يوجد ما يكفي من المشاكل التي تراكمت بين أنقرة وبرلين، من جهته سيحاول وزير الخارجية هايكو ماس حلحلة العلاقات الألمانية التركية المتوترة خلال زيارته للعاصمة التركية. وقد يكون ذلك بداية تقارب بين العاصمتين.
إعلان
زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى تركيا بدأت بمحادثات على مدى يومين مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أما قائمة القضايا المطروحة للبحث فطويلة ومن أبرزها: هناك مواطنون ألمان معتقلون في تركيا وهناك حظر الزيارة المفروض على برلمانيين ألمان لزيارة القاعدة الجوية في إنجرليك والرئيس التركي اتهم المستشارة الألمانية بنهج "أساليب نازية" في التعامل مع الأتراك المقيمين في ألمانيا. في المجمل تبقى العلاقات الألمانية التركية متوترة.
بالنسبة إلى وزير الخارجية الألماني يحتل الإفراج عن مواطنين ألمان من معتقلات تركية أولوية، إذ ما يزال يوجد سبعة ألمان في السجون التركية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة صيف 2016 "لأسباب سياسية". ويحمل ثلاثة منهم الجنسيتين التركية والألمانية. وتعتبرهم الحكومة الألمانية معتقلين سياسيين.
روي كاراداغ، خبير شؤون تركيا ومدير معهد الدراسات الثقافية والدولية بجامعة بريمن يعتقد أنها ليست سوى مسألة وقت "إلى حين الإفراج عن المعتقلين الألمان أو الرهائن الألمان مقابل دعم اقتصادي وسياسي".
الإرهاب كتهمة عامة
نيلس شميد، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي للشؤون الخارجية تقلقه إلى جانب اعتقال المواطنين الألمان الخروقات الكثيرة لحقوق الإنسان في تركيا: "آلاف الأشخاص في السجون. فإلى جانب عدد من الصحفيين هناك أشخاص آخرون مثل عثمان كافالا".
ويثير شميد تهمة "الإرهاب" المعلنة في الغالب من قبل السلطات التركية عندما يتحدث عن اعتقال صحفيين وسياسيين، معتبرا أنه من البديهي أن تحيل تركيا جميع الإرهابيين إلى العدالة. لكن لا يحق "أن تكون شبهة الإرهاب ملقاة على كافة فعاليات المجتمع المدني، فهذا لا يتطابق مع المعايير الأوروبية التي نتوقعها من تركيا".
برلمانيون يطالبون تركيا بتنازلات
تشكك المعارضة الألمانية في البرلمان بفرص نجاح الزيارة. شتيفان ليبيش، المتحدث باسم حزب اليسار للشؤون الخارجية يحذر من الدخول بسرعة في حلول وسط مع تركيا، موضحا أن على تركيا فعل الكثير عوض الاقتصار على إطلاق سراح بعض الألمان. وينتقد ليبيش الحملة العسكرية التركية المثيرة للجدل في سوريا:" من وجهة نظري وجب على تركيا فورا وقف حملتها العسكرية المخالفة للقانون على عفرين في سوريا وإطلاق سراح سياسيين معارضين من صفوف حزب الشعوب الديمقراطي الكردي".
وحتى زميله في البرلمان يورغن هارت، المتحدث باسم الشؤون الخارجية من الحزب المسيحي الديمقراطي فإنه يقدم توصيات لوزير الخارجية ماس. ففي مقابلة مع DW يركز هارت بالأساس على رجال أعمال من أصول تركية يعيشون أو يعملون في أوروبا: "رجال الأعمال في الاتحاد والأوروبي من أصول تركية يجب منحهم ضمانات لاستثماراتهم ولأمنهم الخاص. لا يحق لأي شخص يسافر إلى تركيا أن يخشى من التعرض للاعتقال فقط لأنه استخدم مرة ـ حسب وجهة نظر الدولة التركية ـ موقع إنترنتخاطئ".
دور محوري لتركيا في قضية اللاجئين
أن يكون للحوار بين ألمانيا وتركيا من زاوية ألمانية أهمية كبيرة فذلك يعود لمصالح ألمانيا الأمنية. في هذا الإطار سيثير وزير الخارجية الألماني في أنقرة بوجه الخصوص النزاع في سوريا وآخر تطورات الأوضاع هناك.
وفي الوقت الذي يستعد فيه نظام دمشق لشن حملة على منطقة إدلب، تحذر الأمم المتحدة من وقوع كارثة إنسانية جديدة في البلاد. وتركيا التي استقبلت حتى الآن نحو 3.5 مليون لاجئ سوري تحولت إلى فاعل مهم في سياسة اللجوء الأوروبية. فمنذ إبرام اتفاقية الاتحاد الأوروبي- تركيا في مارس 2016 تقلص بقوة عدد اللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر طريق منطقة شرق المتوسط. وفي المقابل وعد الاتحاد الأوروبي بتقديم ستة مليارات يورو لتركيا حتى نهاية 2018. ويقول خبير شؤون تركيا روي كاراداك بأن الاتحاد الأوروبي يرهن نفسه بهذا النوع من الاتفاقيات.
الطرفان يستفيدان من الحوار
وأن تكون أنقرة مهتمة بالحوار مع الحكومة الألمانية، فهذا تكشف عنه نظرة إلى البيانات الاقتصادية في تركيا: فمنذ أشهر تواجه الليرة التركية انهيارا كبيرا وحجم الديون يزداد إضافة إلى أن الخلاف بشأن القس الأمريكي أندري برانسون الذي يطالب الرئيس الأمريكي بالإفراج عنه عكّر صفو العلاقات مع الولايات المتحدة. ويعتبر الرئيس التركي اردوغان الرسوم الجمركية الأمريكية هجوما على الاقتصاد التركي.
إن فرص تحول زيارة وزير الخارجية ماس رغم كل الصعوبات إلى بداية لإحياء العلاقات بين برلين وأنقرة ليست سيئة. والجزء الثاني في عملية التقارب قائم منذ الآن، لأن الرئيس التركي سيزور برلين في نهاية سبتمبر/ أيلول الجاري.
هاينريش سيدار/ م.أ.م
تحالف الإكراه.. أبرز محطات الخلاف بين ألمانيا وتركيا
تحاول تركيا حاليا تحسين علاقاتها مع ألمانيا، خاصة بعد تأزم الوضع الاقتصادي وتفاقم الخلاف مع الولايات المتحدة. لكن تركيا كانت غالبا هي السباقة لتعكير صفو العلاقات مع حليفها التاريخي ألمانيا، وهذه أبرز محطات الخلاف بينهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
عودة المياه إلى مجاريها؟
رغم المساعي التركية الأخيرة لتحسين علاقاتها مع ألمانيا قبيل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى برلين في شهر أيلول/سبتمبر 2018. إلا أن تركيا كانت غالبا هي السباقة إلى تأجيج العلاقات مع حليفها التاريخي ألمانيا. لقاء قديم يعود لعام 2011 جمع أردوغان بالمستشارة ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
حبس صحفيين ونشطاء ألمان
رفعت محكمة تركية الاثنين (20 أب/أغسطس 2018) حظر السفر المفروض على الصحفية الألمانية ميسالي تولو التي اعتقلت العام الماضي بتهم تتعلق بالإرهاب. وتسببت قضية تولو، بالإضافة إلى قضية الصحفي دينيز يوجيل الذي ظل محتجزا عاما كاملا، وقضية الحقوقي بيتر شتويتنر الذي احتجز لثلاثة أشهر، إلى توتر شديد في علاقات أنقرة مع برلين. ومنذ الإفراج عن يوجيل في فبراير الماضي بدأت حدة التوتر في العلاقات تتراجع نسبيا.
صورة من: picture-alliance/dap/Zentralbild/K. Schindler/privat/TurkeyRelease Germany
اتفاقية اللاجئين مع تركيا
توصلت بروكسل وأنقرة إلى اتفاق في آذار/مارس 2016، يسمح بإعادة اللاجئين إلى تركيا، بمن فيهم طالبو اللجوء السوريون الذين وصلوا إلى اليونان. وذلك بعد تدفق أكثر من مليون لاجئ ومهاجر عبر تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي في عامي 2015 و2016. ووافقت أوروبا على تمويل صندوق مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات يورو مخصص لأكثر من مليونين ونصف مليون لاجئ موجودين في تركيا، في مقابل وعد أنقرة بالحد من تدفقهم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
الاعتراف بإبادة الأرمن
ازداد تدهور العلاقات بين ألمانيا وتركيا إثر قيام البرلمان الألماني "بوندستاغ" في حزيران/يونيو 2016، بالاعتراف بتعرض الأرمن للإبادة خلال حكم السلطنة العثمانية مطلع القرن الماضي. وكذلك بعد إدانة ألمانيا المستمرة لعمليات القمع في تركيا التي أعقبت الانقلاب الفاشل على الرئيس رجب طيب أردوغان صيف عام 2016.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
انتقادات تركية للغرب
انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الغرب في أكثر من مرة متهما إياه بعدم إظهار التضامن مع أنقرة بعد محاولة الانقلاب الفاشل. وقال إن الدول التي تخشى على مصير مدبري الانقلاب بدلا من القلق على ديمقراطية تركيا لا يمكن أن تكون صديقة.
صورة من: picture-alliance/abaca/F. Uludaglar
منح اللجوء لمعارضين تتهمهم تركيا بدعم الانقلاب
ما زاد من تدهور العلاقات المتوترة بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي هو منح ألمانيا حق اللجوء لجنود أتراك سابقين ومن ضمنهم قيادات عسكرية، تتهمهم الحكومة في أنقرة بالتورط في محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في شهر تموز/ يوليو 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Charisius
رفض تجميد أصول مقربين من غولن في ألمانيا
رفضت ألمانيا طلباً رسمياً من تركيا بتجميد أصول أعضاء من شبكة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل. وأبلغت برلين أنقرة أنه ليس هناك أساس قانوني كي يقيد مكتب الإشراف المالي الاتحادي حركة غولن وأنصاره.
صورة من: picture alliance/dpa/M.Smith
مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
رُشحت تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 1999، وبدأت المفاوضات بين الجانبين حول هذا الشأن عام 2005. لكن المفاوضات تجمدت خريف عام 2016. وتعترض أغلب الأحزاب السياسية الألمانية في الوقت الحاضر على انضمام تركيا للاتحاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
الترويج للتعديلات الدستورية على الأرض الألمانية
رفضت ألمانيا ترويج ساسة أتراك في أراضيها للتعديلات الدستورية التي أقرت عام 2017. واتهم أردوغان المستشارة ميركل آنذاك باللجوء إلى ممارسات "نازية" لمساندتها هولندا في النزاع الذي نشب بينها وبين تركيا لنفس المسالة، مما أثار استنكار ألمانيا وحمل الرئيس الألماني شتاينماير على مطالبته بالتوقف عن هذه "المقارنات المشينة".
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Steinberg
التجسس في ألمانيا على معارضي أردوغان
أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية سحبها أئمة من ألمانيا، وذلك بعدما أعلنت هيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية الألمانية) في كانون الثاني/يناير 2017، أنها تحقق في اتهامات بالتجسس ضد اتحاد "ديتيب" الإسلامي التركي في ألمانيا. وتتهم الهيئة أئمة المساجد التابعة لـ "ديتيب" بتقديم معلومات عن معارضين للرئيس أردوغان للقنصليات التركية.
صورة من: DW/O. Pieper
الجنود الألمان يغادرون قاعدة أنجرليك التركية
رفضت أنقرة زيارة وفد من لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني لجنود الجيش الألماني المتمركزين في قاعدة أنجرليك التابعة لحلف الناتو. وقررت ألمانيا إثر ذلك في حزيران/يونيو 2017 سحب قواتها الـ 260 الذين كانوا للمشاركة في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في كل من سوريا والعراق، بنقل هذه القوات إلى الأردن. في الوقت نفسه مازال جنودا ألمان يتمركزون في قاعدة تابعة للناتو في كونيا.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
تشبيه ميركل بهتلر وهجوم الصحافة التركية على ألمانيا
نشرت صحيفة تركية موالية للحكومة في أيلول/سبتمبر 2017، صورة للمستشارة ميركل، على صفحتها الأولى، تظهرها بشارب هتلر الشهير، ويبدو فوق رأسها الصليب المعقوف رمز النازية. وجاء التصعيد الإعلامي هذا قبيل الانتخابات التشريعية الألمانية عام 2017 وبعد المناظرة التلفزيونية بين المستشارة ميركل ومنافسها الاشتراكي شولتس، حيث دعا كلاهما إلى إنهاء المفاوضات بشأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Say
قمة جبل جليد الخلافات
شددت الخارجية الألمانية في تموز/يوليو 2017، من تحذيرات السفر إلى تركيا التي تعد مقصدا سياحيا للألمان، وذلك عقب تصاعد حدة الخلاف بين ألمانيا وتركيا وإعلان برلين عن "توجه جديد" في سياستها تجاه أنقرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
إيقاف تصدير الأسلحة
تصدير الأسلحة إلى تركيا يمثل إشكالية أيضا، وأوقفت الحكومة الألمانية صادرات الأسلحة لها بالكامل تقريبا خلال الأشهر الأولى من توليها المهام رسميا مطلع هذا العام. جاء ذلك بعد تزايد الانتقادات ضد تصدير أسلحة إلى تركيا إثر توغل قواتها في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية. وكان من بين الأسلحة التي استخدمتها تركيا دبابات ألمانية من طراز "ليوبارد".
صورة من: Reuters
قضية مسعود أوزيل واستغلالها إعلاميا
أعلن مسعود أوزيل اعتزاله اللعب دوليا مع منتخب ألمانيا على خلفية الانتقادات الحادة التي وجهت إليه بسبب التقاطه صورا مع أردوغان، قبيل نهائيات كأس العالم في روسيا. واتهم أوزيل الاتحاد الألماني بالعنصرية مشددا على أنه لم تكن لديه أي "أغراض سياسية" عندما التقط الصورة مع أردوغان. فيما انتقد أردوغان المعاملة التي لاقاها أوزيل التي وصفها بـ"غير المقبولة".
صورة من: picture-alliance/dpa/Presidential Press Service
"ضمانات هيرمس"
رغم الأزمة التي مرت بها العلاقات الألمانية - التركية، ارتفعت الضمانات الألمانية لائتمان الصادرات إلى تركيا، والتي تعرف باسم "ضمانات هيرمس"، بصورة ملحوظة في عام 2017 ووصلت إلى نحو 1.5 مليار يورو. وكانت الحكومة الألمانية قد وضعت حدا أقصى للضمانات في أيلول/ سبتمبر 2017، بلغ هذا المبلغ. ورفعت ألمانيا هذا التحديد في شهر تموز/يوليو الماضي. وتعتبر ألمانيا أهم شريك تجاري لتركيا على مستوى العالم.
صورة من: picture-alliance/Hermes Images/AGF/Bildagentur-online