"مهنة وأنا في هذا العمر؟ والألمانية يا لها من لغة صعبة!"
٣٠ سبتمبر ٢٠١٨
نحو نصف اللاجئين إلى ألمانيا من النساء، جزء كبير منهن أمهات يواجهن تحديات الحياة الجديدة، منها تحديات التكنولوجيا وتعلم اللغة ومساعدة الأبناء على أداء الواجبات المدرسية، مهاجر نيوز التقى بعضاً منهن.
إعلان
إنها بعض الأفكار التي تراود أمهات سوريات لاجئات المطالبات بالكثير من بعد لجوئهن إلى ألمانيا، مثل تعلم اللغة، وتعلم وإتقان مهنة. نعم! إنها أمور طبيعية في حالة اللجوء. إذ غالبا ما يُسلط الضوء على اللاجئين الرجال بسبب تواصلهم المباشر مع المجتمع الألماني، فماذا عن اللاجئات "داخل المنزل" اللائي لا يملكن التواصل المباشر، رغم أن المرأة نصف المجتمع!.
مهاجر نيوز حاور أمهات سوريات لاجئات، تحدثن عن الصعوبات التي يلاقينها في الحياة بألمانيا. فاختلاف نموذج الحياة بين سوريا وألمانيا يعدُّ سبباً مهماً. هناك الكثير من الأمور التي لم يستعملنها الأمهات في سوريا أبدا، مثل الحساب البنكي أو استخدام التكنولوجيا الحديثة كالبريد الإلكتروني. وفي ألمانيا تعتبر هذه من الأمور اليومية الطبيعية. مثال على ذلك السيدة أم علي البالغة من العمر 50 عاما والتي تقول في حديثها مع مهاجر نيوز: "اللغة صعبة، المعلومة لا تدخل مخي، منذ 30 سنة منقطعة عن الدراسة". هكذا تبدأ حديثها أم علي التي تسكن في ألمانيا منذ حوالي العام ونصف العام. أم علي أكملت تعليمها الثانوي في دمشق منذ حوالي ثلاثين عاماً ثم تزوجت بعدها.
كثير من اللاجئات يواجهن مصاعب في ألمانيا
وعلى الرغم من تعليمها الثانوي تجدُ أم علي صعوبة كبيرة في تعلم اللغة الألمانية، حيث أنها تجد اللغة بعيدة عن لغتها الأم وتؤكد أن " الأحرف مختلفة، الكلمات يصعب لفظها، لا أستطيع التركيز".
أم علي تجد الاندماج في المجتمع ما زال حلماً منتظراً إذ أنها لا تملك تواصلا مباشرا مع الألمان وتجد بعض عاداتهم "غريبة" كتربية الكلاب، حسب قولها.
التكنولوجيا الحديثة تسبب أيضاً بعض الصعوبات لأم علي، فهي تستخدم بعض التطبيقات على الهاتف المحمول كاليوتيوب وتطبيق تعلم الألمانية، لكنها لا تملك حسابا بنكيا. وتقول "لا أفهم بأمور البنك، لم يكن لدينا هكذا أمور في بلادنا".
أم علي برغم شهادتها الثانوية لا تريد إكمال تعليمها بعد اجتياز مرحلة تعلم اللغة، وذلك بسبب بعض الأمراض التي تؤرقها. فغايتها الوحيدة هي اجتياز اللغة على الرغم من أنها لا تملك أي أمل في إتقانها إتقاناً تاماً يوماً ما. لكنها تسعى إلى التحدث بها، وتختم حوارها مع مهاجر نيوز بالقول "المحاولة دائما موجودة".
نصيحة من ذهب للاجئي ألمانيا!
01:11
"غايتي أطفالي أولا"
بعض الأمهات لم يتسنَّ لهنَّ فرصة التعليم الكاملة في سوريا، وبالخصوص القادمات من الأرياف. ومثلهن يلاقين صعوبات أكبر في تعلم لغة جديدة. كما أن الضغط النفسي يلعبُ دوراً أيضاً، إذ أن الأم التي كانت تساعد أبناءها على إنجاز الواجبات المدرسية تجد نفسها غير قادرة على إعطائهم المزيد.
أرزية إبراهيم (47 عام) تحدثت إلى مهاجر نيوز عن الصعوبات التي تواجهها في ألمانيا. فالسيدة أرزية من القرى التابعة لمدينة عفرين، ولم يتسنَّ لها إكمال تعليمها الثانوي، وهي أم لخمسة أطفال وتسكن في ألمانيا منذ حوالي العامين والنصف. وتقول: "ألمانيا بلد مختلف، لديَّ أمل في اجتياز حاجز تعلم اللغة".
السيدة أرزية ترى الصعوبات في نموذج الحياة في ألمانيا، فهي لا تشعر براحة نفسية عندما ترى أطفالها بحاجة إلى المساعدة ولا تستطيع مساعدتهم. وتوضح بالقول "أشعر بالعجز" . وتحتاج للمساعدة في ترجمة رسائل البريد أو حينما تذهب إلى مركز البلدية لقضاء بعض الأعمال. لكنها تطمح إلى البدء بالتدرب على ممارسة مهنة الطبخ، وتقول "هنا لديَّ الفرصة لإكمال تعليمي المنقطع والبدء في مهنة". وبالرغم من طموحها، تبقى غايتها الأولى العناية بأطفالها، فهي تطمح إلى أن يتلقى أطفالها تعليماً عالياً لضمان مستقبل زاهر لهم.
بايلسان العبيد
المصدر: مهاجر نيوز
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش