مواجهات السويداء: فاديفول يدعو إلى الالتزام بوقف إطلاق النار
خالد سلامة أ ف ب، د ب أ، رويترز
١٧ يوليو ٢٠٢٥
حثت ألمانيا أطراف الصراع في سوريا إلى الالتزام بوقف إطلاق النار في السويداء، مناشداً "جميع الفاعلين المحليين والدوليين بعدم اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تهدد استقرار سوريا أو عملية الانتقال السياسي".
تعليقاً على الغارات الجوية الإسرائيلية ، شدد وزير الخارجية الألماني يوهان فوديفول على أن سوريا لا ينبغي أن تتحول إلى ساحة صراع للتوترات الإقليمية. صورة من: Katharina Kausche/dpa/picture alliance
إعلان
بعد الاشتباكات الدامية التي شهدتها محافظة السويداء السورية، دعا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أطراف الصراع في سوريا، إلى الالتزام بوقف إطلاق النار في السويداء وعدم تعريض استقرار البلاد للخطر.
ونقل بيان صادر عن الخارجية الألمانية عن فاديفول قوله اليوم الخميس (17 تموز/ يوليو 2025) إن صمت الأسلحة الآن، بعد الوساطة التي قام بها الشركاء الأمريكيون، يعد خبراً ساراً. وأضاف الوزير المنتمي إلى حزب المستشار فريدريش ميرتس، المسيحي الديمقراطي: "الأمر الحاسم الآن هو أن تلتزم جميع الأطراف بالاتفاق وأن توقف الأعمال القتالية".
وأدان فاديفول بأشد العبارات الاعتداءات التي طالت أفراداً من الطائفة الدرزية، مؤكدا ضرورة محاسبة المسؤولين عنها. وقال إن على الحكومة السورية واجب حماية مواطنيها من العنف، بغض النظر عن طائفتهم أو عرقهم.
كما طالب الوزير الألماني الحكومة في دمشق بالشروع في عملية سياسية شاملة يكون فيها تمثيل لجميع المواطنين السوريين.
وفيما يتعلق بالغارات الجوية الإسرائيلية، التي طالت حتى العاصمة دمشق، شدد فاديفول على أن سوريا لا ينبغي أن تتحول إلى ساحة صراع للتوترات الإقليمية.
وناشد "جميع الفاعلين المحليين والدوليين بعدم اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تهدد استقرار سوريا أو عملية الانتقال السياسي".
وكان الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع قد ندد بشدة بالغارات الإسرائيلية على دمشق، وقال في خطاب موجه إلى أبناء شعبه إن إسرائيل تحاول جر بلاده إلى حرب.
نتنياهو: وقف إطلاق النار في سوريا انتزع بالقوة
ومن طرفه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس إن وقف إطلاق النار في سوريا "انتزع بالقوة" بعد ضرب بلاده أهدافاً عسكرية وحكومية في دمشق وأنحاء أخرى من البلاد وسط اشتباكات دامية بين القوات الحكومية السورية والأقلية الدرزية في منطقة السويداء.
إعلان
وأضاف نتانياهو في بيان "إن وقف إطلاق النار انتزع بالقوة، ليس من خلال المطالب أو الاسترحام، بل بالقوة"، مشيراً إلى أن القوات السورية بدأت مساء الأربعاء انسحابها من مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال في فيديو: "انتهك النظام السوري سياستنا المتمثلة في نزع السلاح من المنطقة الواقعة جنوب دمشق، من الجولان إلى جبل الدروز، وحماية إخواننا الدروز"، بحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني اليوم الخميس. وأكد نتنياهو: "بدأ النظام السوري بقتل الدروز في منطقة يجب أن تكون منزوعة السلاح. لن نقبل هذا. لن نسمح للقوات العسكرية بالتقدم جنوب دمشق، ولن نسمح بإلحاق الأذى بالدروز".
وكانت السلطات السورية قد سحبت قواتها من السويداء، حيث عاين مصور لوكالة فرانس برس الخميس في مركز المدينة جثثا في الشوارع، تزامنا مع إعلان الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أنه يريد تجنّب "حرب واسعة" مع اسرائيل التي هدّدت بتصعيد غاراتها.
وتقوّض خطوة سحب القوات من المحافظة ذات الغالبية الدرزية جهود الحكومة الانتقالية في بسط سلطتها على كامل التراب السوري بعد أكثر من سبعة اشهر على إطاحتها الحكم السابق. وتطرح مجددا تساؤلات حول قدرتها على التعامل مع الأقليات على وقع أعمال عنف على خلفية طائفية طالت مكونات عدة في البلاد.
وبدت مدينة السويداء التي شهدت في اليومين الماضيين اشتباكات دامية تخللتها انتهاكات وعمليات نهب طالت المنازل والمتاجر، أشبه بمدينة منكوبة، مع خروج المشفى الرئيسي عن الخدمة وتكدّس الجثث فيه وانقطاع خدمات المياه والكهرباء والاتصالات منذ أيام.
تحرير: عماد غانم
محطات في الدور الألماني خلال الأزمة السورية
إلى جانب الدور الإنساني، لعبت ألمانيا أدوارا أمنية وسياسية في الأزمة السورية. وعلى مدى سبع سنوات، لم تتخلف برلين عن تسجيل حضورها في ملفات الأزمة داعية دائماً إلى وقف الحرب و"الجرائم ضد الإنسانية" في سوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
منفذ اللاجئين
منذ بداية الأزمة في سوريا سنة 2011، يبحث السوريون عن منافذ لمغادرة بلدهم نحو بلدان أكثر أمانا. وكانت ألمانيا واحدة من المنافذ التي فتحت الباب أمامهم منذ 2015، كما أتاحت لهم فرصة النفاذ من ويلات الحرب حتى صار عدد السوريين من غير الحاملين للجنسية الألمانية، عام 2017، يقدر بحوالي 699 ألف شخص، في ألمانيا، أي ثالث أكبر جالية أجنبية في البلاد، حسب ما أفاد "مكتب الإحصاء الاتحادي".
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
"ماما ميركل" محبوبة اللاجئين السوريين
لعبت قرارات ميركل في ملف اللاجئين دورا رياديا. وكان قرارها الشهير عام 2015، بفتح الحدود الألمانية أمام اللاجئين السوريين خاصة وقد وصلوا أوروبا عبر البحر المتوسط، محط أنظار العالم بأسره، إذ لم تقف عند "اتفاقية دبلن" و"فضاء شينغن" والهدنة مع دول أوروبا الشرقية. وتمسكت بشعارها "نستطيع أن ننجز ذلك"، في إشارة منها إلى تفاؤلها بالتغلب على أزمة اللاجئين. قرارات ميركل جعلتها تُنعت بـ"ماما ميركل".
صورة من: Reuters/F. Bensch
إدماج وإندماج
تعمل ألمانيا بشكل مكثف على إدماج اللاجئين في الحياة العامة. وتخصص ميزانيات مهمة من أجل تعليم اللغة وتوفير دورات للاندماج ، فضلا عن دورات التأهيل للعمل لصالح اللاجئين. علاوة على ذلك، يحظى الأطفال باهتمام خاص، إذ يذهبون، بعد وصولهم بفترة بسيطة إلى ألمانيا، إلى المدارس أو إلى دور الحضانة وذلك بهدف الانفتاح على العالم الجديد والتأقلم معه.
صورة من: picture-alliance/W. Rothermel
إنقاذ وتطبيب ومليارات اليورو للدعم
قدمت ألمانيا مساعدات كثيرة للسورين خلال الحرب. فبالإضافة إلى التطبيب، رصدت عام (2017) للمساعدات الإنسانية في سوريا 720 مليون يورو. فضلا عن 2.2 مليار يورو، قدمتها لسوريا منذ بداية الحرب الأهلية هناك في عام 2012، وكان وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابرييل، قد تعهد بعشرة ملايين يورو إضافية للمساعدات المقدمة لسوريا في ظل الوضع المأساوي في الغوطة الشرقية.
صورة من: Ärzte ohne Grenzen
مساعدات إنسانية في الداخل والخارج
لا تنحصر المساعدات الإنسانية الألمانية على المحتاجين اليها في سوريا فحسب، بل تشملهم في ألمانيا أيضا، حيث تتظافر جهود الدولة والمجتمع المدني لمد اللاجئين بالمعونة الضرورية، خاصة في الأيام الأولى من التحاقهم. وتعتبر موائد "تافل" من بين الجهات التي يتوجه إليها اللاجئون بهدف الحصول على الطعام.
صورة من: DW/B. Knight
حضور ألماني أنساني حتى في مخيمات اللجوء عبر العالم
تقديم ألمانيا لمساعداتها الإنسانية لصالح اللاجئين لا يقتصر على سوريا أو ألمانيا، وإنما يتجاوزه وصولاً الى مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان، مثلا. وقد مولت الحكومة الألمانية مشاريع مهمة في المخيمات، كمشروع الكهرباء الذي استفاد منه مخيم الزعتري والذي بلغت طاقته 12.9 ميغاوات. وبالإضافة إلى توفير الكهرباء، فقد أتاحت المحطة بيئة أكثر أماناً للأطفال والبالغين في هذا المخيم.
صورة من: picture-alliance/dpa/B.v. Jutrczenka
إنقاذ من الجوع والعطش
عانى الدمشقيون من ندرة المياه وانقطاعها المتواصل بسبب الحرب واستمرار المعارك، خاصة في منطقة وادي بردى، قرب دمشق. وكانت الحكومة الألمانية أول من بادر لحل هذا المشكل، إذ قالت وزارة الخارجية الألمانية، في يناير/ كانون الثاني 2017، إن دبلوماسيين ألمانا ساعدوا في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وقوات المعارضة في وادي بردى، بهدف إعادة إمدادات المياه إلى دمشق.
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
محاربة داعش
شارك الجيش الألماني في الحملة العسكرية الدولية ضد تنظيم داعش في سوريا. وقد شارك في العملية ما يناهز 1200 جندي ألماني. المهمة العسكرية الألمانية في سوريا، شملت عناصر المشاة، إضافة إلى طائرات استطلاع من نوع "تورنادو" وطائرة للتزود بالوقود وسفينة حربية لدعم حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" في البحر المتوسط، فضلا عن عمليات استطلاعية عبرالأقمار الصناعية.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive/USAF
اتفاق مع تركيا ساهم في إنقاذ أرواح آلاف من طالبي اللجوء
في بدايات عام 2016، وقع الاتحاد الأوربي وأنقرة اتفاقية للحد من تدفق اللاجئين من السواحل التركية إلى أراضي الاتحاد. هذا الاتفاق الذي تعرض لانتقادات، وتبعه توتر كبير بين الطرفين التركي والأوروبي، كانت ألمانيا من بين مناصريه. فقد اعتبرته اتفاقا ناجحا ما دام قد حقق هدفه، و"ساهم في مكافحة أعمال التهريب المميتة للاجئين عبر بحر إيجة بشكل فعال"، حسب تصريح المتحدث باسم الحكومة الألمانية.
صورة من: Reuters/Yves Herman
محاربة الأسلحة الكيماوية
لعبت ألمانيا دورا بارزا في محاربة الأسلحة الكيماوية في سوريا، وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، قد أعلنت دعمها للضربة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على أهداف منتخبة في سوريا يوم 14 أبريل/ نيسان2018، كما رأتها "ضرورية وملائمة للحفاظ على فعالية الحظر الدولي لاستخدام الأسلحة الكيماوية ولتحذير النظام السوري من ارتكاب انتهاكات أخرى".
صورة من: picture alliance/AP Photo/H. Ammar
ألمانيا وسيط محايد محتمل و"رسول سلام"
تساءل البعض عن سبب عدم مشاركة ألمانيا في الضربة العسكرية على النظام السوري، فيما أعتبر آخرون إمكانية لعب ألمانيا دور الوسيط المحايد للبحث عن حل للنزاع. وتشير معطيات إلى إمكانية تأثير ألمانيا في إيجاد حل للأزمة السورية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، الذي أكد أن الصراع السوري بحاجة إلى حل يتم التوصل إليه عبر التفاوض وتشارك فيه كل القوى في المنطقة. مريم مرغيش.