاولون تحسين الأمور".
صورة من: Aurore Marechal/ABACAPRESS/picture alliance/abaca
الدعوة للإضراب
دعا بائعو التذاكر أو عارضو الأفلام قبل بدء المهرجان إلى التدخل في عروض السينما. يريدون لفت الانتباه إلى ظروف العمل السيئة. ووجدت غيرفيج هنا أيضًا الكلمات المناسبة: "بالطبع أدعم حركة العمال. لقد مررنا بهذا مؤخرًا في نقاباتنا"، مشيرة إلى الإضراب الذي استمر عدة أشهر في الولايات المتحدة.
صورة من: Boyer David/ABACA/IMAGO
السياسة تصل إلى كان
بالطبع كانت أيضًا الحرب في الشرق الأوسط موضوعًا يجب على أعضاء لجنة التحكيم التعامل معه. وأشار الممثل الإيطالي بييرفرانشيسكو فافينو (في الصورة) إلى قوة السينما في مواجهة الرعب بشيء إيجابي. "مازلت أعتقد أن واحدة من أكثر الأشياء سلامة والتي يمكننا القيام بها هي البحث عن الجمال"، كما قال.
صورة من: Julie Edwards/Avalon/Photoshot/picture alliance
التضامن مع اسرائيل
الفائز الفرنسي بجائزة سيزار فيليب توريتون مشهور في وطنه وينشط سياسيا. وفي كان ظهر موشحا في صدره بحلقة صفراء تضامنا مع الرهائن الإسرائيليين الذين اختطفتهم حركة حماس التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
صورة من: Scott Garfitt/Invision/AP/picture alliance
هدف جميع الأحلام: السعفة الذهبية
لكن الأمر في كان لا يتعلق فقط بالسياسة، بل أيضا وقبل كل شيء بالأفلام. يشارك 22 عملًا في السباق للفوز بالسعفة الذهبية. وهنا يتنافس الأسطورة فرانسيس فورد كوبولا من خلال عمله الخيالي العلمي "ميغالوبوليس" مع بقية الأعمال. ويمكن للمخرج الروسي المغترب كيريل سيريبرينيكوف أن يأمل في الحصول على الجائزة مع "ليمونوف".
صورة من: Vianney Le Caer/picture alliance
سعفة الشرف لميريل ستريب
نجمة هوليوود ميريل ستريب حصلت بالفعل على جائزتها حيث تم تكريمها عن مسيرتها الفنية. وشكرت ستريب الجمهور قائلة: "عندما كنت في كان لأول مرة قبل 35 عامًا وكان لدي ثلاثة أطفال، اعتقدت أن مسيرتي المهنية قد انتهت. شكرًا لكم على عدم مللكم من رؤية وجهي بسرعة". وتستمر مهرجانات كان السينمائية حتى 25 مايو 2024.