مواجهات عنيفة ترافقها غارات جوية عند الأطراف الغربية لحلب
٢٩ أكتوبر ٢٠١٦
شهدت الأطراف الغربية لمدينة حلب السورية السبت معارك عنيفة ترافقت مع غارات جوية، غداة هجوم بدأته فصائل معارضة تخلله إطلاق مئات القذائف الصاروخية وتفجيرات بسيارات مفخخة. وقوات "سوريا الديمقراطية" تستعيد عدة قرى من "داعش"
إعلان
شهدت الأحياء الغربية لحلب الواقعة تحت سيطرة النظام السوري معارك عنيفة اليوم السبت (29 تشرين أول/أكتوبر) وذلك عقب هجوم واسع للمعارضة. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إ، "الاشتباكات عنيفة جدا عند الأطراف الغربية للمدينة وهناك معارك كر وفر وخسائر بشرية كبيرة جدا لدى الطرفين".
وتركز القتال السبت على حي جمعية الزهراء ومنطقة ضاحية الأسد التي تقدم فيها المقاتلون المعارضون الجمعة.
وأفاد مراسل فرانس برس في الأحياء الشرقية والتي تعد بعيدة نسبيا عن مناطق الاشتباكات أن أصوات المعارك والتفجيرات مسموعة بشكل واضح. وتشكل هذه المدينة الجبهة الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضررا منذ اندلاعه العام 2011. ومدينة حلب مقسمة منذ العام 2012 بين أحياء غربية تسيطر عليها قوات النظام وأخرى شرقية واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
وتدور المعارك على مسافة تمتد حوالي 15 كيلومترا من حي جمعية الزهراء عند أطراف حلب الغربية مروراً بضاحية الأسد والبحوث العلمية وصولا إلى أطراف حلب الجنوبية. وأسفرت المعارك والغارات الجوية على مناطق الاشتباك منذ الجمعة عن مقتل "26 مقاتلا سوريا وآخرين أجانب في صفوف الفصائل، وما لا يقل عن 30 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها" فضلا عن عشرات الجرحى، وفق المرصد.
وتستخدم الفصائل خلال هجومها السيارات المفخخة وقد فجرت منذ الجمعة "عشر سيارات على الأقل" في مناطق الاشتباكات، بحسب عبد الرحمن.
إلا أن قوات النظام السوري شنت السبت "هجوما مضادا تمكنت خلاله بدعم من حزب الله اللبناني من استعادة بعض النقاط التي خسرتها في ضاحية الأسد"، وفق مدير المرصد السوري المقرب من المعارضة التي تسعى للإطاحة بالرئيس الأسد. وأفاد مراسل فرانس برس في ضاحية الأسد عن دمار كبير بسبب الغارات الجوية الكثيفة التي استهدفت المنطقة طوال الليل. وأكد عبد الرحمن "تشن الطائرات الحربية السورية والروسية غارات جوية مكثفة على جمعية الزهراء تتزامن مع قصف عنيف جدا للفصائل أيضا". ورغم الغارات المكثفة على مناطق الاشتباك، لم تستهدف الطائرات الحربية السبت الأحياء الشرقية لمدينة حلب.
من جانب آخر، سيطرت قوات "سورية الديمقراطية" المعروفة باسم" قسد" على عدد من القرى في ريف حلب الشمالي بعد معارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) اليوم السبت كما سيطر الجيش الحر علىقرية واقترب من مدينة الباب.
وقال المركز الإعلامي لقوات "سورية الديمقراطية"، في بيانتلقت وكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) نسخة منه اليوم، إن "القوات المشتركة ومنذ مساء أمس الجمعة تخوض معارك عنيفة على جميع محاور جبهات تنظيم داعش، حيث تم تحرير قرى ( الوحشية ومزرعتها - مزرعة فافين - معمل الإسمنت بالقرب من مزارع فافين - كفر قارص - تل سوسن - مزرعة تل سوسن - نقطة محطة القطار) حيث تدور الآن اشتباكات عنيفة ضد نقاط تنظيم داعش في محيط قرية تل قراح".
وفي ريف حلب الشمالي أيضا، سيطر الجيش الحر على قرية قعر كلبين شمال غرب مدينة الباب بريف حلب بعد اشتباكات عنيفة مع تنظيم "داعش". وقال قائد عسكري من كتائب الجيش الحر إن الجيش الحر أصبح على أبواب مدينة الباب.
ح.ع.ح/ع.ج.م(أ.ف.ب، دب أ)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري